الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين حل الدولتين و الحل الجذري الشامل للقضية الفلسطينية

فتحي علي رشيد

2023 / 12 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


كيلا تتكرر المجازر والحروب ويعم السلام:
تظهر الوقائع التاريخية أن الحروب لابد أن تنتهي باتفاق سلام وأن هذا الاتفاق إما أن يفرض نتيجة لما تفرضه الهزيمة العسكرية التي لحقت بالطرف الآخر. والتي تبين الوقائع أنها غالبا ما تكون ظالمة وتكون غالبا سببا في نشوب حرب جديدة. وإما ان يتوصل الطرفان المتقاتلان خلال الحرب من خلال المفاوضات إلى اتفاق سلام يوقف الحرب .
بما أن الحرب على غزة تكررت خمس مرات خلال الخمسة عشر عاما الماضية فقط. فإن هذا يعني أن العدوان الأخير على غزة لن يكون الأخير بسبب أن الحلول التي تم بناء عليها إيقاف الحرب لم تقدم جذرية للصراع. لذلك فإن إمكانية نشوب حرب جديدة مع الفلسطينيين والدول العربية ستظل قائمة، ولن يتحقق السلام إن لم نتوصل لاتفاق شامل يستند إلى الحق والعدل. وطالما أننا جميعا متفقين على أن السلام سيعود بالخير على الجميع فهذا معناه أن على الجميع البحث عن حل عادل وشامل ينهي الصراع القائم على المنطقة من قرون عديدة.
. وبما أن الحل الذي أخذ به الصهاينة وحكام الدول الغربية لإقامة دولة لليهود على أرض فلسطين تم بالقوة لحل مسألة معاناة اليهود في أوروبا والعالم لم يحل المشكلة بل عقدها وفاقمها ، وكان سببا في نشوب حروب كثيرة .فهذا معناه أن هذا الحل قد سقط .وبما حل الدولتين الذي تم التوافق عليه في قرار التقسيم وفي أوسلو منذ ثلاثين عاما لم يحل المشكلة . فهذا يعني أن ثمة وقائع وحقائق لم يتم الأخذ بها في كلا الحلين أفشلت الحل الصحيح . مما يفترض بنا جميعا ان نبحث عن حل آخر لا تترك مجالا لنشوب حرب جديدة .
جذور الصراع على فلسطين والشرق الأوسط :
بينا في بحث سابق على أن إقامة دولة لليهود في فلسطين تم بناء على توافقات دولية تمت في ظروف التنافس بين الدول الاستعمارية في فترة الصراع على الشرق الأوسط في نهاية القرن التاسع عشر. برزت لحل المسألة اليهودية المتفاقمة في أوروبا في فترة صعود الإمبريالية والصهيونية .مما جعل أغلب حكومات الدول الغربية تتوافق على حل التنافس والصراع فيما بينها من خلال القضاء على الدولة العثمانية ومن ثم توزيع تركتها فيما بينهم وبين الحركة الصهيونية بإعطائها حق إقامة دولة لليهود في فلسطين من جهة أولى . ومن الجهة أخرى يحل المسألة اليهودية التي برزت في بلادهم مع نهاية القرن الثامن . من خلال التخلص من أكبر عدد من اليهود في أوروبا .
وأنا اعتقد أن أكثر حكام ونخب الدول الغربية قبلت بذلك الحل (دولة لليهود ) لأنه يمكنهم من جهة التخلص من اليهود المشاغبين والفقراء ومن جهة أخرى لإقامة دولة ستكون حليفة دائمة لهم في الشرق الأوسط وتحقق للطرفين ما يريدونه ويسعون له في المنطقة . بينما وجد الصهاينة في ذلك القبول ما يتيح لهم اتخاذ فلسطين قاعدة لهم وحدهم تمكنهم من السيطرة على الشرق الأوسط كله خلافا لما توافقوا عليه مع الدول الغربية .بدليل أنهم بعد أن احتلوا 78% من فلسطين عام 1948 قاموا عام 1967 بضم ما تبقى منها في الضفة الغربية وغزة .واحتلوا أضافة لذلك الجولان وشبه جزيرة سيناء ومن ثم المساومة عليهم لتحقيق شرق أوسط جديد تهيمن عليه إسرائيل . مما يفهم منه أن موافقة الصهاينة عل تقسيم الشرق الأوسط بينهم وبين الدول الغربية واعطائهم فلسطين ليقيموا عليها دولة خاصة بهم. لم يكن إلا خطوة تمكن الصهاينة من اتخاذ فلسطين قاعدة تنطلق منها للهيمنة على الشرق الأوسط وهو ما تم تحقيقه من خلال اتفاقيات التطبيع مع مصر والأردن والسلطة الفلسطينية ثم من خلال التطبيع مع البحرين والإمارت . ما يعني أن الدول الغربية كلها كانت ولا تزال أداة بيد الحركة الصهيونية للسيطرة على الشرق الأوسط كله. وليس كما روج كثيرين من أن إسرائيل ستكون قاعدة للغرب في الشرق الأوسط. يحتاج لإعادة النظر.ومن المؤسف أن الأمور سارت او راحت تسير كما يريد الصهاينة وليس كما تريد حكومات الدول الامبريالية ـ وإن بصعوبة . لكنها على العموم كانت لمصلحة الصهيونية تسير قبل سبعة تشرين اتجاه ما يريدون. وهو ما اتضح بسعيهم للتطبيع مع السعودية بما يمكن الصهاينة من العمل بعد ذلك براحة تامة للهيمنة المطلقة على الشرق الأوسط كله. لكن فجأة وعلى عكس ما كانت الصهيونية تريده والتوقعات العامة في الدول الغربية تنتظره جاءت عملية طوفان الأقصى فأوقفت العملية. وهذا ما جعل الصهاينة وحماتهم يجن جنونهم. وهذا ما يفسر رد الفعل القاسي والبشع الذي قامت به إسرائيل ضد غزة وشعبها. وليس كما حصل في المرات السابقة .بل تعداه ليصبح نوع من الانتقام لتكسير رأس سكان غزة (لأنهم لم يركعوا ) ورأس حماس لأنها استجابت لمطالب الشعب .ولهذا كان الرد قاسيا جدا وتجاوز التوقعات وجعلها حرب إبادة جماعية وليس حربا للدفاع عن النفس بوجه الإرهاب مما جعل أغلب شعوب العالم تهب وتثور ضد ما قامت وتقوم به إسرائيل من مجازر وتطالب بوقف العدوان .وهكذا بات العالم أمام ثلاث خيارين :
الأول :تمثل بسعي حكام إسرائيل بتوافق مع حكومات الدول الغربية والعربية تدمير حماس بهدف العودة للسير في طريق هيمنة إسرائيل على الوطن العربي .
وبات واضحا من خلال ردود الفعل الأولية لزعماء الدول الخمس الكبرى وتقديمهم الدعم المطلق لمجلس الحرب الصهيوني لارتكاب أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني .مع أن بعض التحليلات تؤكد أن ذلك العدوان كان مبيتا منذ سنوات لسحق بقايا المقاومة الموجودة في الضفة وغزة او للرد على أي عمل جدي يعكر أو يوقف سير الأمور كما كان مخططا لها . وهو ما جعل مشروع القضاء بصورة نهائية على حماس من خلال القضاء على الحاضنة الشعبية لها في غزة بتلك الطريقة البشعة أمرا مطلوبا من جميع الدول الغربية والعربية بما في ذلك سلطة رام الله . مع ما يحمله ذلك الموقف من أخطار تنسف مزاعمهم وتهدد حتى بقائهم .وظنوا أن ذلك العنف هو السبيل الوحيد او المتاح الذي يمكنهم أيضا من القضاء بصوة نهائية على أي نفس مقاوم في فلسطين كلها والدول العربية .
المسألة إذن بالنسبة لمجلس الحرب الإسرائيلي ومن يقفون وراءه .أن القضاء على حماس يتطلب ذبح وسحق الشعب الغزاوي البريء والأطفال والنساء والمرضى .(الحاضنة الشعبية للمقاومة ) وبات القضاء على حماس بسبب ما قامت به ذريعة او مدخلا للقضاء على أي مقاومة فلسطينية وعربية للمشروع الصهيوني . وبما يمكنهم بعدها من العودة لاستكمال تنفيذ مشرع بيريز لشرق أوسط جديد تهيمن فيه إسرائيل على المنطقة.
وطبعا هذا الطموح كما لم ـ لن يتحقق. لأنه بالأساس قام على تصورات خاطئة. إذ لا يمكن القضاء على حماس إلا أذا تم القضاء على الحاضنة الشعبية لحماس والمقاومة. وهذا امر لن يحصل إلا بالقضاء على نصف سكان غزة. وهذا أمر مستحيل حتى لو حصل ستجد إسرائيل نفسها بعد حين في مواجهة مع الضفة الغربية ومع تنظيم جديد سيأخذ على عاتقه مهمة التصدي للاحتلال .لأن لروح المقاومة جذور أبعد وأعمق مما يتصورون . موجودة من قبل حماس وستظل مشتعلة بعدها حتى لو قضي عليها. لأن تلك الروح كامنة في مورثات وخلايا كل طفل يرضع من حليب امه. بما جعل القضاء عليها مستحيلا إلا بالقضاء على هذا الشعب بأسره، وهو أمر مستحيل. مما يعني أن روح المقاومة لن تنتهي وسوف تستمر ولن تنطفئ جذوتها إن لم تتوسع وتتعمق.
وبصدد هذه النقطة أرى أن سعي الصهاينة ضم القدس الغربية لإسرائيل أعاد لذاكرة الشعوب العربية والمسلمة الحروب الصليبية التي تمت تحت شعار تحرير بيت المقدس من المسلمين الكفار . مما وسع وسيوسع دائرة المقاومة لتطال شعوب ونخب الدول الإسلامية.
لذلك كانت روح المقاومة هذه المرة في هذه الدول أشد وأقوى وهي كما نرى في تصاعد مستمر في عقل ووجدان كل عربي ومسلم يرفض الخنوع والذل وكل انسان في العالم يرفض العبودية والذل. ومهما طال أمد العدوان وعلى فرض تم القضاء على حماس فإن نشوء مقاومة جديدة سيظل قائماً وبقوة . وبالتالي ستشن إسرائيل عدوانا جديداً وهكذا. ولن يتم وقف الحرب ولن يتحقق السلام وسنظل ندور في حلقة مفرغة.
فهل هذا ما يريده أغلب حكام الدول الغربية والعربية؟
أما الخيار الثاني الذي طرحته أغلب حكومات هذه الدول بعد العدوان على غزة فلقد اتضح بدعوتها ، العودة لحل الدولتين .وأنا اعتقد أن هذا الحل ولد ميتا ومات عمليا مع مقتل مؤسسه اسحق رابين من قبل المتدينين اليهود المتطرفين عام 1995. حيث كما تبين الوقائع أن عملية الاغتيال كانت مقدمة لحكم اليمين المتطرف وبالتالي لنسف إي إمكانية لقيام ولو ربع دويلة من خلال إجراء تغييرات كثيرة على الأرض تخنق الشعب الفلسطيني وتدفعه إما للهجرة او تقبل العيش كعبد على ارضه (من خلال ما سمي السلام الاقتصادي بدون حقوق سياسية. ) .مما يعني أن العودة لما قبل عام 1996 . يوم تسلم نتنياهو الحكم باتت مستحيلة ليس بسبب أن حماس او المعارضة الفلسطينية ترفض العودة لها بل لأن اليهود المتدينين والمتطرفين الذين يحكمون إسرائيل اليوم سوف يرفضونها .
عدا عن أن عملية العودة لذلك الخيار يتطلب إزالة التغييرات التي قامت بها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. فتفكيك المستوطنات وإخراج المستوطنين منها خاصة من القدس الغربية (حوالي نصف مليون مستوطن ),وحدها دون إزالة الأمور الأخرى سيلقى معارضة من اليمين الحاكم المستعد لحرب أهلية دون التخلي عن المستوطنات والتغيرات التي ألمت بالقدس والتشريعات والقوانين التي أصدرتها خلال المرحلة السابقة باتت مستحيلة .ما يجعل إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة او قابلة لحياة والنمو أمرا مستحيلا أيضا .وهو ما يفعنا لطرح التساؤلات التالية :
1: هل من المكن لدولة فلسطينية ذات سيادة (حسب ما ينص عليه اتفاق أوسلو) أن تقوم على 20% من مساحة فلسطين مجزأة الأوصال وبدون سلاح وبرام الله او بأبو ديس كعاصمة لها بدلا من القدس ،وبدون سيطرة على مداخل هذه الدويلة ومخارجها ولا تحكم بمياه الشرب والصرف الحي فيها ، أو بإدخال او إخراج الأدوات والمواد اللازمة للعمل والحياة مثل المواد الغذائية والطبية ؟
2: هل يمكن أن نطلق على هذه السلطة القائمة في رام الله أنها وطنية او أنها يمكن أن تكون او تصبح وطنية استنادا لما تم الاتفاق عليه في أوسلو وبات قائما اليوم فعليا في رام الله سلطة وطنية أو حكم ذاتي أو حتى إدارة ذاتية للسكان؟ طالما أن مواطنيها بما فيهم رئيسها إذا أراد أن يعالج أسنانه في مستشفى بيتونيا يحتاج إلى موافقة أمنية .وقد يمنع من زيارة صديق له في جنين والقدس ؟
3: أية حياة هذه التي يدعون لها كحل. طالما أن المواطن الفلسطيني بات بعد التغيرات الحاصلة وزرع الجدار العزل غير قادر على زراعة أرضه التي لا تبعد عن مكان سكنه سوى بضع خطوات. إلا إذا سار آلاف الأمتار ليلف حول الجدار والحواجز الأمنية.؟ وأن يخضع لتفتيش دقيق إن أراد زيارة ابنته او قريبه المريض في القرية المجاورة؟
يكفينا كذب وتكاذب على بعضنا. وعلينا ان نعترف أن قيام ولو ربع دويلة فلسطينية لم يعد ممكنا ولم يعد يشكل حلا. وأن التحدث به بات نوع من الضحك على عقول الناس. وعلينا أن نكف نهائيا عن أي حديث عنه. فلقد سقط الأمل في قيام ربع دولة ولا حتى حكم ذاتي بصلاحيات واسعة. فكيف بإعادة البحث فيها لتقوم على جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وذات سيادة وعلى أن تكون القدس عاصمة لها ؟
لذا على النخب الفلسطينية والعربية والغربية أن تكف عن الكذب وخداع شعبنا. وأن تعترف بأن أي تمسك بهذا الحل والدعوة له وبهذه السلطة التي تزعم وتؤكد أنها وحدها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وأنها وحدها الناطق الرسمي باسم منظمة التحرير بعد أن تبين من خلال الاتفاقات الأمنية والتعاون مع قوات الاحتلال أنها أداة بيد الاحتلال لفرض العبودية والخنوع والركوع ولتصفية القضية الفلسطينية.
لذلك اعتقد أن أنه لم يعد يوجد فلسطيني أو عربي او إنسان حر أن يقبل بحل الدولتين وبهذه السلطة. أو أن يروج له .و أن أي حمساوي او فتحاوي حر وشريف لن يقبل به . خاصة بعد التضحيات الهائلة التي قدمها شعبنا.
وبما أن السير في هذين الخيارين لم يحقق الأمن والسلام لطرفين والعالم إذن لابد من البحث عن حل أخر
خيار الدولة الديمقراطية:
إذا كنا والمجتمع الدولي معنا جادين في التوصل لحل يحقق السلام الشامل في المنطقة والعالم فلابد من أن نبحث عن الحل الجذري والشامل للصراع. وهو ما يتطلب معرفة شاملة بالظروف العامة التي أدت لظهور هذه المشكلة لنتوصل على ضوء تلك الرؤية الشمولية بناء تصور نظري للحل الجذري والشامل .والذي يمكن على ضوءه تحقق السلام اشامل مهما طال الزمن . وإن تم التوافق عليه اليوم والعمل به وعلى تنفيذه (بدلا من الحلول السابقة التي مر عليها 75 سنة ولم تحقق السلام) غداً. يمكننا بعد غد وضع الخطوات العملية اللازمة لتحقيقه بعد غد. وبما يحول دون أن تسال قطرة دم احدة.
ما يعني أننا (والمجتمع العربي والدولي معنا) مدعوين (إن كنا نبحث عن السلام فعلا ) ويجب علينا ان نتبنى هذا الحل . وهذا ما يتطلب بداية إعادة البحث في الحل الديمقراطي الذي طرح للمسألة اليهودية خلال الثورة الفرنسية وصياغته عام 1792. حيث تبين الدراسات والأبحاث الموثقة أن ذلك الحل وإن ظهر في فرنسا لكنه وجد لحل مشكلة اليهود في أوروبا وروسيا. وليس لبلادنا العربية والإسلامية. حيث كان اليهود يعيشون فيها باعتبارهم أصحاب كتاب بأمان وسلام. وهو ما تحقق عام 625م في الدولة المدنية التي أقامها الرسول في المدينة المنورة. حيث آخى بين اليهود والنصارى والصابئة والمسلمين والمجوس الموحدين. وهو ما توصلت له النخب الأوربية المتنورة بشكل متأخر جداً في أوروبا ، وكان أحد الأسباب المهمة للقيام بالثورة الفرنسية وتبني الحل الديمقراطي للمسألة اليهودية .وكان من الممكن للمشكلة أن تحل وتنتهي في أرضها منذ ذلك اليوم لو تم الأخذ بذلك الحل . لكن بما أن المرابين اليهود (كما أكد على ذلك كثير من المؤرخين ولاقتصاديين) والرأسماليين الغربيين والمستبدين الروس رفضوا ذلك الحل لشعوبهم وفي ذات الوقت للمسألة اليهودية. فلقد سارت الأمور تجاه الحل الإمبريالي بنقل او ترحيل المشاكل الداخلية للخارج من خلال الاستعمار الذي جر على أوروبا والعالم حروبا مدمرة . ومن ثم لدفع اليهود الهجرة إلى فلسطين.
وهكذا تزايد عدد المهاجرين في فلسطين من 11ألف عام 1881 إلى حوالي 400 ألف عام 1945 وهو ما فاق قدرة فلسطين وشعبها على استيعاب هذا العدد الكبير وأدى إلى صدامات بات البحث فيها عن حل مسألة ملحة . حيث طرحت عصبة التحرر الوطني الفلسطيني الحل الديمقراطي للمسألة من خلال إعطاء اليهود حقوقا متساوية مع العرب في فلسطين. ثم تبنته وطرحته في برامجها السياسي عام 1945.بينما رفضت كل من الدول الغربية والحركة الصهونية ذلك الحل (مع أنها تزعم أنها دولا ديمقراطية وعلمانية). ومع أن الدول العربية والمنظومة الاشتراكية تبنت ذلك الحل عندما طرحته عام 1946 كمشروع منافس لمشروع التقسيم في الأمم المتحدة. وهكذا بعد أن تم تبني تلك الدول حل التقسيم سارت الأمور بذلك الاتجاه الذي أوصل الأمور لماهي عليه اليوم . وهو ما يفهم منه من جهة أن الصهاينة والدول الإمبريالية هي التي افشلت ذلك الحل. ومن جهة ثانية أنها لو أخذت بذلك الحل لما حصل هذا الدمار والموت والحروب. ومن جهة أخرى يثبت ويؤكد أن العودة والأخذ بذلك الحل اليوم بعد التجارب السابقة قد يكون هو الأصح لحل الصراع بصورة نهائية .
ما يعني ويؤكد من جهة أخرى أن المشكلة لم تكن أساسا ولا حتى اليوم فينا نحن كعرب او فلسطينيين او مسلمين بل في اليهود الصهاينة وحماتهم الغربيين .وهذا يستدعي من نخب الدول الغربية النافذة إن ارادت أن تكون وفية للقيم والمفاهيم التي توصلت لها نخبهم المتنورة وتزعم حكوماتهم أنها تتبناها وتتمسك بها . أن تقنع كلا من حكامهم واليهود الصهاينة بأن لا أمل لليهود للعيش في هذه المنطقة وسواها إلا كمواطنين مثلهم مثل غيرهم. متساوين في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وأن يفهموهم بناء على التجارب التاريخية الطويلة أن ذلك الفهم الخرافي والفوقي عن شعب مختار من الله وعن أرض للميعاد .لن يحقق لهم الاستقرار والسلام . ولن ينعموا بالأمن والأمان وستشهد المنطقة حروبا واعتداءات جديدة أبشع. فلذلك يجب او يفترض أن تتركز جهود جميع محبي السلام. البحث عما يجبر أو يقنع نخب وسكان إسرائيل. أنهم إذا أرادوا العيش بسلام وعدم وضع اليد على الزناد وهم نيام وكيلا يعرضوا أبنائهم للتجنيد في الجيش والموت. فما عليهم سوى تبني المشروع الديمقراطي الذي وجد أساسا من أجلهم ولحل مشكلتهم . وبالتالي أن يتقبلوا العيش كمواطنين في دولة ديمقراطية فلسطينية ويتخلوا عن جميع اوهامهم بأنهم شعب الله المختار. وبأن الرب وعدهم وحدهم بهذه الأرض.
قد لا يحل تبني هذا المشروع المشكلة القائمة اليوم وفوراً. لأن تحويله إلى واقع على الأرض يتطلب وقتا طويلا. لكن إذا تم الاقتناع به نظريا اليوم. فمن الممكن أن يتم التوافق عليه سياسيا غدا ومن ثم تبنيه بعد الغد من قبل المجتمع الدولي والإقليمي والفلسطيني مما يمكن القوى الخمس العظمى استنادا للفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة ان توقف الحرب فوراً وتضع منذ اليوم الخطط الكفيلة بتنفيذ هذا الحل ووقف القتال فورا.
قد يستغرق تنفيذ ذلك الحل خمسون سنة. إلا أنه سيكون بالتأكيد ـ أقصر من زمن الدوران في دائرة العنف التي مررنا بها منذ أكثر من مئة سنة ، ويجنب شعبنا المزيد من القصف والدمار وموت الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى والخدج .
فتحي رشيد/ 3/ 12/ 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -