الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحالفات : ضرورتها وأشكالها

تاج السر عثمان

2023 / 12 / 23
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


اوضحنا سابقا ضروة قيام تحالف جماهيري لوقف الحرب اللعينة الجارية حاليا واسترداد الثورة التي مازالت جذوتها متقدة، ونتابع في هذا المقال ضرورة التحالفات واشكالها في النقاط التالية:
1- التحالفات وطبيعة المرحلة.
2- انواع التحالفات.
3- تجربة التحالف الديمقراطي في الأحياء.
4- شروط التحالف.
أولا: التحالفات وطبيعة المرحلة الراهنة:
تمر البلاد حاليا بفترة حرجة من تاريخها، جاء في مقررات المؤتمر السادس ، أن هذه الفترة تتطلب قيام اوسع جبهة من أجل الديمقراطية وإنقاذ الوطن، ومن أجل إسقاط النظام، وقيام البديل الديمقراطي الذي يتم فيه وقف الحرب، وعقد المؤتمرالقومي الجامع ، وضمان وحدة ماتبقي من الوطن، وتحقيق التحول الديمقراطي وتحسين الاوضاع المعيشية وتحقيق التنمية المتوازنة وترسيخ السلام والحل الشامل والعادل لقضية دارفور وللمنطقتين..
هذا اضافة للحرب اللعينة الجارية حاليا التي تتطلب اوسع تحالف جماهيري لوقف الحرب واسترداد الثورة.
اذن طبيعة المرحلة الراهنة تتطلب اوسع تحالف من أجل القضايا اعلاه.
وهذا يقودنا الي النقطة الثانية من المقال:.
ثانيا: أنواع التحالفات:
معروف أن التحالف هو تنسيق وعمل مشترك بين قوي سياسية واجتماعية متباينة المنطلقات السياسية والفكرية والتنظيمية ولكن يجمعها حد أدني من اهداف مشتركة تسعي لتحقيقها. وهناك نوعان من التحالفات: أ- تحالفات تكتيكية أو مؤقتة، ب- تحالفات استراتيجية.
1- التحالف التكتيكي:
هو تحالف واسع من أجل تحقيق اهداف محددة ، وينفض هذا التحالف بعد تحقيق تلك الأهداف، وقد ينشأ تحالف واسع جديد لتحقيق اهداف محددة تفرضها الفترة الجديدة، يتم التحالف التكتيكي مع احتفاظ كل حزب باستقلاله السياسي والتنظيمي والفكري، فالتحالف لايعني فقدان النشاط المستقل لكل حزب وذوبانه فيه، هذا اضافة الي ان مندوبي الأحزاب يحملون مواقف هيئاتهم القيادية حول القضية المحددة، ولايقررون بمفردهم دون الرجوع لهيئاتهم القيادية (مكتب سياسي، لجنة مركزية..).
منذ تأسيسه دخل الحزب الشيوعي في تحالفات تكتيكية واسعة مثل: جبهة الكفاح ضد الجمعية التشريعية عام 1948م، الجبهة المتحدة من اجل استقلال السودان عام 1952م، وجبهة احزاب المعارضة ضد ديكتاتورية نظام عبود، وجبهة الهيئات التي قادت الاضراب السياسي في اكتوبر 1964م، وجبهة الدفاع عن الديمقراطية عام 1965م(بعد مؤامرة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان) ، والتجمع الوطني لانقاذ الوطن الذي قاد انتفاضة مارس- ابريل 1985م، والتجمع الوطني الديمقراطي ضد نظام الانقاذ، وتحالف قوي الاجماع الوطني من اجل الأهداف التي أشرنا لها في بداية المقال..
والتحالفات اعلاه كانت ضد انظمة استعمارية وديكتاتورية كانت تطالب بالاستقلال واستعادة الديمقراطية التي صادرتها الأنظمة الديكتاتورية العسكرية والمدنية وحل مشكلة الجنوب.
تحالف قوى التغيير الجذري:
بعد تلخيص تجارب التحالفات السابقة وفشلها في تحقيق مهام الفترة الانتقالية بعد ثورة أكتوبر 1964 ، وانتفاضة مارس – ابريل 1985 ، وثورة ديسمبر 2018 ، طرحنا تحالف قوي التغيير الجذري الهادف للخروج من دوامة الانقلابات العسكرية واستدامة الديمقراطية وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي والسلام ، ولتجاوز سلبيات تلك التحالفات، والمضي قدما لتحقيق مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة.
هذا اضافة للتحالفات الأفقية من أجل تحقيق أهداف فئوية محددة مثل: تحالف مزارعي الجزيرة ضد خصخصة المشروع، وتحالف المعسكرات السياسية الطلابية الواسع من اجل استعادة ديمقراطية الاتحادات والحريات السياسية والفكرية والاكاديمية في الجامعات ومن أجل هزيمة طلاب المؤتمر الوطني. والتحالف الديمقراطي للمحامين من اجل الحقوق الديمقراطية وسيادة حكم القانون، وتحالف ابناء كجبار والشمالية ضد السدود التي تدمر تراثها الثقافي، وضد التعدين الضار بالبيئة، ومنبر ابناء دارفور من اجل الحل الشامل والعادل للقضية، وتحالف المفصولين سياسيا وتعسفيا من اجل ارجاعهم للعمل وتسوية حقوقهم...الخ.
2- التحالفات الاستراتيجية:
ترتبط بانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية وسط طبقات وفئات محددة، وهي تحالفات ثابتة تمتد علي طول المرحلة الوطنية الديمقراطية، وهي تحالفات تعبر عن تفاصيل اهداف الفئات والطبقات المحددة المنضوية تحت لواء الجبهة الوطنية الديمقراطية مثل:
أ‌- الجبهة الديمقراطية وسط الطلاب التي تعبر عن تحالف الشيوعيين والديمقراطيين من أجل: تحسين اوضاع التعليم واحوال الطلاب النقابية والأكاديمية والثقافية والاجتماعية والرياضية، وتوفير المناخ الملائم للتعليم، وتوفير مقومات التعليم العام والعالي، وانجاز الثورة الثقافية الديمقراطية.
ب‌- الجبهة النقابية وسط العمال التي تعبر عن تحالف العمال الشيوعيين والديمقراطيين من اجل تحسين الاوضاع المعيشية وتطوير الانتاج، وترقية اوضاع العاملين الثقافية والاجتماعية وتوفير الحقوق والحريات النقابية.
ج – التنظيم الديمقراطي وسط المزارعين من الذي يعبر عن التحالف الشيوعي الديمقراطي وسط المزارعين من اجل الاصلاح الزراعي وتوفير الغذاء واصلاح المشاريع الزراعية المروية وتخفيض الضرائب والجبايات علي المزارعين..الخ.
د – رابطة الاطباء الاشتراكيين التي تعبر عن تحالف الشيوعيين والديمقراطيين من اجل توفير مجانية العلاج وتحسين اوضاع الأطباء المعيشية والاجتماعية والثقافية وترقية المهنة.
ه- رابطة المعلمين الاشتراكيين من اجل تحسين اوضاع المعلمين وترقية مهنة التعليم ومناهج قومية مرتبطة باحتياجات البلاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية..الخ.
و- اتحاد الشباب السوداني من اجل تحقيق تطلعات الشباب في العمل والتعليم والسكن والحق في تكوين اسرة وتوفير كل مقومات الابداع الجاذبة للشباب.
ح – الاتحاد النسائي السوداني من اجل ترقية اوضاع المرأة وتحقيق المساواة الفعلية بينها والرجل ومحاربة الجهل والخرافة والدجل ومن اجل محو الأمية وقوانين انسانية ومواكبة للاحوال الشخصية..الخ.
وخلاصة القول أنها تحالفات ثابتة بين الديمقراطيين والشيوعيين وسط فئات وطبقات محددة تنتقل من العام الي الخاص في البرنامج الوطني الديمقراطي.
ثالثا: تجربة التحالف الديمقراطي في الأحياء:
برزت فكرة التحالف الديمقراطي في معركة انتخابات 1986م، والتي لخصتها دورة ل.م مايو 1986م للجنة المركزية.
وهو الشكل الذي التف فيه الشيوعيون والديمقراطيون في الأحياء حول المعركة الانتخابية ، ومن خلال وجود فرع الحزب والقوي الديمقراطية حوله .
- أشارت دورة ل.م مايو 1986م الي أن هذه الجماهير وقفت معنا وصوتت لنا ، لابد من ايجاد الوعاء أو الاطار الذي يجمعها ويوحد صفوفها استعدادا للمعارك القادمة.
- تم اتخاذ اسم التحالف الديمقراطي لأنه ينبع من طبيعة المرحلة نفسها ومن المهام الوطنية الديمقراطية المعلنة في البرامج التي التفت هذه الجماهير حولها منذ اندلاع انتفاضة مارس- ابريل 1985م ، ولهذا فان اسم التحالف الديمقراطي هو اسم ملائم.
ولكن ماهي طبيعة التحالف الديمقراطي؟
1- انه ليس تنظيما عموديا كالحزب الشيوعي له شكل هرمي صارم.
2- يقتصر نشاطه علي الأحياء.
3- الدار في الحي يمثل الحلقة الرئيسية في تجميع قوي التحالف وتنظيمها ، ففيها يدور النشاط السياسي والثقافي والاجتماعي.
4- العامل الحاسم في نشاط التحالف هو وجود فرع الحزب فعّالا ونشطا.
5- استخلاص برنامج العمل المحدد والملائم للواقع المحلي: واقع كل منطقة وحي.
والمقصود بالقوي الديمقراطية في الحي هي تلك القسم من الجماهير التي تشاركنا هموم النشاط اليومي ويسهم معنا في ذلك النشاط ، وهو النواة المستقرة للتحالف بين الحزب والديمقراطيين ، وهو الذي يتحرك مع فرع الحزب في لجان اتحاد الشباب ولجان الاتحاد النسائي...الخ.
اذن التحالف الديمقراطي هو المنبر السياسي في الاحياء لكل هذه الأقسام ودور فرع الحزب في الحي أو القرية أن يتعلم من خلال الممارسة كيف يتعامل مع هذه الأقسام ويتعلم منها ويجند طلائعها للحزب وهذه العملية تتم عبر النشاط اليومي الذي يستوعب هذه لأقسام. فهناك لجان اتحاد الشباب، ولجان الاتحاد النسائي، والجمعيات الخيرية والتعاونية ، وهناك الأندية الرياضية والثقافية والفنية ، وكل الأشكال التي يمارس بها أهل الحي أو القرية حياتهم وحل مشاكلهم وتزجية اوقات فراغهم.
علي أن التحالف الديمقراطي منبر سياسي ليس بديلا للجان اتحاد الشباب أو لجان الاتحاد النسائي ، ولايستطيع أن يحل محلها كتنظيمات ديمقراطية جماهيرية فئوية لها خصائصها ولها ايضا تاريخها.
التحالف الديمقراطي امتداد لتجربة التحالف بين الشيوعيين والديمقراطيين في مجالات العمل (الجباه الديمقراطية والنقابية والروابط الاشتراكية والديمقراطية...الخ). ولكن التحالف الديمقراطي اكثر مرونة واتساعا وتنوعا، وأنه ظهر في الاحياء والدوائر الانتخابية بكل مايعنيه ذلك من تعدد في الانتماءات الطبقية والفئوية وفي التجارب، ويتميز بأنه يمزج بين النشاط السياسي والعمل الاصلاحي والخدمي في الحي والقرية والدائرة.
وبالتالي يمكن أن يشكل نموذجا لامكانية تحسين أحوال الناس وللمكاسب التي يمكن تحقيقها للسير في طريق الثورة الوطنية الديمقراطية والاشتراكية.
( للمزيد من التفاصيل حول التحالف الديمقراطي، راجع مجلة الشيوعي العدد 152 الذي به مقال لخص تجربة التحالف الديمقراطي).
رابعا: شروط وقواعد التحالف:
لخصت دورة اللجنة المركزية في اغسطس 1977م تجربة الحزب في التحالفات وتوصلت الي أن التحالف يقوم علي قواعد راسخة اذا تم التقيد بالشروط والقواعد الآتية:
1- يقوم علي الوضوح الكامل والثقة المتبادلة لتلبية احتياجات الفترة السياسية.
2- لايدعي الحزب الشيوعي لنفسه مكانة خاصة أو مميزة في الاطار الذي يستقر عليه تكوين التحالف ، يقدم الحزب تجربته وقدراته ، ويتعلم ويفيد من تجارب وقدرات الأطراف التي تقبل الانخراط في التحالف.
3- تصوغ اطراف التحالف بحرية تامة ومن خلال تبادل الرأي الصريح ، برامجها وخطط عملها ، وتصدر قراراتها ومواقفها باجماع الآراء ، ولايحق لأي طرف منفرد أن يتحدث باسم التحالف أو يتخذ قرارا من خلف ظهره.
4- احترام الاستقلال التنظيمي والفكري والسياسي لكل الاطراف المشاركة في التحالف ، وحق كل طرف في مواصلة نشاطه من منبره الحزبي أو الفكري دون وصاية واكراه.
5- بعد تحقيق التحالف لأهدافه ، يحق لكل طرف فيه الانسحاب منه ويختار منهجه الخاص به، ومن حق أي طرف أو الاطراف الأخري مواصلة تماسك الجبهة وتطوير برنامجها وصياغة تكتيكاتها للفترة الجديدة.
في الختام، تلك النقاط أعلاه تحتاج الي اثراء عميق من خلال التجارب الواسعة التي خاضتها فروع الحزب في التحالفات وتقييم سلبياتها وايجابياتها.
المراجع:
1- محاضرة عن برنامج الحزب الشيوعي (كورس المرشحين 2009م).
2- دورة اللجنة المركزية أغسطس 1977م.
3- دورة اللجنة المركزية مايو 1986م.
4- مجلة الشيوعي العدد 152 .
5- التقرير السياسي المجاز في المؤتمر السادس يوليو 2016م.
6- الماركسية وقضايا الثورة السودانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري


.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج


.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام




.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي