الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واثقيات 28 ( نتوءات على وجه الحب للأديب واثق الجلبي )

واثق الجلبي

2023 / 12 / 16
الادب والفن


قراءة / جبو بهنام بابا
الشعر لغة الجمال الذي منه تتنفس الأحياء، ولولاه لكانت الحياة شبه قاحلة من الكلمة الجميلة التي تدخل في الموسيقى، فالشعر نسيج من كلمات المعنى، حيث يقول الجاحظ ( إن الشعر صناعة وضرب من النسج وجنس من التصوير ) ألا يمكن القول إنه نوع من التطريز في لوحة ؟ من جماليته وتكوينه اللغوي المرئي للقارئ ، ولكن قد يكون مدغماً في تصويره، نتيجة خيال الشاعر، وتصويره للحدث بأدق التفاصيل. يقول الشاعر ( كنتوء في قلبٍ مهجور وأصابع لا تعرفُ إلا / أن تبكي حبرا في ورقٍ وتنامُ على زهر الدفلى ). الشعر لغة جميلة تسكب في القلوب خمرة النشوة، نشوة التكوين الذاتي لمعرفة تفاصيل حالة من حالات الفرح أو الحزن أو الرثاء او الهجاء و المدح وكل حالات الحياة. وكان الحب والحرب صنوان يغازلان الشاعر ليكون سيد القبيلة وراعيها والمتحدث باسمها، ليضيف النصر والنجاح في حالت عدة. وهنا الشاعر غارق في أحلامه الثكلى مثل رُبان ضاع مقودَ السفينة من بين دفّة يديه حتى كادت لتغرق. (في غيبِ الملكوتِ سكونٌ ومعازفُ في كفٍ تبلى/ وسفينة عُمري كبحارٍ غرقتْ في حانتها الثملى/ جاءتني والتحفتْ صدري نامتْ بشقاوتها عَجلى ). الشاعر ينتابه الأسى في حالة الوصال ولكن هو الشهد يلوح في رضاب شفاه باعدت تفكيري الأحلى، إنها لغة الإقتراب ترسم إشعاعات الحرارة في جسد حرون، إنها لحظة ترسم في تفكيره، لم يفترق ويبقى كأغصان الشجر في تماسك يحجب عنه الكون رؤاه ، فلا مكان للوصل بينه وبين من يحب ولا الجفاء يستدلي لينال من حبنا الوجدي ، ولم يبق إلاّ التأوّد وإراحة النفس بأمان وسلام وصدق. (هل تصدُق في وصلكَ قلبي وتنالُ من الشهدِ الأحلى/ جاوبتُ غرائزها جمعاً وحرارة جسدينا خجلى / ذهبَ التفكيرُ وقال لنا لم يدعِ الوصلُ لكم عقلا). ولكن رغم الصعاب يحلو الوقت وتحلى الأيام، فتمسي ناعمة مثل ندى الصباح وضباب المساء المبين، ويبقى الأمر سهلاً والهجر بعيد بأجنحته التي غادرته الى غيمة بعيدة ، يجريان مثل طفلين ، في سخاء الحب ، ولكن لن يبخلا ، فالحب طريق الكرماء، وفي الأغواء يقيم إحتفالاً ويفترش الغيوم ورداً تزهر كأطفال المحلة ، يدنون لبعض ، يسامران الحياة بحب في لا ينتهي. ( فصعوبتُها تحلو حتى أمستْ كنعومتهِا سهلا / أزدادُ سخاءً في حبٍ فيزيدُ الأمر بها بُخلا / فأقمنا الدنيا في يومٍ صار الإغواءُ لهُ حفلا/ قلتُ افترشيني غيمتك قالتْ أدنو مني طفلا ). أبدع الشاعر بالوصف، والوصف كان منذ عهد العباسي وما قبله فكان الوصف لحانات وغانيات يملأ كل مجالس الأنس ، يصفون الحياة وملذاتها ويصفون الخمر والعشق والحب، والمتصوّفة يصفون حياة النسك والتصوّف والاقتراب من الباري عزّ وجل، وهناك الكثير من الشواهد في كتابات الشعراء، يترجم الشاعر تلك النعومة كأنه كحل في ثناياها، وكأنّه يطوف في أركان حب هائم وقلب خاشع مثل طفل المهد، كأنه ذاك الغارق يستنجد بقشة لعلّ هذه القشة تنقذه، من تفكيره المتثكّل ، ولكن يبدو ذاك الواهي الغارق في حب إمرأة ، بطعم الشهد وطعم الورد الطازج المتفتح للتوّ ذو الرائحة العطرية الجميلة ، ذو العبير الذي رائحته تفوح في أرجاء الكون، إنه لو تركها تكون كذاك القتيل بسهم عينيه. ( أهلاً بنعومة غانيةٍ وضعتني في نهدٍ كُحلا / طافتْ أركاني هائمة والقلبُ خشوعا قد صلى/ كلهاث الغارق أنجدُها وتحارُ بساقيها الثكلى / بلسانِ الشهدِ وطعمِ الورد أنثاي الطازجة الأحلى/ أرفعُها فتزيدُ خوارا أتركها فننامُ كقتلى ) لقد حفلت القصيدة بالصور الشعرية المشهدية، وبأيقونة بصرية تزاحم فيها الحب واللقيا، من خلال التناص الذي تخلل القصيدة. ما يبغي صبغة كونية متحررة في غموض قصي واستدراج عاطفي وذاتي زاد جمالية القصيدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مباشر.. أسئلة لازم تراجعها قبل امتحان اللغة العربية غدًا.. أ


.. جامعة كاليفورنيا في ديفيس تفتتح أول مركز أكاديمي لأبحاث وفنو




.. تفاصيل جديدة في واقعة مشاجرة إمام عاشور بالشيخ زايد..«مراته


.. فوق السلطة 394 - اتّهام جدّي لمعظم الفنانات بالعمل بالدعارة




.. ادعوا لطلاب الثانوية العامة بالتوفيق.. آخر الاستعدادات لامتح