الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
معرض القرد والضبع
خليل الشيخة
كاتب وقاص
(Kalil Chikha)
2023 / 12 / 14
الادب والفن
من عاش فترة الستينيات والسبعينيات، سيتذكر مشاهد الضبع والسعدان في جانب السوق في مدينة حمص. ففي أيام العيد، خاصة الفطر، تكثر المرافق التي تنشأ بغية استغلال إقبال الناس على التسلية والمتعة، فتقام في الغالب على أطراف السوق. وأطراف الأحياء.
أذكر في أوائل السبعينيات، بأنه كان هناك رجلاً كبيراً في السن يجلب معه سعداناً وضبعاً ويكتري خان قديم على طريق حماة، مقابل كراج باليقا، ويبدأ الإستعراض في ذلك الخان القديم الذي كان مبني بواسطة اللبن أو الطوب ويتزاحم الناس في العيد عليه يريدون رؤية الضبع والسعدان، كون هذه البهائم نادرة في سوريا. فاالضباع كانت تكثر في أطراف المدن، والويل في تلك الفترة لمن يقع فريسة بين أنياب الضبع. كانت تكثير الإشاعات بين أهل حمص حول إذا بال الضبع على أحد، يتبعه إلى المغارة ومن ثم يأكله على البارد ويفصص عظامه دون رحمة. نرجع إلى الخان الذي فيه الضبع والسعدان، فالرجل يننتظر حتى يمتلئ الخان بالمتفرجين، قرابة العشرين أو أكثر، فيُخرج السعدان أولاً ويضربه بالعصا ثم يسأل آمراً:
كيف تنام العجوز ياشاطر؟
فيتمدد السعدان على جنبه وينام واضعاً ذراعيه تحت رأسه حزيناً بائساً.
ويسأل: كيف ينط الولد العاق بعد أن يضربه أباه ؟
فينط السعدان ويصفق الناس لشاطرته وتقليده للبشر.
كان معظم الناس يأتون ليروا عدو الإنسان الأبدي الضبع، وفي الغالب لم يكن أحد من الصغار قد رأى شكل الضبع. وفي تلك اللحظة يُخرج الرجل الضبع من وراء الستارة وهو يهمر. وأذكر أن ذلك الضبع كان بحجم الجحش. شكله مرعب. لكن حتى لايتمادى الضبع على المتفرجين ولا يلتهم أحد الأطفال، كان صاحبه يضع على بوزه لجام يمنعه من النهش والعض.
كنا نخرج مسرورين من تلك (الفُرجَةٌ) الغريبة وقد يستبد بنا الخيال حول الضبع والسعدان ويظل حديثنا قائماً طوال اليوم حولهما، كيف نام السعدان .... وكيف همر الضبع. كانت في السبعينات الفرجة على الضبع والسعدان تكلف خمس ليرات. والخمس ليرات قديماً هي مبلغ كبير إذ أن الدولار كان يساوي ثلاث ليرات فقط.
ما أسرع مرور الشهور والسنيين التي تحث خطاها مثل قطار. فكل ذلك يبقى مجرد ذكرى حية عابرة مثل سراب الصحراء.
هناك إشاعات أخرى حول الضبع لدى بعض الناس بأن الضبع يشتمل على الذكورة والأنوثة في الوقت ذاته، وهذا خطأء شائع. فبعد أن أجتاح العمران مدينة حمص، قضى على معظم الضباع والذئاب في البراري، ولا ترى في المدينة سوى الكلاب الضالة. وحتى هذه، قضت على معظمها البلدية بالقتل خوفاً من نقل أمراض الكَلب.
شائعة أخرى حول الضبع، هي أن بعض مهربين المخدرات يعتمدون على جلده لسبب أن الماسح الضوئي لايخترق جلده ، وهذا خطاً أيضاً. شيء آخر يتداوله الناس حول الضبع بأنه يؤثر عل دماغ الإنسان ولهذا السبب يستعمله المشعوزون في السحر الأسود وهذا مجرد اعتقادات خاطئة لا أساس لها من الصحة كما يصرح بذلك ذو الإختصاص با الذويولوجي أو علم الحيوان.
أخيراً نقول أنه مابعد الثمانينيات، أصبحت تأتي على حمص حديقة حيوان متنقلة فيها كل أنواع البهائم النادرة. أما في يومنا هذا، فإن الناس باستطاعتهم رؤية أي حيوان على التواصل الإجتماعي أو اليوتوب وكسب المعلومات عنه.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - مقالة جميلة للذكرى
شكري ملاح
(
2023 / 12 / 16 - 15:14
)
أنا أذكر تلك الأيام تماماً
.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ
.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ
.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال
.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ
.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال