الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة الضحك المتبادل على الذقون

محمد حمد

2023 / 12 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


لاسباب مختلفة، بعضها شخصي للغاية، ابتعدت قليلا عن موضوعي المفضل. اعني العلاقة الغريبة والشاذة والمملّة إلى حد اللعنة، بين حكومة بغداد الاتحادية وحكومة إقليم كردستان في أربيل . وساجد نفسي مضطرا إلى تكرار بعض ما قلت سابقا أو إعادة ما قيل على لسان غيري. وفي كل الأحوال ان في الإعادة إفادة كما يُقال.
لا ادري، لأنني ضيعت الحساب تماما، كم عدد الوفود التي توجّهت من اربيل إلى بغداد في السنتين الأخيرتين فقط؟ ولا ادري كم عدد اللقاءات التي تمّت بين المركز والاقليم؟ ولا توجد احصائية من أي طرف كان عن عدد البيانات والمحاضر والوثائق التي تمّ تحريرها أو صياغتها و طباعتها، ثم انتهت بلا اسف في سلة المهملات.
ولا ادري كم عدد اللجان التي تشكّلت حول "ملحمة" المسائل العالقة بينهما؟ ولحد الآن لا احد يعرف إلى متى سيبقى البعيرُ على التلّ !
فاذا قامت حكومة المركز بترك حبل الخلافات على الغارب وليّنت من موقفها قليلا سارعت حكومة الإقليم برفع سقف مطالبها وشروطها ولوّحت باستخدام حق النقض "الفيتو" الممنوح لها من قبل امريكا. وفي أحيان أخرى يحصل العكس ولكن بدون "الفينو" الأمريكي. وكل طرف مقتنع حد الثمالة بانه دائما على حق وان الآخر دائما على باطل. ولا توجد في أفق هذا الوضع بارقة أمل ولا في نفق الخلافات نقطة ضوء يمكن من خلالها الوصول إلى نتيجة ملموسة تحقق شيئا إيجابيا لشعب الإقليم وللعراقيين جميعا.
وهنا يجب الاعتراف بأن ثمة اكثر من خلل في الدستور العراقي وفي النظام "الفيدرالي" المزعوم الذي ولد من رحم الاحتلال والغزو الأمريكي للعراق. وكان يفترض في مسألة الرواتب تحديدا أن يتم حلّها من الايام الأولى لتشكيل اول حكومة عراقية.
فلم أسمع في حياتي وانا أعيش في دولة تضم أقاليم ومقاطعات عن خلافات حول رواتب الموظفين بين المركز وأحد الأقاليم. لان رواتب الموظفين دون استثناء تصلهم بشكل مباشر من وزارة المالية الاتحادية عن طريق المصارف والبنوك ودوائر البريد أيضا. وليس لأي حكومة محلية مهما كانت أهميتها علاقة بهذا الموضوع. والراتب في الدول الأوروبية يعتبر من خصوصيات الإنسان ولا يسمح لأحد بالاطلاع
علبه او التلاعب فيه، كالاستقطاع أو ما شابه ذلك.
لكن المشكلة هي أن العوائل الحاكمة في الإقليم أرادوا ان يخدعوا الموظف الكردي في الشمال بأن الإقليم دولة مستقلة. وان العراق عبارة عن جمعية خيرية أو مصرف تجاري مهمته ارسال الأموال إلى حكومة "دولة" الإقليم. التي تقوم بدورها بالتصرف بالرواتب وتوزعها متى تشاء. كما لو كانت هدايا وعطايا أو "اكراميات" إلى موظفي الإقليم. بطريقة تنطوي على الكثير من الاساءة والمذلة وقلة الاحترام لمن ينتظر حقه الدستوري والقانوني بلا "منيّة" وبلا تاخير.
وقبل ايام، كما أعلنت وسائل الإعلام العراقية تمٌ تشكيل لجنة مشتركة بإيعاز من رئيس الحكومة الاتحادية، تضم في عضويتها أطرافا من المركز والاقليم إضافة إلى بعض المستشارين في رئاسة مجلس الوزراء الانحادي. يا ناس يا عالم يا بشر. يا عراقيي اليوم والأمس وغدا، اسالكم بالله عليكم. اين ذهبت اللجان العديدة التي تشكلت في السنوات الاخيرة؟ الجواب، ماتت قبل أن ترى النور !
كما تقول الاخبار الواردة من بغداد أن اللجنة سوف تناقش مسالة توطين رواتب موظفي الإقليم وملف النفط.
وكم سمعنا وقرانا و رأينا تصريحات وبيانات رسمية ومقابلات تلفزيونية لاصحاب الشان في هذا الموضوع. والنتيجة؟ لا شيء. صفر يتبعه صفر مكرّر.
لا يمكن حل الأمور والملفات "العالقة" بين بغداد واربيل بشكل نهائي الا في حالة واحدة فقط. وهي أن يصل حكام الإقليم إلى قناعة صادقة حقيقية بأن إقليم كردستان العراق جزء من الدولة العراقية وليس دولة داخل الدولة. وان موظفي الإقليم جزء من موظفي العراق بدون استثناء أو اعتبارات أخرى. وان حكّام الاقليم، مع كل الاحترام، لا يختلفون عن أي محافظ في أية عراقية، فالبصرة مثلا (اهم من إقليم كردستان بعشر مرات) كما قال السيد بأقل طلباتي ذات يوم.
عند هذا فقط، في رأيي المتواضع جدا، تنتهي المشاكل ونكفّ "المسائل العالقة" أن تكون سببا في أزمات اقتصادية طاحنة تقضّ مضاجع موظفي ومتقاعدي الإقليم قبل غيرهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - تعرف إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المفيدة والمج


.. ماذا وراء المطالب بإلغاء نحر الأضاحي في المغرب؟




.. ما سرّ التحركات الأمريكية المكثفة في ليبيا؟ • فرانس 24


.. تونس: ما الذي تـُـعدّ له جبهة الخلاص المعارضة للرئاسيات؟




.. إيطاليا: لماذا تـُـلاحقُ حكومة ميلوني قضائيا بسبب تونس؟