الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رضوي عاشور امرأة من ذهب ١٢

بهاء الدين الصالحي

2023 / 12 / 24
الادب والفن


رضوي عاشور : امرأة من ذهب ١٢ .
تكون قيمة المبدع عندما يتناغم حدسه الإبداعي مع تطور الواقع وتجاوز لحظته الانيه وبلورة الواقع الطبقي والفئوي والإجابة عما هو مجتمعي في سياق التطور المجتمعي، وبالتالي فأن الزمن المضمر في إبداع هؤلاء هو مزيج من الشكل العام للحظة التاريخية وكذلك قدرته كسلوك حياتي علي تمثل تلك المرحلة في سماتها العامة وقدرة المبدع علي خلق الموازي اللغوي والفني وفق قواعد الجنس الادبي وليس المعادل ،لأن مفهوم المعادل مرتبط بفكرة البناء الفوقي بما يحمل من احتمالات الاكتفاء بالمقاومة لغة وليست الحياة مقاومة، وبالتالي تصبح الإبداعات بديلا عن الحياة ووسيلة للتبرجز واحتواء الطبقة او الفئة من خلال احتكار الحديث والمتاجرة من قبل أجهزة الدعاية ذات التوجهات القاهرة.
هل لزمت تلك المقدمة للحديث عن رضوي عاشور ؟
نعم ولكن الإجابة في عدة نقاط رئيسية :
1 الطبقة الوسطي التي ننتهي إليها جميعا والتي نشكو بكائية سقوطها يوميا من خلال التركيز علي المدخل الاقتصادي والتركيز علي بعض ملامح الانسحاب المدوي لبعض رموزها سواء بالانضمام لمضاد ما بدأت به حياتها او الانضمام لهياكل التدين الشكلي، وكأن الإسلام قد بعث مع طاهر الجزائري الذي خرج مت عباءته رشيد رضا وفتح الله الخطيب وحسن البنا ؛ ولكننا هنا مع رضوي عاشور التي مارس ابطالها فكرة تجديد مقاصد المقاومة بمعني تجاوز كل مرحلة لما يليها من مراحل وذلك لان المقاومة ليست مجموعة الصرخات التي نمارسها شبابا ولكن المقاومة هي طائر الفينيق الذي يخرج من الرماد المحترق ،ولعل ذلك تجسد في رواية فرج تلك الرواية التي حملت نهاية واحداث هي تنويعة علي ادب المقاومة في بعده الإنساني، حيث تلك المرأة التي جسدت عدة أبعاد اهمها التفاعل الواعي مع الاخر حيث اخذت من فرنسا فقط ثورة ١٩٦٨والتي احتكت بها خلال زيارتها لأمها، وكذلك سردها لبعد خاص في تجسيد البعد الإنساني في التعامل مابين الغرب والشرق من خلال ضرورة الانفصال مابين امها الفرنسية وابوها الصعيدي عندما أخطأت ولامته لماذا يبكي عند هزيمة ٦٧ وخروجه لمظاهرات ٩،١٠يونيو ١٩٦٧ لتأييد عبد الناصر الذي سجن في عهده ،وكذلك استمرار مشاركتها كأبنة في المظاهرات دعوة لحرب الصهاينة ،ولعل أخطر ما قالته رضوي هنا هو تحليلها لمعاناة جيلها حيث تنوعت المصائر فجاءت اروي صالح منتحرة بعدما ألفت كتاب المبتسرون لتحكي فيه أزمة العزلة التي عاناها جيلها من تضارب ذلك الحلم، ذلك التضارب الذي جاء علي لسان زوجة الاب : هو الراجل الكبير ده ماله ومال العيال دول ؟
وكأنها تفجر السؤال الوجودي لماذا يقهر كبيرنا صغارنا، وهو سؤال كان مبعث انتحار اروي صالح ،ولعل بساطة التناول والبطولة من خلال اعتيادية الحياة وكأن الحياة بالحد الأدني من قيم المواجهة من خلال استمرار الحكايات عن المقاومة للأبناء وليس شرط البنوة المباشرة فتأتي حكمة ان تضحي الحلقة الوسطي من حلقات المقاومة كبرزخ مرور لتستمر قيم المواجهة، ولعل البعد الرئيسي في إبداعات رضوي عاشور ان تكون البطلة قادرة علي قراءة الاخر من خلال التعامل المباشر مع ادبياته دون وساطة ،ولعل مفتاح ذلك تلك الجملة الخالدة والتي وردت فر رواية الرحلة وهي رواية سيرية من نمط خاص حيث تعكس ايزيس بنمط معاصر ،حيث قالت : ذهبت دون حالة الانبهار التي ذهب بها الشيخ المعمم، بل ذهبت مدركة من هو الاخر .
لتتماهي رضوي عاشور كذلك مع عبدالوهاب المسيري ابن جيلها والذي شكل البعد الأكاديمي في دراسة الاخر من موسوعة اليهود ودراسته لمفهوم العلمانية ، وكذلك حسن حنفي الذي اعتبر نفسه الجيل بعد التالي لسيد قطب وطرح مفهوم اليسار الاسلامي وطرح مفهوم الاستغراب ،والثلاثة تجاوز ومرحلة الانبهار ، وأن جاءت رضوي عاشور سابقة في طرحها الادبي للتعبير عن قيم تلك المرحلة .وبالتالي جاءت رواية فرج في نهايتها لتشهد بفكرة المشروع الوطني الذي سوقته رضوي من خلال إنتاجها الادبي .
اولا تناصت مع رواية صدرت في المغرب عن ادب السجون ليكون ذلك متوافقا مع حلم البطلة علي طول الرواية ان تكتب رواية عن ادب السجون ،ولكن لماذا ادب السجون ؟ تكون الإجابة هنا أن العزلة هي احساس بالموت الوجودي وأن سبل استبعادها تقوية الذاكرة من خلال الاستدفاء بذكري الراحلين وكذلك خلق تاريخ يدفأ القدامى ويشرعن نزق الصاعدين في اتجاه قيم الحرية ، علاوة علي ملء ذاكرة الجيل الجديد من المقاومين ان لهم تراث وسابقون وبذلك يخلق الأدب نوعا من خلق جماعة مرجعية .
ثانيا لعظمة الرواية وعدم ذيوعها في ظل انتشار روايات الازمات النفسية وكأن الشباب المصري أصبح مصابا بأزمة الارتداد النفسي ،ولعل عظمة تلك الرواية والتي كتبت في سجن ( تزما مارت) بالمغرب حيث حل سرب من الحمام البري يبني اعشاشا في السقف واستقبل السجناء ،وماهي الا ايام حتي سقط فرخ من الحمام لم ينبت له الزغب بعد فتبناه احد السجناء واطعمه وسماه فرج ،ولم يلبث فرج الا أن أصبح متبني الجميع حتي كبر، وصارت حرية فرج حتي لايأخذه الحراس ويذبحوه ،هنا ممارسة جديدة لطقس الحرية حتي وأن كان لفرخ الحمام، هنا تبدو انسانية ادب المقاومة، وأن الحرية حاجة انسانية ،ليأتي ذلك الملائكي فرخ الحمام ليكون رمزا ،صياغة مشهد مباحثات السجناء لمناقشة كيف ينقذون فرج حيث أطلقه مرزوقي وتعالت صيحات السجناء من فتحات الزنازين ،ولكن فرج خاض مغامرة التكيف مع مجتمع الحمام ،وظل فرج يروح ويجئ حتي عاد في سرب حمام منتفخ الاوداج واتخذ لنفسه عشا تحت سقف السجن ليفرز نمط جديدا من الوجود يضاد قتامة القهر ،لم لا وأن الإنسان تعلم من الطير كثيرا ،ولكن مرزوقي ذلك المسجون الذي اوي ورعي فرج خرج من سجنه في ١٥ سبتمبر ١٩٩٥ سجل تجربة فرج في كتابه ( الزنزانة رقم ١٠).
ويذكرنا ذلك بنمط من ادب السجون اختطته أقلام سبعينيات القرن الماضي وهما علي منهجين : الأول اختطه اليسار المصري ورووا فيه كيف أقاموا حياة اخري اذكت عقولهم كنوع مت المقاومة .
الثاني ادبيات سجون الإسلام السياسي وكأن ذلك النشر الذي ذاع بتشجيع من دولة السبعينيات لتكثيف دمامة عصر عبدالناصر وكأنه لم يكن الا سجون.
نعود الي الرواية لنكتشف الذكاء الروائي لدي رضوي عاشور في انها تجبر القارئ بتلك النهاية علي قراءة الرواية وفق تلك النهاية فلما لا نسقط العنوان الخاص بالفصل قبل الأخير وهو ( زهرة العمر – سجن العمر ) وكأن رضوي تعلن ولاءها للإصلاح من ثقافة بلادها باستدعاء عنوانين لتوفيق الحكيم ،وكأن عمرها الذي اختزل مابين عملها وتربية أخواتها من ابيها ليصبحا استمرارا لأبيها الاستاذ الجامعي الذي عاني ويلات السجن، وبالتالي يتوافق اخويها مع فرج ذلك الفرخ من الحمام ،هنا تعيد إلينا صورة ايزيس التي لملمت بقايا جثة زوجها وكأن تفتت رموز جيلها من المقاومين مثل حازم الذي تربح واروي التي انتحرت وسهام التي تلاشت مع اكتئابها لتكون رضوي خلال النموذج الذي قدمته من خلال الولدين ان تجاوز الذات والاخلاص للقيمة وليس للذات .
ولكن رضوي تعبر عن هموم جيلها من خلال ملامح البطلة التي تكررت عبر رواياتها وكذلك محورية المكان جامعة القاهرة وتمثال نهضة مصر حيث شهدت تلك المنطقة صرخات قدت من روح ذلك الجيل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا