الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هو الشخص الذي سرق الدولة ، وسرق كل المغرب ، أمام أعين الجميع ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ان القول بسرقة الدولة ، ليس المقصود منه وبه ، السرقة التي يعاقب عليها القانون الجنائي . لكن المقصود في نظرنا ، كيف استغل الشخص الظروف المفروضة ، واستغل الظرف الفريد للسيطرة على الدولة ، وليصبح ومنذ ان كان ، هو الحاكم الفعلي ، بل رغم مستواه الضعيف والمتدني ، فهو المستشار الأول ، رئيس المستشارين ، وكل مستشاري الملك الذي يحكم باسمه ، يهابونه ويخشونه ، ومن ابتسم منهم في وجهه ، فهي ابتسامة نفاق لا غير.... ، الى درجة جعلته ليس متساويا مع الملك ، بل فوق الملك . وقد زاد من قوة الشخص ، ان الجيش وبضباطه الكبار يخشونه ، ويتعاملون معه كرئيسهم الأول ، لان الشخص من ألدّ أصدقاء الملك ، وصديقه الأول في مملكة الرعب التي جعلت ضباط الجيش يحسبون لخرجاته الف حساب ..
فالشخص الذي درس مع محمد السادس بالمدرسة المولوية Le collège royal ، والعارف لكل عيوب محمد السادس ، استغل كل هذه المعطيات ، في فرض نفسه الصديق الأول للملك ، وهو من اسقط رشدي الشرايبي عن كرسي مدير الديوان الملكي ، وكان وراء تأزيم علاقة حسن اوريد مع اكثر من جهة ، كما كان السبب الرئيسي في الإطاحة بمجموعة من الأشخاص ، فقط لأنه لم يتحملهم ، او بسبب وشاية ابلغه بها من اتقن أسلوب السيطرة عليه ، المدعو الشرقي ضريس ، الذي اوصله فؤاد الهمة الى ان يصبح وزيرا منتدبا في الداخلية ، وهناك ملفات بين الشخصين عند التعرية عنها ، ستكون فضيحة لصديق الملك ، وليس للمدعو الشرقي ضريس الذي عرف كيف يلبس الهمة كجلابة ، واستعمله في جميع الاتجاهات بما كان يخدم مصالح ضريس ، على حساب مصالح الهمة .. طبعا يتصرف هنا باسم فؤاد الهمة الجاهل لحقيقة شطحات ضريس ، الذي قضى اوتاره ، ولم يعد يعنيه لا الهمة ولا الملك ، الذي بعد ان ادرك نفسيته المهزوزة ، حتى تخطى حاجز الملك صاحب ( الهبة ) ، التي لن تصل ابدا لهبة الحسن الثاني .. العارف بتصرفات الأشخاص أمثال ضريس ..
ان القول بالشخص الذي سرق الدولة ، ومنها يكون قد سرق كل المغرب ، المقصود منه ، ليس السرقة بالمفهوم المتداول . لكن ان المقصود به ومنه ، إدارة الدولة ، ونوع الحكم ، ومعرفة من يحكم الحاكم الحقيقي ، الذي لا ينبغي وصفه بحاكم الظل ، لأنه يمارس التحكم في الدولة بنفس درجة محمد السادس ، من حيث الوضع العام ، لكن هذا يحكم الدولة بقوة يفتقرها الملك محمد السادس ، منذ ان جاء الى الحكم ، وزاد من تدهور ( قوة ) الملك ، التي استغلها الشخص جيدا ووظفها في حربه مع منافسيه ، عندما اصبح الملك مريضا يفتقد الى الضبط والتمييز . والوضع الذي كان عليه عند الاحتفال بالذكرى المئوية لنهاية الحرب العالمية الأولى بفرنسا ، والنوم يغالبه ، والرئيس الأمريكي Donald Trump يلاحظ ، كافي لمعرفة نوع المرض الخطير الذي أصاب الملك ..
اذن السؤال الرئيسي الذي سنطرحه عن نظام الحكم في المغرب الراهن ، وهو سؤال مشروع : من يحكم اليوم في المغرب ؟ . وهل نظام حكم الحسن الثاني هو نفسه نظام حكم محمد السادس ؟ . بل ان العديد من المهتمين بالشأن المغربي من أوروبيين ، وبعض المثقفين المغاربة ، تساءلوا . هل حقا ان محمد السادس من يحكم ، وقد شككوا في ذلك ، وكانت لهم حججهم البرهانية . لكن فريق المهتمين بالشأن العام المغربي ، من كتاب ، وسياسيين ، وصحافيين ،ونقباء محامين ، ومثقفين ... بعد ان اجمعوا على ان محمد السادس مجرد تمثال لا يحكم ، وان من يحكم هم من سموهم ب " البنية السرية " التي سرقت الدولة ، ووظفتها في خدمة مصالحها الضيقة ، فكان الفضح تعرية عن من يحكم وهو الحاكم الحقيقي ، ومن ثم يمكن اعتبار المرحلة الحالية كفترة انتقالية ، ستنتهي بنهاية المرض الذي افقد محمد السادس التمييز ، وجعله رهينة وحبيس سجن ( صديقه ومستشاره ) فؤاد الهمة ، الحاكم الحقيقي للدولة العلوية . طبعا ان حكومة البوليس التي سماها المثقفون المغاربة ب " البنية السرية " ، التي رئيسها صديق الملك فؤاد الهمة ، وبالعديد من العناصر كمدير البوليس السياسي المدعو عبداللطيف الحموشي ، ولقجع ، ووزير الداخلية المدعو عبد الوافي لفتيت ..... الخ ، هم من يمسك بزمام الدولة التي اصبح فيها محمد السادس رهينة سجن " البنية السرية " لأنه يجهل كل شيء يدور في الدولة .
اذن هل نوافق على تنعيت ( النعت ) هذه الجماعة التي سرقت الدولة ، ب " الحكومة العميقة " ، ب " الدولة السرية " ، ب " دولة الظل " .. وهل كان وصف المعارضة الاتحادية البرلمانية في ثمانينات القرن الماضي ، لحكومة " الظل " ب " الحزب السري " ، الذي اطلقه الدكتور محمد جسوس عن وزارة الداخلية ، التي كانت تسمى ب " أم الوزارات " ، كان وصفا دقيقا ، خاصة وان العديد من اطر الحزب ، تتعامل من بعيد مع وزير الدولة في الداخلية ادريس البصري .. وحتى هذا الوصف لم يكن كافيا لتحديد من يحكم ، لان الحُكم والحاكم الفعلي ، كان هو الحسن الثاني شخصيا . ووزارة الداخلية كانت الباب الوحيد لولوج مملكة الحسن الثاني ، او البقاء خارجها .. لأنها هي من كان ينزل ويحدد السياسة العامة للدولة في خدمة الحسن الثاني ، الذي يبقى وحده ، ومن خلال تقارير وزارة الداخلية ، المخول بترتيب البيت ، والتحكم في ضبط الموازين ، بما يجعل الملكية ضرورية لبقاء المغرب التراب ، وبقاء المغرب الشعب ..
ان هذه المقدمة التي كان لابدا منها ، هي طرح للسؤال الرئيسي ، رغم انه اثار ردود فعل متباينة ، ولم يُسِل مدادا كثيرة رغم أهمية السؤال ، فان جل الأوساط الضيقة التي اهتمت بحقيقة الدولة ، لم تكن تفي بالغرض المطلوب من السؤال . كما انها لم تكن تُصِبْ عمق الكبد . فباستثناء جماعة " البنية السرية " رغم قلتها ، لأنها تتكون من المثقفين السياسيين ، فالجواب الأنسب عن حقيقة من يحكم ، ومن هو الحاكم الحقيقي ، ظل تائها وراء التصنيفات ، التي اثارتها أنظمة حكم متشابهة ، في الطغيان وفي الاستبداد . ولم تكن مشاركة في الطقوسية ، والقرسطوية ، والتقليدانية ، ولم تكن أنظمة بتريركية ، او بتريمونيالية ، او تعيش الدولة الرعوية .. فترديد بعض المصطلحات ك " الدولة العميقة " ، دولة الظل " ، او " دولة التماسيح والعفاريت " ... كانت جبناً وخوفاً من النطق بالحاكم الحقيقي ، هل هو محمد السادس المُغيّب عندما كان في صحة جيدة ، والغائب عندما اصبح مريضا .. بل ان اطلاق نعت " المخزن " للتدليل على الغموض الذي يسود الدولة الطقوسية ، لا يفي بدوره بالغرض المقصود ، ويبقى في جميع الأحوال نوعا من الجبن والخوف ، من المجابهة مع الحاكم الحقيقي ، الذي هو اليوم فؤاد الهمة الذي ملك محمد السادس ، الذي ينتصر له حتى على ألد الناس ، كزوجته ، مدير الديوان الملكي رشدي شرايبي ، حسن اوريد ..... الخ ..
ان السبب في هذا الخوف ، وقد نعتبره نوعا من التلاعب بالمصطلحات ، ان ( النخبة ) ، ومنها المشتغلين بالسياسة ، وبالشأن السياسي ، وحتى الحربائيين تجار السياسة ، من جهة لا يريدون احراج الحاكم الحقيقي للدولة ، الذي سيحتاجونه لقضاء مرائب شخصية ، وانتظار التفاتة حنونة ، لتولي بعض المناصب والمسؤوليات ، التي يسيل عليها ريقهم ، ومن جهة لا يزعجهم وجود او عدم وجود محمد السادس ، لأنه اكثر ضعفا امام فؤاد الهمة الذي يتحكم فيه لأسباب خاصة ، تفوق ضبط وتوازن التناقضات النفسية البسيكولوجية .. ويبقى الخوف من الإشارة الصريحة للحاكم الفعلي ، نفاقا ، ونوعا من الجبن ومن ثم تفريش الطريق لانتظار جرعة من التّرْياقْ والفتات ، وفضلات الممارس الفعلي للحكم . أي الحاكم الحقيقي الذي يشهد به جميع المهتمين بالشأن العام المغربي . فالخلاصة التي توصل اليها الواقفون على خرجة " البنية السرية " ، توصلوا الى هذه الحقيقة بعد تتبع طويل ، وبعض تسجيل خرجات غير طبيعية متناقضة مع الدستور ، ومن جهة توصل الجميع الى ان انقلابا قاده الحاكم الفعلي على الملك محمد السادس ، الذي يجهل الجهل التام ما يجري بالدولة ، التي اصبح على رأسها ويقودها ، الهُمام الكبير الذي استسلم له الملك عندما كان بصحة جيدة ، فكيف لا يستسلم له اكثر ، وهو مريض المرض الشديد والخطير . انه انقلاب بالسكوت ، ومن دون ضجيج ، حتى لا يتصاعد دخان او " عْجاجة " ، تفضح الانقلاب قبل ان يستفحل ..
في العديد من الدول ، يتداول العديد من الممارسين للشأن العام ، و ( النخبة ) ، التي من المفروض ان تفرض نفسها ، انها ضمير الشعب المستلب ، بعض المصطلحات من قبيل " الحكومة العميقة " ، " الدولة العميقة " ، " حكومة او دولة الظل " . وعندنا في المغرب يستعملون كل هذه المصطلحات ، إضافة الى مصطلح " المخزن " . وفي ثمانينات القرن الماضي ، استعملوا مصطلح " الحزب السري " ، وكان وراء اكتشاف هذا المصطلح ، السوسيولوجي الدكتور محمد جسوس القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي ، طبعا حزب زمان ، وليس حزب فؤاد الهمة الآن ، للدلالة على الجهة التي تمسك بيديها كل الدولة ، وليس فقط بعض مفاصلها . وللأسف فمصطلح " الحزب السري " ، سيختفي بالمرة من ادبيات الحزب ، عندما اصبح عبدالرحمان اليوسفي رئيسا لحكومة الملك ، وليس وزيرا للوزراء الذي رئيسهم الفعلي هو الملك . بل ان الاتحاد طمس حتى لقب " الحزب الإداري " ، او " الأحزاب الإدارية " ، التي نشأت في كنف السلطة ، وبقدرة قادر ستصبح جميع الأحزاب بأحزاب جلالة الملك ، التي تتنافس بينها ، في من يكون له التشريف بتنزيل برنامج الملك الذي لم يشارك في الانتخابات ، ولم يصوت عليه احد .. مما يعني ان جميع الأحزاب عندما تشكل الحكومة ، وعند دخولهم الى البرلمان ، فهم مجرد موظفين سامين في دولة الملك ، الذي يبقى حسب الدستور هو الدولة ، وحسب عقد البيعة الغير مكتوب ، يصبح امير المؤمنين بمرتبة تعلو حتى على مرتبة ملك ، لان المرجعية دينية نابعة من القران ، ونابعة من الانتساب الى النبي .
بطبيعة الحال ، سيعرف استعمال هذه المصطلحات ، بعض الجديد في النقاش السياسي ، عندما تمكن عبدالاله بن كيران ، من سرقة نتائج حركة 20فبراير ، واصبح وزيرا أولا ، فبدأ يروج بعض المصطلحات التي تبرء مسؤوليته في تسيير الحكومة ، وليس الدولة التي تَكفّل بتدبير شؤونها ، الفاعل الحقيقي رئيس " البنية السرية " ، عندما بدأ يستعمل مصطلحات " العفاريت والتماسيح " ، الذي كان يقصد بهم الفريق البوليسي المخزني ، الذي رئيسه فؤاد عالي الهمة . كما حمّل الملك المُغيّب ، واصبح غائبا بسبب المرض ، مسؤولية نتائج العمل الحكومي ، وبرء نفسه بالفن عندما قال : الملك هو من يحكم ، وأنا اساعده .. كما عرى على دور فؤاد الهمة عندما قال ، ان الهمة يرجع له الفضل في تشكيل الحكومة الأولى ، بعد حركة 20فبراير التي كانت لعنة اصابت الصف ( التقدمي ) ، عندما اصبح عبدالاله بنكيران وزيرا أولا ، وكوّن حكومة الهمة ، لأنه هو من صنعها ، بفريق من حزب العدالة والتنمية .. وهنا لا بد من الإشارة الى ان استعمال عبدالاله بن كيران لمصطلح " العفاريت والتماسيح " ، كان يقصد به ، مسؤولية الفريق البوليسي المخزني ، عن تفجيرات الدارالبيضاء في 16 مايو 2003 ، ووجه خطابا الى الملك ، دعاه الى إعادة فتح تحقيق بشأن التفجيرات ، حيث وجه الاتهام الى " العفاريت والتماسيح " .. أي الى فؤاد الهمة والفريق البوليسي الذي كان يسيطر على الدولة .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبإلحاح . هل فقط في المغرب وحده ، تستعمل ( النخبة ) المفروض فيها ان تمثل ضمير الشعب ، والأمة ، والجماهير ، والمشتغلين بالشأن العام ، من مثقفين ، وصحافيين ، ونشطاء سياسيين ، وتجار السياسة ... هذه المصطلحات ، للإشارة الى من يحكم ، والى الحاكم الذي وحده يحكم ؟.
في العديد من الدول ، تستعمل المعارضة الجبانة ، دائما مصطلحات للتخفي والمراوغة ، مثل " الحكومة العميقة " ، " دولة الظل " .. وفي كل بلد عربي سنجد عنده " مخزنه " الخاص به ، و" حكومته العميقة " الخاصة به ، و " بنيته السرية " الخاصة به .. وهذا ما درجت عليه العديد من الأوساط المحللة للأنظمة السياسية ، حين تتحدث عن تركيبة الحكومة ، المكونة من صنفين من السياسيين الوزراء ، وهما صنف الصقور الذي قد يمثل ، او قد نعتبره بمثابة " الدولة العميقة " ، او " حكومة القرارات " ، ونعني بهم صنف الصقور الذي يتحكم في الحكومة .. والسياسيين الوزراء الحمائم ، الذين غالبا ما ينحصر دورهم في تنفيد أوامر السياسيين الوزراء الصقور ، ومدراء ومستشاري دواوين الحكم ، وحتى دهاقنة الحزب الحاكم في الأنظمة الجمهورية العربية ... فالتمييز بين السياسيين الوزراء الصقور ، ومدراء ومستشاري دواوين رئاسة الحكم ( الديوان ) Le cabinet ، قد نعتبره بمثابة الدولة العميقة ، او الحكومة العميقة .. في حين قد نعتبر السياسيين الوزراء الحمائم ، هم من يشكلون الوزارة العادية ، التي يكون دورها منحصرا فقط على تنزيل وتنفيد أوامر ، وتوجيهات الوزراء الصقور ..
لكن هل توجد مثل هذه المصطلحات من قبيل " الدولة العميقة " ، " دولة الظل " ، او السياسيين الوزراء الصقور ، والسياسيين الوزراء الحمائم ، في الأنظمة السياسية الديمقراطية الغربية ، ام هي ظاهرة شاذة توجد فقط في الدول اللاديمقراطية ، التي تبني أنظمتها السياسية على مزاج الحاكم ، ومن يدور به ، ويدور حوله ؟
وهنا . ماذا نسمي في الدول الغربية ، جماعات الضغط القوية الخارجة عن الحكومة ، لكنها تسيرها من بعيد ، رغم ان الحكومة جاءت بالانتخابات ومن صناديق الاقتراع ؟ .
وعندما يضغط اللوبي المسيطر على الاقتصاد ، وعلى العملة الصعبة من " يُورو " ، و" دولار " ، والتكنولوجية الرقمية الدقيقة ، على السياسيين الوزراء ، خاصة صنف الحمائم ، للانقلاب على البرنامج الانتخابي للأحزاب التي صوت عليها الناخبون ، وتصبح الحكومة تتصرف ضد إرادة واختيار الشعب ، الذي اختار نوع الحكومة المُشكّلة ، فيصبح كل النظام وليس فقط الحكومة ، يشتغل ضد الشعب ، كما حصل مع " فرانسوا هولند " François Hollande ، ومع " ساركوزي " Sarkozy ، وحصل مع Emanuel Macron .. هنا نطرح السؤال . الا يمثل هذا اللوبي المسيطر الذي يفرض اختياراته على الحكومة المنتخبة ، ورغم انه لم يشارك في الانتخابات كهيئات او تنظيمات ، نفس الدور الذي تلعبه الدولة العميقة ، او حكومة الظل في الدولة المخلفة ، رغم انه اكيد ان هذا اللوبي الاقتصادي قد يكون بطريقة او أخرى ، قد مول جزءا من الحملة الانتخابية للأحزاب التي ( فازت ) وتشكل الحكومة ؟ .
وهنا نطرح السؤال . هل الديمقراطية الغربية في اصلها هي ديمقراطية حقيقية ، وليست بشَبَه ديمقراطية ، او نصف ديمقراطية ، او شِبْه ديمقراطية .. لأنه من خلال العلاقة بين السياسي والشعب ، قد يسمح بالتشكيك في ما يسمى بالديمقراطية الغربية . أي هل دولة تخضع لضغط اللوبي المسيطر ، وتتصرف طبقا لتوجيهات اللوبي ، وليس باسم الشعب الذي صوت لها حين تصبح تجابهه ، هي دولة ديمقراطية حقيقية . أي هل الأنظمة السياسية الغربية ، هي أنظمة ديمقراطية ؟ .
وعندما يكون الجواب بالنفي . فما الفرق بين شَبَه و بين شِبْه ديمقراطية ، او نصف ديمقراطية .. وهي بعيدة كل البعد عن الديمقراطية الحقيقية ، وبين ديمقراطية الأنظمة السياسية المتخلفة خاصة في البلاد العربية ؟
ولو لم تكن هناك دولة عميقة او دولة ظل في اسبانيا ، تتحكم في الصغيرة والكبيرة ، وهي من يمسك ، وبيد من حديد الشأن العام الاسباني . هل كان للدولة الاسبانية ان تلتف على الادعاءات الخطيرة ، لعميد الشرطة السابق في الامن الوطني ، والمسجون حاليا Le commissaire de police nationale JOSE MANUEL VILLAREJO ، بخصوص تفجيرات مدريد في 11 مارس 2004 Les attentats de Madrid ،
والذي ذهب ضحيتها 191 شهيدا ، و 1858 مجروحا ومعطوبا .. مع العلم ان كل ما حصل قبل التفجيرات ، واثناءها ، وبعدها معروف بتفصيل .. سواء بالنسبة لمكان صدور قرار التفجير ، الذي كان في علم الرئيس الفرنسي Jaques Chirac قبل حصوله ، ولم يخبر السلطات الاسبانية .. وأسماء وعدد الكوماندو ، تونسي ومغربيين فجروا بهم شقة مدريد لإخفاء اثر الجريمة .. وكيف حصل التفجير .. وما الغاية من تفجير محطة القطار .. ؟ هل كان ضربة سياسية لرئيس الوزراء Jose Maria Aznar ؟ ...
وللإشارة فان حكومة الظل ، او الدولة الاسبانية العميقة ، هي من وقف راء اغلاق جريمة قتل الحرس الوطني الاسباني ، الطفل المغربي بإصلاحية Almeria ، وهي من ضغط لتزوير محضر الجريمة ، وان يأتي تقرير الطب الشرعي كاذبا ، ويتعارض مع الجريمة المرتكبة .. ومع الحقيقة .. لان المسألة بالنسبة للدولة العميقة الاسبانية ، هي مصالح اسبانيا بالأساس Les raisons d’Etat .. بل ان الدولة العميقة الاسبانية ، هي من سجلت باسم X ، قتل الجنرال حميدو لعنيگري مع المجموعة ، لهشام المنظري ...
بل الاكثر خطورة ، ان الدولة العميقة في ايطاليا ، خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي ، كانت تقف وراءها منظمات المافيا المختلفة ، التي كانت تتحكم في الجهاز التنفيدي ( جوليو أندرييوتي ) ( الدو مورو ) Julio Andreotti و Aldo moro عن حزب المسيحي .. كما كانت تتحكم في الجهاز البوليسي ، وفي القضاء .. فكانت هي الدولة الحقيقية ، والحكومة كانت مرتهنة عند " الكامورا " ، وعند المافيا ..
وبرجوعنا الى الدولة المخزنية ، سنجد ان كل المشتغلين السياسيين ، والمتاجرين بالشأم العام ، وحتى المعارضين بمختلف هيئاتهم ، يستعملون كثيرا عند معالجتهم لقضية تخص الشأن العام ، مصطلح " المخزن " ، ونادرا ما يستعمل احدهم مصطلح " الدولة العميقة " . طبعا مع الافراط عند الإسلام السياسي باستعمال مصطلح " التماسيح والعفاريت " ، التي يعود امر ابتكار هذا المصطلح في السياسة ، الى عبد الاله بنكيران ، عندما اصطدم بحقيقة النظام السياسي المخزني ، عندما اصبح وزيرا أولا ، بعد سرقته لنتائج حركة 20 فبراير التي كانت وبالاً ، جعلت عبدالاله بنكيران ينقلب على وعوده ، ويصطف الى جانب القصر ، حين حمل الملك وحده مسؤولية الحكم ، وبرء نفسه من ان يكون حاكما فعليا ، عندما قال . ان الملك وحده يحكم ، وأنا اساعده . وهذا طبعا اعتراف صريح بكون منصب الوزراء والبرلمانيين في الدولة المخزنية ، مجرد موظفين سامين بإدارة الملك ، وعند الملك الذي يتحلل من اية مسؤولية مدنية او جنائية ، عند ممارسته الحكم كملك ، او كأمير للمؤمنين ...
وللأسف ، ومن خلال الرجوع الى تاريخ الصراع السياسي ، بين الدولة المخزنية البوليسية ، وبين المعارضة بمختلف تجلياتها السياسية والايديولوجية ، وبما فيها حتى اليسار الماركسي .. باستثناء " منظمة الجهاد – فرع المغرب " ، و " الشبيبة الإسلامية " ، وحركات الإسلام السياسي التي ركبت السطح ابان الانتفاضات التي شهدها العالم عربي ، وشهدها المغرب بحركة 20 فبراير ، ان لا احد يملك الشجاعة للإشارة الى الحاكم الفعلي ، الذي يجسد الدولة العلوية ، طبعا هو الملك من خلال نوع شخصيته وتكوينه ، كما كان الحسن الثاني .. أقول لم يسبق للمعارضة المغربية ، ان أشارت مباشرة الى الملك ، وكان الجميع يختبئ وراء مصطلح المخزن ، وبين استعمال مصطلح القصر .. ففي الإشارة المباشرة الى الحاكم الفعلي ، يكون الموقف هذا ، دليلا على الجبن والخوف ، خاصة وان استعمال مصطلح المخزن ، يثير الغموض عند ترتيب المسؤولية الجنائية او المدنية ، على الحاكم الفعلي للدولة ..
في المغرب الذي تحكمه الدولة المخزنية البوليسية ، التي هي الدولة العلوية ، هناك شخص واحد يحكم وبمفرده ، وهو وحده الدولة ، وغيره من ( مؤسسات ) ( دستورية ) كالحكومة والبرلمان ، و" القضاء " الامامة ... هم أدوات لتنزيل برنامج الملك وخِدْمته ، لأنه هو رئيسها الفعلي . وهي نوع من القوة توجد في مشروعيتين مكملتين لبعضهما ، هما المشروعية الدستورية ، ومشروعية (عقد) البيعة الذي يجعل منه حاكما فوق الدولة ..
لذا وبالدولة المخزنية البوليسية ، الممارسة السياسية التقليدانية ، تقر بوجود الملك الذي يمثل رأس المخزن ، وتنفي بالمطلق وجود دولتين ، او حكومتين واحدة شكلية ، والثانية فعلية يطلق عليها في العديد من الدول ب " الدولة او الحكومة العميقة " . وهذا لا يعني ان " البنية السرية " تشكل نقيضا للثانية . بل ان الاجتهاد الدستوري الذي توصل اليه مكتشفو " دولة البنية السرية " ، انها شكلت استثناء ، عن دولة الحسن الثاني ، الذي جسد سلطة دولة المخزن ، بسبب تجاربه وثقافته ، وشخصيته المثيرة دوليا ، لان جنازته كانت فريدة في العالم ، حضرها رئيس الولايات المتحدة الامريكية Bill Clinton ، ووفد إسرائيلي فاق الأربعين نفر ، وحضرها الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة ..الخ .
فهل " البنية السرية " دولة ، تشكل استثناء عن دولة " المخزن " ؟ .
ان التفكير ملياً في تعرية " المخزن " الذي أصابه الضعف ، ونزول " البنية السرية " ، ربما لملء فراغ وضعف " المخزن " ، او انها سباق ضد الساعة ، لمواجهة الزلزال الذي ينتظر دولة المخزن الضعيفة ، او ضعفت بتكاثر اجتماع معطيات جديدة ، كالتهديد الذي ينتظر نزاع الصحراء الغربية ... او السبق في تكوين فريق الحكم الذي يجب ان يمسك بالدولة ، حتى لا تذهب لجهات مخزنية معارضة لأطماح (طموح) جماعة " البنية السرية " .. ، وهنا يكون ما قامت به " البنية السرية " ، انقلابا على محمد السادس الضعيف والمريض المرض الخطير ، وبالتأكيد ، فهو يجهل ما قامت به " البنية السرية " ، التي وضعت الملك في جيبها ، سيما وان المغرب ينتظر الفراغ الكبير ، وحيث ان الطبيعة لا تقبل الفراغ ، يكون تحرك " البنية السرية " ، تحضيرا لمواجهة هذا الفراغ ، الذي قد يفيد جماعات داخل القصر ، عدوة لجماعة " البنية السرية " ، التي بعد ان ضاقت حلاوة الحكم ، صعب عليها افتقاده ، خاصة اذا كان سيصبح بأيدي جماعات منافسة او عدوة ... وهنا ومن خلال مواقف الجيش الخجولة ، في تحديد الموقف الصريح الوازن ، فهو كما يبدو فظل السكوت والصمت . وبما ان الصمت دليل الرضى والموافقة ، فهل سيطرت " البنية السرية " على الدولة ، دون غيرها من الجماعات او القوى الأخرى ، حصل بموافقة ضباط كبار في الجيش ، وليس كل الجيش .. وهنا وكمحللين وكمثقفين ، نطرح السؤال . هل ما قامت به " البنية السرية " ، وبموافقة بعض ضباط الجيش الكبار ( القيادة الظاهرة إعلاميا ) ، هو انقلاب بمباركة نفر من الجيش ، ويكون الهدف من الانقلاب ، فرض شروط وخيارات ومصالح " البنية السرية " ، في اختيار خلف محمد السادس ، خاصة وان اتجاهات بالغرب ، خاصة واشنطن وباريس وتل ابيب ، تتطلع الى الخلف الذي يرضيها ، والذي لن يكون غير الأمير هشام بن عبدالله العلوي ، ويكون الهدف من انقلاب " البنية السرية " ، السبق لاتخاذ كافة الإجراءات ، حتى يكون الملك القادم ، مثل محمد السادس ، في يد " البنية السرية " ، حتى تستمر نافدة تحكم الدولة باسم الملك الجديد ، الذي سيكون رهن إشارة " البنية السرية " ، التي تتظاهر بالحفاظ على الطقوسية ، والقروسطوية ، والتقليدانية ، وتجسد الدولة النيوبتريركية ، والنيوبتريمونيالية ، والتقليدانية ، والرعوية ، والثيوقراطية ... رغم ان دناصير " البنية السرية " وزعيمها رضي الله عنه ( كان ) ، من المتعاطين للخمور الثمينة والرفيعة ..
فهل في الدولة السلطانية المخزنية البوليسية ، هناك دولتان واحدة شكلية ، والأخرى حقيقية ، هي من يحكم ، وليس غيرها من الدولة الغير عميقة ..
في المغرب هناك دولة واحدة لا اثنان ، وهنا حكومة واحدة لا اثنان ، فالدولة الوحيدة هي الدولة العلوية ، ولا توجد دولة أخرى غيرها او منافسة لها . كما توجد حكومة واحدة لا اثنان .. فعندما أدى ( الوزراء ) القسم امام الأمير قبل الملك ، فالحكومة الذي أدت القسم واحدة لا اثنان .. خاصة ومن خلال الدستور ، ومن خلال عقد البيعة الغير مكتوب ، فان الدولة ، كل الدولة هي الملك ، وهي امير المؤمنين / الدولة الرعوية ... فهل يوجد ملك آخر ، وأمير للمؤمنين آخر .. ؟ .. لم يحصل هذا في تاريخ حكم الدولة العلوية .. لكن الاستثناء الذي عرى عنه دستوريا ، مثقفو " البنية السرية " ، انهم أشاروا باليد وليس فقط بالأصبع ، لتهريب الدولة من قبل جماعة " البنية السرية " . وهذه الحالة ، تحصل لأول مرة في تاريخ الدولة العلوية ، التي زاد فيها واعطاها الأمان للنجاح ، من جهة ضعف الملك البين ، ومن جهة المرض الذي زاد على الضعف ، ليصبح المتحكم في الدولة ، هم جماعة " البنية السرية " التي لا تنتمي الى القبيلة العلوية ... يقدمون نفسهم كخدام للدولة العلوية ، قبل ان يقدموها الى ملك ..
فمن خلال تحليل المعطيات في الساحة السياسية ، تكون جماعة " البنية السرية " ، قد قامت بانقلاب ليس على الدولة ، بل انقلبت على المشاريع التي تحظر من خارج الدولة ، على الدولة ، عند حصول الفراغ السياسي في الحكم .. فأخذ الحيطة والحذر ، مِمّا ينتظر الدولة ، ومن الجماعات المنافسة من داخل القصر ، ومن خارجه ، هو ما دفع " بالبنية السرية " الى التحرك ، وطبعا ستكون قد استشارت مع جزء من ضباط الجيش الكبار في القيادة ، لإغلاق الباب على اية محاولة لتنصيب الأمير هشام على رأس الدولة ، خاصة وانه مدعم ومرشح الدول الغربية ، خاصة أمريكا وفرنسا وإسرائيل ، الذين يركزون على الديمقراطية التي تتعارض مع الدولة المخزنية التي تقدم " البنية السرية " نفسها كمدافع عنها ..
فهو انقلاب على المنافسين للحكم ، وليس انقلابا على محمد السادس الضعيف ، الذي يجهل ما يجري بالدولة ، فكان مُغيبا عندما كان بصحة جيدة ، وبسبب المرض الخطير ، اصبح لوحده غائبا ... واشتراكه في الذكرى المائة عن نهاية الحرب العالمية الأولى ، وهو نائم ، والرئيس الأمريكي السابق Donald Trump ينظر اليه ، كافية للدلالة عن المرض الخطير للملك .. والسؤال . هل من يغيب ، ويفقد اثناء الغياب ، التمييز والاختيار . هل هو اهل ليحكم الدولة ؟
وهنا نتساءل . هل الانقلاب الذي قامت به " البنية السرية " ، من اجل الأمير الحسن ؟ ، خاصة وان ما تعرضت له امه ، لن يمر مرور الكرام ، لأنه تنتظره حسابات ستكون قاسية ومؤلمة ، وانّ ما أصاب ام الأمير ، أصاب الأمير ، وأصاب اخت الأمير خديجة ؟ فهل تكون " البنية السرية " هنا تشتغل على الأمير رشيد ، للنجاة من العقاب الذي ينتظر " البنية السرية " اذا اصبح الأمير الحسن بالحسن الثالث ..؟
ومرة أخرى هل يوافق بعض ضباط الجيش الكبار ( القيادة ) على فضيحة " نور زينو " ، التي من المفروض ان تكون قد اساءت الى سمعة الجيش ، مع فضيحة " ابوزعيتر ) ..
وهل ضباط الجيش ، وجدوا نفسهم امام الحقيقة الخطيرة ، عندما وضعهم اعتراف محمد السادس امام العالم ، بالجمهورية العربية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار، واصدر ظهيرا وقعه بخط يديه بقر فيه بهذا الاعتراف ، الذي نشره في الجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد . 6539 / يناير 2017 ؟
وهل الجيش الذي لزم الصمت ، والسكوت والصمت عند القانونيين دليل الرضى والقبول ؟ .. وهنا ما العلاقة بين " البنية السرية " وبين الجيش ... فالجهة التي من المفروض ان يخضع لها الجيش هي الملك .. لكن والملك مريض ، لا يميز ، ويغيب ... فهل الجيش يخضع " للبنية السرية " .. ومن ثم قد يكون اتفاقا قد حصل بينهما ، فيستمر الجيش يخضع لل " بنية السرية " التي تمسك بالملك المريض الذي لا يميز ، اتقاء لمجيء الأمير هشام ، او الأمير الحسن الذي لن ينسى ما مرت به امه .. وهنا ما وضع الأمير رشيد من الاعراب ..؟
والسؤال . ماذا ينتظر المغرب ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل