الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لِتَسْلَمُوا: انْزَعُوا أَظْفَارَكُمْ مِنْ لَحْمِ فِلَسْطِينْ!

كريمة مكي

2023 / 12 / 14
القضية الفلسطينية


السيد أفيخاي أدرعي:
السّلام عليكم:
عفوا يا ابن العم، نسيت أن أُحدّثك، في رسالتي البارحة، عن أمّي الزّهرة(فاطمة الزّهراء) و ذكرياتها الجميلة مع جدودك اليهود في الكاف مدينتي الأمّ و أرض مولدي.
أمّي التي تضع المصحف في غرفتها و تُخفي في خزانتها ʺدلائل الخيراتʺ، بعد أن حرّمه علينا أتباع ابن عبد الوهاب، حدثتني طويلا عن يهود الحارة في الكاف العتيقة و عن عيد الفطيرة عندهم و كيف كان أهلنا المسلمين يُهدونهم خروفا في عيدهم هذا ليُرجعوا لنا منه الجانب الأيمن و معه طبقا كبيرا فيه فطائر بيضاء نصف ناضجة، لا هي بالحلوة و لا بالمالحة.
كذلك تتذكر أمّي، حفظ الله ذاكرتها الثمانينيّة الوقّادة، تلك الأحداث الجميلة التي عاشتها في طفولتها البعيدة.
أتدري، يا ابن العم، أنّ في الكاف مدينتي يوجد كنيس الغَرِيبَة اليهودية و هي المرأة الغريبة الثانية بعد غَرِيبَة جربة المعروفة و التي يحجّ إليها الكثير من اليهود كلّ عام و يتبرّكون بها أيّما تبرّك سلام الله عليها.
جائتنا اليهودية الخائفة، للكاف لاجئة، منذ آلاف السنين فأَجَرْنَاهَا و حميناها و سكنت عندنا في اطمئنان تُمارس طقوسها في حريّة و أمان ثم أصبح بيتها، من بعدها، مزارا يهوديا و إن لم يكن بحجم و لا بشهرة كنيس جربة، و كنتُ و أنا أمرّ به صغيرة عند ذهابي لحانوت أبي في وسط المدينة لا أعلم أنّه كان بيتا لامرأة صالحة من طائفة أخرى تطوف بَرَكَتُهَا بأرجاء مدينتي الآهلة منذ قرون بالكهنة و القدّيسين و الأولياء الصّالحين.
أين نحن الآن من بَرَكة تلك الأيام؟؟
أين نحن من الدِّين و المحبّة و التسامح و الوئام!!
كم كنّا نحيا في سلام قبل أن يُهلككم أعوان الشيطان و يغرسوا أظفاركم في لحم فلسطين فما جنيتم غير الخوف و الرّعب و الآلام و الحنين.
قل يا ابن العم:
ألا يراودكم الحنين دوما لبلدان عشتم و عاش فيها أجدادكم في سلام؟؟؟
ألا تتحسّرون على أيّام الله في تونس أو العراق مثلا أو في بقيّة البلدان التي حمتكم و لكنّكم خرجتم منها بصفقة دنيئة لتُهجِّروا شعبا مسالما لِتَحُلُّوا، بكلّ بساطة، على أرضه محلّه.
أتظنّون هكذا أنّكم ناجون و لن تلحقكم لعنة!
كيف؟؟؟ و أنتم بالذات أكثر شعب تلاحقه اللّعنات من أوّل التاريخ إلى يوم النّاس هذا!!
كيف انطلت عليكم تلك الصفقة المُريبة و ذلك التخطيط الجهنّمي الذي ألقوكم فيه؟!
إنْ كان من يسرق أمتارا من أرض جاره يُصيبه غضب الرّب في الدّنيا و الآخرة فكيف بمن فعل فعلكم و استولى، بكذبة، على وطن و غرس كيانه المحتل في أرض محاطة من الجهات الأربع بالعرب فظلّ هجينا غريبا خائفا وحيدا: بلا جيران و لا عشيرة.
ألهذا الحدّ توافقون حكّامكم المفتونون بحِيل الشيطان و تسمحون لهم بالعبث بوجودكم و أنتم المعروف عنكم حُسن التقدير و التدبير؟؟؟
قل لي، الآن، فقط،
قل بحق الحق:
هل كنتم يوما آمنين في فلسطين؟؟؟؟؟
هل ذقتم فيها طعم النّوم الهادئ المريح أو تمتّعتم مرّةً بطعام و لم تجدوا عليه مرسوما بالدّم خريطة فلسطين؟؟؟!!
أيّ جناية جناها عليكم ʺهرتزلʺ و أتباعه المغرورين الغاصبين!
إلى متى تستمرّون لهم هكذا تابعين و بفكرهم الأعمى مؤمنين!
اعتبروا مما يجري عندكم منذ النكبة و طول كلّ هذه السنين،
إنّي أراكم بحق مظاليم و إن كنتم عن ظلم حكّامكم المجانين لغافلين.
بالأمس فقط رأيت جنديا منكم يبكي بحرقة و يغالب في حلقه الخنقة بعد أن جُرح جروحا في صدره و ظهره و أكبر من جرحه العميق كان موت أصحابه في اليوم الأخير.
أبكاني بنظراته الضائعة و خوفه المُميت.
لو كان من مقاومينا المؤمنين لَفَرِحَ لِأصحابه و لَوَعَدَهُمْ أجمل الوعود: إحدى الحُسنين! و لكن ابنكم المسكين مخدوع بمخطّط هرتزل المشين.
قد قلت لك قبلا أني لستُ أقلق علينا نحن المؤمنين الصادقين، بل عليكم أبناء العم، لذلك أقول لكم اليوم و أعيد:
لاَ تَجْنُوا بِدوركم على أولادكم و أحفادكم و تكتبوا لهم مصيرا كمصيركم الموجع و الحزين.
اهدؤوا قليلا، أبناء العم الأصفياء الصادقين،
اهدؤوا و اقرؤوا التاريخ من جديد و افهموه.
لا حلّ لدولتين: فلسطين كلّها فلسطين.
هذا هو السّلام فلا تُضيّعوه!
و هذا قلمي النّازف على هذا التاريخ النّازف بيننا فاقرؤوه... فمن يدري، لعلّكم تستَبينوا نزف قلوب أحرار العالم كلّه على حالكم الحالك اليوم و حال، المنكوبة بكم، أرض فلسطين.
فِيكم مؤمنين، و فيكم دُعاة سلام و محبّة صادقين، أعرف... و لهم، بالذات، اليوم أكتب لعلّنا نجتمع معا لأجل إرجاع الأمن للإسرائيليين و الحقّ للفلسطينيين.
سيظلّ قلمي يمدّ لكم يدي ما حييت... فتريّثوا و لا تُسقطوه كما أسقطتم غصن الزّيتون من يد عرفات المسكين قبل أن تسقطوه هو نفسه و هو محاصر بجيشكم و سلاحكم في بيته في أرضه المنكوبة بكم: أرض فلسطين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستشرق إسرائيلي يرفع الكوفية: أنا فلسطيني والقدس لنا | #السؤ


.. رئيسة جامعة كولومبيا.. أكاديمية أميركية من أصول مصرية في عين




.. فخ أميركي جديد لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ | #التاسعة


.. أين مقر حماس الجديد؟ الحركة ورحلة العواصم الثلاث.. القصة الك




.. مستشفى الأمل يعيد تشغيل قسم الطوارئ والولادة وأقسام العمليات