الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لطيفة الزيات ..والذى اسقط الامبراطورية الرومانية ؟!

أشرف توفيق

2023 / 12 / 14
سيرة ذاتية


لماذا قال الاستاذ أنيس منصور فى كتابه الأظافر الطويلة (لاتستطع الأديبات المصريات أن يجارين أديبات سورية ولبنان في الحديث عن الحرية الشخصية "الجنسية مثلا"وإنما انشغلن بما هو أسهل وأسلم "الحرية السياسية" وهي أدنى درجات الحرية ولذلك لم تلق "لطيفة الزيات" حفاوة كبيرة، وإنما كعادة الشيوعيين فهم ينفخون في أي شيوعي حتى لو كان بلا موهبة، فالمهم عندهم أن يزيدوا واحدا أو واحدة، وأن تكون مظاهرة، وفي هذا المجال برزت لطيفة الزيات،ولكن لم تكن موهوبة ،ولا كان الطبل والزمر من أجلها عملا فنيا، ولم تدخل مجال الأدب كأديبة وإنما كتلميذة شاطرة تحفظ دروسها، فصارت دكتورة للأدب الانجليزى تعرفه وتحفظه وتدرسه للأجيال كأكاديمية جامعية ؟! ولكنها بلا موهبة أدبية،فليس لديها اعمال كثيرة ولاموضوعات متنوعة وإنما حشروها بسرعة في مجالات السياسة الهامشية، اضاعوها ،فندمت على أنها نسيت أنها انثى ،وتعلقت بدور ليس لها "المناضلة"
واستفسرت أكثر من الروائى "صننع الله ابراهيم" عن لطيفة الزيات فقال في السيرة الذاتية للطيفة الزيات من الإنصاف القول بأن الفتاة والمرأة عاشت قبل زيجتها الثانية وخلالها على إشباع نصف ملكاتها الإنسانية على حساب النصف الآخر.وإن هذه الحقيقة شكلت سببا ًمن الأسباب التي أدت إلى اختلال سير حياتها،في المراهقة عرفت الفتاة فورة الجنس وصادرتها،وفي ظل شعور حاد بالذنب دفعت الأنثى في أعماقها حتى غابت عن وعيها غير أن هذا مجرد وجه واحد للمشكلة ، الوجه الأعمق هو أنها كانت في زيجتها تفر خائفة مذعورة ، إلى أمان " الأب " والبيت الكبير الذي نشأت في أحضانه وكانت الزوجة الشابة قد سعت العمر كله لبلوغ ما هو مطلق .كان الحب الكبير في نظرها يتساوى مع الرغبة في التوحد مع المطلق كان يساوي الرغبة في الضياع في الآخر، في الوجود من خلال الآخر،في فقد "الأنا" والتحرر من جسد الأنا والتوحد مع الآخر.الآن تدرك أن هذا كان سعيا ًخائبا ً كان حبها ضياعا ًفي الآخر وليس وجودا ًمن خلاله ، إذ ذاك علمت أن جريمتها لا تغتفر، فما من جريمة أفدح من وأد الذات وها هي ذي تواجه العالم ويداها ملوثتان بدمها ؟!"
سمكة مياسة دمياطية،فتاة جميلة.زرع بدرى،لم يتذكر اصدقائها بالجامعة من الشباب والشبات إلا انها جميلة، فى وقت لم يكن فى جامعة القاهرة سوى 19 فتاة.كان لها فى كل نشاط، وجدت وسط اليسار الماركس وفى جماعة الأدب والصحافة كانت تبحث عن ذاتها فى الذوبان فى شيىء ما خارج الذات الضيقة ولكن الرجل اقترب كمغامر مرتبك بين جمالها، وبين الذوبان الذى تعيشه فى الاشياء؟! عرفت الفتاة فورة الجنس،وبحكم تربيتها وجديتها صادرتها، وفي ظل شعورحاد بالذنب دفعت في أعماقها الأنثى حتى غابت عن وعيها،أو كادت، لا يتبدى منها إلا هذا الخجل الذي تستشعره من هذا الجسد الممتليء، الغني بالاستدارات.وفي صعوبة كانت الفتاة تقطع الطريق من الجانب المخصص للقراءة إلى الجانب المخصص لأرفف الكتب في حجرة الاطلاع في مكتبة جامعة فؤاد الأول ( القاهرة) يخيل إليها وهي تعود بمرجعٍ من المراجع أن كل عيون من في القاعة مركزةٌ عليها وتفضل الهروب من القاعة إذا ما اتضح لها أنها لم تلتقط المرجع المطلوب وتطلب الأمر معاودة الرحلة في ظل العيون المتربصة" صحيح أنها من عباءة الوصل الجماهيري ولدت،ومن الدفء والإقرار الجماهيري تحولت من بنت تحمل جسدها الأنثوي وكأنما هو خطيةٌ،إلى هذه الفتاة المنطلقة الصلبة قوية الحجة "وأنه من منطلق الإنسان لا الأنثى، تعاملت الفتاة في النطاق العام. ولكنها لم تعرف نفسها ولم تتوازن معها.
وبدأت تحركات الشاطر حسن الذى سمعت عنه من حكاوى جدتها تقدم زميلها فى كلية الاداب "عبد الحميد عبد الغني" الذي إشتهر بإسم "عبد الحميد الكاتب" ولم يكن ماركسيا تحت أي ظرف من الظروف مثل لطيفة، بل كان يمضي جزءا كبيرا من نهاره وليله في أحد المساجد ويحفظ التاريخ الإسلامي بدرجة جيدة. وإرتبط الإثنان بخاتم الخطوبة ولم يقدر لهذا المشروع أن يتم،وكيف يتم؟! وقد سكنتها المرأة المناضلة الجادة المتحمسة، اسطورة التحرر تحت وقع طبول الماركيسية لتكون امرأة"سجن الحضرة"؟! بنت الحسب والنسب والأسرة العريقة. رسموها كما يريدون..لاكما تريد هى، فنسيت انها امرأة؟ ولكن "لطيفة" بثقافتها وشخصيتها وجمالها تركت آثارها على نفسية "عبد الحميد الكاتب" وقد سجل هو بنفسه هذه الإنفعالات في مقال باكر له في الصفحة الأخيرة من جريدة (أخباراليوم) تحت عنوان (خاتم الخطوبة).
ثم دخلت تجربة ثانية أكثر ملاءمة لفكرها وطبيعتها، فإرتبطت بالزواج بأحمد شكري سالم..الدكتور في العلوم فيما بعد، وهو أول شيوعي يحكم عليه بالسجن سبع سنوات، وتم إعتقال أحمد ولطيفة عام 1949 تحت ذمة القضية الشيوعية.وإنفصلا بالطلاق بعد الحكم علي "شكري" وخروجها من القضية.؟ وهنا تأتى التسألات:كيف خرجت فى رحمة حانية وحكم على زوجها فى قسوة بالحد الاقصى،والقانون هو هو القانون؟! هل اخرج السجن والمطاردة وقسوة البوليس ثعبان الماركيسية من جلدها هل كانت محاكمتها بين رفاعية افهموها واخرجوا ثعبانها الشيوعى فعادت لطبيعتها امرأة انثى؟! يبدو كل هذا مطروحاً.ويأتي قمة التناقض بين اليسار واليمين عند الدكتورة لطيفة الزيات بزواجها من "الدكتور رشاد رشدي" يميني المنشأ والفكر والسلوك .
إنها حكاية امرأة دخلت السجن مرتين:الأولى وهي عروس في السادسة والعشرين من عمرها عام ألف وتسعمئة وتسعة وأربعين..والمرة الثانية وهي في الثامنة والخمسين من عمرها عام ألف وتسعمئة وواحد وثمانين إثر حملة الاعتقالات التي ضمت الكتاب والصحفيين المعارضين لحكم السادات.وفرق بين المرتين ففى الاولى كانت صورة المناضلة الشيوعية وفى الثانية كانت المثقفة الوطنية..
ويحكى كتابها "حملة تفتيش: أوراق شخصية " ذلك فى جزءين: الأول بداية سيرة ذاتية لم تكتمل تتناول سنوات تشكل الوعي،ثم مرحلة منتصف العمر.والثاني يتكون من أوراق كتبتها وهي في سجن النساء عام ألف وتسعمئة وواحد وثمانين ،وتدور حول تجربة السجن وتتخلق من جديد حول منتصف العمر بمنظور جديد تبلور في ضوء تجربة الاعتقال وهي تروي تفاصيل مهمة عن شكل حياتها مع زوجها الأول أحمد شكري سالم الذي دخل السجن سبع سنوات بسبب مواقفه السياسية..تقول الزيات:"وحين تزوجت زيجتي الأولى بدأت مرحلة جديدة من مراحل الانتقال من مكان إلى مكان، كان محركها هذه المرة المطاردة الدائبة من جانب البوليس السياسي لزوجي،أو لي، أو لكلينا .وقد تنقلت مع زوجي الأول في المدة الزمانية ثمانية وأربعين وتسعة وأربعين في خمسة منازل كان آخرها بيتي الذي شمعه البوليس السياسي في صحراء سيدي بشر التي لم تعد، وقدتعين علي حين عنفت مطاردات البوليس السياسي أن أنتقل ليلاً من مسكن إلى مسكن إلى أن وجدت السجن مسكني.ولم يكن انتقالي إليه هذه المرة اختيارياً .
وتتحدث فى كتابها عن تجربة زواجها الثانية من شخصية ثقافية وذات سطوة هي د. رشاد رشدي ليتضح أن العلاقة كانت مأزومة.تحدثت عنه أيضاً بالشفرة وهاجمت حياتها معه بشراسة تقول: ولم يكن انتقالي اختياراً أيضاً وأنا أنتقل من مسكن إلى مسكن آخر مع زوجي الثاني ولعلي أضعت القدرة على الاختيار، بل القدرة على الحركة والفعل في فترة طويلة من فترات زيجتي الثانية التي بدأت عام ألف وتسعمئة واثنين وخمسين ودامت ثلاث عشرة سنة ..
ربما يفسر هذا الاضطراب في الحياة العاطفية ذلك الحلم الغامض الذي ظل يطارد أستاذة الأدب الإنجليزي ويزعج منامها لأن الحلم ليس في النهاية سوى انعكاس لظروف ضاغطة ورغبات متقدة أو موؤدة.تقول الكاتبة:"لكلٍ منا حلمه الليلي المتكرر،ولا أجد وقد وصلت إلى هذه النقطة من السرد غرابة في حلمي الليلي المتكرر الذي لم ينحسر عني إلا منذ سنين. فأنا أجد نفسي ليلياً في فندق غاية في الفخامة والاتساع والارتفاع، أو في سفينةٍ ينطبق عليها نفس الوصف، حافية أو بملابسي الداخلية، أو على أي وضع استنكره لنفسي، ألف وأدور سعيا للعودة إلى غرفتي، وأطرق متعثرة ومستميتة ممراً مشابهاً بعد ممر من الممرات المتعددة المتشابهة، ولا أجد أبداً غرفتي. وأستيقظ من النوم وأنا على حافة السطح على وشك السقوط في هاوية
أتاح لها رشاد رشدي مستوى مادياً مريحاً..لكنها عاشت تعاسةً نفسية اعترفت بها في كتاباتها ( هذه المعاناة وصلت إلى حد أنها أهدته روايتها "الباب المفتوح" تحت الضغط.؟.) كان دائماً يؤكد لها أنها بدونه بلا قيمة وأنه صاحب أفضال عليها. لمحت في قصة "الرحلة" إليه وكيف أنه كان يعود ليحكي لها فتوحاته مع أخريات.كما أشارت إليه في قصة "الشيخوخة" عندما تحدثت عن علاقتها بزوج تشعر أنه مات اللحظة الفارقة تدمي القلب..لأنها ببساطة اختيار ما بين القلب والعقل الاستسلام والإرادة..الانصهار أو الاستقلال .تقول:" في يوم من أيام يونية 1965، وأخي والمأذون يجلسان في الغرفة المجاورة،قال لي زوجي في محاولة أخيرة لإثنائي عن إتمام إجراءات الطلاق،وهو يستدير يواجهني على مقعدٍ :ولكني صنعتكِ؟! وانطوى من عمري عمر قدره ثلاثة عشرعاماً بوهم التوحد مع المحبوب لفترة، وبإصابتي بالشلل المعنوي والعجز عن الفعل في الفترة الأخيرة. ولم أشأ أن أصعد النغمة حتى لا تفشل مهمتي، وتساءلت وأنا أرقبه:أي مرحلة من مراحل عمري المنقضي صنع؟ أكل المراحل أو لم يصنع هو شيئاً .انقضى الزمن الذي كنت أعلق فيه على مشجبه سعاداتي وتعاساتي،انقضى يوم برئت من الشلل".. وحين يكرر عليها الزوج على مسامعها كلمة الاستعطاف لا المن "لقد صنعتك" يكون ردها: "حتى لو كنت صنعتني فعلا كما تقول، فهذا لا يعطيك الحق في قتلي?!"
لذا يقرر البعض أن د. لطيفة الزيات بلغت قمة التناقض بزواجها من د. رشاد رشدي: ارتباطٌ مقدس بين أقصى اليسار وأقصى اليمين، فكراً وسلوكاً ولذا لم يكن مستغرباً أن تقول: "في أعماقي دار سؤال بقي على البعد معلقاً هل استطعت حقاً أن أقتلعه تماما من جلدي حيث سرى في أعمق أعماق مسام
يقول عنها الكاتب الصحفي كامل زهيري:" تزوجت فتاة الأربعينيات الجسورة، ثم سجن زوجها سبع سنوات ومات. وحصلت بعدها على الدكتوراه ثم طلقت من زوجها الثاني، ونجحت في الدكتوراه، ولم تحصل على الابتدائية في الزواج كما قال البعض وكان الطلاق إعلانا بالإفراج وقد يكون أبرز حبات العقد فى حياتها ذلك الصراع بين الأنثى والمناضلة أن عبارتها فى رواية "الشيخوخة"
: كنت فتاة خجولة إلى حد كبير، فقد كان جسدي ممتلئاً بعض الشيء وكنت أحمله وكأني أحمل خطيئة ، لدرجة أنني كنت أخجل من إعادة كتاب أخذته خطأ من رفوف مكتبة الجامعة ، أمام الناس ، وكان يخيل إلي أن كل الأنظار متجهة إلى جسدي الممتلئ " هي وهج البداية .
وفى روايتها "صاحب البيت" فضحت فيها التجانس بين الكاتبة والبطلة والتطابق بين حياتهما، والتوحد بين سيرتهما. فما كانت قد نشرته سابقا ًبسنتين بعنوان:" أوراق شخصية - حملة تفتيش" والذي يعتبر بمثابة سيرة ذاتية لها في رأي الخاصة والنقاد فلقد شعرت بأن زيجتها الأولى والتي عاشت فيها مناضلة مع زوجها الأول،حتى قبض عليهما معا ًفي بيتهما،بصحراء سيدي بشر تحتاج إلى عودة وإلى تفحص أنثوي مثير بعيداً عن الجو النضالي اليسارى الماركسى فكانت رؤيتها الثانية للأمور في "صاحب البيت" وفي فترة لها شجون ووميض خاص في حياتها حيث ( دخلت وزوجها سجن ( الحضرة ) ليحكم عليه بالسجن سبعة سنوات، وتخرج هي بحكم مع وقف التنفيذ، ويستمر الزوج بعدها فى السجن لسنوات، كان ذلك في أوائل الخمسينات حيث عاشت علاقتها الرومانسية غير ناضجة مع زوجها " أحمد شكري " وهو مناضل شيوعي طلقت منه وهو دخل السجن،وخرج ومارس حياته وكان في نهاية أيامه ملحق ثقافي لمصر،وهذا جزء من أجزاء الانهيار في حياتها الزوجية معه وفي كل عمل من أعمالها الثلاثة تجدها تجاهر بكونها أنثى، متجاهله المناضلة الماركسية فيها فقد أكتشفت أنهم غسلوا رأسها بالشيوعية (وحينما أوشكت أن تفصح عن الجنس أو اهمية ( الأورجازم ) الذي شعرت به كان ذلك مع زوجها الثاني دكتور رشاد رشدي لتتحدث عن أدراك الانثى وقتها فدخلت عالم آخر مختلف أنساها كل شيء وبخاصة أن رشاد رشدي يختلف تماماً عن زوجها الأول ومن عالم غير عالمه، ثم تعيد اكتشاف نفسها من خلال كل ذلك بصدق وتركيز، فهى امرأة أنثى وليست جارية من العصر العباسى وتطلب الطلاق بقوة من الزوج الثانى رشاد رشدي، الطلاق للمرة الثانية ؟! وتقول اخترت نفسى وتوازنى
تقول د. لطيفة الزيات فى حوار صحفى استوعب الأن ماقلته الممثلة - التى تكن لها الكاتبة الاحترام "فاتن حمامة"- كانت فاتن قد قررت تمثيل الرواية فى فيلم وعرفت بالتطابق بين الكاتبة البطلة فى الرواية فأحبت أن تتعرف على الكاتبة معلقة على روايتها "الباب المفتوح" الناس تقول إنك تحلمين على الورق.تناضلين على الورق، تحققين على الورق ما لا تستطيعين تحقيقه في الحياة.كانت هي والممثلة تجلسان في كافيتريا ووصلتها الوخزة، ولكنها احتدت وعاندت وقاطعتها..ووخزتها هى الآخرى وقالت فى تكبر :فليحلم من يستطيع رواية مماثلة في الجودة.
كان كلام فاتن ملح على جرح..كانت فاتن هى من وقع عليها تمثيل الباب المفتوح للطيفة الزيات وادركت أنها سيرة لذات الكاتبة فأقتربت منها ليعينها ذلك على التقمص والتمثيل فوجدت حياة بلا روح ،حياة على الورق.
وفي كتابها (حملة تفتيش) تتبع خطا ًواحدا ًمن خطوط الصراع النفسي الذي ساد حياتها وهو الصراع بين الرغبة في الحياة والعزوف عن الحياة الإقدام والارتداد والتقوقع وهي لا تسعى في هذه الأوراق الشخصية إلى تقديم سيرة ذاتية معينة بتتابع الزمن وتعاقب الأحداث،لكنها تنثر حبات عقد العمر كله ثم تنتقي أكثرها ألفاً ووهجا،وتروح تتفحصها في أناة ويظهر ذلك فى إجابتها الشهيرة عن سؤال مذيعة التليفزيون وهما في انتظار تسجيل برنامج ما عام 1965 حيث الطلاق بينها وبين زوجها الثاني .قالت لها المذيعة: الناس بالطبع يمكن تفهم سبب الطلاق ولكن غير مفهوم كيف حدث الزواج أصلا ً؟! فإذا بلطيفة الزيات ترد من عقلها الباطن وبلا تفكير:الجنس سبب سقوط الامبراطورية الرومانية !! فهو المجاهرة التي تريد أن تعلنها المناضلة أنها ( أنثى ) وعندما إشتدوا عليها باللوم قالت:"الجنس أسقط الإمبراطورية الرومانية" في إشارة إلى أنه قد يسقط الحواجز الإيديولوجية أيضا؟
إنها تفتح نوافذها المغلقة وتكشف عن مدى قوة الرغبة واللذة وتأثيرها على قراراتها كأنثى..لا يهم هنا المستوى التعليمي أو الثقافي وإنما الأهم هو أنها أنثى، قد تكره الرجل لكنها تتعلق به إن أجاد مخاطبة أنوثتها وفك شفرة الجسد!



وذهبت لها بمفردى بعيدا عن عيون أنيس منصور كانت سمكة مياسة دمياطية،فتاةجميلة زرع بدرى، لم يتذكرالاصدقاء فى الجامعة الشباب والشبات إلا انها جميلة، فى وقت لم يكن فى جامعة القاهرة سوى 19 فتاة.كان لها فى كل نشاط، وجدت وسط اليسار الماركس ، وفى جماعة الأدب والصحافة كانت تبحث عن ذاتها فى الذوبان فى شيىء ما خارج الذات الضيقة، ولكن الرجل اقترب كمغامر مرتبك بين جمالها، وبين الذوبان الذى تعيشه فى الاشياء؟!

عرفت الفتاة فورة الجنس،وبحكم تربيتها وجديتها صادرتها، وفي ظل شعورحاد بالذنب دفعت في أعماقها الأنثى حتى غابت عن وعيها،أو كادت، لا يتبدى منها إلا هذا الخجل الذي تستشعره من هذا الجسد الممتليء، الغني بالاستدارات.وفي صعوبة كانت الفتاة تقطع الطريق من الجانب المخصص للقراءة إلى الجانب المخصص لأرفف الكتب في حجرة الاطلاع في مكتبة جامعة فؤاد الأول ( القاهرة) يخيل إليها وهي تعود بمرجعٍ من المراجع أن كل عيون من في القاعة مركزةٌ عليها وتفضل الهروب من القاعة إذا ما اتضح لها أنها لم تلتقط المرجع المطلوب وتطلب الأمر معاودة الرحلة في ظل العيون المتربصة" صحيح أنها من عباءة الوصل الجماهيري ولدت،ومن الدفء والإقرار الجماهيري تحولت من بنت تحمل جسدها الأنثوي وكأنما هو خطيةٌ،إلى هذه الفتاة المنطلقة الصلبة قوية الحجة "وأنه من منطلق الإنسان لا الأنثى، تعاملت الفتاة في النطاق العام. ولكنها لم تعرف نفسها ولم تتوازن معها.

وبدأت تحركات الشاطر حسن الذى سمعت عنه من حكاوى جدتها تقدم زميلها فى كلية الاداب "عبد الحميد عبد الغني" الذي إشتهر بإسم "عبد الحميد الكاتب" ولم يكن ماركسيا تحت أي ظرف من الظروف مثل لطيفة، بل كان يمضي جزءا كبيرا من نهاره وليله في أحد المساجد ويحفظ التاريخ الإسلامي بدرجة جيدة. وإرتبط الإثنان بخاتم الخطوبة ولم يقدر لهذا المشروع أن يتم،وكيف يتم؟! وقد سكنتها المرأة المناضلة الجادة المتحمسة، اسطورة التحرر تحت وقع طبول الماركيسية لتكون امرأة"سجن الحضرة"؟! بنت الحسب والنسب والأسرة العريقة. رسموها كما يريدون..لاكما تريد هى، فنسيت انها امرأة؟ ولكن "لطيفة" بثقافتها وشخصيتها وجمالها تركت آثارها على نفسية "عبد الحميد الكاتب" وقد سجل هو بنفسه هذه الإنفعالات في مقال باكر له في الصفحة الأخيرة من جريدة (أخباراليوم) تحت عنوان (خاتم الخطوبة).

ثم دخلت تجربة ثانية أكثر ملاءمة لفكرها وطبيعتها، فإرتبطت بالزواج بأحمد شكري سالم..الدكتور في العلوم فيما بعد، وهو أول شيوعي يحكم عليه بالسجن سبع سنوات، وتم إعتقال أحمد ولطيفة عام 1949 تحت ذمة القضية الشيوعية.وإنفصلا بالطلاق بعد الحكم علي "شكري" وخروجها من القضية.؟

وهنا تأتى التسألات:كيف خرجت فى رحمة حانية؟! وحكم على زوجها فى قسوة بالحد الاقصى، والقانون هو هو القانون؟! هل اخرج السجن والمطاردة وقسوة البوليس ثعبان الماركيسية من جلدها..هل كانت محاكمتها بين رفاعية افهموها واخرجوا ثعبانها الشيوعى فعادت لطبيعتها امرأة انثى؟!

يبدو كل هذا مطروحاً.ويأتي قمة التناقض بين اليسار واليمين عند الدكتورة لطيفة الزيات بزواجها من "الدكتور رشاد رشدي" يميني المنشأ والفكر والسلوك .إنها حكاية امرأة دخلت السجن مرتين: الأولى وهي عروس في السادسة والعشرين من عمرها عام ألف وتسعمئة وتسعة وأربعين.. والمرة الثانية وهي في الثامنة والخمسين من عمرها عام ألف وتسعمئة وواحد وثمانين إثر حملة الاعتقالات التي ضمت الكتاب والصحفيين المعارضين لحكم السادات وفرق بين المرتين ففى الاولى كانت صورة المناضلة الشيوعية،وفى الثانية كانت المثقفة الوطنية.. ويحكى كتابها "حملة تفتيش: أوراق شخصية " ذلك فى جزءين: الأول بداية سيرة ذاتية لم تكتمل تتناول سنوات تشكل الوعي،ثم مرحلة منتصف العمر.والثاني يتكون من أوراق كتبتها وهي في سجن النساء عام ألف وتسعمئة وواحد وثمانين ،وتدور حول تجربة السجن وتتخلق من جديد حول منتصف العمر بمنظور جديد تبلور في ضوء تجربة الاعتقال، وهي تروي تفاصيل مهمة عن شكل حياتها مع زوجها الأول أحمد شكري سالم الذي دخل السجن سبع سنوات بسبب مواقفه السياسية..تقول الزيات:"وحين تزوجت زيجتي الأولى بدأت مرحلة جديدة من مراحل الانتقال من مكان إلى مكان، كان محركها هذه المرة المطاردة الدائبة من جانب البوليس السياسي لزوجي،أو لي، أو لكلينا .وقد تنقلت مع زوجي الأول في المدة الزمانية ثمانية وأربعين وتسعة وأربعين في خمسة منازل كان آخرها بيتي الذي شمعه البوليس السياسي في صحراء سيدي بشر التي لم تعد، وقدتعين علي حين عنفت مطاردات البوليس السياسي أن أنتقل ليلاً من مسكن إلى مسكن إلى أن وجدت السجن مسكني في مارس ألف وتسعمئة وتسعة وأربعين.ولم يكن انتقالي إليه هذه المرة اختيارياً وتتحدث فى كتابها عن تجربة زواجها الثانية من شخصية ثقافية وذات سطوة هي د. رشاد رشدي ليتضح أن العلاقة كانت مأزومة.تحدثت عنه أيضاً بالشفرة وهاجمت حياتها معه بشراسة تقول: ولم يكن انتقالي اختياراً أيضاً وأنا أنتقل من مسكن إلى مسكن آخر مع زوجي الثاني ولعلي أضعت القدرة على الاختيار، بل القدرة على الحركة والفعل في فترة طويلة من فترات زيجتي الثانية التي بدأت عام ألف وتسعمئة واثنين وخمسين ودامت ثلاث عشرة سنة ..

ربما يفسر هذا الاضطراب في الحياة العاطفية ذلك الحلم الغامض الذي ظل يطارد أستاذة الأدب الإنجليزي ويزعج منامها لأن الحلم ليس في النهاية سوى انعكاس لظروف ضاغطة ورغبات متقدة أو موؤدة.تقول الكاتبة:"لكلٍ منا حلمه الليلي المتكرر،ولا أجد وقد وصلت إلى هذه النقطة من السرد غرابة في حلمي الليلي المتكرر الذي لم ينحسر عني إلا منذ سنين. فأنا أجد نفسي ليلياً في فندق غاية في الفخامة والاتساع والارتفاع، أو في سفينةٍ ينطبق عليها نفس الوصف، حافية أو بملابسي الداخلية، أو على أي وضع استنكره لنفسي، ألف وأدور سعيا للعودة إلى غرفتي، وأطرق متعثرة ومستميتة ممراً مشابهاً بعد ممر من الممرات المتعددة المتشابهة، ولا أجد أبداً غرفتي. وأستيقظ من النوم وأنا على حافة السطح على وشك السقوط في هاوية

أتاح لها رشاد رشدي مستوى مادياً مريحاً..لكنها عاشت تعاسةً نفسية اعترفت بها في كتاباتها ( هذه المعاناة وصلت إلى حد أنها أهدته روايتها "الباب المفتوح" تحت الضغط.؟.) كان دائماً يؤكد لها أنها بدونه بلا قيمة وأنه صاحب أفضال عليها.

لمحت في قصة "الرحلة" إليه وكيف أنه كان يعود ليحكي لها فتوحاته مع أخريات.كما أشارت إليه في قصة "الشيخوخة" عندما تحدثت عن علاقتها بزوج تشعر أنه مات اللحظة الفارقة تدمي القلب..لأنها ببساطة اختيار ما بين القلب والعقل الاستسلام والإرادة..الانصهار أو الاستقلال تقول:" في يوم من أيام يونية 1965، وأخي والمأذون يجلسان في الغرفة المجاورة،قال لي زوجي في محاولة أخيرة لإثنائي عن إتمام إجراءات الطلاق،وهو يستدير يواجهني على مقعدٍ :ولكني صنعتكِ؟! وانطوى من عمري عمر قدره ثلاثة عشرعاماً بوهم التوحد مع المحبوب لفترة، وبإصابتي بالشلل المعنوي والعجز عن الفعل في الفترة الأخيرة. ولم أشأ أن أصعد النغمة حتى لا تفشل مهمتي، وتساءلت وأنا أرقبه: أي مرحلة من مراحل عمري المنقضي صنع؟ أكل المراحل أو لم يصنع هو شيئاً .انقضى الزمن الذي كنت أعلق فيه على مشجبه سعاداتي وتعاساتي، انقضى يوم برئت من الشلل".. وحين يكرر عليها الزوج على مسامعها كلمة الاستعطاف لا المن "لقد صنعتك" يكون ردها: "حتى لو كنت صنعتني فعلا كما تقول، فهذا لا يعطيك الحق في قتلي?!"
يقرر البعض أن د. لطيفة الزيات بلغت قمة التناقض بزواجها من د. رشاد رشدي: ارتباطٌ مقدس بين أقصى اليسار وأقصى اليمين، فكراً وسلوكاً ولذا لم يكن مستغرباً أن تقول: "في أعماقي دار سؤال بقي على البعد معلقاً هل استطعت حقاً أن أقتلعه تماما من جلدي حيث سرى في أعمق أعماق مسام جلدي؟

يقول عنها الكاتب الصحفي كامل زهيري:" تزوجت فتاة الأربعينيات الجسورة، ثم سجن زوجها سبع سنوات ومات. وحصلت بعدها على الدكتوراه ثم طلقت من زوجها الثاني، ونجحت في الدكتوراه، ولم تحصل على الابتدائية في الزواج كما قال البعض وكان الطلاق إعلانا بالإفراج وقد يكون أبرز حبات العقد فى حياتها ذلك الصراع بين الأنثى والمناضلة أن عبارتها فى رواية "الشيخوخة" : كنت فتاة خجولة إلى حد كبير، فقد كان جسدي ممتلئاً بعض الشيء وكنت أحمله وكأني أحمل خطيئة ، لدرجة أنني كنت أخجل من إعادة كتاب أخذته خطأ من رفوف مكتبة الجامعة ، أمام الناس ، وكان يخيل إلي أن كل الأنظار متجهة إلى جسدي الممتلئ " هي وهج البداية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تراكمات
ابراهيم المصري ( 2023 / 12 / 15 - 18:16 )
هل الانسان شخص واحد؟ دلطيفه كأي انسان تتنازعها رغبات وامال تعيش واقع بقيمه
وموروثاته د لطيفه لم تكن في حاجه لمن ينفق عليها فهي من عاءله ثريه وشغل اخوها ناءب رئيس مجلس الامه ه

اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب