الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


.. فَ .. رَ .. أَ .. يْ .. تُ ..

عبد الله خطوري

2023 / 12 / 15
الادب والفن


أخرج الحَلزونُ الهش الساكن في قلبي هامتَه المترددةَ من بين كتفيَّ .. استعانَتْ يُمناي بإحدى سيقان رَتم (ألُوكي) وزحفتِ اليسرى إلى الأعلى جارَّةً وراءَها فرائصي الخائفة .. رميتُ بصري حيث يشير إبهامُه .. فَــ .. رَ .. أَ .. يْ .. تُ .. لم أصدق .. أغمضتُ عينيّ أذْهِبُ عن مداهما ما خِلتُه غشاوةً أو صُورا كاذبةً يرسمُها خيالي المضطرب .. فلم يتغير شيء .. كانت هناك .. بمحاذاتنا على مرمى حجر وسط المقابر (دكاماس نْ إيمطلان) .. نظرتُ إلى صاحبي .. نظر إلي يحك رأسَه مؤمنا على واقعية ما يُـرَى .. وصمتنا تاركِين المشهد يفعل فعله في رؤوسنا وقلوبنا .. وتوغلنا أكثر في رُؤانا ناسينَ الهواجس كلها مصدقين _ ربما _ أننا لم نعد نُرى حتى من طرف تلك الظواهر العجيبة التي لا تشبه ما عهدناه من مخلوقات الحيوان ومسوخات البشر .. كانت صورا شفافة تتحرك بسلاسة في المكان، كُتل من نور تعلو تهبط تتخلل شُجيرات البلوط الأدهم بسرعة غير عادية تطير كخفافيش برعونة شفيفة تخالها ستصطدم ببعضها أو بالأرض أو بجذوع الشجر .. لا آصطدام .. كل عنصر يسبح في فضاه كيف يشاء أو يتحرك فيما يشبه خببًا فُوَيْقَ الرموس، وكثير منها يدخل يخرج بآنسيابة وطلاقة بين تجاويف وثنايا ومسام التُّـرَب .. نعم .. تخترق لحود وحصوات وخشاش وأتربة الأرض، بل إن جُسيمات بعضها بدَتْ ضئيلة مقارنة مع غيرها، فخفتُ في سريرتي .. لا بد انها أرواح موتى البلدة الصغيرة والكبيرة تكشف عن نفسها في فضائها الأزلي الأخير .. لقد سمعتُ الكثير من الحكايااات يقسم رُواتها بالأيمان المغلظة على أن ما يقع في القرية في المقابر وقيعان الأودية ومجامع المياه والخرابات و ... يفوق كل تصور أو خيال، أغلبها لا يُرفع عنه الحجاب لتظل مستورة في عوالمها الخاصة .. وهـااا أنذا أعاينُ ما لن يصدقه أحدٌ إذا هممتُ يوما لروايته ....

_نِيتْينِي نِيتْني ولَّغَاسْ نيتني . والله هُم إنهم هُم ...
_ماكْمَاس ؟ شْكُون .. مَايَنْ تِينيتْ شكوون ؟؟؟ / مَنْ هُمْ .. ماذا تقصد ماذا تقول ؟؟

_هوما هوووما .. السلاما السلاما يا مولاناااا ...

_شكون هومااا؟؟؟

كنا نتناجى نتهامس نتلصص نخلس لحظات بحجم الجبال في ثقلها ووقعها على النفوس .. فكرت في الهرب، لكن شيئا ما كالسر كاللغز الخفي كالدم الساري في العروق كَبلني بطوق ثقيل لذيذ .. أحسست بسكينة وغبطة غير عاديتين تشبه خدر الوسن .. وإذا بآلمقابر كلها دُرَرٌ ولآلئُ لُمَّعٌ تفتح أبوابها لمن يروم الدخول والخروج .. سياااان .. وإذا بالقمر يبزغ أحمر أصفر أرجوانيا مشرقا ريانا يدنو يقترب يلوح واضحا جليا قريبا جدا من الأفق الأخضر المُحَلّـى بذبذبات مشعة تنزل من السماء بهدوء وفتور .. لكن، أين كان هذا القمر العملاق قبل هذا الوقت ؟ لِمَ آحتجابه مادام جُرْمه بمثل هذه الضخامة وهذا القرب في مداره على الأرض ؟ ما عدتُ أفهم شيئا .. ما عدت أدرك ما يقع ... وظللت مدثرا بهذا البهاء المنور في مخبئي في حُفْرتي بهيئة جنين تلامس صدره ركبتاه مستسلما للصور تريني أشياءها السحرية الرائقة .. كانوا ينزلون يصعدون يتسللون يتحركون يعلنون حضورهم مثل لآلئ النجوم (آمْ إيترانْ) نراهم ولا نُرَى .. غدونا مثلهم لا يُكشَفُ سرنا .. صرنا أرواحا طافية شفافة يصفو وَجيبُ بدنها يغدو خفيفا كثيفا يسوح يطير .. وإذا بمرافقي يمسك ما يشبه تلابيبي يهمس في عينيَّ .. حان الوقت .. انهضِ الآن .. إنهم ينتظرون .. سنلحق بهم .. ماذا .. ؟؟ .. قلت مستغربا .. ستعرف كل شيء الآن هيا آنهضْ .. وأمام توجسي المتردد أنهضني وجعل يجر بدنا عاريا اكتشفتُ دون مقدمات أنه بدني .. لَمْ أسألْ لَمْ أستفسرْ .. استسلمتُ .. اِبتعدَ الخوف .. تراجع الترقب الأهوكُ وآنحسرتِ الوساوس العمياء وإذا بي منتشيا .. أبصرُ أبصرُ أبصـــــرُ ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع