الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد المصري..الهيمنة المالية على النقدية

احمد البهائي

2023 / 12 / 19
الادارة و الاقتصاد


يجب على لجنة السياسات النقدية في مصر، ومن خلال اجتماعها القادم 21/12/2023 الشعور بحجم الازمة وتحمل المسؤولية والتحرر من هيمنة السلطة المالية عليها تلك الهيمنة وعدم الاستقلالية باتت ظاهرة في قرار كل اجتماع لها ، اذ من الواجب عليها دون أي تأخر القيام برفع سعر الفائدة ب 500 نقطة اساس على الأقل ،وألا يصاحب ذلك سقوط حر لقيمة الجنيه او كما يقال التعويم ، ففي ظل الازمة والمتغيرات الاقتصادية المتلاحقة خارجيا وداخليا ، كذلك من يتابع حركة الاسواق ومؤشرات القياس الحقيقية للتضخم وضغوط الفجوة التضخمية في مصر يعلم جيدا ان سعر الفائدة الحقيقي مازال بالسالب رغم ان هناك شهادات ادخار بعائد 25%، فمن يراقب ويتابع الأسواق يعلم جيدا ان سعر الفائدة الرئيسي يجب ألا يقل عن 29% ذلك في ظل سياسه تشدديه لامتصاص السيولة من الأسواق لدعم الاحتياطي والسيطرة على التضخم المتفاقم فالتضخم في مصر بالإضافة الى انه تضخم متفاقم مزمن ، فهو هيكلي مركب أي انه،* تضخم طلب وتضخم عرض النقود وتضخم نفقة تكاليف وتضخم عوامل انتاج ،* وتضخم رأسمالي ناتج عن زيادة مبالغ فيها في قيمة سلع استثمارية عن نفقات انتاجها،* وتضخم ربحي نتيجة لزيادة الاستثمار لاستهلاكي عن الادخار، *وتضخم الارصدة النقدية الناتج عن زيادة في سرعة تداول النقود نتيجة توقعات الافراد بحدوث نقص في السلع الاستراتيجية والاساسية وتوقع بارتفاع اسعارها ،*وتضخم النقود المصرفية نتيجة طول فترة الانتاج دون ان يصاحبها زيادة حقيقية في الكميات المنتجة ، *وتضخم قرض الناتج عن الاستدانة من اجل سداد فوائد الدين ،* وتضخم ادوات دين نتيجة دخولها بقيمة جنيه منخفض وخروجها بقيمة دولار اعلى من قيمة دولار الموازنة . فارتفاع السيولة المحلية بكامل مكوناتها، وخاصة ارتفاع مكون النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي والودائع الجارية بنسب مقلقة تعدت 7% من الناتج المحلي، مما ترتب عليه في ظل السياسة المالية التوسعية الخاطئة التي اتبعتها الحكومة إلى زيادة حجم الإنفاق الحكومي وارتفاع نسبة النفقات العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ، وما اتبع ذلك ارتفاع معدلات الاستهلاك النهائي الكلي (الاستهلاك النهائي العام والاستهلاك النهائي الخاص) وارتفاع نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية.
اذا ، لا مفر من قيام المركزي المصري برفع الفائدة ولا نريد سماع عبارة " أن الرفع السابق للفائدة لم يصل صداه بعد ليسمع في الاقتصاد الكلي ولذلك تم تثبيت الفائدة " تلك العبارة العقيمة اعتدنا عليها التي تدل على الهروب وعدم الاستقلالية وهيمنة سلطة اخرى وتوغلها في اتخذ القرار النقدي تلك العبارة لا تصلح تماما في هذا التوقيت، ومن يدرك علم الاقتصاد الحديث يعرف جيدا ان تلك العبارة عفا عليها الزمن ، وخاصة اذا علمنا أن المعروض النقدي ارتفع 20.895 % على أساس سنوي في أكتوبر، ليبلغ 8.682 تريليون جنيه (281.43 مليار دولار) ليتعدى اجمالي الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة ، وبالتالي حدوث الزيادة في كمية النقود دون روابط محكمة بينها وبين الزيادة في الناتج القومي الحقيقي مما ساهم في زيادة الاختلال بين تيار الإنفاق النقدي وتيـار العـرض الحقيقي من السلع والخدمات، مما ساهم في خلق ضغوط تـضخمية وبالتالي دفع بالأسعار نحو الارتفاع ، وهذا يطلق عليه اختلال في معامل الاستقرار النقدي ذلك المعامل عند حسابه حسب البيانات المتاحة تجده قد وصل الى 6%مما يؤكد ان معدلات التضخم مرتفعة للغاية وتتجاوز 40% ، حيث زادت كمية النقود بطريقة سريعة وغير طبيعية مع بطئ النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، مما أدى إلى حدوث ارتفاع في قوى الطلب الكلي على الـسلع والخدمات في ظل عجز جهاز الإنتاج المحلي عن مواجهة الزيادة في حجم الطلب الكلي، ممـا سـاهم فـي دفـع مستويات الأسعار المحلية نحو الارتفاع .
هذا من جانب ومن جانب اخر، عندما تجد مؤشر ودائع العملاء بالبنوك(شبه النقد) ارتفعت لتسجل 9.719 تريليون جنيه وفي المقابل ارتفع مؤشر النقد خـارج البنوك والودائع تحت الطلب ليؤكد ان هناك خلل في هذا المؤشرين فكيف يرتفعا معا حيث العلاقة دائما بينهما عكسية مما يؤيد رفع الفائدة في محاولة لعلاج هذا الاختلال .
اما حول ما يحدث في سوق النقد المصري من اختلالات ، يجب عدم المخاطرة او المجازفة بترك العملة الوطنية “الجنيه” تسبح في بحر التعويم سواء كان بعمقه الموجه او الحر كما يطالب به البعض حيث التجارب السابقة تؤكد ذلك ، فأسواق الصرف المصرية غير عميقة و ضعيفة ومحدودة النشاط لا تتمتع بالسيولة الكافية لا تخلو من المضاربة وغير قادرة على تحديد سعر العملة الوطنية بشفافية ، كذلك وجود قطاع مالي غير متطور بشكل كامل حيث البنية التكنولوجية والأسواق المالية غير مكتملة النمو تجعل الحكومة والبنك المركزي والبنوك التجارية والمؤسسات المالية وقطاع الأعمال الغير مصرفية غير قادرة على إعداد سياسات وإجراءات داخلية احترازية للتعامل مع مخاطر سعر الصرف وخاصة المخاطر المتعلقة بالأصول والخصوم من العملة الأجنبية ،كذلك أيضا مع الاسف انخفاض درجة المصداقية في صانع السياسات المالية والنقدية وخاصة في الامور المتعلقة بحركة حساب رؤوس الأموال ، والدين العام ونسبته من الناتج المحلي الإجمالي ومكوناته وخاصة الدين الخارجي منه الذي أصبح مدون تحت بند الديون "المتفاقمة "، وبمعدلات التضخم وطرق مكافحتها .
اذا ، من الأفضل الآن في مصر البدء باتباع منهج التحول التدريجي ، ومن الافضل والمناسب الان اتباع نظام سعر الربط الزاحف او المتحرك الافقي ،كل ما نطلبه من صانع السياسة النقدية في مصر في ظل تلك الظروف الاقتصادية السيئة الناتجة في المقام الاول عن سياسات خاطئة من السلطة النقدية والماليه ، عدم اللجوء مباشرة الى الانظمة المعومة ، بل الاتجاه الى نطاق تقلب زاحف او متحرك الافقي دالته التضخم ، يمكن من خلاله تعديل قيمة العملة استجابة للتغيرات في مؤشرات محددة على راسها التضخم مقارنة بالشركاء التجاريين والماليين والفروق بين التضخم المستهدف والمتوقع بحيث تكون عند مستوي نطاق التحرك 5% لمدة 3 اشهر يتبعه تحرك بمقدار 1% مدته 6 اشهر ، كنظام وسيط لتحرك نحو صرف مرن متحرك حتى ينحسر الاختلاف بين اهداف سعر الصرف واستهداف التضخم يكون بجانبه "متوسط مرجح للعملات" ،المطابق للحالة المصرية الان هو التحول الى نظام الربط الزاحف او المتحرك مقابل سلة من عملات والذهب حتى يمكن تقليل فرص نقل الصدمات الخارجية الى الاقتصاد المصري ومن احتمالات تعرض سعر الصرف للتحركات الغير سوية المتوقعة في سعر العملة الواحدة الدولار وتتألف سلة العملات من متوسط مرجح لعملات اهم الشركاء التجاريين لمصر ومن هنا تستطيع مصر الاحتفاظ بقدرتها التنافسية الخارجية في حالات اختلاف معدلات التضخم في مصر عن معدلات التضخم لشركائها التجاريين ومن هنا سيتوفر لمصر نتيجة التحول الى نطاق الزاحف قدر اكبر من المرونة في سعر الصرف وزيادة استقلالية السياسة النقدية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تتجه الأعمال اليابانية إلى تنمية اقتصادات ذات تأثير إيجابي ف


.. احتجاجات مناهضة للسياسات الاقتصادية في الأرجنتين




.. محمد العريان لسكاي نيوز عربية: مصر أمام نقطة حاسمة عليها الا


.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024




.. باريس تأمر الشركات المصنعة بإعطاء الأولوية لإنتاج صواريخ أست