الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يؤخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة .. تلك الاكذوبة الكبرى

حميد زناز

2023 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


مقولات كثيرة منتشرة في بلداننا تحولت إلى بديهيات لا يرقى إليها الشك تردد من قبل عامة الناس وأغلب النخب. من بين تلك الجمل الجاهزة تلك القائلة بأن ما أُخذ بالقوة لا يمكن استرداده إلا بالقوة، والحديث دائما هنا عن الأرض المحتلة ووجوب خوض المعارك العسكرية من أجل استعادتها. فما مدى صدق المقولة فلسفيا وتاريخيا؟

لتبرير العملية التي قامت بها حماس يوم السابع من أكتوبر، يكرّر الكثيرون المقولة متجاهلين ما آلت إليه الأمور في غزة بعد تلك العملية المشؤومة، إذ كانت غزة مدينة واقفة والقطاع حرا مستقلا فغدت حطاما والقطاع أصبح محتلا من جديد.

وفي مقارنة متسرعة بالثورة الجزائرية، فاقدة للمعنى تتجاهل المعطى الجيو – إستراتيجي الجديد وتلغي مسافة أكثر من سبع عشريات من الزمن بكل حمولاتها السياسية والعسكرية، وموازين القوى وحرب باردة وانقسام العالم إلى كتلتين شرقية وغربية.. يحاول الكثير من المثقفين الجزائريين والعرب وزعماء حماس المختبئين في الدوحة وإسطنبول القول بأن ما تفعله حماس بانتهاج العمل العسكري اليوم هو نفس العمل الثوري الذي حرّر الجزائر من الاستعمار الفرنسي بالأمس.
وقد ذهب مسؤول حمساوي ماكث في فندق 5 نجوم في الدوحة إلى القول بأن الفلسطينيين مستعدون للتضحية بمليون ونصف مليون شهيد كما فعل الجزائريون من أجل استقلالهم.

مع هؤلاء، نحن أمام مؤسلمين طلّقوا النزاهة ثلاثا وسقطوا سقوطا حرا في مانوية مضحكة كئيبة في تناولهم للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي. وهم بالتالي لا يختلفون رغم شهاداتهم العلمية العليا مع رجل بسيط يعيش في ريف من أرياف الجزائر أو اليمن والذي لا يرى في حل القضية الفلسطينية سوى رمي اليهود في البحر. لا زال أخي يقول لي ومنذ أن كنت مراهقا “يطيحوا فالبحر”، ليغرقوا في البحر! وهي عبارة جزائرية تعني هنا “لست معنيا بمصيرهم”، يجب أن يرحلوا وانتهى الأمر.. والتفكير!

ولكن لماذا يستشهد الإسلاميون في حماس وغيرهم بالثورة الجزائرية التي كانت في الخمسينات ونسيان تجربة إخوانهم في جبهة الإنقاذ الإسلامية في بداية التسعينات لما أعلنوا الحرب ضد الدولة الجزائرية بعد أن أوقفت السلطات تلك المهزلة الانتخابية التي فازوا بها عن طريق التضليل والغش وحملوا السلاح تحت شعار ما “أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”؟ ولم يستردوا شيئا رغم مساندة إيران الملالي وعصابة الإخوان مثلما يفعلون اليوم مع حماس وكانت النتيجة هزيمة عسكرية لهم وخسائر معتبرة للبلد، في الأرواح والأموال. وللتذكير لقد قطعت السلطات الجزائرية آنذاك العلاقات مع إيران لهذا السبب.
وبغض النظر عن هذا وذاك، فهل من المعقول والمطلوب من الفلسطينيين أن يضحوا بمليون ونصف مليون كما فعل الجزائريون؟ فهل عدد الضحايا في الصراعات هو الذي يحقق الأهداف؟ هل من الأخلاق الافتخار بعدد الموتى؟ وهل نسي دعاة استرداد الأرض عن طريق الحرب بأن منظمة التحرير الفلسطينية استعادت غزة ذاتها عن طريق المفاوضات وضيعتها حماس ودمرتها عن طريق استعمال القوة!

والسؤال المغيب بين الأوساط الإسلامية والناصرية العروبية الداعية إلى الحرب ضد إسرائيل هو: ماذا حقق العرب والفلسطينيون في صراعهم مع إسرائيل عن طريق الحرب طيلة 75 سنة؟

لم يحرّر الفلسطينيون معية العرب شبرا واحدا عن طريق الحرب، بل العكس هو الحاصل فبغض النظر عن حرب 1973 التي استردت على إثرها مصر صحراء سيناء عن طريق معاهدة سلام في النهاية، فكلما نشبت الحرب أضاع الفلسطينيون والعرب جزءا من الأرض وأصبحت تحت الاحتلال الإسرائيلي، ابتداء من 1948 مرورا بحرب 1967 و1982 وصولا إلى النكبة الثانية اليوم حيث لم تتم إعادة احتلال غزة فحسب بل تهجير أهلها. وعموما لم يتم استرداد بعض أرض إلا عن طريق المفاوضات السلمية ولن يصل الفلسطينيون إلى شيء سوى عن طريق الواقعية السياسية وهو النهج الوحيد الذي يضمن لصاحب الحق عدم الانتحار وعدم الاستسلام في آن معا.

يقول ألبرت أينشتاين “الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة”. ألم يحن الوقت لتجريب فعل آخر قد يأتي بالجديد؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فكر علمي وسياسي جرئ بلا مهادنة الارهابيين الاسلامي
المتابع ( 2023 / 12 / 24 - 20:25 )
يجب علينا -كما يعرض استاذنا-الكاتب حميد زنار-ان نتعلم من العلم والتجارب وقبل كل شئ الابتعاد عن الاساليب الارهابيه واعتبار السلاح -وفي عالمنا المعاصر-الوسيلة الافضل-للنضال-هذه واحده والثانية وهي الاهم -الابتعاد الكلي عن استعمال الدين في السياسه واستعمال قاذورات التاريخ التي يتباها بها الدواعش ومنهم دواعش غزه-اي حماس وجهاد- واعني بها مايتردد منذ 1400سنه بان اليهود قرده وخنازير والواجب قتلهم اينما كانوا-وعلينا نحن -التنويريون ان نعلنها حربا ضروس على كراهية المسلمين والعرب لاخوتنا اليهود- وان نعلنها بصراحه لا امل بمستقبل حميد لاخوتنا الفلسطينيين بل ولمنطقة الشرق الاوسط كلها الا بالتخلي الكامل عن استعمال الاسلام في القضية الفلسطينية وفي جميع قضايانا السياسية والثقافية -الناس الاعتياديين خاصة في بلاد التقدم والرفاهية اخذوا بالملايين يعلنون-وحتى في العلاقات الشخصية معنا بالخوف من الاسلام والمسلمين وبانهم ينوون-الاسلاميين-هدم حيلتهم ورفاهيتهم-علينا ان نتقدم للعالم المتمدن ونترك التخلف بكل اشكاله وخصوصا الاسلام في السياسة والسلاح في الاختلاف-تحياتيا


2 - فكر علمي وسياسي جرئ بلا مهادنة الارهابيين الاسلامي
المتابع ( 2023 / 12 / 24 - 20:25 )
يجب علينا -كما يعرض استاذنا-الكاتب حميد زنار-ان نتعلم من العلم والتجارب وقبل كل شئ الابتعاد عن الاساليب الارهابيه واعتبار السلاح -وفي عالمنا المعاصر-الوسيلة الافضل-للنضال-هذه واحده والثانية وهي الاهم -الابتعاد الكلي عن استعمال الدين في السياسه واستعمال قاذورات التاريخ التي يتباها بها الدواعش ومنهم دواعش غزه-اي حماس وجهاد- واعني بها مايتردد منذ 1400سنه بان اليهود قرده وخنازير والواجب قتلهم اينما كانوا-وعلينا نحن -التنويريون ان نعلنها حربا ضروس على كراهية المسلمين والعرب لاخوتنا اليهود- وان نعلنها بصراحه لا امل بمستقبل حميد لاخوتنا الفلسطينيين بل ولمنطقة الشرق الاوسط كلها الا بالتخلي الكامل عن استعمال الاسلام في القضية الفلسطينية وفي جميع قضايانا السياسية والثقافية -الناس الاعتياديين خاصة في بلاد التقدم والرفاهية اخذوا بالملايين يعلنون-وحتى في العلاقات الشخصية معنا بالخوف من الاسلام والمسلمين وبانهم ينوون-الاسلاميين-هدم حيلتهم ورفاهيتهم-علينا ان نتقدم للعالم المتمدن ونترك التخلف بكل اشكاله وخصوصا الاسلام في السياسة والسلاح في الاختلاف-تحياتيا


3 - أضم صوتي للمتابع
ماجدة منصور ( 2023 / 12 / 25 - 04:29 )
هناك سؤال يدور بخاطري
هل حماس تمثل الشعب الفلسطيني أم منظمة التحرير الفلس- طينية؟؟؟؟
على ضوء ما نرا بأعيننا...أظن ( رغم أن معظم ظنوني اثم و كفر) بأن من يمثل الفلسطينيون هم حماس0
نقطة ع السطر


4 - درس العمر
منير كريم ( 2023 / 12 / 25 - 10:25 )
تحية للحضور الكريم
درس العمر الذي استنتجته من معايشتي الطويلة للسياسة هو
لاتؤيد اية حركة سياسية ليست ديمقراطية مهما ادعت انها تمثل الوطن او العدالة الاجتماعية او الدين
فاسوء نظام ديمقراطي افضل من افضل نظام ديكتاتوري
شكرا لكم


5 - المفاوضات ،عمل سياسي لابد وأن يقف على قاعدة الكفاح
حميد فكري ( 2023 / 12 / 25 - 15:21 )
بغض النظر عن أن فكرة مقالك صحيحة ،وهي ضرورة مراعاة الإختلافات الموضوعية والذاتية بين التجارب .إلا أن مقالك، للأسف، يحتوي بعض الأحكام المطلقة الغير موضوعية . وهي:
1- (إذ كانت غزة مدينة واقفة والقطاع حرا مستقلا فغدت حطاما والقطاع أصبح محتلا من جديد.)
يا أخي متى كان الطرف الواقع عليه الإحتلال ،حرا مستقلا!!؟

2-(وهل نسي دعاة استرداد الأرض عن طريق الحرب بأن منظمة التحرير الفلسطينية استعادت غزة ذاتها عن طريق المفاوضات وضيعتها حماس ودمرتها عن طريق استعمال القوة!)

وهل نسيت أنت أيها الكاتب أيضا ،أن منظمة التحرير الفلسطينية ،قد ناضلت وقاومت وكافحت بالسلاح لأكثر من عقدين من الزمن!!؟

وهل نسيت أن التاريخ ،يعلمنا أن لا مفاوضات ولا مطالب تتحق ،دون أن تسبقها مقاومة وكفاح ؟

3-(وعموما لم يتم استرداد بعض أرض إلا عن طريق المفاوضات السلمية)

المفاوضات ،يا أخي ،لا تأتي من العدم ،ولم تكن في يوم من الأيام ،هي المبتدأ ،بل المبتدأ دوما ،هو النضال والكفاح .إنها ،عمل سياسي ،يقف على قاعدة الكفاح ،ولذلك تأتي نتائجها ،على قدر تلك القاعدة.
مشكلة حماس ،ليست هي المقاومة بحد ذاتها ،بل في أهدافها الغير واقعية.


6 - ولكن ماهو الحل الاخر
جلال عبد الحق سعيد ( 2024 / 4 / 4 - 01:12 )
ألم يحن الوقت لتجريب فعل آخر قد يأتي بالجديد
ولكن ماهو الحل الاخر الذي سياتي بالجديد
اتحفنا به لو سمحت

اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي