الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوف الارضوية: الزمن، الوجود، الارتقاء؟!!/ ملحق

عبدالامير الركابي

2023 / 12 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


1ـ سقوط انشتاين وماركس ودارون:
يعي الكائن البشري وجوده ضمن الكون عبر محطتين كبريين، الاولى لاارضوية في ارض سومر، تكفلت بدئيا بالاجابه على الاسئلة الكبرى، لماذا وجد الكائن البشري، ومن اوجده ولماذا، موصلة الوجود بعالم اخر وخلقية عليا، ومقررة حدودا لهذا الوجود الارضي وزمن انقضاء نحو عالم اخر، ففي قصص الخليقة، والاساطير الكبرى، تجلت البنية الاعقالية السماوية ابتداء كضرورة كبرى، لولاها لظل الوعي، او الادراكية البشرية ارضوية صرفة محدودة، وهنا تتجلى الحكمه الكبرى المنطوية في وجود المجتمعية اللاارضوية الاساس والمنطلق، وصولا الى التكامل الالهامي النبوي ورؤيته.
وكان المنظور والتعبيرية السومرية اللاارضوية قد عمت العالم بمعظمه، بما تنطوي عليه من تحرير الكائن البشري من احتماليه الوقوع تحت طائلة الارضوية البحته، مع محدوديتها وانغلاقها المتوقع، واحتمالات تفتتها، هذا مع العلم بان الرؤية النبوية الابراهيمه مع اكتمالها بنية، لم تكن لتتجاوز في حينه، مدى غلبة وطغيان "الانسايوانيه" الشاملة للمجتمعات، وللكائن البشري، فظل الوجود الارضوي في نهاية المطاف هو الغالب على المنظور مدار البحث، والحدسية بدل العليّة السببية، هي الغالبة، بما يكرس الارضوية وجودا، ويجعل من علاقة الكائن الحي البشري بالعوالم الاخرى السماوية، مجرد انتقال مقرون بالنهاية، بماهي ختام واستكمال، او نتيجه للحياة الارضوية الاصل والاساس، وهكذا يكون واردا القول بان اللاارضوية مكتوب لها ان تكون منطلقا بمثابة لاارضوية "انسايوانيه"، تترافق مع الزمن الانتاجي اليدوي، وتظل على هذا الحال مازال هو الغالب والطاغي.
مع انبجاس الاله في الطرف الاوربي من المتوسط، اصل الرؤية الوجودية التاسيسيه، تتبدل هذه اخذه مظهر ال "عليّه" السببية العقلانيه، كانما تضع الرؤية الحدسية الاولى امام حرج غير عادي مع ماتعود لتكريسه من الارضوية ومحدوديتها، بما يوحي بقوة بفصل الوجود الكوكبيى الارضي عن المديات العليا، والخلقية الكونية، وبدل النبوة نتعرف هنا، وفي سياق من التوهمية الطاغية، على "العبقريات" الارضوية، من ابرزها انشتاين ودارون وماركس. الاول اعتنى بالخصوص بموضوعة الزمن، والسرعة وحدودها، والثاني بالنشوئية الارتقائية، والثالث بالتاريخ المجتمعي وارنهانه لقانون ناظم مادي.
ومع ان هؤلاء يعتبرون واعتبروا قمما عليا في مجال العقل ومنجزه الفائق الاستثنائي، ضمن لحظة تغيير وانقلاب شامل، الا انهم في الحقيقة كانوا قمما ارضوية محدودة بسقوف الارضوية والانحباس الكوكبي الارضي، لم يبارحوه، فانشتاين الذي يعالج موضوع السرعة ومداها الاقصى، يعجز عن رؤية احتمالية الوجود الاخر، وهو يتوقف بالسرعة المتاحة عند حدود سرعة الضوء، غير القابلة للتجاوز بناء على العلاقة بين (الكتلة/ السرعه)، وهو هنا يعجز عن رؤية الذاتيه غير الكتلوية في التكوين البشري، والمتجاوز كاحتمالية للجسدية الارضوية عند زمن ولحظة بذاتها، وهو والحالة هذه غير مؤهل، و لايمكنه افتراض الوجود الكوني الاخر، بعد الارضوي، فلايخطر ببياله كون الوجود الارضوي محطة ولحظة عبور نحوالوجود الاعلى الكوني بترلينوات ميادينه وعوالمه التي من المستحيل الوجود ضمنها، والتفاعل مع منطويات عالمها، بسرعة الضوء المتدنية،قضلا عما دونها.
ومادام الكائن البشري كتله و "جسد" كما يراها الارضويون وانشتاين، فان حدود سرعة الضوء لن تصبح واجبة التجاوز اتفاقا مع سياقات الوجود الكوكبي الارضوي الابتدائي، قبل الكوني العقلي المتعدي لسرعة الضوء، اتفاقا مع طبيعة العالم والوجود الكوني، وهكذا يكون انشتاين قد ابقانا ضمن دائرة الكوكب الذي لايكاد يرى بالعين المجردة، ضمن شساعة الكون اللامتناهية، ليثبت بذلك محدودية عبقريته المحكومة لسقف الارضوية وحدودها.
واما دارون العبقيرية الارضويه الاخرى الفريدة على مستوى الاكتشاف ومجاله، فان الارضوية الغالبة على تكوينه، بالاخص ابان الطور التوهمي الاستهلالي الالي، فقد ذهب الى وضع صيرورة وجودية للكائن البشري، مخالفة كليا وتماما لفهوم الرؤية اللاارضوية الاولى الخلقية، مع انه قد يكون بالاحرى قد اوجد بالمناسبة مفهوما جديدا " للخلق"، لايتوافق مع مبدا " كن فيكون"، لتغدو النشوئية الارتقائية عبر المحطات والمراحل، هي المعني بالخلق المحكوم للاسباب والمحركات، وصولا لاعلاها مع حضور العقل والانتصاب على قائمتين، بعد اشكال العضايا واللبونات وغيرها، حين نصبح اخيرا عند مايطلق عليه، العبقرية الارضوية قصورا " الانسان"، وقت يصل الكائن البشري برايه نقطة الكمال العضوي، فلاتعود هنالك مجالات نمو وتطورجسدي، الامايعود الى كثرة او قلة الاستعمال، كقلة استعمال اليدين وكثرة استعمال العقل مستقبلا.
وهكذا يكون الارتقاء الحياتي المكتشف هو الاخر، احادي وجسدي، فلا ينتبه دارون الى ناحية اساس فيما اكتشفه وتابعه، هو احتمالية ان يكون الارتقاء، عقلي لاجسدي، وانه حين قرر توقف الجسد عن النمو، لم يخبرنا عما اذا كان العقل هو الاخر قد توقف عن النمو وقتها، مع ان السياقات المجتمعية والتفاعلية التاريخيه لاتسمح بمثل هذا القول. ناحية اخرى يغفلها دارون، هي الافتراقية الجسدية العقلية البديهية، مادام احدهما مستمر بالتنامي، وآخر متوقف، الامر الطبيعي والمتوقع بمرور الزمن، ووقتها لايعود ثمة من شك ان الجسد هو حامل للعنصر الاساس المترقي من الابتداء، وان النشوئية الارتقائية هي عقلية لاجسدية، نهايتها افتراق العقل عن الجسد، واستقلاله عنه ذهابا الى العالم الاخر، والى الاكوان العليا.
اما ماركس فانه الاكثر مغالات واطلاقية في تكريس المنطق الحاجاتي الجسدي الارضوي من مدخل الطبقية والانحباس الكوكبي الارضي، مقررا اخضاع المجتمعية لقانون يسمية مادي تاريخي، نافيا كليا وباطلاق، اي مكان ل" مابعد ارضوية"، ماخوذا بمايعتبره منتهى الممكن كحصيلة للاصطراع الطبقي، مع زوال الطيقات. والكل يرفضون النظر الى الاحتمالية الاولى اللاارضوية، ويقفون منها موقفا ادعائيا باسم الانتقال الى العلم والعقلانية التي تنتهي واقعا الى انحباس ارضوي.
الحياة الارضوية الجسدية الحاجاتيه وكوكبيتها الاولية البدائية هي محطة ذاهبه الى مابعد، نحوالاكوان العليا، خارج الجسدية، وبعد الاستقلال عنها والتخلص من وطاتها، وهو مايفترض ان يصير الانشغال البشري الاكبر عند منتهيات الانقلاب الالي، والنطقية اللاارضوية الثا نية، بعدما تكون قد صارت قيد التحقق واقعا، مع اخر تحورات الاله، ووقتها ياخذ امثال انشتاين ودارون وماركس مكانهم ضمن الخارطة التصورية الوجودية كارضويين عابرين، وجدوا ضمن اشتراطات استمرار ثقل متبقيات الرؤى اليدوية رغم بدايات مايتعداها مع انبجاس الالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا