الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَتْنٌ، إِشَارَاتٌ، وَ حَوَاشٍ

عبد الله خطوري

2023 / 12 / 21
الادب والفن


●مَتْنٌ:
يَكفُّ كَفُّ كافكا عن الاسترسال في آلكتابة، فيكبو كابوس آلكروب هنيهات في كلوم آلكبوات وينام ... ستظل يا صُوَيْحِبي تهفو صاحِيًا متعثرا بين أكوام حروف تناور تمنعها، لا آلعقل فيكَ يجدي، لا آلجسم يصفو، لا آلروح تنجو و تنتحرُ .. لكن، إلى متى هذا التمادي في تأنيب النفس والذات في عالم لا يبالي .. إلى متى هذا الإلحاح على التنقيح والتحبير والتسويد والتصحيح والتصويب والتشذيب والتكرارات والإعادات التي لا تنقطع من أجل كتابة مطلقة صافية شفيفة بليغة عميقة وجميلة À la perfection d une manière parfaite, excellente (١) تبلغ حَدَّ آلكَمال في عالم غير آبه لا هوية لا بصمة ثقافية له، سطحي مبتذل، مفرغ من العمق، (مْسَالي مع قَبُّو) (*) لا يقرأ لا يكتب لا يتواصل لا يتفاعل ... مُجَانِبٌ للصواب من يخال الكتابة مرهونة بقراءة متحققة في واقعها اللحظي المعيش .. هي فوق الزمن متعالية على المكان على الأقل في محدوديتهما القاصرة (٢) .. لن يُجديَ بَوْحُك الداخلي ما لَمْ تستطعِ آلانفلات من الحصار الساكن مفازاتك .. أكيد، عليكَ رميَ ثقل جاذبية الفيزياء وقماءة آلبيولوجيا وسخف آلهوام عُرْضَ الفراغ إنْ رُمْتَ تحلق بأجنحة خفاف، إنْ سعيتَ تجرب خفة الكائن الممكنة لتجأرَ ما أمكنك دون خشية خدش جرح أحد .. جرح ..!!.. ليكنْ .. مَنْ قال إن الكتابة فِعْلُ تخدير وتهوية لأجواء حارقة .. لا، إنها مبضع يفتق لا يرتق يخدش ينبش لا يهدأ له يراع أبدا إلا بالاستمرار في بوح مطلق لا ينتهي إلا ليبدأ من جديد .. سَمِّه سيزيفَ يعي دورة العبث، سَمّه برومثيوسَ بلا حكمة يسرق قبس الحكمة، سَمّهِ جلجاميشَ يبحث عن خلود يقين لا خلود سراب، سَمِّهِ دونكيشوتا غير واهم، سَمّه ايكاروسَ غير مبال بجاذبية، سَمِّه عنترةً يتسامى عن آبتذال معيش الأقنان، سَمِّه براقا يرفل بين الأفلاك في آلسحاب في معارج آلظلمات، سَمّه أوليسَ أورفيوسَ نرسيسَ ذَا يَزَنٍ سندبادًا فنيقًا عنقاء رخا رعدا زرقاء يمامة بأعين لا تنام، سمه الممكن في المحال، سَمه ما شئت .. الكتابة تظل في جوهرها سُمَّ حنظل علقم قاتل فاتك بمَنْ لا يملك إكسير معايشة مناعتها وممانعتها، إذا دنا مِن مرابعها مَنْ لا يتقن الغوص في مفازاتها بغرارة وقلة تجربة سيحصد ما يحصد من ثبور آلويلات وعاقرات آلعذاب .. (٣) .. آه .. لو نستطيع تجربة مثل ذا البوح في تواريخ حيواتنا الصغيرة والكبيرة المترعة بألف لغم ولغم .. آه .. لو نستطيع كلنا كتابة ذواتنا كما تشمها أنساغنا كما نعرفها كما عشناها كما سمعناها كما حُكِيَتْ لَنَا كما آستشعَرَتْها مسامُنا كَمَا أبصَرَتْها أسماعُنا كَمَا لمسَتْها قلوبنا كَمَا تَذَوَّقَتْها حواسنا .. كمااا .. ربما يبدو الأمر أقرب الى الاستحالة منه إلى مقارعة طواحين الممكن في المحال (٤) .. فهل مازال ثمة معنى رمزيا اليوم في أن ينعزل كائن ما بصيغة آلمفرد وحيدا في غرفة ضيقة معتمة ليكتب كتابا مَا بذخا دسِما على شاكلة رسالة الغفران وكوميديا الإله وملهاة الإنسان (٥) يستغرق تسويد تفاصيله طاقاته كلها وسنوات كاملة من عمره ..؟؟.. أظن السؤال الذي طرحه شغف المفكرين لم يعد له جدوى، رغم كثرة تكراره، إذ الإجابة أضحت مما لا يدع مجالا للشك مُضَمنة في ثناياه .. ما الفائدة التي جلبتها الكتابة لكاتبيها أو لغيرهم ممن يعنيهم شأن الكاتب وشأن أنفسهم .. كل ما كُتِب حتى الآن _ يرى (تشيخوف) ونظراؤه _ لم يؤثر في المدعو واقعا قيد أنملة .. الناس تقرأ _ إذا قرأتْ _ من باب الفضول والمجاملة وتجزية الوقت وزيادة الاستهلاك لا غير .. عادة القراءة كانت إدمانا مزمنا في القرون الماضية لما كانت القراءة فارضة سيادتها على المتعلمين والمتعالمين سيان؛ أما الآن، فتفاقمت ضراوة وحدة الكتبة والكِتاب في غرفهم الجاحظية المغلقة التي لا يطرق أبوابها أحد .. إنهم في أبراج في جُزُر متعالية لا مَد في ضفافها لا جَزْر لا وضوح لا فهم لا صلة لا وصال لا تواصل .. الشيء الذي ساهم في آزدياد الفجوة بين العالَمَيْن : عالم الكاتب وعالم اللاقارئ ..الناس تقتصر في تواصلاتها الآنية على عوالم الافتراض في الجانب الاستحواذي الاقتنائي الذي يجدونه " سهلا ماتعا " دون خوض غمار المناطق المستفزة للدماغ المثيرة للمتاعب (٦) ... فعلا، كان للأمر رُواء وشأن، وأي شأن بالأمس فقط، عهد الإلياذا والأوديسا وسير الملاحم وألف ليلة وليلة وأعالي توماس مان السحرية (٧) وعتبات دوستويفسكي جولات تولستوي موسوعات الجاحظ غربات التوحيدي فَلَتات فلوبير تأريخ بلزاك طبيعية زولا حميمية هنري بيل بكائية هيجو تفاصيل جيمس جويس بحوث مارسيل بروست .. بل وعهد خطرات جبران مثالية نعيمة تجارب محفوظ صولات حنا مينه اركيولوجية مُنيف زلازل زفزاف وخشخشات محمد شكري (٨) .. كل ذلك وغيره كان طقسا عاديا رومانسيا مألوفا يعتز به آلمتوغلون في مهامه المقروءات؛ أما الآن، فقد يُنظر إلى مسودات المصنفات (٩) بعين آلتوجس أو الشك والريبة أو الارتباك أوالشفقة في أحسن الأحوال ... القضية، رغم كل شيء، ليس لها علاقة بمؤشر الزمن بصيغته المحدودة "اليوم"، فالكتابة بمفهومها العميق كينونة خارج حدود الوقت .. الكتابة فعل تمرد رافض ثائر على كل شيء، حتى على مَنْ يكتبها، إنها إعادة إنتاج التمرد الأزلي الذي طالما سلكه الإنسان الأول بخروجه كمخلوق عن طاعة خالقه .. الكتابة جذوة مشتعلة من مُطْلق يروم سباحة في الأزمنة كلها في الأمكنة جملة وتفصيلا ما آستطاعت إلى ذلك سبيلا .. لذا، ليس عليها أن ترتبط بأي ظروف كيفما كانت، أو دوافع خارج الذات، أو عوامل أو مثيرات كانت أو ستكون ما خلا بواعث حميمة خاصة تعيشها الكتابة الشغوفة ساعة الانكباب على الإنجاز في لحظات معينة يُحولها فعلُ الغطس في التداعي المسترسل الى قَدَر محموم محتوم يحط بردا وسلاما بكلكله الثقيل على قلوب المولعين الممسوسين بحب نيران تحبير التفاصيل الدقيقة المتدفقة التي تنثال على القريحة سلسبيلا شفافا رغم آلجو العاثر والإعصار الجارف لشبه حياة لا تساعد ذوي الحساسية المرهَقَة أبدا ... على كل شغوف أن يتشبت بهذه الشعلة الهائجة وبقدرتها النابعة من الدواخل من أجل مزيد من العطاء السخي بلا مقابل بلا غاية بلا مطمع يصفد المسير .. على كل مولع بجنون آلوله التمسك بإرادة التسويد ومزيد من التحبير والتحرير وتشتيت الخربشات والتشطيب والتمزيق والإثبات والإلغاء والإبقاء والإهمال ومراودة إكسير الإعادة والاستعادة والاستزادة ... مقبرة الكلمات تكمن في تلبية ما يطلبه الجمهور وإرضاء نزوعاته .. صدق الروائي اليباني هاروكي موروكامي حين قال ..‏ "إذا كنت لا تقرأ إلا الكتب التي يقرأها الآخرون فلن تفكر إلا كما يفكرون.." .. مقبرة الكلمات أن نتكاسل ولا نجتهد ونناور ونختزل الزمن المارق من أجل تكثيف القراءة الجادة وإعادة القراءة العميقة لأُمّات الكتب، للأصول، لعيون الشعر الإنساني لملاحم السرد العالمية للكتابات التي بلا ضفاف .. لا عمر مديد لدينا لنبذره في قراءة تفاهة يبيسْتْ سِيليرْ من سفاسف ما يتهافت عليه جمهور القراء .. مقبرة الكلمات أن يغدو الأدب ينغل بروائح زنخة لحياة تتفسخ على مهل .. مقبرة الكلمات أن تغدو الكتابة مهرجانا لدغدغة العواطف وإعادة إنتاج رغد عيش لوغولاكس المفقود في معيشنا اليومي .. الأدب وجع، مغص، جهد، بحث، تركيز، خلخلة، قلق، إقلاق، استفزاز، تنغيص، تشويش، نخسٌ للجراح، إثارة متاعب ومشاق لا تعد لا تحصى، وليس تسلية وقت وتسرية وسلوى ناموا لا تستيقظوا نَعْسُو نْغَطِيكُم (**) .. مقبرة الكلمات أن تمسيَ المكتوبات هدنة ومهادنة، وتمسخ تواطؤا في السر في العلن وتتحول كينونة غير كينونتها ... الكتابة الحقة تحتاج لأمر (اِقرأ) وأمر (اقرأ) يحتاج لِ : ( يا أيها المدثر قم فأنذر ... ) تحتاج لقيام النهار والليل دون برم أو كسل أو تعب (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ ... ) .. لذلك، آن الوقت لإعادة الاعتبار لمكانة القراءة الحقيقية التي تتفاعل إيجابا والكتاباتِ العميقة الرصينة العذبة الجادة لا المزيفة ... ليبتعدِ القراء عن صَرعات مودات المقروءات وشعارات حملات القراءة والإقراء الموسمية التي ينتجها الرأس مال العالمي التي عادة ما تصادفنا في واقعنا الواقعي والافتراضي .. لا .. لن تنفع طالبَ ثقافةٍ أصيلة وَصَفاتُ الخيميائي ولا خطلات ذاكرة الأبدان ولا آستيهامات انتيخريستوس في أرض السافلين ولا كوبي كولي سوقة أفلام شياطين غورْ هاليوين هوليوود نيكروفيليا وما لف لفها .. لترتق أذواق القراء .. لتَأُبْ إلى ذواتها .. لتمسح الغبار عن مُوقها .. ليقرؤوا الأصول لا شيء غير الأصول .. إذَا بُليتَ بمصائب الكدية فآقصد الخيم الكبار إياك والسفلة (***) .. لِتَسْمُ أذواقنا إلى شاهقات الأعالي لأن في نهاية المطاف ما يَبْقى ف الوادْ غيرْ حْجَارُو ... بلسمٌ هو ذاك التوق إلى الذكرى وآسترجاع اللامحدود من تجليات الحواس المنفلتة الهاربة تُحولها خيالات جامحة إلى أجنحة ملونة محلقة تتخلص من ثقل جاذبية الراهن إلى رحابة آفاق بلا ضفاف .. ولعل شيئا من ذا وذاك، يمكن أن يجعل من فعل مناورة الكتابة في زمننا الراهن زمن التوك التِيكْ (****) والنِيتْ والنيتفليكس والشّاخابيطْ إنجاز حرية وآنعتاق من براثن أقفاص أوباء سخام الإسمنت والحديد والنحاس والنيون وتفاهة الابتذال ليظل عُصَيْفيرُنا شاديًا مغردا يعاني .. نعم .. لكن، لا يبالي...

●إشاراتٌ وحَوَاشٍ :
١_إشارة أولى :
قال القاضي الفاضل عبدالرحيم بن علي البيسانيّ يعتذر إلى العماد الأصفهاني عن كلام استدركه عليه: " إنه قد وقع لي شيء وما أدري أوقع لك أم لا؟ وها أنا أخبرك به، وذلك إني رأيتُ أنه لا يكتب أحد كتابا في يومهِ إلا قال في غَدِهِ : لو غَّيرَ هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يُستحَسن، ولو قدَّم هذا لكان أفضل، ولو تُرِك هذا لكان أجمل.وهذا أعظم العبر، وهو دليل على آستيلاء النقص على جملة البشر "...

٢_إشارة ثانية :
في إِحدى قصص بوزاتي، يكتب أحد الكتاب الشيوخ لأقربائه الرسالة التالية: ( في الخفاء ألَّفْتُ كُتبي الحقيقية التي كان من الممكن أن ترتفع بي الى سماء المجد السابعة.لقد كتبتها وأغلقتُ عليها في الصندوق الكبير الموجود بغرفة نومي.هناك اِثنا عشر مجلدا، اِقرؤوها بعد وفاتي.
فيما بعد ذهب أقرباؤه وفتحوا الصندوق الذي كان يحتوي على آثنتي عشرة حافظة من الحجم الكبير، وفي كل منها مئات الصحائف. على الصحائف لم تكن أية علامة.
لا يُعرفُ سر الكاتب الا بعد موته، وذلك لكون الكتاب الحقيقي يرتبطُ ببياض الكفن، بمحو العلامة وارتهان المعنى، وبالحبسة المطلقة للموت. فالكتب المؤلفة زائفة، إِذْ تعاني من نقص وعيب لا يمكن أنْ تحجبهما العلامات المتْخَمة بالمعاني، المسجلة على أوراقها.في المقابل، هناك "الكتب الحقيقية"، تلك التي لم تُكْتَبْ بعدُ. فغيابها هو الذي يحقق كمالها لأن صفحاتها لم تشوهها أية كتابة، ومن ثم فهي تحبل بإِمكانات لا نهائية ووعود غير مُسْتَنْفَذة.

عبدالفتاح كليطو
العين والإِبرة.
الفصل الثالث:الكتاب القاتل.
صفحة:53+54
_ dino buzzati
le secret de l écrivain
livre de poche

٣_إشارة ثالثة :
(في رواية "اسم الوردة" لأمبيرطوريكو، يقوم الراهبُ غيوم دوباسكرفيل بتحقيق في سلسلة من الوفيات كانت قد حدثتْ بصورة مفاجئة بأحد الأديرة.ولا تتضح له الأمور الا حين يكتشف أن الضحايا قد ماتوا على إِثر قراءة كتاب مسموم كانت أوراقه ملتصقا بعضها ببعض. ولكي يتم فصلها عن بعضها، كان القراء يبللون أصابعهم بألسنتهم.يتعلق الأمر بالكتاب الثاني من فن الشعر لأرسطو الذي كان يعتقد الجميع بأنه ضاع، بينما يحتفظ الراهب جورج بالنسخة الوحيدة منه.ولقد عمد الى اخفاء هذا المؤلَّف، الذي يتناول الكوميديا والهزل، معتقدا أنه يهدد العقيدة، وحفاظا عليه دهنه بالسم. في النهاية يفضل أن يلتهمه،أي يفضل الموت، على أن يتركه في متناول القراء.)
_عبدالفتاح كليطو/العين والإِبرة/الفصل الثالث:الكتاب القاتل/ترجمة:مصطفى النحال/مراجعة:محمد برادة/صفحة: 54
نشر الفنك للترجمة العربية/الدار البيضاء
عام 1996.

٤_حاشية أولى :
كلّما أسرعتَ في البوح، كتبتَ برشاقة أكثر، أصبحتُ صريحاً أكثر، بيدَ أنَّ هناك متاريس تخلقها الجماعةُ والمحيط والأحباب يغرسونها في مهامه نفسكَ فتفكر في ذا وذاك وتلك وهؤلاء وكل الناس وتنسى الانطلاقة التي كنتَ فيها ويذهب الحبل السري من بين أناملكَ ويستوعبكَ الطوقُ وتغدو محاصرا_شئتَ أم أبيتَ وعيتَ ذلك أم لم تعِهِ_ من طرف أعز الناس لديك، فتغرق في محطات الوقوف وتطيل التفكير وإعادة التفكير دون يصل القلب الذي يخفق في جوانحك ولا العقل الذي يَرُومُ ولايرومُ .. لنَ تصلَ الى شيء ذي بال، لأنكَ ببساطة تكون قد أدمنتَ التفكير في الآخرين أكثر مما يجب فعله، وتقول لنفسكَ بعد فوات الأوان : كان عليكِ أيتها البلهاء أنْ تكتبي بوحكِ بصراحة صادمة ولا يهمك أي شيء أي شيء...

٥_الكوميديا الإلهية : دانتي
_الكوميديا الإنسانية : هنري دو بلزاك

٦_قديما قيل لأبي تمام : يا أبا تمّام لِمَ تقولُ ما لا يُفهَمُ ؟ فردّ أبو تمّام : لِمَ لا تفهمُ ما يُقال؟

٧_حاشية ثانية :
مع رواية توماس مان الألماني في جبله المعرفي السحري ألف ونيف من الصفحات للذي يروم تجربة قراءة الكتابة العميقة بصبر وأناة في زمن الرذاءات .. إن شخوص توماس مان شباب يا أيها الشباب كلهم يعشقون الفكر والموسيقى والأدب ويشعرون، نتيجة لذلك، بضيق البيئة التي ينتمون فيها آملين في الخروج منها والهرب من واقع لا يتعايشون معه، لكنهم جميعاً يشعرون بحنين دائم وقلق ميتافيزيقي وجودي لا ينتهي. إن هناك هوة تفصل بين هذه النفوس وبين الناس العاديين، السعيدين بالحياة، ولكن حنينا كثيفا يدفع بهم الى أن يشاركوا الناس أفراحهم وأعيادهم.ومن هنا كان تشاؤمهم وبرمهم بالحياة.ذلك لأن ألمهم ووحدتهم وعزلتهم، ليس نتيجة خطيئة فردية بل مرده الى البنيان العام للوضع الاجتماعي المعيش

٨_إشارة رابعة :
لمحمد شكري فقرة تختزل رأيه في الكتابة السهلة أو المستسهلة التي تصل في استسهالها درجة الإسهال .. يقول : " أعتقد أن المصابين بإسهال الكتابة هم الذين يخلقون لنا قراء سطحيين لم يعرفوا بعد كيف يختارون ما يقرؤون.إنهم يكتبون كما لو أنهم يمارسون هواية جمع الطوابع البريدية.(وهناك دور نشر تدعم عملهم شهريا أو سنويا بتسبيقات تكفل لهم عيشهم في انتظار عمل جديد) يرتبون الأشياء، يسلسلون الأحداث، يحشرون كل التفاصيل الدقيقة بحماس خشية ان يفلت منهم كل ما يحدث حولهم بحذافيره، ساذجو الكتابة هؤلاء قد يحصدون مرة أو مرتين غلتهم،لكنهم غالبا ما يواجهون العجف الأدبي بقية حياتهم الأدبية. إنهم إذا سقطوا في المجاعة الأدبية فليس سهلاعليهم أن يضمنوا لأنفسهم القيام منها مرة اخرى، مصيرهم مقبرة الأدب ".
_محمد شكري
_من"غواية الشحرور الأبيض"

٩_حاشية ثالثة :
الكتبُ البذخة تُصيبني في مقتل، متى آستطاع هؤلاء كتابة كل هات آلكلمات، يقولها لساني متأففا وأنا أتصفح بالكاد تلك الصفحات الأولى أتثاءبُ أثناءها ثم أنام ...

☆شروح :
*مْسَالي مْعَ قَبُّو : تعبير دارج مغربي يطلق على سلوك من لا يأبه بأحد ولا يهتم بشيء يحيا هائما في حياة كالحياة لا شغل له لا مسؤوليات
**نَعْسُو نْغَطِيكُم : ناموا لندثركم
***تعريب للمثل المغربي ( إذا بْلَاكْ الله بالسعايا اقصدْ لَخْيَامْ لَكْبارْ )
****من الأقوال المغربية المأثورة في أزمنتنا الراهنة قولهم: ( المغاربة سدو لهم بويا عُمر وحللولهم تيك توك ) أي أغلق المعنيون بتدبير معيش الأنام ضريح (بويا عمر) الخاص بالمعتوهين وعوضوهم عن ذلك بالمدعو تيك توك لاستكمال شفائهم غي المرتقب ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع