الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأسي في الدّلو

أسماء غريب

2023 / 12 / 17
الادب والفن


(1)
أنا أنثى برزخيّة
وَلِي فِي كلّ ليلةٍ حكاية
أَشِمُها بِسَيْفي ودموعي
فوق هذا الجسد النّورانيّ
الصّغير الكبير.
(2)
ربّما لا تعرفُ
أنّني خُضتُ الحروبَ كلَّهَا
ومازلتُ لليومِ أُقَاتِلُ
رأسي كلّه رضوض وكسور
ووجهِي خريطة من الكدماتِ والجراح الثّخينة
أنا جنديّةٌ زينبيّة أمشي مترنّحةً
من شدّة السُّكر في الحانة الملكيَّة
ومازالَ يصيبُني الدُّوار العنيف.
(3)
ربّما لا تعرفُ
أنّ السّماءَ هناكَ نارٌ ودخانٌ
وأنّ جُرحَ الإله الذّبيح غائرٌ وفائرٌ بالدّماء
وأنا، ماذا فعلتُ أنا؟
(4)
قدّمتُ لهُ رأسي
ولمْ يكُنْ ذلك كافياً
قدّمتُ لهُ قلبي ثمّ روحي
ولم يكن ذلكَ كافياً
ومازلتُ أُقَدِّمُ وأقدّمُ؛
أنزلُ إلى ساحاتِ الوغى،
أكفّنُ الموتى،
أُطَبِّبُ الجرحى،
وأُشْعِلُ البخورَ
وأُكَفْكِفُ دمعَ الإله
ولا شيء يكفي.
(5)
قل لي أنتَ:
لماذا يأتي العِشقُ في الزّمن الخطأ؟
بل قُل لي: ما الّذي تعرفهُ نساءُ التّرابِ والطّينِ
عن حروب البرازخ الكبرى؟
لا شيء.
(6)
إنهنّ مُلتهياتٍ في ثرثراتهنّ الرّخيصة
وأطباقهنّ الحامضة
والجنود هناكَ في السّماء يُقاتلون
ويُذبَحون من الوريد إلى الوريد
وأنتَ وأنا: ننتَظرُ الموتَ
عشقاً يأتينا
بل نوراً يتوهّجُ في آخر النّفق
كي نخرجَ إلى رَحْبَةِ البدر الملكيّ
هناك حيثُ الحفلة التنَكّريّةُ الرّاقصةُ
في القصر المهيب.
(7)
قل لي إذن:
هل حقّاً يأتي العشقُ في التّوقيت الخطأ؟
الأرضُ حربٌ والسماءُ حربٌ
وقلبي وقلبكَ نجمتان رُسِمَتا اللّيلةَ
فوق جبين الحبيب!
( 8 )
أنا كائنٌ مُجنّحٌ برتبة قائدٍ عسكريٍّ مُحارب
جيوشي عتيدة
ولا وقت لديَّ للَّعب معَ رُضَّعِ الجنان
المحجوبين بالنّعيم،
تارة تفوح منهم رائحة الحليب والعسل
وتارات أخرى رائحة اللّبن والخمرة
ألم أقل لكَ إنّهم رُضَّع؟!
ربّما لا تعرفُ أنّني أقيمُ مع اللهِ في الجحيم
وأنّ الأرضَ الّتي تسكُنُها
هي هذه الجحيم المستعرةُ بالحروب.
(9)
هل رأيتَ النّارَ؟
هل رَوَّضْتَ ألْسِنَتَهَا الزُّرق والحُمْر؟
تعالَ، مُدَّ يدَكَ لِنَطِرْ إلى سَقَر التي لا تُبقي ولا تذَرْ
إنّها في باطن المدينة التي تُقيمُ فيها،
تعالَ، لنغُصْ في حميمها وقَارها.
(10)
لا تقُلْ لي ألّا قُدرة لديكَ على تحمّلِ العذاب
فالبكاءُ والعويلُ في كلّ مكان
والدّموع أنهار تنبع من قلب السّماء
والنّيل بحرٌ من الدّماء
والفرات كذلكَ.
تعالَ مُدَّ يدَكَ
فكلّ الحكايات بدَأَت بكلامِ نبيٍّ مع شجرة النّار
والنّار بقرةٌ ملَكيّةٌ
حريٌّ بكَ أنْ تَمْتَطي معي صهوتَهَا
لتَرْفَعَكَ إلى الأعْلى أكثَرَ فأكثَر.
(11)
النّارُ تحيا في قلبكَ وفي السّماء
فلا تخشاها
تارات تعلو فتتألّقُ في الفردوس
وتارات تهبط فتَسْتَعِرُ في الجحيم
كامنة فيكَ كالحقد والانتقام.
(12)
بيضاء كالخير وسوداء كالشّرّ
عذوبة وعذاب
مختبرٌ للبدايات الكبرى
ورؤيا صريحة للقيامات الكبرى
إنّها أنا؛ نارُكَ الّتي تناديكَ.
قل لي إذن: لماذا يأتي العشقُ في التّوقيت الخطأ؟!
تَعِبْتُ يا صاحبي من العُرفاء
الّذين يُبَشّرون بالجنّة
وهُم لا يعلمون شيئاً عن الجحيم
ومللتُ من أحاديثهم الرّكيكة عن النّور والحور العين.
(13)
ربّما أنتَ لا تعرفُ
أنّني ابنة النّيران الإلهيّة الأولى؛
ابنة الشّمعة والقنديل
وابنة اللّيالي البِيض،
لا أنامُ ولا أغفو.
(14)
ورأسي حليقة وعيني البرزخيّة كحيلة
وفوق وجهي تتحرّكُ أوشامٌ نبويّة
هي خرائطُ كُنوزٍ مَلَكيَّة
والعدوُّ قرصان يركُضُ خلف الأيائلِ والصقور
وأنا أيّلٌ وصقر وأسد، حمامةٌ وغراب
وعنكبوت تنسجُ بيتها في الأقبية الملكيّة العتيقة
وأنتَ مَنْ أنتَ؟
أيّها الواقف متردّداً أمام النّار
اطرق الباب يُفتَح
وأسأل تُعْطَ.
(15)
نعم، اسألني أخبركَ كيف تنزلُ وتصعدُ
لكن قبل هذا عليكَ أن تلبسَ رداء الموتِ:
اخلع كلّ شيءٍ يا صاحبي واتركِ الكلامَ والشِّعْرَ الّذي تحبّه
واقرأ التّعويذات التي لقّنتُها لكَ
سيصعد الموتى معكَ إلى الأعلى وستبدأ الحروب الكبيرة
فهل أنتَ مستعدٌّ لها أيّها الدّرويش الكفيف؟!
(16)
ربّما أنتَ لا تعلمُ أنّني فقدتُ كلّ شيءٍ
في معاركي العظيمة
وأَسَرَنِي العدوُّ لأكثر من مرّةٍ
ونفاني إلى أكثر من أرضٍ
آخرها كانت في جبل البركان
كتفي لليوم تؤلمني ورأسي جريح
وما بحتُ أبداً بالسرّ يا صاحبي:
سرّ التاج الشّوكيّ والعمامة السوداء
وسرّ الطّفل الرّضيع، وابن الملكة صقيل
قل لي يا صاحبي: لماذا يأتي العشقُ في التّوقيت الخطأ؟!
(17)
تعالَ وأخبرني: هل للنّور ثِقْل؟
كلّ ما أعرفهُ، أنّي بتُّ أترنّحُ كلّما مشيتُ في الطّريق،
ربّما ظنّني النّاسُ ثملةً من شدّة السُّكر.
وحدي أعرفُ سرّي:
قرصُ النّور حول وجهي
أصبح كبيراً وثقيلاً
وبالليل كلّما وضعتُ رأسي
فوق وسادة السرّ
تزلزلتِ الأرضُ تحت جسدي
ودارت بيَ الأمكنة.
(18)
هل للنّور وزن أيّها الدّرويش؟!
أجبني فأنا مازلتُ لليومِ أتذكّرُ
قُبلتَكَ الخطيرة لي في الحديقة
تحت فيء الشّجرة السرّيّة؛
قُبلةَ نَبيٍّ كانتْ
جاءت بعدها قُبْلةُ وَلِيّ
والوليُّ أكثر جُرأَةً من النبيِّ
وتقاسيمُ النّايِ بين شفتيْكَ
كانتْ شاهدةً على طَعْم السِّحْر بين شفتيَّ:
سِحْر القُبْلة وسِحْر شجرة الدّفلى.
(19)
والدّفلى عصايَ
الّتي بها فرقتُ البحرَ
وعبرتُ إلى دار السّلام.
أيبدأُ الطّريقُ بقُبلةٍ؟!
قُلْ لي أنت أيّها الدّرويشُ الكفيف
فأنا منذُ تلكَ القُبلة
وأنا أشربُ السُمَّ في كلّ شيءٍ
فالسمُّ للعاشقين يا صاحبي
والشّهدُ والخمرةُ
واللّبن والحليب للرُّضَّع الطّامعين.
(20)
وأنت، قل لي مَن أنت،
واطفئ لهيب هذا السّؤال
فلربّما لا تعرفُ أنّني أعرفكَ أكثر ممّا تعرفُ نفسكَ
من ذاكَ الرّكنِ القصيّ في بلاطكَ الملكيّ
تطلّ عليّ:
قوامكَ نحيل وخدُّكَ أسيل وطرفكَ كحيل
ولباسكَ أبيض صقيل ومبسمُكَ هيروغليفيّ.
أنيق أنتَ في كلّ شيء؛
نظرة منكَ وقعتْ عليَّ
فعرفتُ أنّني منكَ وأنتَ مِنّي.
(21)
شاعرٌ أنتَ في كلّ شيء؛
خطوة منكَ نحوي
جَذَبَتْنِي إليكَ أكثر فأكثر،
هل ذابَ كُلّكَ في بعضي؟
ربّما.
لكنّي حينما أقف أمام المرآة
أرى وجهكَ، لا وجهي
هل يمكن هذا؟
ربّما!
قُل لي إذن: لماذا يأتي العشقُ في التّوقيت الخطأ؟!
(22)
أجِبْ واطفئ لهيب هذا السؤال
فقد وضعتُ رأسي في الدّلو
ورأيتُكَ أنتَ وإيزيس الكبرى
رأيتُكَ والماءُ المالحُ سمّاً بين يديْكَ
شربتهُ كاملاً فازددتُ عطشاً.
(23)
نعم، وضعتُ رأسي في الدّلو
ورأيتُ البحرَ عارياً
وسمعتُ الأساطيل تناديني وتقول:
أين درب العشق أيّتها العارفة الأخيرة
ومن سيرسمُ الطريق ويحمل المشعل الكبير؟!
وضعتُ رأسي في الدّلو
ورأيتُ البحرَ ضاحكاً وأنا بين يديْهِ طفلة
أركضُ فوق الموج الهادئ وأقطفُ سنابلَ من زمرّدٍ وماسٍ
أمَامِي أنتَ يا إِمَامي
وحول رأسكَ أرى قرصاً من النّور العظيمِ.
(24)
أرفعُ إليكَ وجهي
يبتسمُ الموجُ
وحينما تلتقي عينيّ بعينيْكَ
يُمزّقُ البرقُ ستارةَ السّماء
ثمّ يُغمى عليّ!
(25)
وضعتُ رأسي في الدّلو
ورأيتُ الدّربَ ضيّقاً جدّاً وأنتَ فيه يا صاحبي
تقود سيّارة سوداء فارهة
وأنا إلى جانبكَ أنظرُ إلى الطّريق
وما إن نغادر الزّقاق بنجاح
دون أن تصاب السيارة بأيّ خدش
تطلب قُبْلَةً في الزّحام وحينما أمتنعُ بدلال وحياء
تخطفها من بين شفتيّ
بينما في المرآة الخلفيّة عينُ الوجود البرزخيّة
تنظُرُ إليكَ وإليّ وأنتَ تُديرُ المِقْوَدَ بيديْكَ
قُل لي إذن: هل حقّاً يأتي العشقُ في التّوقيت الخطأ؟!
(26)
أجب ودعني أنظُر إلى وجهِكَ العجيب يا إِمَامي الدّرويش،
فهذه أوّل مرّة أنتبه فيها إلى صورتكَ الجديدة،
فأنا كنتُ أراكَ كما اخترتَ أنتَ أن تظهرَ لي آنفاً:
وسيماً أنيقاً بعينيْكَ الهيروغليفيّتيْنِ،
طويلاً نحيلاً بحضوركَ المَلكيّ،
لكن ما الّذي حدثَ اللّيلةَ؟
إنّه تطوّر خطير،
أنا الآن أراك كما أنتَ بوجه سِحريٍّ مهيب.
(27)
يتحرّكُ الكون فوق وجنتيْكَ
وتتحرّكُ عيون الأرض كلّها فوق جبينكَ،
إنّكَ وجه يرى بأكثر من عيْنيْن
ويتكلّمُ بأكثر من فَم
وأنا لا أستطيع النّظر إليكَ طويلاً
يصيبني دوار عنيف وتتسارعُ نبضات قلبي
ليس إعجاباً وإنّما من الجلال والرّهبة،
فهل هذا وجهُ الخَلْقِ أم وجه القُدرة يا سيّدي؟
هل هذا وجه الإرادة، أم وجهُ المشيئة؟
دلّني، فوجهكَ اللّيلة حيّرني كثيراً!
وأنتَ تطلُّ عليّ الآن
وتحدّثني بأكثر من لسان فلا أفهَم
وتنظرُ إليّ بأكثر من عينيْن فتزداد حيرتي
متى سأرى جسدكَ إذن؟
هل هو كوجهكَ؟
كثير جدّاً،
ويتحرّكُ العالم كلّه فوق مسامكَ
لا تتأخر فإنّي مازلتُ أنتظرُ الجواب.
(28)
أجبني واطفئ لهيب هذا السؤال
فالإناءُ بينَ يديْكَ مِن طينٍ أبيض
وأنا واقفةٌ أمَامكَ يا إِمَامِيَ
أراهُ ممتلئاً بزيتٍ لونهُ كالمَاء
أنفخُ فوقَهُ فيشتعلُ بالنّور والنّار.
تبتسمُ لي فأصعدُ إلى غرفتكَ البيضاء
أجلسُ إلى يمينكَ فوق بساطكَ الأخضر
وأسمعُكَ تقول:
العشقُ قطرةٌ
منها خُلقتِ الأنهارُ والبِحارُ
واشتعلتِ الأقلامُ والأشجارُ
أبتسمُ لكَ وأقول:
العشقُ نظرةٌ منكَ يا مولاي
حينما صوّبتَها نحوي
ذهلتُ عن نفسي
ونسيتُ مَن أنا
نسيتُ أهلي،
نسيتُ حَرفي
نسيتُ قَلمي
وما بقيَ شيْءٌ سواكَ.
العشقُ أنتَ
نقطةٌ منهُ تكفي
نقطةٌ هي الآنَ بالقربِ من عيْنِيَ اليُسرى؛
فوق خدّي
ثمَّ فوقَ شفتِي العُليا
لا يقرؤها إلّا صاحبُ سِرٍّ وتمكين.
قُلْ لي كيف يُصابُ بمَرضٍ
مَن شربَ نُقطتكَ
بل كيفَ يكفيه بحرُ حرفٍ
أو نهرُ حِبرٍ أو غابةُ ورق؟!
كلّ الكلامِ اختزَنَتْهُ نقطتكَ وكفى
كلُّ الكلام رُشِمَ ورُقِمَ في عشقكَ
وحدكَ أنتَ وكفى
كلّ الكلامِ صمتٌ لا يُشَفِّرُهُ
إلّا صاحبُ عِلم وسُلطان وكفى
قُل لي إذن: هل أرفعُ المزلاجَ
فالطّارقُ خلفَ الباب
والبابُ مغلقةٌ بإحكام؟!
(29)
أجبني واطفئ لهيب هذا السؤال
فقد ظفرتُ أخيراً بسمكَةِ القرش العجيبة،
كنتُ أراها دائماً تحومُ حول رأسي
وكان رأسي في زجاجة كبيرة
وكانت الزّجاجة في سفينة عظيمة
وكانت السفينة جثّة في أعماق بحر عجيب
وكنتُ أنا أوّل وآخر من نجا مِن الطّوفان المهول
أخيراً كسرتُ زجاجة رأسي
وخرجتُ من حطام السّفينة
وحاربتُ السّمكة المُخيفة
وقطعتها بسكّين القلب إلى شطرين
رأيتُ دماءَها وسمعتُ خوارها
ورميتُها في قدرٍ كبيرة وقدّمتُها لضيوف
مازالوا لليوم يخشون سمك القرش الرّهيب
فهل أكلتَها أنتَ أيضاً يا سيّدي؟
(30)
أجبني واطفئ لهيب هذا السؤال
وقل لي: منذُ متى وأنتَ معي؟
أنا لا أعلمُ.
مِنْ قصركَ المهيب تُطلّ عليَّ
لتقول لي فقط إنّكَ هنا،
إلى جانبي.
وحدَها عينُ قلبي تقودني إليكَ؛
أنظرُ عميقاً
فأجدكَ أنَا.
هل أنتَ أسوَد البشرة أيّها الحرفُ الدّرويش،
هل هذا لون ثابتٌ أمْ يتغيّر؟
أنتَ أنتَ في جوهركَ لا تتبدّلُ
لكنّكَ في عالمي لكَ ألفُ تجلٍّ وتجلٍّ:
نحيف البنية
طويل القامة
ملكيُّ الحضور
أحياناً أراك جلجامش
وأحياناً أوتنابشتيم
أحياناً أنتَ سيدوري
وأحياناً أخرى أنتَ حمّورابي
ورع ونفرتيتي
أحياناً تطلُّ عليّ من تاج محلّ
وأحيانا من بابل ومرّاكش
وأحيانا تأتيني من أرض دلمون
وبالنّقطة ترسمُ بل تخلقُ كلّ شيءٍ بداخلي
لكن قل لي لطفاً: منذ متى وأنتَ معي؟
أحياناً أشعرُ وكأنّي أجلسُ إلى يمينكَ
أو أنّني أنا الجالسة فوق العرش
وأنتَ تحضر أمامي
فقط لتقول لي إنّكَ هنا.
قل لي ما الّذي يحدثُ الآن؟
أنتَ معي، نعم
منذ أن نفختَ فيَ الرّوح
لكن مَن أنتَ؟
هل أنتَ النّقطةُ أم الألِف
هل أنتَ أنا؟
إذا كان الأمر كذلكَ
فأنا في محنة كبيرة يا صاحبي،
ولا أعرف لماذا أنا هنا
بل لا أعرف إذا كنتُ هنا أو هناكَ
فأحياناً أشعرُ أنّني في كلّ مكان،
وأنتَ معي
تنظرُ إليّ
حينما أقوم وحينما أنام.
أنا سعيدة الآن
لأنّني بتُّ أراك كلَّ يوم
وأعرفُ أنّك دائماً معي
هذا يشعرني بالثقة والأمان
في وحشة الوجود والزّمان.
(31)
أنا أنثى برزخيّة
وما أراهُ لا تراهُ أنثى الطّين
جسدي مِن رمْلٍ صقيل ماسيٍّ
لا تُشْبِهُ فيه الماسةُ أُختَهَا
ويوسُفُ جدّي
سُجِنَ لسبع سنواتٍ فقط وعلى الرّغمِ من قصر المُدّة
باحَ بالسرّ مقابل التّاج الفرعَونيّ
وأنا سُجِنتُ بعدهُ ضعف المدّة ذاتها
بألف مرّة أو ربّما أكثر
وما بُحتُ بالسرّ:
سرّ البقرة والقمح الذّهبيّ
وأنتَ من أنتَ أيّها الدّرويش الضّرير؟
هل سُجنتَ مثلي،
وهل كتمتَ السرّ مثلي؟
ربّما لا تعلمُ أنّ المرأةَ في سجن النّمرود
غير الرّجل يا صاحبي!
(32)
لقد نزلتُ عميقاً وأنتَ صعدتَ دون أن تنزل أبداً
لأجل هذا طريقكَ قصير وهشٌّ
وطريقي متين وبعُمر الخليقة أو أكثر
تعال إذن أُعَلّمْكَ كيف تنزلُ وتصعد
وأروِ لكَ حكايتي:
فأنا العشقُ الّذي لا وقتَ له
وأنا صاحبة الزّمن وأنا الأرضُ والوطن
وأنا النّحامُ الأحمر
أجنحتي في رأسي وساقَيَّ،
هرمزيّة الرّوح والمعنى
ألقطُ بمنقاري في مياه الله
سمكَ الأفكار اللّدنيّة
وأقفُ على ساقٍ واحدة أنتظرُ قدومكَ بشغفِ عاشقة
لا تملّ ولا تضجر
تعالَ إذن،
أعلّمْكَ كيف تنزل وتصعد.
(33)
بلْ تعالَ أعلّمْكَ كيف تُصبح خيميائيَّ البلاط الأوْحَد
فأنا النّقطةُ والتّاجُ الملكيُّ الأوّل
وأنا الكَوْثَرُ والوجهُ الأبيَض
تعالَ أُحَوِّلْكَ منْ حجَر ميّتٍ إلى حجَر حيٍّ
قبلَ أن تبدأ في بناءِ الهَيْكَلِ والمَخْبَر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب