الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جماليات الصور الشعرية..وتجليات المبنى والمعنى..في قصيدة الشاعر الجزائري القدير عادل قاسم (قراءة متعجلة)

محمد المحسن
كاتب

2023 / 12 / 20
الادب والفن


"أعدّي لي الأرض كي أستريح،فإني أحبّك حتّى التّعب.."(محمود درويش)

تصدير : تفيض-قصيدة الشاعر عادل قاسم-بتجربة مفعمة بالحب والإبداع،بوصفها جرعة حياة وأملا للإنسان عبر استعارات استمدها من عالم مليء بالمشاهد والصور.(الناقد)

-تنويه: عندما أتناول أي عمل شعري استقراءا أو نقدا،أحاول بادئا ببدء الغوص في هواجس الشاعر والتنقيب فيها،محاورا "رموزها وايحاءاتها" غير غافل عن السلامة العروضية بما تشتمله من لوازم واتساق وتناغم الجرس الموسيقي،وكذلك أستنطق المفردات من حيث خدمتها لموضوع القصيدة،ومن ثم أقتفي البديع والمحسنات اللفظية لأخلص في النهاية إلى رؤية شمولية ما استطعت لذلك سبيلا..


من المعلوم أنَّ الحبَ كحالة إنسانية سامية،وما يكتنفه من لواعج العشق وصور الجمال،شكل على مدى العصور حافزاً قوياً لإثارة إبداع الشعراء،فضلاً عن مساهمة إبداعية المنجز الشعري بفاعليةٍ في تميز بعض الشعراء عن نظرائهم.
ولا ريب أنَّ إبداعَ الشاعر يرتكز بشكلٍ أساس على الموهبة المقترنة بتنوع مصادر المعرفة التي يوظفها هذا الشاعر أو ذاك لرغبةٍ جامحة في التعبير عما يشعر به،أو قد يوجه بوصلتها نحو بلوغ المجد والإحساس بالتميز حيناً ما،مع العرض أنَّ الشعورَ الخفي الذي يؤرق الشاعر، ويرغب البوح به قصد إيصاله إلى المتلقي،يبقى على الدوام رهين ما يمتلكه من أدواتِ البناء الشعري التي بوسعها ترجمة ما بداخله من رؤى،وما يطرق في ذهنه من هواجس.
إنَّ القراءةَ المتأنية لهذه القصيدة الرائعة"دعيني أحبك كما أشاء"،تظهر بشكلٍ جلي أنَّ عاطفةَ الحب الصادق المقرونة بمسحة الجمال تشكل أبرز الينابيع التي أثارت قريحة الشاعر الفذ عادل قاسم الإبداعية،وحفزته على البوح شعراً،فقد كانت القصيدة الوجدانية تشكل سمته الأساسية، وتعكس ما يخالج نفس الشاعر من مشاعرٍ جياشة ومتدفقة بالوجد والحب،والتحرق عطشاً وشوقاً صوب الجمال.
والمتوجب إدراكه أنَّ الجمالَ في تشكيل هذه القصيدة (وهذا الرأي يخصني)مغمساً بالصدق والنقاء والطهارة..
إنه ينحو منحى الفلاسفة في اعتماده على المنطق لإثبات معتقده،فالحب عنده اعتقاد كالإيمان، والاعتقاد يترتب عليه التجربة للوصول إلى اليقين " في كل الأنحاء لا أزال ماضيا/ كي لا تتمزّق عصارة التَنَبُّؤ المعتّق"،وقد خاض الشاعر غمار العشق ونازل الهوى،فخلُص إلى أن المحبوبة هي مصدر كل المعاني والتراكيب التي شكّلت قصيدته.فإذا ما بدر عنها علامات"المكر"يتَبَدَّى آنذاك الإِفْتِداءٌ" وتتحوّل القصيدة تعويضا فنيا يطفئ به الشاعر عواطفه الملتهبة..
وهنا نستخلص أن العشق حقيقة مفعمة بالألم،والخوف،واللّهفة،والشّوق والتوجّس.مقتضياته شديدة،وأحكامه قاسية لطيفة،ومنطقه صارم قويّ عذب رقيق."دعيني أربك حاضرك ساعة اللقاء /ربما تتكسّر قواعد الحب/وأكتشف شجرة المَكْرٌ.."
دعيني أحبك كما أشاء
إِن أحببتي فَلَا تَسْأَلينِي عَنْ شَيْءٍ
حَتَّى أُبيِّن لك ما خَبا
ريثما تتضح الرؤى
سماء قلبي مغيمة
رياحه هوجاء
في كل الأنحاء لا أزال ماضيا
كي لا تتمزّق عصارة التَنَبُّؤ المعتّق
أغطّيك بخمر التَرَقُّب
دعيني أربك حاضرك ساعة اللقاء
ربما تتكسّر قواعد الحب
وأكتشف شجرة المَكْرٌ
أُنْشِئُ ظلالها ...
آنذاك يتَبَدَّى الإِفْتِداءٌ
حينذاك ينكشف ما وراء الغطاء
دعيني أحبك كما أشاء
عادل قاسم-الجزائر
الشعر توأم الحب وصنوه،لا يخلو شعر من أبيات الحب،ولا تخلو قصة حب من أبيات ينبض بها المحبون،وكلما كان الحب مربكا وعنيفاً،كان الشعر أغزر وأكثف،وكما تطلع أزهار اللوز في موعدها ينبت الشعراء العاشقين في موعدهم.ولم يتأخر الشاعر الجزائري السامق الأستاذ عادل قاسم عن-موعد الحب-وجسّد-حضوره-عبر قصيدة وجدانية في منتهى الروعة والجمال..مبنى..ومعنى..
لقد تفاعل هذا الشاعر المتميز أ-عادل قاسم مع الحب بطريقته الخاصة (دعيني أحبك كما أشاء)،ولم ينفصل عن الحبّ في عدد من قصائده،هذا الإتصال مع الحبّ هو اتصال مع مصدر غني بالجمال،وبكل مايغني الذوق ويسمو بالإنسان نحو الوعي الراقي والإدراك المميز لجماليات الحياة والوجود.
وأخير،وعلى سبيل الختام..قصيدة "دعيني أحبك كما أشاء" للشاعر الجزائري القدير الأستاذ عادل قاسم تنبض بملامح وجماليات فنية أخرى وتشابكات استعارية ودلالية عديدة،استطاع بها الشاعر أن يخلق مشهدا شعريا متناغما ومنسجما،مما يعد بأعمال أخرى آتية بزخم شعري أنضج.
وحريّ بكلّ من يقرأ هذه القصيدة أن يعانقَ فيها جماليات اللغة في ألفاظها وتراكيبها،وبدائع الصور في مجازاتها وانثيالاتها،وأسرار المعاني في توهّجها وانهمارها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم


.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24




.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو