الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العودة إلى قرار التقسيم

هاني عبيد

2023 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لقد شكل العدوان الوحشي والهمجي على قطاع غزة والمقاومة البطولية للشعب الفلسطيني في القطاع بداية مرحلة جديدة في توجهات الرأي العالمي، فبعد أن كان العالم يتعاطف ويدعم إسرائيل "الدولة الديموقراطية في المحيط العربيي الذي يحاول تدميرها" أصبح يرى حقيقة هذه الدولة التي تخطت كل الحدود القانونية وداست على القيم الإنسانية والأخلاقية بتدمير الممتلكات وقتل النساء والأطفال. إن هذا الواقع الجديد الذي بدأ يتشكل عالمياً أصبح يفرض على العرب مهمات جديدة لا بد للسياسة والدبلوماسية من إستغلالها بشكل إحترافي وفني يؤدي لحل المشكلة الفلسطينية وفق الواقع الجيوسياسي الجديد (مع إحتفاظنا بالحلم وحق تحرير كامل التراب الفلسطيني).
وقبل الخوض في التفاصيل نذكر أننا سابقاً أهملنا قرارات كانت في صالحنا ولم نعمل على بلورتها وإستغلالها لتحقيق بعض أهدافنا. ونشير هنا إلى عدم إستغلال القرار الصادر عن المحكمة الدولية التي تم تشكيلها للبت في ملكية الحرم القدسي الشريف حيث بينت اللجنة في قرارها عام 1930 أن زيارة اليهود لحائط البراق كان منحة محددة وليست حقاً. والأمر الآخر المتعلق بالجدار الفاصل الذي شيدته إسرائيل في الضفة الغربية حيث أنه غير قانوني من منظور القانون الدولي وهذا هو جوهر الرأي الأستشاري غير الألزامي لمحكمة العدل الدولية في لاهاي والذي صدر في عام 2004م. هذان القراران لم يلقيا الإهتمام المطلوب لتحويلهما إلى ما يفيد القضية الفلسطينية.
يتناغم الرأي العام العالمي الآن مع الشعارات المرفوعة في معظم دول العالم والمطالبة بالحرية لفلسطين حيث يعني هذا الشعار ببساطة إنهاء الإحتلال وإنشاء الدولة الفلسطينية. الجميع الآن يطالب بحل الدولتين ولكن بعد التضحيات الهائلة التي قدمها الشعب الفلسطيني لن يقبل ب 22% من أرض فلسطين لدولته فهذا الحل كان مقبولاً في السابق ولكن الوضع الآن يختلف.
أعتقد أننا إذا إستثمرنا المناخ العام المؤيد للفلسطينين ووظفنا مهاراتنا الديبلوماسية وإستخدام أوراق القوة التي نملكها كعرب نستطيع نفض الغبار عن قرار التقسيم الصادر عن هيئة الأمم المتحدة عام 1947م والمطالبة بتطبيقة حيث أن دولة إسرائيل الحالية تعتبر دولة غير شرعية حيث أنها لم تلتزم بالمعايير التي وضعتها هيئة الأمم وتنصلت من الإلتزامات التي فرضها القرار عليها لقبولها عضواً في هذه الهيئة الدولية. من هنا تعتبر عضوية إسرائيل في هيئة الأمم غير قانونية وبالتالي تعتبر غير شرعية كافة الأعمال التي قامت بها من ضم الأراضي وتشريد السكان بعد إنشائها. إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي قبلت عضويتها بناءاً على تعهدات مسبقة لم تنفذ أياً منها. لقد كانت إسرائيل مضطرة لقبول هذه الإشتراطات لتمرير عضويتها، وقد تم مناقشة هذه الإشتراطات في وثيقة عرفت بأسم برتوكول لوزان في 12 أيار 1949م، وتضمنت هذه الوثيقة إعتراف إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في العودة مع تعهدها بتطبيق قرار التقسيم. إن عدم تطبيق إسرائيل لقرار التقسيم ووثيقة لوزان لا يعني أن هذه القرارات أصبحت لاغية، فالقرار الصادر عن الأمم المتحدة يجب تطبيقه ولا يصبح لاغياً مع مرور الزمن وإنما يلغيه قرار مضاد صادر عن نفس الهيئة. إن المثال الواضح هو قرار الجمعية العامة بإعتبار الصهيونية شكل من أشكال التمييز العنصرية والتمييز العنصري والصادر عام 1975م حيث قامت الجمعية العامة بإلغاء هذا القرار في عام 2001م.
كان رد فعل الدول الغربية وأمريكا على الحرب الوحشية في غزة هو الدعوة إلى حل الدولتين دون تحديد مضامبن هذا الحل وهو عبارة عن رش الرماد في العيون، وهنا نستذكر رد الفعل الأمريكي على حرب الخليج بالدعوة إلى مؤتمر السلام في مدريد والذي كان عبارة عن إجتماعات للتصوير التلفزيوني دون أية مضامين جادة أو محاولات صادقة لإعتماد حل للقضية الفلسطينية.
إن مفهوم حل الدولتين والذي أضطرت أمريكا والدول الغربية للمناداة به هو مفهوم سياسي غامض وما يتم الترويج له دولة فلسطينية لا تتمتع بأسس الدولة الحديثة حيث يتم تكبيلها بإتفاقيات تُكبلها وتجعلها دولة مسخ وصورة أكثر تشويهاً من فكرة السلطة الفلسطينية، إضافة إلى ما يتم ترويجه حول تبادل الأراضي مع غموض متعمد لمستقبل القدس وتجاهل مشكلة اللاجئين.
في ظل الظروف الحالية وتوازن القوى فإن الدعوة لتطبيق قرار التقسيم يعتبر من وجهة نظر قانونية حلاً متوازناً لنزع فتيل الحروب والكراهية والعداء في منطقة عانت من الحروب وويلاتها سنوات عديدة.
أعتقد أن الظروف الدولية مهيأة لإعادة إحياء وتطبيق قرار التقسيم. إن قرار هيئة الأمم المتحدة والصادر في 29 نوفمبر حول تقسيم فلسطين ينص على إنشاء كيانين سياسيين للعرب واليهود (باستثناء القدس التي توضع تحت وصاية دولية لمدة عشر سنوات).
على مجلس الأمن بصفته أعلى هيئة دولية مسؤول عن الأمن والسلم العالميين وفض النزاعات ومنع الحروب أن يمارس هذه الصلاحيات بتعليق عضوية إسرائيل في هيئة الأمم حتى تفي بالشروط التي التزمت بها لقبول عضويتها، كما عليه أن يُطبق قرار التقسيم لإنهاء نزاع مستمر منذ عقود طويلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. دعم صريح للجيش ومساندة خفية للدعم


.. رياض منصور: تغمرنا السعادة بمظاهرات الجامعات الأمريكية.. ماذ




.. استمرار موجة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في الجامعات


.. هدنة غزة.. ما هو مقترح إسرائيل الذي أشاد به بلينكن؟




.. مراسل الجزيرة: استشهاد طفلين بقصف إسرائيلي على مخيم الشابورة