الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


111-عجز القيادات الفلسطينية ناتج عن طبيعتها

محمد علي الماوي

2023 / 12 / 14
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


111-عجز القيادات الفلسطينية ناتج عن طبيعتها (من نص حرب الشعب... حول انتفاضة الحجارة 8ديسمبر 1987-1993)
إن طبيعة القيادات وتركيبتها الطبقية تجعلها بعيدة كل البعد عن طرح مهام الثورة الوطنية الديمقراطية وعن إيجاد الأدوات الضرورية للتقدم في إنجاز هذه المهام. لقد انحدرت قيادة الجبهات رئيسيا من التيارات القومية فمنها من تمركس إثر هزيمة البرجوازية الوطنية وتحول في النهاية إلى معسكر الثورة المضادة بدفاعه العلني عن خط الإمبريالية الاشتراكية ومنها من حافظ على النفس الوطني المنقوص الذي تأسس على أساسه وواصل الدفاع عن مصالح البرجوازية الوطنية.
ولذلك فإنه من الضروري التفريق بين الجبهات التي تبنت مواقف الاستسلام وأصبحت تدافع علنا عن الإمبريالية الاشتراكية وبين الجبهات الرافضة للحلول الإستسلامية والتي رغم تذبذبها لازالت تقف في فترات محددة إلى جانب نضالات الجماهير.
وفى حين تعمل الجبهات الإصلاحية الدائرة في فلك الأحزاب المسماة باطلا شيوعية على استبدال هيمنة إمبريالية بهيمنة إمبريالية أخرى لا تقل شراسة على غرار ما حدث في أنغولا مثلا.
وفى الوقت الذي يتحتم على الشيوعيين الحقيقيين فضح طبيعة هذه القيادات وتلاعبها بمصالح الشعب فإنه من الضروري التمايز مع الجبهات الوطنية المعبرة عن مصالح البرجوازية الوطنية والتقدم نحو بناء الحركة الشيوعية الماوية ’ المنطلق من مصالح العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية ومن هذا المنظور فإن منطلقاتها الطبقية تختلف إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا عن المنطلقات الجبهوية ولا يمكن لهذا البديل الثوري أن يبنى إلا على أنقاض التحريفية المندسة في حركة التحرر من جهة وفى تحالف مع القوى الوطنية رغم التباين الاستراتيجي من جهة أخرى وهذا لا يمنع العمل المشترك مع القوى الوطنية في إطار جبهة وطنية ديمقراطية شعبية معادية للإمبريالية والصهيونية تحت قيادة حزب الطبقة :
القيادات الإصلاحية التي تعبر عن مصالح الإمبريالية الاشتراكية أ- لقد تمكنت من إزاحة النفس الوطني وتنكرت كليا للمواثيق التي قامت على أساسها والتحقت نهائيا بمعسكر الثورة المضادة خاصة بعد انطفاء مشعل دكتاتورية البروليتاريا في الصين. إن برنامج هذه القوى الإصلاحية ينحصر في الإطار العام الذي ترسمه الإمبريالية الاشتراكية ويتمحور حول الاعتراف بالكيان الصهيوني والعمل من خلال المؤتمر الدولي على إيجاد الدويلة الممسوخة ويستخدم العمل المسلح في إطار التنافس بين الكتلتين الإمبرياليتين كأداة للتعجيل بالحل الاستسلامي.
وقد تقابل خط التسوية السوفياتي بخط التسوية الأمريكي وحصل التحالف بين هذه الجبهات والقيادة العرفاتية وذلك على أساس البرنامج المرحلي للنقاط العشر فهو برنامج توحدت حوله القوى الرجعية والإصلاحية في فلسطين ذات المصلحة في وجود الكيان الصهيوني والمرتبطة بالطبقات الحاكمة عميلة الإمبريالية والإمبريالية الاشتراكية.
ولا يمكن لبرنامج التسوية والتجزئة المعبر عن مصالح الكمبرادور والإقطاع أن يكون برنامج العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية ولا يمكن لمثل هذه القيادات أن تكون قيادات ثورية ولذلك نظرا لسيطرة الخط الرجعي العرفاتي على منظمة تحرير فلسطين والتأييد الإصلاحي لهذا الخط فقد وقع إفراغ النضال الوطني والديمقراطي من محتوياته وتحول النضال ضد التواجد الإمبريالي إلى جلسات ضيقة تعارض هذا المشروع الإمبريالي لا كمشروع يقنن الهيمنة والنهب وواقع بل لأنه لا يعترف بهذا الفصل أو ذاك وفى ظل هذا التنافس الإمبريالي انتعش التيار الظلامي واستخدم الإخوان في تقويض الحركة من الداخل لدفعها إلى المزيد من الانقسامات والمعارك الجانبية.
وليس من الغرابة أن يفرز برنامج الاستسلام قيادات رجعية مرتبطة بمصالح الطبقات الحاكمة المرتبطة هي الأخرى بمصالح الإمبريالية كما أنه ليس من الغرابة أن تتوخى هذه القيادات أساليب لا علاقة لها بالنضال الجماهيري ولا بالكفاح المسلح وتحاول جاهدة ضرب إمكانية بروز نواة حزب الطبقة العاملة والجبهة الوطنية الديمقراطية الشعبية وجيش الشعب الأدوات الضرورية لتحرير الشعب العربي.
ولذلك فمن الطبيعي أن تتوجه هذه القيادات إلى الاعتماد على الأنظمة وعقد التحالفات الفوقية بمعزل عن مصالح الجماهير العربية في فلسطين وفى بقية الأقطار وأن تجعل من القضية قضية محلية وإقليمية لتخرج الشعب العربي من المواجهة وتنفرد بالقيادة لفرض وصايتها. وفى هذا الإطار يندرج احترام هذه القيادات الحدود المصطنعة والاعتراف بشرعية الأنظمة وعدم التدخل في شؤون البلد المستضيف وبالتالي توخي أسلوب العمل الشرعي في ظل القوانين الجائرة وعدم تجنيد الجماهير العربية رغم توفر الظروف الموضوعية بل تركها عرضة للمجازر والتنكيل كما حدث ذلك سابقا في الأردن ( أيلول الأسود) أو في لبنان تل الزعتر والاجتياح الصهيوني وحرب المخيمات أو في سوريا وتوخي أسلوب المفاوضات بغض النظر عن موازين القوى واستبدال البرنامج بتكتيكات مرحلية والالتجاء إلى العمل المسلح في إطار المزايدات لا غير ومقابل ذلك نبذ النضال الجماهيري وأسلوب حرب الشعب طويلة الأمد والاعتماد على التسلح الثقيل والقواعد الثابتة وأسلوب المواجهات النظامية وتحويل منظمة تحرير فلسطين إلى مؤسسة مالية تفوق ميزانيتها بعض ميزانيات الأنظمة وإلى أداة مساومة بمصالح الشعب العربي في يد الرجعية العربية.
ب- محدودية القيادات الوطنية:
لقد اتضح أن برنامج التسوية للجبهات الإصلاحية الدائرة في فلك ما يسمى بالأحزاب الشيوعية الموالية للإمبريالية الاشتراكية قد تطابق مع برنامج التسوية للأنظمة العربية ولذلك لا يمكن إسقاط برنامج التسوية وقياداته إلا بتبني برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية ولا يمكن لهذا البرنامج أن يعرف طريقه نحو التجسيد العملي إلا عن طريق طليعة الطبقة العاملة المنظمة في الحزب الشيوعي الحقيقي والمتحالفة مع جماهير الفلاحين وباقي الطبقات الثورية ومن هذا المنظور لا يمكن لبرنامج الفصائل الوطنية أن تتحول إلى برنامج الثورة والتخلي الفعلي عن قيادة نضالات الجماهير . ولذلك فمن الضروري الوقوف عند محدودية ذلك البرنامج وطبيعة القيادات الوطنية المتذبذبة والإشارة إلى السلبيات التي يحاول أصحاب الطرح اليميني المندس طمسها والسكوت عنها من أجل ضرب استقلالية الطرح الوطني الديمقراطي والتقديس للتوجهات الجبهوية.
لقد تم إنشاء منظمة تحرير فلسطين سنة 1964 بقرار رسمي عربي وكلف أحمد الشقيري القوى المنظمة أن تحل تنظيماتها وتنصهر في المنظمة وضم المجلس المعين اعيانا ونوابا وجهاء ولا أحد من سكان المخيمات طبعا. وبالرغم من تبنى المجلس في دورته الأولى قضية التحرير المنصوص عليها في الميثاق القومي فإن تركيبة القيادة وطبيعتها لا تسمح لها بالعمل من أجل التحرير وظلت القرارات محكومة بقرارات القمة العربية وسياسات الأنظمة وخاصة منها النظام المصري والأردني والسوري.
ثم جاءت انطلاقة فتح بالكفاح المسلح سنة 1965 وسط صراع محتدم في صفوف الحركة القومية بين الناصريين والبعثيين هذا الصراع الذي تواصل إلى هزيمة حزيران1967 وفى ظل غياب البديل وإثر هزيمة البرجوازية الوطنية تدعّمت صفوف فتح بعشرات الآلاف بعد أن كانت معتمدة أساسا على أوساط الإخوان المسلمين ووجدت قيادة المنظمة أن برنامجها مختلف عن برنامج الأنظمة التي أوجدتها فبرنامج المنظمة برنامج تحرير حسب الميثاق وبرنامج الأنظمة بما في ذلك الجمهورية العربية المتحدة برنامج إزالة آثار العدوان وتنفيذ مضمون القرار 242. وما لبثت الأنظمة أن سلمت فتح قيادة المنظمة سنة 1969 وانتقلت القيادة من يحيى حمودة إلى ياسر عرفات ولئن طبل البعض إلى التحول الثوري فإن الأمور كانت تسير على عكس ذلك.
فقد وافق عبد الناصر في تموز جويلية 1970 على مشروع روجرز. في 17 أيلول بدأت المعارك في الأردن وقبل انتهائها بدأنا نسمع أحاديث عن الدولة الفلسطينية في عمان وفى داخل فتح نفسها وأخيرا جاءت حرب تشرين أكتوبر 1973 لتفتح الباب واسعا امام عجلات الاستسلام. لقد دلت الأحداث إذن على عجز القيادات الوطنية التي ولى عهدها من جهة وعلى محدودية برامجها من جهة أخرى ورغم الفشل الذي شهدته البرجوازية الوطنية وبالرغم من حدوث تراكمات إيجابية واستخلاص الدروس فإن القيادات الوطنية لم تعمل على تطوير برامجها ولا يمكن لها أن تفعل ذلك كما أنها متمسكة بنفس الأساليب السابقة ولذلك لم تتمكن فتح الانتفاضة مثلا من تجاوز ما سمي بأزمة منظمة تحرير فلسطين ولا يمكن لها أن تبرز كبديل بل استغلت قيادة منظمة تحرير فلسطين هذه الخلافات لتدعم نفوذها وتفرض المزيد من الاستسلام.
وعوض فهم نواقص هذه الجبهات على مستوى البرامج والأساليب وطرح البديل الوطني الديمقراطي وحرب الشعب من أجل إنقاذ الجماهير من النكسات فقد راح التيار التصفوي يؤله جبهة الإنقاذ ويعتبرها البديل الوحيد القادر على إنقاذ م. ت. ف. والتصدي للاستسلام متناسيا ارتباطها ببعض الأنظمة العربية كما اعتمد هذا التيار "القومجي "المتمركس على أهمية المسألة القومية في المستعمرات وأشباهها لإحياء الطرح البرجوازي من جهة ولطمس البديل الماركسي-اللينيني من جهة أخرى ويعمل في الآن نفسه على طبع البديل الماركسي-اللينيني بطابع يميني يضمنه محتويات بعثية شكلا ومضمونا.
إن الموقف الشيوعي واضح من الفكر القومي ومن تعبيرات البرجوازية الوطنية .إنه يدعم الحركات الوطنية طالما تقف إلى جانب الشعب في نضاله ضد الإمبريالية وعملائها وعلينا بوصفنا شيوعيين أن نؤيد الحركات التحررية البرجوازية في المستعمرات في الحالات التي تكون فيها هذه الحركات ثورية حقا وفى الحالات التي لا يعارض فيها ممثلو هذه الحركات تربية وتنظيم جماهير الفلاحين والجماهير الغفيرة من المستثمَرين تربية ثورية وتنظيما ثوريا ..( ص 168 لينين ،تقرير اللجنة المختصة بالمسألة القومية ).إن التحالف مع الحركات الوطنية المطروح إنجازه هو تحالف مبني على أساس تحالف العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية بقيادة حزب الطبقة العاملة فلا مجال إذن للتنازل عن قيادة الجبهة الوطنية الديمقراطية المزمع بناؤها من خلال خوض حرب الشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس


.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع




.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد


.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي




.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |