الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وظائف الانتخابات في الدولة البوليسية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 12 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


" هذه الدراسة سأرسلها من Cyber لان البوليس السياسي قتلة الطبيب مراد صغير يقطعون الكونكسيون عن منزلي اعتداءً .. مجرمون وقتلة "
ماهي الوظيفة السياسوية للانتخابوية في الدولة السلطانية المخزنية والبوليسية ؟
كما نعلم والعالم كله يعلم ، فان اللجوء الى الانتخابات الديمقراطية ،وليس اللجوء الى الانتخابوية ، هو دليل ساطع ، ويبقى وحده دون غيره ، اعترافا بان الدولة هي في الحقيقة دولة ديمقراطية ، لان اللجوء الى الانتخابات وليس الى الانتخابوية ، يعني الاحتكام لخيار الشعب ، دون اختيار العائلات ، في تبني نماذج الحكم الذي يريده الشعب ، طبعا بالاستشارة السياسية ، التي تصبح المدخل الحقيقي لكل نظام سياسي ديمقراطية ، لان أي عملية ديمقراطية ، واي اختيار ديمقراطي ، يكون مبنيا ، ومدخله الرئيسي ، الباب الكبير ، الذي هو الدستور الديمقراطية دستور الشعب الذي استفتى عليه ، ليصبح الدستور بدستور الشعب ، وليس بدستور الحاكم بأمر الله ، الذي يجسد لدولة الاقطاع التي لا علاقة لها بالديمقراطية الحقة .. فالديمقراطية الانتخابية ، وليس الانتخابوية ، هي الدليل الوحيد الذي يشير الى دمقرطة او عدم دمقرطة النظام السياسي الجاثم على صدر الرعايا التي تتناغم مع الدستور الاّديمقراطي الذي يكرس الطابع الدكتاتوري ، والبوليسي لنظام من الأنظمة ، رغم أطنان المساحيق التي يتجمّل ( جميل ) بها لإخفاء نظامه الغرق في الرجعية ، والذي تحق كنهه ، كل الشعوب التي تعيش في الأنظمة الديمقراطية ، ولا تعيش في الأنظمة البوليسية ، والعشائرية ، وتتمسك بالاصل الدال على انعدام الديمقراطية ، حين تتشبث ولا تفرط في الطقوسية ، والنيوبتريركية ، والنيوبتريمونيالية ، والثيوقراطية المزيفة ، والكمبرادورية ، والدولة الرعوية التي على رأسها راعي كبير يحكمها من خلال العناوين أعلاه ، وهي العناوين طبعا التي تعادي الحياة الديمقراطية ، وترفض أي نقاش حول طبيعة النظام الفريد وحده في العالم ، بالتزاوج بين الطقوسية التي تتدرع بالثيوقراطية التي ترجع مصدر الحكم الى الله ، ومنه الى القرآن ، وفي نفس الوقت شيطنة النظام القائم حين يلوح بالليبرالية المعطوبة والمزيفة ، ليحافظ على واجهتين . واجهة يحددها التعامل مع الرعايا الجاهلة التي تتناغم مع مظاهر الدروشة المسكنة ، وفي تفس ومن جهة اخرى يفرض عليها العيش في العصرنة التي لا علاقة لها باصل الدولة الحقيقي ، الذي يبقى الانتخابات الديمقراطية ، التي تجري ضمن الدستور الديمقراطي . فيميل الوضع المتحكم فيه الى جانب الدولة الطقوسية ، وهي القاعدة العامة والاساسية ، ومن جهة تستعمل شعارات ( العصرنة ) و ( التحديث ) ، عند التعامل مع العالم الديمقراطي ، العارف بحقيقة ، وبالطابع اللاديمقراطي للنظام السياسي المخزني ، والطقوسي الذي يسير الدولة بالأهواء ، وبالتنجيم ، ولا يدبر امرها بالنصوص، وبالقوانين الديمقراطية ، التي يكون لها ارتباط مع ميثاق الأمم المتحدة ، ومع القوانين الديمقراطية المصنفة وحدها لعنوان الدولة ، هل هي دولة ديمقراطية حقيقية ، ام انها مجرد أضغاث أحلام ، للعب مع الغرب العارف بعنوان وبطبيعة النظام المخزني البوليسي ، الذي لا علاقة تجمعه بالديمقراطية الحقة لا من قريب ولا من بعيد ..
ان ديمقراطية الانتخابات التي يستفتي فيها الشعب ، عن نوع التشكيلات السياسية التي يريد تعيينها كوكيل ينوب عنه في تصريف أمور الدولة ، عندما يزكي الشعب بالاستشارة الديمقراطية ، هذه التشكيلات ، وطبعا فان تسييرها للدولة ، يكون ضمن البرنامج الانتخابي الحزبي ، فيصير الحزب عند تحقيقيه الأغلبية المطلقة ، او عند اختياره لمجموعة تشكيلات سياسية تكون متقاربة في البرنامج الانتخابي الحزبي الذي صوت له الشعب ، فتسيير الدولة من قبل الأحزاب والمنظمات التي فازت في الانتخابات ، يجب ان يكون اختيارات الشعب ، وطموحاته ، ولا يعني هذا ان بإمكان الفريق السياسي الذي فاز في الانتخابات ، الانقلاب على البرنامج الحزبي الذي صوت له الناخبون ، لان البرنامج الحكومي ، هو برنامج الشعب الذي اختاره ، ولا يعني انه برنامج الأحزاب التي طرحته ، فيصبح بمقدور تلك التشكيلات السياسية ، التصرف خارج البرنامج الانتخابي الذي صوت عليه جمهور المنتخبين .. ان تصويت شعب المنتخبين لبرنامج الحزب الذي فاز بالأغلبية المطلقة ، او لمجموعات أحزاب تتقارب في اختيار البرنامج الحزبي التي صوت له شعب المنتخبين ، يعني هذا ان مالك البرنامج الحزبي الانتخابي ، يصبح الشعب ، ويصبح دور الحزب ، او الأحزاب التي فازت في الانتخابات بالبرامج المتقاربة ، دور وكيل يسهر على تنزيل البرنامج الانتخابي الذي صوت له جمهور الناخبين ، الذي اصبح برنامج الشعب ولم يعد ببرنامج التشكيلات السياسية التي فازت في الانتخابات ، فمباشرة الحكم والسلطة في مسؤولية تكليف وليست بمسؤولية تشريف . وهنا تتجلى سلطة رقابة الشعب او جمهور الناخبين ، للعمل الحكومي . هل يسير البرنامج كما تم التصويت عليه ، ام ان التشكيلات السياسية ، او بعضها ، ربما ان بعضها اضحى يميز بين وضع الحزب او الأحزاب قبل الانتخابات ، ووضعها بعد الانتخابات ، فتميل بذلك التشكيلات السياسية ، الى التصرف خارج مقتضيات البرنامج الانتخابي الذي صوت عليه الشعب ، ووضع كهذا ربما سيجعل من الوضع القانوني للتشكيلات السياسية ، متعارضا مع تنزيل برنامج شعب المنتخبين ، فتصبح التشكيلات السياسية التي تمارس سلطة الحكومة ، سلطة انقلابية على الشعب ، فتصبح أحزاب الحكومة متعارضة مع شعب الانتخابات الذي صوت على برنامج انتخابي ليس من صنع ومن اختيار الشعب .
هنا سنجد ان التشكيلات السياسية التي كونت الحكومة ، تتصرف وفق إصلاحات للبرنامج الانتخابي الذي صوت عليه الشعب ، او تقوم بالانقلاب على اختيارات الشعب ، فتصبح حكومة التشكيلات السياسية ، بحكومة خائنة لاختيار الشعب ، وتتحول من حكومة الشعب الذي صوت لها ، الى حكومة خائنة لإرادة الشعب ، عندما تخلت عن البرنامج الحزبي الذي صوت له الشعب ، وانزلت برنامجا لم يصوت عليه الشعب قط .. وحتى التعامل والتصرف في مثل هذه الحالات لن يمر دون موافقة الشعب ، خاصة عندما يكون النشاط الحكومي ، متعارضا مع اختيارات الشعب .. فتجاوز حكم الشعب ، يكون هنا نسبيا وليس مطلقا ، وللشعب الذي صوت على البرنامج الانتخابي ، كامل سلطات التقرير. في كل ما يهم مستقبله ، ومستقبل ابناءه ، ويتحول الصراع ، إما الى صراع دستوري ، يجب الاحتكام اليه ، او عوض المعالجة السياسية الوازنة ، سيصبح الشارع سيد الفرز بين الشعب ، وبين الأحزاب او الحزب الذي صوت على برنامجه الانتخابي الشعب ، وانقلب عليه .. وهنا اذا كان الامر يتعلق بتشكيلات سياسية أيديولوجية ، كأحزاب اليسار عامة ، فان الصراع سيتحول الى صراع داخل الحزب ، خاصة بين القيادة وبين القاعدة . لكن اذا كان من يقف وراء الانقلاب على جمهور الناخبين ، من الأحزاب اليمينية بمختلف روافدها ، فالصراع سيتحول مباشرة الى صراع بين أحزاب الحكومة ، وبين الشعب الذي خانت الأحزاب التي صوت على برامجها ثقته ..
اذا كانت هذه الحالة هي القاعدة العامة في الدول الديمقراطية الغربية ، فان الهدف والغاية المرجوة من العمليات الانتخابوية في الدول المتخلفة ، لا تستهدف تحقيق الديمقراطية باشراك ( الشعب ) في العملية الاستحقاقية ، بل ان العملية الانتخابوية في الأصل ، تستهدف ، من جهة التضبيع ، والحيلولة دون امساك الشعب بسلطة القرار ، لان دوره في العملية الاستحقاقية ، اضعف بكثير من المتوقع ، ومن جهة استمالة العالم الغربي لإقناعه بجدوى ( الديمقراطية ) المنزلة ، وهي ديمقراطية الحكام الدكتاتوريين ، التي لا علاقة لها بالوضع الديمقراطي ، خاصة اذا كانت تكره ( الشعب ) ، ومن ثم يكون الهدف هو تجميل وجه النظام البوليسي المخزني عدو الديمقراطية ، فأحرى ان يكون من وراءها . ان الهدف من العمليات الانتخابوية هو تجميل الوجه اللاديمقراطي ليصبح كذبا بالديمقراطي ، لإرضاء الغرب من جهة ، ومن جهة لتفادي خطابات هذا الغرب الداعية لدمقرطة النظام البوليسي المخزني ، ومن اثارته لملفات استراتيجية تزعج النظام المهدد في وجوده ، مثل نزاع الصحراء الغربية الذي يتلاعب به الغرب ، ويستعمله في اضعاف النظام المخزني والبوليسي الذي بلغ من الضعف قمته حين اصبح معزولا من قبل المنتظم الدولي ، خاصة من قبل دول الفيتو بمجلس الامن ، التي تتشبث فقط بحل الاستفتاء وتقرير المصير ، مع تجاهلها التجاهل المطلق لترقيعات النظام البوليسي المخزني وعلى رأسها حل الحكم الذاتي المرفوض دوليا ..
وبالرجوع الى طبيعة النظام البوليسي المخزني ، ومن خلال جميع الاستحقاقات السياسية الانتخابوية منذ بداية ستينات القرن الماضي ، والى آخر انتخابات في عهد محمد السادس ، يتضح وبكل سهولة ، عنوان وتعريف النظام المغربي ، الذي ( الشعب ) مجرد رعية ، ليست لها حقوق ، ومرادف الرعية هم العبيد الذين يعيشون منعدمي الحقوق في دولة تحج دائما الى الطقوسية ، والتقليدانية ، والنيوبتريمونيالية ، والنيوبتريركية ، الثيوقراطية المعطوبة والفاسدة ..
ان في دولة الرعايا ، التي على رأسها راعي كبير ، استولى على ثرواتها ، التي هي ثروات الرعايا الجاهلة والمفقرة ، فان المغزى من ( الانتخابات ) الانتخابوية ، ليس بناء الديمقراطية المفقودة في هذا النظام منذ اكثر من 350 سنة مرت عجافا . بل ان المغزى من الاستحقاقات الانتخابوية ، هو تجميل ووجه النظام اللاّديمقراطي ، امام دول الغرب الديمقراطية ، ومن جهة خلق مشروعية شعبوية من خلال الانتخابوية ، لاستمرار الرعايا في الجهل ، ومن استمالتها بالشعارات ( الدينية ) التي تكبل كل حركة للرعية ، تصبح حركة جماهيرية ، تشتغل على الدولة الديمقراطية الحقيقية ، ومن ثم فان الاستمرار للرعايا في عيش الدروشة والمسكنة ، هو انفراد الحاكم بأمر الله وحده ، واسرته ، وعائلته ، واصدقاءه ، والمقربين منه .. بالاستفراد بثروة الرعايا ( الشعب ) المفقرين ، وتكديسها بالابناك الاوربية ، وبالملاذات الامنة ، وتقدر بمليارات الدولارات واليورو ، رغم ان القانون المغربي يجرم تكديس الأموال خارج المغرب ، خارج النصوص القانونية التي من المفروض ان يحترمها الملك السلطان قبل ( احترامها ) من قبل الرعايا .
ان للانتخابات الانتخابوية في دولة امير المؤمنين ، حامي حمى الملة والدين ، والساهر وحده على صحة وسلامة وطمأنينة الرعايا ، مقاصد ومعاني خاصة في حقل الدراسات السياسية ، من علم السياسة ، الى العلوم السياسية ، الى علم الاجتماع السياسي ، الى القانون الدستوري والأنظمة السياسية . وطبعا كل شيء مطرز بمقتضى الدستور ، وبمقتضى عقد البيعة الذي يجعل من السلطان الأمير والراعي الكبير فوق حتى دستور الملك الذي يركز كل الدولة في شخصه دون غيره .. فإذا عدنا كباحثين محللين للنظام السياسي السلطاني ، سنجده يسيطر على كل دولة المغرب ، من خلال مشروعيتين متناقضتين .
المشروعية الأولى هي مشروعية دستور الملك الذي فصل له امتياز السيطرة على رأس الدولة ، حين أصبحت الدولة هي الملك ، واصبح الملك هو الدولة . وهذا يعني ان الانتخابات الانتخابوية التي يدفع اليها الرعايا ، هي انتخابات الملك ، والبرلمانيين الذين سيفوزون هم برلمانيو الملك ، والبرلمان هو برلمان الملك ، والوزراء الذين سيتم تعيينهم ، هم مجرد موظفين سامين بإدارة الملك ، وعندما يفتتح رئيس الدولة برلمان الملك بحضور برلماني الملك باللباس المخزني الطقوسي ، ويلقي فيهم خطاب ، هو خطاب رعاياه الساميين ، ويشكل خارطة طريق لعمل برلماني الملك ، طبعا الذين يكونون مع ( وزراء ) الملك ، موظفين سامين بإدارة الملك ... هنا يطرح السؤال . ما الفائدة من تنظيم الانتخابات في دولة عشائرية ، طقوسية ، تتصرف بالمزاج في تسييرها ، وليس بالقوانين الديمقراطية التي لن تكون لها قيمة في دولة تقليدانية ، نيوبتريركية ، نيوبتريمونيالية ، لا تزال رعوية ، وثيوقراطية .. مع العلم ان الفرق كبير بين قرارات المزاج والاهواء ، وبين القوانين الديمقراطية التي يؤطرها وحده الدستور الديمقراطي الغير موجود ؟
إذا كانت الاقطاعية السياسية ، هي جوهر الحكم المطلق الشمولي ، الذي يركز على القليدانية والطقوسية بالأساس ، فان الطابع السائد في الخطاب ( الأيديولوجي ) ، والسياسي للنظام المخزني ، البوليسي ، يبقى هو الازدواجية ، حيث نجد من جهة ، المفاهيم الغارقة في التقاليد المخزنولوجية ، وفي التخلف المخزني ، ومن جهة أخرى التهافت الليبرالي في الشكل والواجهة واللهجة . وهذا طبعا ، يطرح المعادلة القائمة على الصعيد الاجتماعي ، بين الأصول الاقطاعية للدولة المخزنولوجية ، والتطلع نحو اللبرالية والعصرنة المغشوشة والمعطوبة ، ومن خلال ذلك إخضاع ( البرجوازية الوطنية ) ، وكذلك سجن الفئات العليا من البرجوازية الصغيرة ، في دور لا يمس الهياكل الأساسية ، بل يسعى فقط الى ترميمها واصلاحها ، ومعارضتها " معارضة بناءة " .
ومن هنا كان الحرص لدا النظام المخزني البوليسي ، هو احداث اكبر ما يُمكّن من الرواج السياسي ، لكن في اطار لا يتجاوز حدود " الطبقة السياسية " ، سيرا على مبدأ : " السياسة مع النخبة ولها " . وهذا هو تكتيك الانفتاح الذي مارسه وكرره النظام المخزني البوليسي ، من خلال كل التجارب الانتخابوية التي عرفتها دولة السلطنة منذ انتخابات 1962 و 1963 ، أي منذ بداية الستينات والى اليوم . أي مباشرة بعد انقلاب الحسن الثاني على الحكومة التي ترأسها الأستاذ عبد الله إبراهيم ، عن حزب " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية " ، وانفراده كطاغية مستبد ودكتاتوري ، وسيطرته لوحده على السلطة والحكم .. ، او على اثر الانتفاضة الشعبية في سنة 1965 ، واختطاف واغتيال المهدي بن بركة في 29 أكتوبر من نفس السنة ، او سنوات 1971 و 1972 ، على اثر المحاولتين العسكريتين لقلب النظام الملكي ، والتي قادها الضباط الوطنيون الاحرار ، الذي نادوا بالثورة ، وبالجمهورية ، وتم اعدامهم / قتل من دون محاكمات ، مثل قتل الطبيب القبطان مراد صغير ، قتل حسن الطاهري .... واخرون من دون محاكمات ..
ان هذا يعني ان الانفتاح ، بصيغه العملية وهي الانتخابات الانتخابوية ، يؤدي عدة وظائف ، نوجزها اجمالا في ثلاثة :
--- إضفاء المشروعية على الحكم .
--- تجديد التحالف المصطنع الحاكم .
--- وتقنين أساليب القمع السياسي والايديولوجي .
فلننظر عن قرب الى هذه الوظائف على ضوء " التجارب الديمقراطية " الماضية ، وخاصة منها ، ما استدرج تحت عنوان كاذب باسم " مسلسل التحرير والديمقراطية " الذي فشل في التحرير ، لان النظام فشل وخسر حرب الصحراء الغربية ، ففشل مسلسل التحرير . وفشل المسلسل الديمقراطي ، لان النظام البوليسي زاد في عدوانيته على المغاربة ، ووصل به الجرم الى القتل ، كما حصل مع الطبيب مراد صغير ، وحصل مع حسن الطاهري ، وحصل اكثر بعد تفجيرات الدارالبيضاء في 16 مايو 2003 ، وتفجيرات Madrid في 11 مارس 2004 ، طبعا فالمجرم الذي فجر الدارالبيضاء ، هو نفسه فجر العاصمة الاسبانية Madrid .. والحجج الدامغة موجودة في الشمال الأوربي ، الاقرار بجريمة التفجيرات شخصيات سامية .. لقد فشل مسلسل التحرير ، وفشل مسلسل الديمقراطية ، عندما عادت الدولة لتصبح تمثل الإرهاب وفي الاعتداء على الناس في الشارع العام .. الخ ..
1 ) اذا كانت الاستفتاءات الدستورية ، قد استهدفت إضفاء المشروعية على طبيعة الحكم المطلق البوليسي المخزني ، فإن الانتخابات الانتخابوية تعدت ذلك نحو فرض مشروعية الوضع الاستبدادي الطاغوتي بترتيبه الجديد ، أي بتكامل الصفة المخزنية البوليسية للحكم ، مع واجهة ليبرالية شكلية مركبة من برلمان ، ومجالس ، وهيئات موازية كالمناظرات وغيرها .
وهكذا ، فبعد ان تمكن النظام البوليسي من فك عزلته شيئا ما داخليا وخارجيا ، واضفى على نفسه ( طابع الوطنية ) ، مكان الخيانة الواضحة ( قبول الاستفتاء في نيروبي سنة 1981/1982 ) ، سيعود النظام مع محمد السادس الى اكثر من الخيانة ، عندما طرح مقترح الحكم الذاتي الذي تجاهله النظام الدولي ، من مجلس الامن ، الى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبحث نزاع الصحراء الغربية ضمن اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار كل سنة ، والاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ، الى روسيا الاتحادية ، والصين ، وحتى دول داخل الجامعة العربية .. ناهيك عن نسيانه لقسم المسيرة ، وجهله لزيارة محمد الخامس قرية محاميد الغزلان في سن 1958 ، ودعا من القرية بعودة الصحراء الى المغرب ، ولم يدعو الى حل شبيه بحل الحكم الذاتي ، ولا اعترف بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، ونشر اعترافه بالجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد 6539 / يناير 2017 . وهكذا سيصبح نظام محمد السادس الغائب عن المغرب منذ سنة 1999 ، بالنظام الأكثر عزلة في العالم ، ويكون اعترافه بالجمهورية الصحراوية ، وقبلها بالحكم الذاتي ، قد افقده تزكية " الوطنية " ، وافقده تزكية شعبية ، خاصة والجميع ينظرون اليه في شوارع باريس صباحا وهو ثمل / سكران ، افقدته الدعم الداخلي ، معزول داخليا ، وافقدته الدعم الخارجي ، فاصبح اكثر من معزول ، وترك آثارا كذلك على العلاقة بين البلدان المغاربية ، ومع العديد من الدول الخليجية ..
2 ) اما الوظيفة الثانية للانتخابات الانتخابوية ، وهي تحديد التحالف الحاكم ، وهذا التحالف يبرز من خلال ظاهرتين .
-- أولهما تذويب البرجوازية المتوسطة ، او على الأقل الفئة العليا منها ، في اطار الطبقة الاقطاعية – الرأسمالية ، وتجريدها من كل صفات الوطنية ، ومن إمكانيات التطور المستقل المتبقية لديها . هذا في الوقت الذي اندحرت الفئات السفلى منها . وباختصار ، فان ما حدث هو تفكك ( البرجوازية الوطنية ) كطبقة ، وما استقدام عبد الرحمان اليوسفي الملكي ، وتعيينه رئيسا لحكومة الملك ، موظف سامي بإدارة الملك .. الا" تعبير سياسي عن هذا التطور الاجتماعي الذي حصل منذ موت الحسن الثاني ..
اما الظاهرة الأخرى ، فهي انّ حصيلة تجربة الانتخابات الانتخابوية ، من الحسن الثاني الى محمد السادس ، قد انحصرت في المفهوم الذي عبر عنه النظام منذ انطلاق التجربة ، أي مفهوم تكوين اطر للملكية بفتح باب أوسع للتمييع والارتشاء ، والتدرب على أساليب الحكم ، المخزنية ، البوليسية ، والطقوسية ، استجابت لها ( الأطر الماركسية ) التي اثثت فضاء فؤاد الهمة ، وارتمى في حضنها كل من الاتحاد الاشتراكي ، وحزب التقدم والاشتراكية .. أي العمل على استقطاب العناصر المشاركة في ( التجربة ) على اختلاف مشاربها ، وبناء على تصور يعتبر الأحزاب مجرد مدارس لتكوين اطر قد لا يستحيل استيعابها ، ودمجها في جهاز الدولة المخزنية والبوليسية .
3 ) غير ان الوظيفة الحاسمة للانتخابات تبقى هي احتكار النظام المخزني سلطة تحديد الحقل السياسي المشروع ، ورمي أي عمل او نضال ديمقراطي غير انتخابي ، وانتخابوي في اللاشرعية .
فعلى عكس ما يذهب اليه أصحاب الخط الانتخابي الانتخابوي من ان " المسلسل " الديمقراطي ، سمح للجماهير باقتحام الساحة السياسية ، اعتبر معارضو هذا الخط ، المعارضة اليسراوية ، ان هذا المسلسل لم يكن الاّ تطبيعا للمزيد من تهميش الجماهير الشعبية ، وانتهاك حقوقها الدنيا ، باسم الديمقراطية هذه المرة . وهكذا بقيت تلك الجماهير مبعدة ، ولا يتم اللجوء اليها الاّ بشكل ظرفي سواء من طرف النظام المخزني البوليسي ، او من طرف ( القيادات ) العاجزة ، لتزكية وضع من الأوضاع ، كما كان الشأن في " المسيرة " التي لم تبقى خضراء ، او في الحملات الانتخابية الانتخابوية ، الشيء الذي طبع المسلسل المزعوم ، بطابعه النخبوي الواضح .. وهنا يكمن الدور الأيديولوجي للانتخابات الانتخابوية . فقد اثبت القمع الجسدي لانتفاضات 1965 و 1981 و 1984 و 1990 ... ان محاولة إضفاء المشروعية على حكم مخزني بوليسي لا شرعي باسم الديمقراطية ، ليست في نهاية الامر ، سوى شكل من القمع الأيديولوجي . الم يصرح الحسن الثاني بنفسه ، غداة انتفاضة 1981 ، انها كانت خروجا عن الديمقراطية ؟
نعم ان الانتفاضة كانت خروجا عن الديمقراطية ، مثل انتفاضة1981، و 1984 ، وانتفاضة 1990 ... نعم انها خروج عن مفهوم النظام للديمقراطية التي يريدها حزاما واقيا ، وقيدا على النضال الشعبي . ولهذا كانت جميع الانتفاضات حسما شعبيا مع شعارات النظام البوليسي ، واعلانا عريضا عن نهاية وهم ( الاجماع ) ، وحجة قاطعة على الطابع الهامشي النخبوي لما سمي بالتجربة الديمقراطية وافلاسها مثلما افلس مسلسل التحرير لان لا احد اعترف ، او يعترف ، او سيعترف بمغربية الصحراء الغربية . فحتى إسرائيل موقفها الحقيقي منها ، قد عكسه رئيس وزراء إسرائيل عندما اظهر مؤخرا خريطة المغرب مفككة ، وركز على الخريطة التي تجمع الدولة الصحراوية ، التي أصبحت واقعا عالميا يستحيل تخطيه ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: البدأ بترحيل مهاجرين أفارقة الى بلدانهم، فما القصة؟ |


.. هجوم إلكتروني على وزارة الدفاع البريطانية.. والصين في قفص ا




.. -سابك- تستضيف منتدى بواو الآسيوي لأول مرة في الرياض


.. السياحة ثروات كامنة وفرص هائلة #بزنس_مع_لبنى PLZ share




.. المعركة الأخيرة.. أين يذهب سكان رفح؟ | #على_الخريطة