الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشكالية الانسان في الاعلان العالمي لحقوق الانسان

عبدالله سلمان
كاتب وباحث

(Abdallah Salman)

2023 / 12 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


اهتم الفلاسفة على مر التاريخ بتعريف الانسان وماهيته ومجمل المفاهيم من افلاطون وارسطوا مرورا بنيتشة وجان بول سارتر وغيرهما انحسرت في اطار انه كيان مادي من جسد وروح ،عقلاني يتصف بالوعي وافعاله تحركها غرائزه وحاجاته ، وحريته تعبير عن وجوده . اما الاديان فوصفت الانسان انه خليفة الله على الارض وظله وكُرم بعقله عن سائر المخلوقات ووصفته بانه كائن غائي وصانع الحياة وحضارتها .
لقد عانت البشرية من صراعات صعبة مؤلمة، حيث شهد العالم تعاقب حروب دموية وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان على مر العصور، كان ذلك الدافع القوي الذي حرك الجهود الدولية نحو إقرار إطار قانوني يحمي كرامة وحقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والدولي في 10ديسمبر 1948، أسفرت هذه الجهود عن إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو وثيقة تاريخية اكدت بكل بنودها الثلاثين على ضرورة حماية الإنسان وضمان حقوقه الأساسية.
اعتُبرت هذه الخطوة رائدة تعبرعن إرادة المجتمع الدولي للتصدي للتحديات الكبيرة التي أحاطت بالإنسانية . حيث أكد الاعلان على مجموعة من القيم والحقوق الأساسية التي يجب أن تكون مضمونة لكل فرد، بغض النظر عن أصله أو ديانته أو خلفيته الاقتصادية. كما قرر الإعلان حماية حقوق مثل حقه في الحياة والحرية والأمان الشخصي، وحقوق اللجوء ، وحقوق المساواة أمام القانون، وحقوق الحصول على تعليم والمشاركة في الحياة الثقافية والاقتصادية.
وبعد مرور عقود على هذا الاعلان تشهد العديد من بلدان العالم انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان، حيث يتم استعمل الدول المهيمنة القوة والعدوان لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية على حساب الشعوب وكرامتها و يظهر ذلك جليًا في التدخلات العسكرية، مثل احتلال الولايات المتحدة الامريكية لأفغانستان والعراق، والتدخلات الفرنسية في مناطق إفريقية.
أما ما يجري في غزة من جرائم اجمع العالم على انها جرائم ضد الانسانية حيث استُهدف الاطفال والنساء واندثرت هنا حقوق الطفل وحقوق المرأة وكبار السن اي ان الانسان فقد قيمته امام صلف الصهيونية المتحدية للعالم و مواثيقه، تثير هذه الأحداث تساؤلات حول مفهوم الإنسان المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويبرز شك في مدى شمول هذا المفهوم الانسان الاقل قوة في هذا العالم ، حيث يظهر بوضوح تجاهل الظروف الصعبة التي يمر بها اهل غزة تحت وطأة الاحتلال والقتل والتجويع والتهجير . وفي ظل هذه التساؤلات تبرز اشكالية من هو الانسان المقصود في الاعلان الاممي ويتعين على الجهات التي ساهمت بصياغته اعادة تحديد مفهوم الانسان المشمول بهذا الاعلان والا سيبقى هذا الاعلان حبرا على ورق ولا معنى له اذا ما استمرت القوى المستعمرة تنتهك حقوق الانسان وقتما تشاء واعتبار اهل غزة وشعوب عديدة مظلومة من غير المشمولين في هذا الاعلان ذلك سيدفع العالم الى المزيد من الظلم والتمييز والعنصرية وان سكان العالم الاضعف ليسوا بشرا ولم ينطبق عليهم هذا الاعلان .
ان الأحداث الراهنة تضع تشكيكًا في فعالية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث تظهر ازدواجية في المعايير بشكل صارخ . وتسعى امريكا والدول الغربية الكبرى لعدم توحيد الجهود الدولية لحماية الإنسان ، وهذا يبرهن على أن هناك حاجة ملحة إلى تحسين وتطوير الآليات والمؤسسات التي تفرض احترام حقوق الإنسان على نطاق عالمي وحل اشكالية مفهوم الانسان في الاعلان الاممي .
ان الازدواجية التي تمارسها امريكا وبريطانيا والمانيا وفرنسا وموقفهم مما يجري في غزة هو اعلان من القوى الكبرى هذه لتقويض المواثيق الدولية . وعلى العالم ان يعكس التزامه بحقوق الانسان دون ازدواجية وحل الاشكالية الموجودة في مضمون الاعلان العالمي لحقوق الانسان الحالي وتحديد مفهوم الانسان بشكل واضح ومحدد باسماء الدول والجنسيات والاديان حتى يتجنب العالم دونية الفهم عند القوى الكبرى .
لذا اصبح من الضروري في اعادة هيكلة الامم المتحدة ومجلس الامن ومنظماتها وصياغة جديدة لميتاق الامم المتحدة تفرض فيها ارادة اغلبية شعوب العالم و تقويض همينة الدول الاقوى تسليحا واقتصادا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف