الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من السير والتراجم إلى الفضائح والتعرية

أشرف توفيق

2023 / 12 / 16
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


- الفضيحة هي (الصرف الصحي) للعلاقات الإنسانية!
- معظم الناس يجدون متعة في الفضائح، والباقون يصدقونها!
- لماذا يا سادة ؟!
- الفضيحة: تطير .. والحقيقة: تزحف؟!
- أمتع ما في الفضيحة هو الجزء الذي لم ينشر!!
(أنيس منصور)
















ليس في مصر وحدها، ولكن في الوطن العربي، والعالم الخارجي والدول المتقدمة والدول النامية. هذا الاهتمام والعناية والانشغال بالمشاهير وفضائحهم ونقائصهم وغرف نومهم. إذن الانشغال ليس بالمشهور وحده،
ولكن بالمشهور الظاهر، الواضح، المفضوح، فكل الأميرات شهيرات، ولكن الناس تهتم بالأميرة التي فضحت جسدها. فإذا عادت واستترت كأنها أصبحت امرأة عادية، سحب الناس منها اللقب!!
حدث هذا مع الأميرة (آن) أخت الأمير تشارلز الملك المنتظر لإنجلترا الآن؛ فحينما عشقت غير زوجها – وهو بالمناسبة حارسها - الضابط الذي يطلق عليه (بودي جارد) أي الحارس الخاص أو أول من يتلقى الرصاصة بالنيابة عنها تفجرت (إنجلترا)، وكان طلاقها من زوجها وزواجها بعشيقها هو أول طلاق يفتت الملكية الإنجليزية، ولكن سرعان ما نسى الناس (آن) حينما اعتدلت وخلعت المايوه وأصبحت تلبس التايير الطويل وتقول عبارة رددتها من قبل مارجريت تاتشر: "أنا لا أحترم المرأة وهي ترتدي البنطلون!!" وتكرر نفس الشيء مع ديانا ولكنها لا تزال مصرة على المايوه!!
وشيء غريب آخر أن يكتب عن كيندي سبعة وسبعين كتاباً ليس أحدها من الكتب السياسية المتخصصة، مع أنه من أهم رؤساء أمريكا، ولكن هذه الكتب تقول عنه: شباب وجمال وفلوس وعلاقات غرامية وفضائح، وأكبر فضائحه الجميلة الذي يحسده عليها الجميع (مارلين مونرو) أجمل من خلق الله وأكثر النساء براءة وطفولة وخلاعة في التمثيل، وعرفت الدنيا هذه العلاقة وعرفت سفالة الرئيس كيندي الذي تخلى عنها لأخيه!! ولكن لم يعرف أحد كيف كان كيندي يقود أمريكا وهو يعاني من الانزلاق الغضروفي ومن آلام مزمنة شبه يومية في كتفه ومن ثلاث حقن كورتيزون كان يأخذها ومن أربعة نساء على الأقل كان يقابلهن أو يتصل بهن.. كل ذلك يومياً!!
ومنذ 40 سنة حدث هذا الحوار وسجله الكاتب والأديب الكبير عباس محمود العقاد في مقدمة أحد عبقرياته "عبقرية أبو بكر". كيف نكتب عن العظيم؟! ما الذي نظهره وما الذي نخفيه؟! هل نؤلهه فلا ندخل غرفة نومه أم نؤنسنه فنتعامل معه كبشر يخطئ ويصيب ويمد يده ويخلع بنطلونه؟!
كان العقاد يرى أنه لا يكتب إلا عن عبقرية العبقري، نبوغه، علمه، ويكفيه أن يجد مفتاحاً لشخصيته يحلل منه وبه هذه العبقرية، أما الكاتب والعالم (أحمد زكي) فإنه عارضه وقال له أن من خلال هذا المنهج يبرر أخطاء العبقري ويعلل هفواته ويجد له العذر، فإذا كانت الشعوب أسقطت حق الملوك الإلهي فلا يجب أن نعطي هذا الحق للعباقرة تحت مقولة نشر الأخلاق والعظة والشيء المفيد للناس.
أما طه حسين فقد قال لأنيس منصور، والحوار مسجل في التليفزيون المصري وكان لقاء بين كافة الاتجاهات الثقافية في مصر، هل ففهمت عبقرية عمر؟! وقال أنيس: نعم، فقال طه حسين: أنا لم أفهمها؟!.
أما الذي لم يظهره التليفزيون أن طه حسين قال: إذا كان المسيح تؤمن الكنيسة بأن له ناسوت ولاهوت (أي عنصر بشري وعنصري إلهي) فإن العقاد لا يعرف في عمر إلا لاهوته.. أي جانب الإلهام والقدرات الخاصة.
ولكن العقاد نفسه عاد عن طريقته حينما هاج وماج في الصحافة على زواج مصطفى النحاس باشا من السيدة زينب الوكيل، واندهش الناس من تدخل العقاد فيما لا يعنيه، ولكن العقاد أعلن أنه كمواطن يعنيه جداً هذا الأمر، فكل ما يتعلق برئيس الوزراء يعني جميع المواطنين؛ لأنهم يريدون أن يطمئنوا على سلامة حكم وأحكام الرجل الذي يحكمهم، فإذا تزوج النحاس باشا فتاة صغيرة جميلة فإنها هي التي سوف تحكمه!! وإذا بمفتاح عبقرية النحاس يفتح به العقاد غرفة نومه.
ولذلك يجب أن يعترض الناس جميعاً على أن تحكمهم فتاة صغيرة، وليس رئيس الوزراء، وقالوا له: لماذا لم تعترض على فاروق وفي القصر وصيفتان بلا أميرات: ناهد رشاد وزوجة كريم ثابت، فأجاب: من قال هذا حينما اعترض على رئيس الوزراء فعلى الملك أن يستشف الأمور!!
ودخلت عبارة في مجال الكتابة عن المشاهير: الشخصية العامة والشخصية العادية، فالشخصية العامة ملك الناس، حياتها الخاصة يجوز الخوض فيها، الاعتراض عليها لأن ذلك يؤثر مباشرة على الناس أن يحكمهم!! وهو مثلهم وقدوتهم.
(ومما يلفت النظر، أن عام 1967 وحده، شهد في إنجلترا صدور قانون يبيح الإجهاض، وآخر يرفع التجريم عن العلاقة الجنسية بين رجلين بالغين طالما تتم باتفاقهما، وفي نفس الوقت ألغت الولايات المتحدة القوانين التي تحرم البورنوجرافيا، وتعاقب على نشر الكتب والمجلات والأفلام التي تتناول الجنس والفضائح بصورة مباشرة وصريحة).
وفي مصر حكم لمحكمة شهير، فقد رفعت مطربة (ن. ص) قضية على مصطفى أمين بعد أن كتب عنها مقالا في (أخبار اليوم) وقت أن كان يكتب مسلسل (شخصيات لا تنسى) وقالت في دعواها أنه قد سبها وقذفها واتهمها بما ليس فيها وكتب ذلك، ورسم صورتها، لقد فضحها!!
وقال محامي (مصطفى أمين): أنه لا يمكن معرفة الشخص بالوصف طالما أنه لم يصرح بالاسم أما الرسم فيمكن أن يتشابه، وعلى الرغم من عدم تصريح موكلي باسمها، فما حكم المحكمة إذا كانت كل الوقائع صحيحة وتعرفها كل مصر!! وبدأت الوقائع تتوالى.. فهل فضحت الصحافة: ماجدة الخطيب أو الأميرة ديانا أو فرانسوا سجان حينما سجلت محاضر الضبط والوقائع ورقم القضية؟
كيف تكون الكلمة فضيحة إذا كانت كل الوقائع صحيحة؟! وفي عصر ثورة المعلومات!!
لماذا يريد الحكماء والملوك والرؤساء أن يعرفوا كل شيء عن مواطنيهم: الاسم ومحل الميلاد، ونوع الاعتقاد والتنظيم وعدد الزوجات، وعدد مرات تناول الشاي، وعدد الكتب في عقولهم ولا يكون لرجل الشارع نفس الحق، ما بيننا جميعاً أن تكون الوقائع صحيحة؟!
ولكن ما الذي يحدث إذا كانت الوقائع صحيحة والتفسير ليس صحيحاً!! ففي الانتخابات الأمريكية السابقة تعجب الأمريكيون من المرشح الديمقراطي بل كلينتون، فقد ظهرت زوجته معه المحامية هيلاري التي لم تشأ أن تغير اسمها وتتخذ اسم زوجها كما هي العادة في الغرب لتصبح "مسز كلينتون" أبقت على اسمها، واسم أبيها واشترطت ذلك. وفي الوقت الذي فسر البعض ذلك بأن كلينتون رجل دلدول لم يفلح أن يجعل زوجته تمشي خلفه وتعطيه اسمها فكيف يستطيع أن يجعل أمريكا تمشي خلفه وتعطيه أصواتها؟!
فسر ذلك بالسلوك الديمقراطي (الجنتلمان) ونصر جديد من انتصارات المرأة، وسقط كلينتون في هذه الانتخابات!! وفي الانتخابات التي جاءت بكلينتون رئيساً لأمريكا وأثناء حملته الانتخابية تقدم موظف وأدعى أن هذا المرشح على علاقة بخمس من النساء، إحداهن مطربة كباريه، ورفضت المحكمة الدعوى، ولكن الشعب الأمريكي شعر بأن كلينتون ليس رجلاً وفقط بل أنه (رجل ونص) (ابن الإيه): خمسة غير هذه الزوجة الجميلة، وظهرت له امرأة أدعت أنها عشيقته "مطربة كباريه" ووقفت زوجته تدافع عنه مثقفة ذكية واحدة من أكبر مائة محام في أمريكا، واعترفت الزوجة بأن حياتها كانت صعبة ولكنها رأت أن تواجه جميع المشاكل معه، وشعر الأمريكيون بأنه يسيطر على زوجته، ونجح كلينتون، وليس بعيداً أن تكون كل القضايا الجنسية ضده في هذه الفترة من قبيل الدعاية الانتخابية!!
إذن الكتابة في هذا الموضوع ليست سقطة ولا سفالة ولا نذالة ولا نشر غسيل قذر ولا أقل أو أكبر من أنواع أخرى من الكتابة، إنها ليست جنس أو إتجار بالأعراض، إنها نوع من أنواع: الديمقراطية السياسية، البوح العام، الفضفضة الشعبية، التنفيس.
وإذا كان المثل يقول "تجوع الحرة ولا تتاجر بثدييها" وهي عبارة جنسية فجة لها معنى أخلاقي، فإن التعرض لفضائح المشاهير بشكل من الأشكال له معنى أخلاقي أيضاً.
ولقد سئلت الكاتبة "كيتي كيلي" المتخصصة في مجال الكتابة عن فضائح المشاهير ولها أكثر من كتاب حقق أرباحاً ومبيعات خيالية منها "فرانك سيناترا – حياته" و"نانسي ريجان.. فضيحة في البيت الأبيض" لماذا تكتب هذا النوع؟! فقالت: "الناس تريد ذلك، وأنا أحقق لهم ما يريدون؟! لقد انتهى عصر السير والتراجم وصرنا أمام بشر لا تجد في حياتهم إلا الفضائح والعري".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -