الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القانون السوري لا يحمي المغفلين ولا المبدعين

درويش محمى

2006 / 11 / 22
كتابات ساخرة


حماية الابداع الفكري وصون حقوق الملكية الفكرية ، ظاهرة خاصة بالعالم الديمقراطي الحر والمجتمعات المتحضرة المتقدمة ، بالرغم من ان القرصنة الفكرية كفعل جرمي ، هو اكثر شيوعاً وانتشاراً في العالم الثالث والدول النامية ، واكثر انتعاشاً في ظل الانظمة الاستبدادية والشمولية الاحتكارية ، وقد يستغرب البعض اذا اطلقت على القرصنة الفكرية تسمية الظاهرة الحضارية ، والعبرة هنا بوحدة وتكامل وتعاضد المنظومة التشريعية والاخلاقية في العالم المتحضر والديمقراطي، وموقف المجتمع والمشرع من السرقة الفكرية ، واعتبارها افة خطيرة وجريمة معنوية لااخلاقية يعاقب عليها القانون ويرفضها المجتمع ، شأنها في ذلك شان السرقة المادية العينية ، والمشرع والمجتمع يتكفلان معاً بحماية المعتدي عليه بكل الوسائل والسبل ، ويعملان على صون حقوق الملكية الفكرية، على عكس دول ومجتمعات العالم الثالث ، حيث اقتبس المشرع النصوص الشرعية الخاصة بحماية الملكية الفكرية دون التقيد بها ، وتساهل المجتمع بشأنها واعتبر الملكية الفكرية حق مشاع ومباح للجميع .

سوريا بحكم كونها تنتمي لمجموعة دول العالم الثالث قلباً وقالباً ، تشكل مثالاً نموذجياً للدولة النامية التي لا تقر ضمناً بحق الملكية الفكرية ، ويعتمد النظام السوري سياسة تشجيع الفساد والانحراف بشكل مدروس ومقصود وممنهج ، والفساد المستشري في كل تفاصيل اجهزة الدولة والمجتمع السوري لم يأتي من عدم ، بل خدمة ونتيجة لاجندة واهداف وخطط سنوية وخمسية وعقدية استراتيجية ، تخدم سياسة البقاء على سدة الحكم لاطول فترة ممكنة ، والاستبداد والفساد توأمين لا ينفصل احدهما عن الاخر، ومجتمع ضعيف غير مبدع وغير منتج لا ينتج الا الاستبداد الحاكم من جهة ، والضعف والتخاذل والخوف واللامبالة في المجتمع المحكوم من جهة اخرى .

ما تعرض له الاخوة الاساتذة الصحفيين" الشباب الطموح والجريء" القائمون على الموقع الالكتروني السوري" زمان الوصل" من اعتداء جرمي وقرصنة فكرية ، أمر لا يدعو للدهشة والاستغراب ، لان سرقة الفكر امر اكثر من عادي واكثرمن طبيعي، في بلد ترتكب فيه العظائم والكبائر ، وتسرق فيه الحريات وتنتهك فيه الحرمات في وضح النهار، ولا وجود فيه لما يسمى بحقوق الانسان ، ويعاني المواطن من كل انواع الظلمات والمعانات والاضطهاد والتعسف، ولا سلطة لقانون اوقضاء ، والسلطة العليا في البلاد هي للامن والمخابرات ، وباختصار" حاميها حراميها".

الامر الذي يدعوا للحيرة والعجب ، ان الاساتذة الصحفيين والكتاب في زمان الوصل الموقع الالكتروني السوري الحمصي المتميز ، قد ثارت ثائرتهم وجن جنونهم لسرقة مشروعهم التحرري " ملتقى الجولان" ومعهم الحق كل الحق ، وحالهم يدعوا للشفقة ، ليس فقط بسبب ما تعرضوا له من سرقة واعتداء ، بل كونهم جماعة غير "مدعومين" ، وكل من لا دعم له في سوريا اليوم لا حياة له ، ولكن في الوقت نفسه اعتقد ان الاساتذة ـ الشباب ـ طموحين للغاية وطوباويين بعض الشيئ ، وهم يرغبون بتحرير الجولان بالقرطاس والقلم ، وعن طريق منتدى اعلامي تحت اسم" ملتقى الجولان"، وهم يعرفون حق المعرفة ، ان الجولان المسكين المحتل منذ اربعة عقود ، لم تحرره كل الشعارات القومية العروبية البعثية ، ولا الندوات الثقافية الرسمية ، ولا المؤتمرات القومية ولا القطرية ، ولا جلسات المؤتمرات السنوية للصحفيين والمحامين القومجيين العرب الدورية.

جرائم سرقة الفكروالاعتداءعلى حقوق الملكية الفكرية "ترمومتر" دقيق للغاية ، يقاس من خلاله مدى تحضر الدول والمجتمعات ، ورقي وعدالة نظامها القانوني والقضائي من عدمه ، ففي دولة القانون تتضائل القرصنة الفكرية وعلى العكس في دول اللاقانون تنتعش القرصنة وتزدهر ، ولأننا في سوريا محكومين بقانون الطوارئ السيئ الصيت ، وكل شيئ في حياتنا طارئ ، لذلك ادعوا الاخوة المبدعين من اصحاب الفكروبشكل عاجل وطارئ ، ان يحتفظوا بافكارهم في قحوفهم ومشاعرهم في قلوبهم والسنتهم في افواههم لكثرة الحرامية والصلبجية ، والقانون والقائمين عليه في سوريا البعث ، غير معنيين لا من قريب ولا من بعيد ، بحماية المغفلين ولا المبدعين من المواطنين .

ونصيحتي الطارئة والخاصة جداً للاخوة الاساتذة في زمان الوصل ، ان ينهلوا من العرق الحمصي ديك الجن وبكثرة

، عندها فقط قد يتحول حلمهم الى حقيقة ، ويعود ملتقى الجولان التحرري الى اصحابه المبدعين الطموحين، ويعاقب الجناة اشد العقاب ، ويطلبون الرحمة والشفقة والغفران ، واذا ما افرط الاساتذة في الشرب بعض الشيئ ، قد يجدون حلمهم الاكبر بتحرير الجولان يتحقق عن طريق مشروعهم التحرري ملتقى الجولان وبالقلم فقط ، وانا لا انصح بالعرق لوفرته وطيب مذاقه ، بل لكونه الوصفة السحرية الوحيدة ، لاستعادت الحقوق المهدورة والاحلام المسلوبة ، في زمن لا وصل فيه ولا من يحزنون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال