الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يقولون للشهداء قوموا كي نقودكم !

بشير شريف البرغوثي
مؤلف

(Bashir Sharif Bargothe)

2023 / 12 / 19
القضية الفلسطينية


اعتدنا على أن نبدأ أي خطاب بعبارة أما "بعد" منذ الجاهلية الأولى.. لا نزال نواصل ذلك:
ماذا (بعد) انتهاء العدوان على غزة؟ ماذا (بعد) أبو مازن؟ ماذا (بعد) فوز الرئيس السيسي؟
كلنا خبراء في "ما بعد" بشكل ينسينا التعامل مع الحاضر مع أن وقائع الحاضر هي التي ستقرر ذلك الما بعد لكننا نعجز عن مواجهة متطلبات الحاضر فنهرب إلى ما بعده حين تنهال تبرعات إعادة الإعمار والمساعدات وغير ذلك من غنائم معركة أحد
شعب تحت الاحتلال وتكثف العدوان ضد أبنائه من قبل السابع من أكتوبر وبعد حوالي ثلاثة أشهر لم تعلن قيادته أي شكل من أشكال حالة الطوارئ أو النفير.. حتى للجم المستوطنين في الضفة الغربية.. شق أو تفسخ عامودي بين الأهل في نفس المنطقة فبعضهم "يتمتع" بمعاملة تفضيلية في آي بي من قبل سلطات الاحتلال وبعضهم لو ظفر الاحتلال بأي أثر عليه يغتاله فورا.. لا يتساويان مهما حاولنا
ضمن لعبة "ما بعد" يقال إن لدى فلسطين (السلطة أعني) أربعون ألف عنصر مستعدة لنشرهم في غزة.. ولكن بعد وقف إطلاق النار! عجبا! لماذا لا تنشرون نصفهم حول مخيم جنين مثلا؟ فهنا فلسطين وهناك فلسطين كما كنت أظن..
بكل أسف يمكن إعلان فشل أي مبادرة يكون عنوانها المصالحة بين فتح وحماس لأن المصالحة واقعيا ورسميا هي بين جناحي السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة وغزة.
من أحدثوا حالة الإقتسام – وليس الإنقسام- لا يمكن أن يقودوا عملية المصالحة ويكفي أن الشعب الفلسطيني منحهما حوالي عشر سنوات كانت وبالا وشقاء لإثني عشر مليون فلسطيني تم تقزيم إرادتهم الوطنية واحتزالها دون أي معايير أو مراعاة لإرادة الأغلبية الصامتة
الأغلبية الصامتة لم تكن عاجزة لكنها لم تكن تريد صب المزيد من التشظي في ظل سيطرة المقتسمين على صناديق المال وصناديق الذخيرة وصناديق الإقتراعات أو الانتخابات المحلية التي كان يتم التوافق عليها أحيانا كي يستكشف كل طرف مقدار حجمه بين الناس
شباب فتح وحماس والجهاد وكل الكتائب الأخرى لم يكن لديهم ترف الإنشغال بمهاترات ومزايدات والنرجسية الفصائلية لدى بعض القادة السياسيين أو الإعلاميين أو الإداريين على جانبي خط الإقتسام. المقاتلون على الأرض في الضفة وغزة ليس لديهم الترف للبحث فيمن سوف يقودهم غدا.. لأن لكل واحد منهم ما يكفيه من دواعي الترقب ومتطلبات القتال
شباب أعناقهم تحت المقاصل وهناك من يسألهم " من تريدون أن يقودكم غدا؟" سؤال أسخف من أي سخف
النزاعات داخل فتح نفسها مثلا أعمق بكثير من أي خلاف بين من يجتمعون في الفنادق من قادة فتح وحماس ومن ذلك مثلا أن فتح لم تحل حتى الآن مأساة انقسام 1983 أو موضوع "المنشقين" أو "فتح الإنتفاضة"
فتح لم تحل حتى الآن أزمة "التيار الإصلاحي" أو "جماعة دحلان" حتى الآن.
والآن يمكن رؤية التشظي الفتحاوي داخل مخيمات الضفة الغربية.. كوادر قلوبها وماضيها مع المقاتلين ومستقبلها مع المقاومة ولكن حاضرها يمنعها من المشاركة بفاعلية وكتائب الأقصى والعرين وغيرها كلها خارج الإطار الرسمي التنظيمي
العلاقات بين الجهاد وحماس والفصائل الأخرى أكثر تعقيدا
مفاوضو السلطة يريدون أن تفاوضهم حماس كحركة "وطنية" لا ارتباطات لها والمعنى الذي يركز عليه السيد جبرين الرجوب واضح فإما أن تكون حماس حركة وطنية فلسطينية أو أن تكون جزءا من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. يبدو هذا مطلبا من المستحيل أن تقبل به حماس وإن قبلت فمن باب المجاملة للوسطاء
إن حركة حماس هي الآن في أوج مجدها وكل التقديرات العسكرية والمالية تشير إلى أنها قادرة على الإحتمال والمقاتلون من قادتها يعلمون جيدا أن لا أحد يمكن أن يمنع وقوع مفاجأة ما حتى في اللحظات الأخيرة عندما تصل القلوب الحناجر
وبفعل زخم هذا المد لحماس فإنها لا يمكن أن تقبل بالتقلص حتى يصبح حجمها قابلا للطي تحت إبط السلطة الأم
أما إذا كانت مفاوضات المصالحة ستتم بين فتح وحماس فإن حماس ستحاول أن تحدد هي من تفاوض من قادة فتح.. ولديها مرشح قوي هو مروان البرغوثي وغيره.
أما قوى اليسار فلم تعقد أي اجتماع عمل مشترك.. أظنهم اكتفوا بمؤتمر صحفي بعد عشرات الإجتماعات التي عقدته المنظمات الإقليمية والدولية. هذا التأخر غير محمود فاليسار كما كنا تعرف يقود و لا يقاد وإلا فقد هويته الجامعة و تميعت حتى التبخر
ولا تزيد فصائل اليسار قولا عما طالبت به الأمم المتحدة والجامعة العربية.. هذه التنظيمات التي فشلت في تفعيل إطار موحد لها حتى الآن لا أعتقد أن أي أمر سيوقظها من سباتها
فصائل من المفروض أنها كانت تهز العالم تغفو الآن.. يفتح الفصيل منها عينيه قليلا كي يطمئن إلى أن موازنته من الصندوق القومي بخير وأن أمينه العام لا يزال على كرسيه منذ عقود.. فتصدر بيانا لا يغيظ عدوا ولا يسر يساريا.
لكن هذه المرحلة المترهلة يمينا ويسارا تلفظ أنفاسها.. الوضع على المدى البعيد ليس كارثيا بل إن المستقبل واعد لشعبنا الفلسطيني وأحرار العالم. هناك مخزون نضالي سوف يتأطر ضمن أطر مختلفة عما سبق.. وربما لن يقبل الجيل القادم أن يستمر محاولا رتق كل هذه الفتوق بين الأطر الحالية فقد اتسع الفتق على الرتق والجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية في التحرر لا بد أن تتولى زمام أمورها من جديد
هذا ليس تنجيما أو رجما بالغيب بل إنني أتذكر مثل هذه الأيام من سنة 1987 حين فاجأنا العالم بالانتفاضة الأولى.. لا حاجة بي لأن أقسم أن لا أحد كان يتوقعها .. وربما أفشي سرا إن قلت إن القيادات المهمة وبخاصة في فتح كانت تتساءل عما إذا كانت الإنتفاضة سوف تستمر حتى أول كانون ثان كي تتزامن مع ذكرى انطلاقة فتح .. وعندما قلت إنها انتفاضة سوف تستمر فإما أن نخرج منها بدولة مستقلة أو أن نعود إلى ما كنا عليه بعد سنة 1936 وبعد ذلك صرنا نسمع ونقرأ عما سيكون بعد الإنتفاضة وعن وجوب "استثمارها" سياسيا فيا لعظمة الإنتفاضة الشعبية ويا لبؤس الإستثمار حين استعجلنا قطف ثمرة فجة قبل أن تنضج وتم بحكم سيطرة الإمكانات المالية استبدال القيادة الموحدة للانتفاضة التي أطرها العمل الميداني بقيادات أخرى من مسؤولي التنظيمات وعلى قواعد التمثيل النسبي .. وما هو التمثيل النسبي؟ هو محاصصة أسوأ من أي محاصصة طائفية
لا أحد سوف يلغي غيره أو يهمشه أو يحاول طمس دوره.. بل سوف نطور النموذج التحرري الفلسطيني المتميز مستفيدين من تجاربنا وتجارب الشعوب الأخرى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة