الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذاكرة

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2023 / 12 / 16
الادب والفن


يفتح الباب ويدخل وهو ما يزال يفكر في المطلق والنسبي والنهائي واللانهائي والكائن واللاكائن
جدار ابيض لامع يواجهني
ها هو مرة أخرى يواجهني ويعكس الضوء الخفيف الذي يضيء الغرفة
وتمنى لو ينشق هذا الجدار للحظات حتى يتمكن من رؤية الليل والسماء السوداء والأشجار والأضواء البعيدة والحديقة الصغيرة المغروسة وسط المباني العالية الممقعد الاسمنتي البارد والمكسور الحواشي في ركن الحديقة حيث تجلس كل مساء تلك العجوز تنظر إلى الاطفال يلعبون وتطعم الحمام ببقايا الخبز اليابس وتحلم بحقول القمح واشجار التين والعنب والبرتقال
لو ينشق هذا الجدار للحظات لأرى النجوم والسحب المتحركة بصمت وسط الظلمة الحالكة
ولكن في هذه البقعة من العالم الجدران لا تنشق ولا تتشقق
إنها مستقرة
صلبة
عنيدة
لاتكف عن محاصرة البشر مثل الجرذان
هنا مملكة الجرذان
من كل جانب وفي كل مكان في كل مكان جدران وجدران وأسوار وأسوار وبوابات وأقفال
الجدار الآخر على هناك دائما جدار آخر
يتمنى أن يزداد الجدار الأخر سمكا ليعزله عن ضجيج الغرفة المجاورة حيث مزيج من الموسيقى الشعبية وصراخ مجموعة من البشر وهم يلعبون الورق ويشربون الشاي حتى ساعة متأخرة من الليل
ويتشقق رأسي بدلا من الجدار
تظهر في ذاكرتي صور وكلمات ومواقف
بشر يجلسون ويتحركون ويتكلمون ويصرخون ويتظاهرون في أماكن مختلفة
ربما كنت بينهم وربما لم أكن
بالتأكيد كان بينهم
صوت ما يسأله عن موقع مربطه الجغرافي في العالم
فألتفت إليها قائلا دون تفكير أفريقيا أفريقيا هل تعرفين أفريقيا
ورأيت الأفق فجأة ملونا بلون برتقالي اخآذ كانه حلم ( … ) ثم ينشر أمامه على الطاولة خارطة شمال افريقيا ( … ) قطرات من الحبر تسيل على بقية المناطق المجاورة ( … ) الحبر كان ذات لون أحمر غامق ( … ) ربما لم يكن حبرا ( … ) وربما غمس أصبعه في الدم ليريها موقع مسقط رأسه على الخارطة ( … ) مسقط الرأس مسقط الرأس مسقط الرأس مسقط الرأس مسقط الرأس مسقط الرأس مسقط الرأس مسقط الرأس مسقط الرأس مسقط الرأس ( … ) مسقط الرأس مسقط الرأس مسقط الرأس ( … ) مسقطالرأسمسقطالرأسمسقطالرأسمسقطالرأسمسقطالرأسمسقطالرأسمسقطالرأسمسقطالرأس( … ) مسقطالرأسمسقطالرأسمسقطالرأسمسقطالرأسمسقطالرأسمسقطالرأسمسقطالرأسمسقطالرأس ( … ) أود الذهاب إلى شمال أفريقيا لدراسة هندسة المسارح القديمة وزيارة كل المسارح الرومانية واليونانية هناك عند مسقط الرأس ( … ) تختفي الصورة فجأة ( … ) تختفي صورتك وتختفي الإبتسامة ورائحة العطر والكلمات الرقيقة تشبه الهمس ( … ) ويتراءى لي بركان ثائر وسط البحر ( … ) نفس اللون البرتقالي الاخآذ يختلط بامواج البحر الهادرة ( … ) وغرقت أطلانطيس ( … ) أحترقت ( … ) وبعد لحظات أكتشف انه هناك مصباح زيتي عتيق يضيء ( … ) مجرد مصباح ( … ) وينطبق الجدار فجأة ( … ) فجأة كالعادة ( … ) وتظل صورة المصباح تتأرجح للحظات على الجدار الأبيض مصباح زيتي عتيق وربما بركان أو حريق ( … ) وتتسائل وهي تجري وتجري وتجري ملتفتة إلى الوراء من حين لآخر كيف يمكنني أن اهرب من هذا الصوت الذي يلاحقني ( … ) صوت الريح وهي تصفر في الخارج تذكرني بكل المخاوف ( … ) صوت البركان والرعد والعاصفة ( … ) صوت الخطوات الثقيلة ( … ) صوت اللهات ( … )صوت سيارة الجيش في الشارع صوت الشرطي والجندي والعسكري وموظف الجمارك ( … ) كل هؤلاء الرجال الذين يصرخون ويجرون ورائي ( … ) صوت دماغي وهو يتشقق لحظات الخوف المطلق وصوت عظامي وهي تتثاءب في لحظات السأم وأصوات أخرى تنهش ذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذ ذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاذاكرتي ( ... )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته