الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ غرب تامازغا بين الحقيقة و التزييف

كوسلا ابشن

2023 / 12 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الإعتماد المنهجي على النص الاسطوري ضمن المنظومة الميثولوجيا, تهدف لإنتاج حكاية الربط بين التاريخ الماضوي الخرافي و صناعة شرعية الحاضر, بشرعنة النظام العلوي الكولونيالي, في هذا المنحى و المنظور أنتجت الحكاية الخرافية ل12 قرنا من تاريخ المورك, في الربط الجدلي بين تاريخ وهمي مزيف و بين الإحتلال اللاشرعي المعاصر. للإعلان عن شرعنة الإحتلال, تأسست جمعية 12 قرنا التي صرفت على نشاطها الدعوي ملايين من الدراهم, لإقامة إحتفالات في كل أرجاء الدولة للترويج للأسطورة في معناها الخرافي, و لتدعيم الخرافة يقوم الإعلام الرجعي بدوره التدميري في نشر المعلومات الزائفة و المغلوطة, حول الإمتداد المصطنع و الوهمي للشعب الموركي بالحجاز, و سلخ الشعب عن جذوره العميقة الضاربة في التاريخ, و جعلوا بلاد الأمازيغ جزء لا يتجزأ عن الحجاز تاريخيا و ثقافيا و لغويا في إطار منظومة العروبة و الإسلام, فيما يتخيلونه بثوابت الهوية العربية الأسلامية ( ما يعني فترة ما بعد ما سمي بالجاهلية). هذه الهوية المزيفة هي خارج عن تاريخ المنطقة, مرتبطة مباشرة بالصناعة الإمبريالية للتعريب الدولتيي لبلاد الأمازيغ, بهدف إستغلال ثروات المنطقة بحرية و بحماية الدولة العروبية الوليدة, بيدق الإمبريالية في بلاد الأمازيغ. الدعاية للأسطورة الخرافية لصناعة تاريخ دولة المورك المختزل في إثني عشرة قرنا من التأسيس السياسي بفضل المكون العربي, هي أطروحة إستعمارية, مبنية على تزوير تاريخ المنطقة بنفي الحقيقة التاريخية و إلغاء تاريخ الشعب الأمازيغي المستقل الممتد الى آلاف السنين قبل تشكل القبائل الأعرابية في موطنها, صحاري و قفاري الحجاز. أسطورة اثني عشرة قرنا, هي خرافة حكواتية دون سند تاريخي, مخطوطة أو إكتشاف أركيولوجي, يأكدان تأسيس دولة مركزية عربية, من جهة ( إدريس الفرد العربي في الدولة المورية, شخصية وهمية, لم يكن لإدريس الوهمي مكانة في الكتابة التاريخية إلا في العصر المريني بعد قرون عدة من التاريخ المقصود), فمن المنطق العلمي, فالأفراد لا قدرة لهم على تأسيس الدول, حتى و إن كانوا محليون, و ما بالك أن يكونوا أجانب و غرباء عن المكان( لا محل لهم من الإعراب), و من جهة ثانية, تجاهل مروجي أسطورة إثني عشرة قرنا من تأسيس الإمارة "الإدريسية" الإفتراضية في المورك, بأنه نتيجة الثورة الأمازيغية 740 و طرد الإستعماري الأموي, أدى الى تأسيس أكثر من دولة بنظامها السياسي المستقل و إستمرت بعد إنهيار "الإمارة الإدريسية" المفترضة. ما يخفيه النظام الكولونيالي و أعوانه من قومجيي العروبة القهرية و الإسلام العرقي عن القطيع البربري بشقيه, أن الدولة المركزية المورية تأسست في القرن الرابع قبل الميلاد, حسب ما أثبته الأكاديمي محمد شفيق في كتابه " 33 قرنا من تاريخ الأمازيغيين", يقول محمد شفيق: "أن موريطانيا كان لها ملوك إبتداءا من القرن 4 قبل الميلاد, و قد ورث عرش باكا أسرة بوكوس. مارس الملك بوكوس الأول سلطته المطلقة في حدود قدراته العسكرية, و في حدود التعامل مع العصبيات القبلية. كان له مجلس شورى من الأقارب و الأصدقاء و بعض زعماء القبائل, وكان له ديوان للكتابة و لتدبير شؤون الجيش, و كان عصده الأيمن في العمليات الحربية هو إبنه أولوكوس, كانت تساعده في الإتصالات الخارجية خاصة مع روما هيئة سفراء من خمسة أعضاء, وكانت له دار للسكة. و كان من أجل هذا كله كان بوكوس الأول يعتبر نفسه أعظم ملك يوجد على وجه البسيطة, حسب ما رواه سالوستيوس الروماني".
الإصرار على الأسطورة مع الزمن تصبح هذه الخرافة حقيقة تاريخية عند العامة, فالإكثار من ترديد نفس الأكذوبة تجعل الكاذب نفسه يصدق أكذوبته, وهذا ما يهدف إليه النظام الكولونيالي و أعوانه. قد إنضافت خرافة 12 قرنا من تاريخ البلد الى المقرارات الدراسية, و قد إستهدف أعداء الإنسانية الأطفال البريئين بحشر عقولهم البيضاء بقصص 12 قرنا من تاريخ البلد, و النموذج إنبهار أمحمذ جبرون في كتابة التاريخ المؤدلج عبر سلسلة من القصص المشبوهة لإستلاب وعي الأطفال الأبرياء. و تفرد الإعلام الرجعي للدعاية للأسطورة بتنظيم لقاءات و مناقشات مع النخبة القومجية العروبية للترويج لمهزلة اثني عشرة قرنا, و من السخرية العلوية تنظيم قافلة تجوب مدن المورك سميت بقافلة التاريخ, لكن في الحقيقة هي قافلة لتزييف التاريخ. لم تستثنى الخرافة من إقتحام الدوالب الدولية فقد حشرها عمر هلال السفير العلوي لدى الأمم المتحدة (في صراعه مع أخوه في العروبة القهرية و عدوه في تقسيم أراضي الأمازيغ), في مداخلته خلال مناقشات اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة, بقول :" أن مبدأ الوحدة الترابية يعد مقدسا بالنسبة للبلدان العريقة على غرار المغرب, المملكة التي يمتد تاريخها لإثني عشرة قرنا, وليس الأمر كذلك بالنسبة لدولة مثل الجزائر, التي تم إنشاؤها قبل ستين عام فقط ( على أساس أنها لقيطة النسب والحسب, ومجتمعها عبارة عن أعراق مختلفة يجهل أصلها )". موقف السفير لا يخرج عن المنظور العام للنظام الكولونيالي الذي قزم تاريخ البلاد بقدوم شخصية عربية وهمية لتأسيس الإطار السياسي للدولة و بعرق عربي واحد, وليس بأعراق مختلفة تجهل أصلها كما يفهم من هرطقة السفير العلوي.في نفس الإتجاه, كتب أحمد معنينو مقال في مجلة "دعوة الحق" التابعة لوزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية الموركية, للإحتفال بأكذوبة أثني عشر قرنا من تاريخ المورك, يقول:" إذا ذكرت دولة المغرب العربية المسلمة, فالمولى إدريس الأول, هو البطل المؤسس لها, والمنشئ لكيانها وعظمتها وأمجادها, فبوصوله للمغرب, تهيأ الجو لتكوين الدولة المغربية برئاسة المولى إدريس الأكبر, وتهيأت فعلا بكل ما تحمل كلمة الدولة من معنى". التهافت على ترويج لهذه الخرافة بهذا الشكل المكثف و العنيف و على جميع الأصعدة لجعل أسطورة اثني عشرة قرنا حقيقة تارخية, يدل على التأكيد عن المرض النفسي (الشيزوفرينيا), الذي يفقد صاحبه الأرتباط بالواقع الحقيقي, و الإيمان بواقع متخيل وهمي.
كتابة تاريخ تامازغا (بلاد الأمازيغ) عامة و تاريخ مورك خاصة, على مقاس المنظور الإستعمار العربي, فمن المؤكد هي كتابة حكواتية, لا تمد بالتاريخ كعلم بصلة. الأسطورة العروبية في شكلها الحكواتية تضخم الفرد اللاطبيعي و قدرته على الخوارق, مثل حكاية الإسراء و المعراج و عنترة و أبو زيد الهلالي و إدريس الذي واجه الأهول ليصل الى أقصى الأرض لتأسيس الدولة. الفكر الإستعماري يسعى الى طمس التاريخ الحقيقي للدولة المورية و طمس دور الأمازيغ في تأسيس دولهم و بناء حضارتهم, وقد صور الإستعمار الأمازيغ عنصر على هامش التاريخ وأحداثه و تحولاته. الزمن لم يعد عهد الحكايات الوهمية, فقد آن الأوان لتفكيك الأساطير و إعادة كتابة التاريخ بشكل علمي, بعيد عن التضليل الأيديولوجي الإستعماري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا