الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التيار الديمقراطي بين حاجات الوساطة وضرورات البديل

محسن أبو رمضان

2006 / 11 / 22
القضية الفلسطينية


الحوارات الجارية بصدد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وإن كانت بواسطة بعض الشخصيات الفلسطينية والتي سبقتها واسطة بعض القوى السياسية ايضاً ، ورغم بعدها الايجابي الرامي إلى إنهاء حالة الاحتقان والتوتر بين كل من حركتي حماس وفتح ومن أجل كسر الحصار الظالم المفروض على شعبنا وفي سبيل تحقيق الصمود الوطني وإنهاء حالة الفوضى والفلتان الأمني ، إلا أن تلك الحوارات ساهمت بصورة غير مباشرة في تعزيز حالة الاستقطاب ما بين الفصليين الرئيسيين ، وعملت على تهميش باقي القوى والفاعليات السياسية ومكونات المجتمع ومنها منظمات المجتمع المدني .
إن العبرة الرئيسية التي يمكن استخلاصها من مداولات الحوارات الجارية ، أن السياسة تعترف أساساً بتوازنات القوى الجماهيرية المعكوسة في نتائج صندوق الاقتراع ، وبأن أية قوة لا يمكن أن تكون مؤثرة بدون قوتها ونفوذها ورصيدها الشعبي ، وأن التوسط بالحوارات رغم النوايا الوطنية الطيبة لن تساهم في اختطاط منهج سياسي واجتماعي مختلف عن المنهجين السائدين في إطار الحزبين الكبيرين ( حماس وفتح ) .
وعليه وبناءً على تلك التجربة ، حيث حاولت بعض القوى والشخصيات من لعب دور الوسيط بدلاً من التفكير الجاد بانتهاج منهج جماهيري وسياسي واجتماعي متميز عن المنهجيين السائدين بالأبعاد السياسية والاجتماعية والحقوقية المختلفة ، وبالتالي فقد كانت النتيجة قيام الطرفين المتنافسين بإتباع سياسة من المحاصصة بينهما دون التشاور سياسياً ووظيفياً مع باقي مكونات الحالة السياسية والاجتماعية الفلسطينية .
إن طريقة إعادة انتهاج منهج المحاصصة والكوتا بناءً على توازنات القوى الانتخابية لا يعني بالضرورة السير قدماً باتجاه تشكيل حكومة قائمة على قاعدة الشراكة السياسية التي تعنى ضم جميع القوى والفاعليات بغض النظر عن حجمها أخذاً بعين الاعتبار طبيعة المرحلة المعاشة بما أنها مرحلة تحرر وطني أساساً وتستدعي حشد كافة الطاقات من أجل تحقيق إدارة جماعية للصراع الوطني ومن حيث العمل المشترك باتجاه إعادة بناء المؤسسة السياسية والوزارية على قاعدة من الإدارة الرشيدة بما يضمن وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب وعدم استخدام ( الحكم ) السلطة – كمنبر للتوظيف السياسي الحزبي على حساب الكفاءة والاحتياج والخبرة ، وليس بالضرورة الانتماء الحزبي .
أعتقد بأن التجربة الجارية من الضروري أن يتم استخلاص النتائج والدروس والعبر من خلالها فقد زال ذاك الوهم الذي اعتقد به بعض الأطراف أنه طرفاً مؤثراً إذا كان يلعب دور الوسيط ، فاتفاق الطرفين على قاعدة الكوتا والمحاصصة ساهم في تقويض تلك القوى التي قامت بدور الوساطة بل تم تهميشها وعزلها بدليل عدم إشراكها في المفاوضات وفي مقدمتها البرنامج السياسي كذلك آليات تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ككيان سياسي جامع وتمثيلي لشعبنا يعكس هويته الوطنية وإرادته الجمعية باتجاه تحقيق أهدافه بالحرية والاستقلال.
كما أن الجهد الشخصي لبعض الشخصيات السياسية يعني إبقائه في دائرة الوساطة وليس بالضرورة الانتقال إلى حالة التأثير السياسي في سبيل انتهاج خط سياسي واجتماعي موازٍ ومختلف ، حيث أن دائرة الوساطة تعني الحيادية وعدم الانحياز وعدم المنافسة في نفس الوقت وهذه هي وظيفة من يقوم بالتوسط تلك الوظيفة التي تختلف بالضرورة عن إرادة أشخاص أو حزباً أو تيار سياسي يرمي إلى بناء خط سياسي متميز على المستويات المختلفة وبالتالي سيصبح بالضرورة منافس في إطار الشراكة السياسية ضمن جدلية التعددية والوحدة .
إن استخلاص العبر من التجربة الجارية يعني قيام القوى والتي تقع بين الحزبين الرئيسيين بالعمل على فتح حوارات جادة بينهما على قاعدة فكرية وسياسية واجتماعية بهدف تحقيق أوسع تكتل واصطفاف يهدف لاختطاط منهج مختلف ومتميز ، ويستند إلى مصالح الفئات الاجتماعية المهمشة والضعيفة ومصالح الفقراء والضعفاء ، ويرتكز على السعي الجاد لتحقيق أهداف شعبنا الوطنية كما يعمل على تحقيق التحول الديمقراطي والمؤسساتي المطلوب لتصليب وتمتين الجبهة الداخلية في سياق الجهد الوطني الرامي إلى التخلص من الاحتلال وتحقيق أهداف شعبنا بالحرية والاستقلال .
لقد آن الأوان للقوى الديمقراطية من مغادرة الحسابات الخاصة وإدراك طبيعة المرحلة والظرف الذي لا يقدر سوى توازنات القوى والنفوذ الجماهيري والمباشر وذلك عبر المباشرة بتشكيل هيئة تجمع كافة القوى الغير معنية بحالة الاستقطاب السائد والراغبة في كسرها لصالح التنوع والتعددية والمشاركة والديمقراطية على أرضية تربط بين الحريات وحقوق الانسان ومصالح الفقراء وبين الأهداف الوطنية .
إن مثل تلك الهيئة من الضروري أن تشكل لها لجان في المناطق والشروع في حشد وتأطير وتعبئة كافة العناصر الديمقراطية والمتنورة والمتضررة من ظاهرة الفئوية والزبائنية والتسيس الوظيفي وأن تسعى لأن تكون رافعة وناهضة لهم من أجل تشكيل التيار الديمقراطي الذي طال انتظاره والذي هو حاجة موضوعية لشعبنا من أجل ضمان حقوقه الوطنية والاجتماعية ، بعيداً عن المحاصصة والاستقطاب الثنائي الذي يعزل فئات اجتماعية واسعة عن المشاركة بالعمل الوطني أو البناء الاجتماعي من أجل التمكين والتصليب والتقوية والتضافر لتحقيق الأهداف الوطنية والديمقراطية .
إن ما تقدم لا يلغى التقدير الايجابي الذي يسعى للتوسط بين الطرفين الرئيسيين ولكن يجب أن لا يكون ذلك على حساب الجهد الرئيسي المجسد في بناء التيار الديمقراطي الذي من الضروري أن يستقطب كتلة واسعة تواقة لهذا التيار لوحدته وترابطه كما هي تواقة بأن تكسر حدة الاستقطاب وذلك لمصلحة التعددية والتنوع ومن أجل تعزيز الشراكة السياسية في صناعة القرار الوطني والديمقراطي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة