الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآن-: نحن أقوى من بوش فلنبتزه

عادل سمارة

2003 / 6 / 22
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


"الآن": نحن أقوى من بوش فلنبتزه

رام الله المحتلة


ترى هل نزل حب شعبنا فجأة على قلب الرئيس الاميركي كما لو كان حبا من النظرة الأولى؟. هل يمكن لهذا الايفانجيليست الجديد ان يحب قومية اخرى وديناً آخر؟ وهل هذا اللون من الحب موجود في السياسة ام في الاقتصاد. بهذا المعنى انه تحبُّب وليس حباً.

لقد تأكد للمؤسسة الاميريكية الحاكمة ان القضية الفلسطينية لا تزال المدخل الى قلوب الامة العربية. لا بد للولايات المتحدة ان تحسن صورتها في الوطن العربي ولكن دعنا هنا نجيب على سؤالين:
- الاول لماذا
- والثاني لماذا في هذه الفترة.

لماذا، نعم لأن الولايات المتحدة اصبحت موجودة الآن كقوة احتلال مباشر ومعلن في الوطن العربي. لذا تقول لسوريا وإيران لقد "اصبحنا جيرانكم". ورغم ان الولايات المتحدة لا تحترم شعوب العالم الثالث والاسلام خاصة والعرب أخص، إلا انها ليست معنية باستثارتهم طالما هي تلهف كنوزهم. فليكن لهفا ونهباً دون مقاومة. وبالمناسبة هنا تكمن المقولة الاميركية الاساسية وإن كانت غير معلنة: "لا مقاومة في حقبة العولمة". بعض المقاومة جرى تدميره كما حصل في العراق. وبعضها تجري محاولة استمالته لا سيما المقاومة  الشعبية التي ليس من السهل وصولها كليا او الامساك بها، وهذا الاصعب.

ثم، ولماذا الآن؟

الآن، لأن المؤسسة الاميركية الحاكمة هي الجمهوريين الذين يمثلون بأكثر وضوح ممكن الراسمالية الاميركية بجناحيها المدني والعسكري. وهذه المؤسسة (يسميها معظم الناس خطئاً-الادارة) معنية باعادة انتخاب جورج بوش ثانية في الانتخابات القادمة. صحيح ان الخلايا الفكرية في اميركا تدرك بأن مفتاح النجاح في الانتخابات الرئاسية منوط بالازدهار الاقتصادي الداخلي، وهو على أي حال يعني احياناً الازدهار العالمي بما ان اميركا لا زالت "اقتصاد الملاذ الاخير". وهنا الحجر السحري في الامر.

ليس هناك ما يؤكد ان الولايات المتحدة سوف تحقق ازدهارا اقتصاديا هذه الفترة رغم احتلال العراق. صحيح انها قد لجأت الى احتلال العراق كي تُسعف اقتصادها بنهب النفط.ولكن هذا سيصب اساساً في جيوب الشركات الكبرى. وستكون عملية قيصرية جداً إيصال مسروقات النفط الى المواطن العادي في اميركا. ولذا فإن الحرب والمقاومة قد تقوضان عملية تكوين او تراكم راس المال والاربحية في امريكا والعالم. ان وجود مليون جندي اميركي في الوطن العربي وخاصة في العراق، هو في احد جوانبه تخفيف لأزمة البطالة هناك التي تقارب عملياً 14% بينما هي في الارقام الرسمية 6،4% فقط!. ان الحرب بهذا المعنى مشروع تشغيل ايضاً. لذلك قلنا مرات عدة، ان الحرب هي مشروع تشغيل. ان المؤسسة الاميركية الحاكمة قلقة اليوم على كيف بوسعها تمويل الحرب والاحتلال، اي مواجهة المقاومة دون ان تزيد الضرائب على المواطن؟ ودون مزيد من تقليص الخدمات له، علماً بأنها أقل خدمات مقارنة بدول المركز الراسمالي العالمي. فهذا المواطن هو ناخب في النهاية وان صوت اسود فقير ملقى على الرمل في شارع هارلم في وضح النهار، هو في الانتخاب صوت موازٍ لصوت ملياردير صهيوني يدعم ادارة بوش بعشرات ملايين الدولارات في حملتها الانتخابية!.  لذا، تعرف المؤسسة الاميركية الحاكمة ان مغامرة العراق لم تنته ولم تحسم عند احتلال بغداد، وبالتالي، فإن تدفق خيرات العراق لن يصب في التحليل الاخير في جيب فقراء هارلم. من هنا أهمية ان يحقق هذا الرئيس نجاحاً في مجال هام جداً، وهو التسوية في فلسطين. هذا ما تدركه المؤسسة الاميركية الحاكمة هذه الايام.

نرجو ان نخدم وعي القارىء بالقول، ان المؤسسة الاميركية الحاكمة هي مسألة أوسع من الادارة الاميركية الحاكمة (اي الرئيس وحاشيته)، هذه المؤسسة هي كافة من يعملون في السياسة الاميركية الداخلية والخارجية. ولكنها لا تزال محكومة بمصالح وبالتالي مطالب الطبقة الراسمالية الحاكمة في الولايات المتحدة. ولهذه الطبقة مصالح في احتلال العراق وفي التوصل الى تسوية في فلسطين، تسوية لمجمل الصراع العربي الصهيوني. من هنا، فإن الرئيس اميركي مستلحم على التوصل الى تسوية لأن هذا يعيده ويعيد حزبه الى سدة الرئاسة.

هذا مع ضرورة الاشارة الى ان الحكم في الولايات المتحدة ليس امراً وطنيا بالمعنى الدارج لدينا، انه امر طبقي يترجم ماديا بلا مواربة.

الموقف الفلسطيني:

من هنا اهمية  الموقف الفلسطيني في هذه اللحظات. فطالما ان الرئيس الاميركي في مأزق، فهو لا بد ان يضغط على الحكومة الاسرائيلية. ان الولايات المتحدة هي قوة الضغط الرئيسية على اسرائيل. ومن هنا، ليس سهلاً على شارون ان يحلم "بجسر سياسي" جوي مثل "الجسر الجوي التسليحي" الذي حظي به في حرب اكتوبر 1973. فهذه المرة تتعلق الامور بمصالح امريكا وليس بوجود اسرائيل. وربما هذا ما دفع جريدة نيو يورك تايمز، وهي صهيونية بلا مواربة للقول بوجوب الضغط الاميركي على اسرائيل.

وبهذا المعنى، تكون المقاومة الفسطينية هي قوة الضغط الوحيدة على الولايات المتحدة. لندع المؤسسة الاميركية الحاكمة تنادي بتصفية "الارهاب" والتركيز ضد حركة حماس. لكن هذه المؤسسة تعرف جيدا ان تصفية حركة سرية من هذا القبيل امر مستحيل. هناك فرصة لإضعافها، بارهاب الاغتيالات، وتجفيف الموارد...الخ، ولكن عملية واحدة يمكن ان تخلخل حركة راس المال كلها الى المنطقة. هذا جوهر  الشعار اللبرالي الاقتصادي الجديد : "تحرير التجارة الدولية" اي تجارة تنساب كجدول الماء العذب بلا صدمات ولا عقبات.

من هنا يضطر جورج بوش الى الضغط على اسرائيل التي هي نفسها في أزمة لتقديم مرونات!.

ومن هنا مرة ثانية، وجوب الحذر الفلسطيني والتقاط اللحظة.

ان موقف حركتي حماس والجهاد وكل القوى بالمطالبة بضمانات موقف صحيح. وهذه الفترة الوحيدة في الزمن المرئي التي يمكن فيها الاصرار على ضمانات وربما الحصول عليها، هذا مع العلم ان الضمانات ليست تحقيقاً للمشروع الوطني. ولا شك ان هناك عوامل ضاغطة اخرى على جورج بوش بهذا الصدد:
• هناك الانظمة العربية التي تختبىء خلف المقاومة مطالبة امريكا بتقديم مرونات
• وهناك الوضع المتفجر في العراق على غير حسبان لهذا التفجر السريع بغض النظر عمن يقوم بذلك؟
• وهناك الانتهازية الاوروبية والروسية التي تحولت من "التعفف" عن ضرب العراق الى "المطالبة بجزء من المنهوب" وهذا تقاسم غنم وليس غرم مع امريكا.
• وهناك قلق الشارع الصهيوني من المقاومة.
• وهناك السلطة الفلسطينية وخاصة الوزارة الجديدة التي عليها ان توضح للولايات المتحدة انها لا تستطيع الدخول في حمام دم لصالح اسرائيل في حين ان الشعب الفلسطيني لم يحصل على اي شيىء. وحتى الآن، بعيدا عن خطاب العقبة، لم تقم (في حدود ما نعرف)  هذه الحكومة بما يخدم المطلب الاسرائيلي الاميركي. واعتقد ان عليها المناورة في هذا المربع المأمون.
• وهناك العامل الرئيسي والقول الفصل، وهو انه رغم التعذيب الاسرائيلي لكل فلسطينيي الضفة والقطاع، فإن الشارع لم يرتد، كما يتمنى الاسرائيليون والاميريكون  ضد المقاومة

التأثير على الشارع الاميركي:

هناك فوائد بالغة الاهمية في إصرار المقاومة على ضمانات. بهذا الاصرار يتأكد للشارع الاميركي البسيط، ان الفلسطينيين ليسوا مجرد اشخاص دمويون يقتلون انفسهم ويقتلون الآخرين، إن صورة العمليات الاستشهادية هي اننا نتسلل الى اراضي الغير لنقتلهم ونقتل انفسنا! وهي صورة يعززها المثقفون الفلسطينيون الذين يشجبونها. وعلينا التأكد بأن هذه الصورة التي خلقت عن شعبنا ناجمة عن اقناع الشارع الاميركي بأن فلسطين 1948 هي ارض لليهود وهذا جهل هائل بالحقائق هو نفسه الذي يقنع المواطن العادي هناك، بأن يؤيد اسرائيل دون تردد.

بالضمانات الاميركية تحديداً، فقط يضطر المواطن الاميركي العادي للادراك بأن لنا حقوقاً، وأننا لسنا مجرد انتحاريين، وأن إعلامه الرسمي ومعظم الشعبي مخادع. وهذا سوف يغير رايه تجاه سبعة الى عشرة ملايين عربي ومسلم في امريكا. بهذا المعنى، فإننا نعيد تثقيف الشارع الاميركي بما يكشف له أكاذيب دولته واكاذيب الصهيونية معاً.

هذه العوامل جميعها، تؤكد أن بوسع البعوضة ان تدمي مقلة الأسد. وهذا ما يجب ان نتمسك به حيث يتأكد بالتمسك به أن بوسع البعوضة أن تكون أسداً.

 

 









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: إسرائيل تريد الدخول إلى رفح.. لكنّ الأمور


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق الحالية بين حماس




.. صحيفة يديعوت أحرونوت: إصابة جندي من وحدة -اليمام- خلال عملية


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. نتنياهو يعلن الإقرار بالإجماع قررت بالإجماع على إغلاق قناة ا