الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب وعظ كهنة العدالة الإنتقاليّة

شادي الشماوي

2023 / 12 / 27
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


سميّة كرغر ، جريدة " الثورة " عدد 822 ، 2 أكتوبر 2023
https://revcom.us/en/sermons-priests-transitional-justice

ملاحظة الناشر : ننشر خطابا حديثا لسميّة كرغر موضوعه " البحث عن العدالة : النوعيّة ،الإستراتيجيا و الأهداف " أثناء ندوة نظذمتها لجنة إحياء ذكرى مجزرة 1988 في حقّ السجناء السياسيّين . و سمّيّة كرغار سجينة سياسيّة سابقة في إيران تمّ إعتقالها في أكتوبر 2020 ( بالضبط قبل الذكرى الأولى لتمرّد نوفمبر 2019 و إتّهمت بتأسيس و تسيير جمعيّة نساء عصيان (1) (Osyan Women Collective ) و العمل لمصلحة الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – الينيني – الماوي ). و الشركاء الآخرون في التهمة معها كانوا ناهد تغافى و مهران رؤوف و بهارة سليماني . و قد أمضت شهورا في السجن الإنفرادي بأفين ثمّ وقع نقلها إلى سجن كرشاك . دفاع محاميها الحيويّ عنها و الأدلّة على أنّها لا تستطيع التحمّل الجسديّ للسجن نظرا لمرض حاد أصابها ، أدّيا إلى إطلاق سراحها و إغلاق ملفّ تتبّعها . خطابها ترجمه و أعدّه للنشر متطوّعون من موقع أنترنت.revcom.us . و الخطاب في نسخته الأصليّة بالفرسيّة متوفذر على موقع أنترنت الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – الليننيّ – الماوي ) ، cpimlm.org .
-------------------------
الرباط بين مجزرة جيل ثمانينات القرن العشرين من النشطاء و حركة البحث عن العدالة التي ظهرت من تمرّد المرأة – الحياة – الحرّية هو موضوع كيفيّة إفتكاك السلطة السياسيّة. والمسألة التي يجب معالجتها هي الطريق الذى يجب سلوكه : طريق الإصلاح أم طريق الثورة ؟
لهذا قفزت قوى سياسيّة – إجتماعيّ مختلفة إلى المشهد وهي تحاول أن تروّج إلى الطريق الذى سييسّر إفتكاك السلط بأيّة طبقة يفضّلون [ أو يمثذلون ] . و إعتمادا على خدمة أحد هذين الطرقين ،ظهرت على الركح تشكيلات متنوّعة وهي تسعى إلى تشكيل المشهد السياسي ، ماضية بعيدا إلى حدّ إعادة تحديد و إعادة تأويل حدث ماضى مثل مجزرة 1988 . (1)
إنّهم يستعملون ألفاظا كالعدالة الإنتقاليّة و حقوق الإنسان و الروايات لوضع خاتمهم الخاص على المطالبة الشعبيّة بالثورة التي برزت إلى السطح إبّان تمرّد جينا و من أجل حرفها إلى قناة " تغيير النظام " . و هنا لست أتحدّث عن القوى اليمينيّة فقط فحتّى قسم من الذين يعتبرون أنفسهم جزءا من اليسار يتحرّكون في هذا الإتّجاه . و هذا مشكل جدّي يجب أن تخوض فيه القوى السياسيّة الى تزعم على الأقلّ انّها تقف إلى جانب الثورة .
مجزرة السجناء السياسيّين في ثمانينات القرن العشرين ، و بخاصة مجزرة 1988 ، جريمة نابعة من وهي أساسيّة لسير النظام الحاكم في إيران . و الجرائم القضائيّة للنظام تنبع من طبيعته كنظام رأسمالي تيوقراطي – فاشيّ ( من النوع التابع للرأسماليّة – الإمبرياليّة ). و يمكن أن نجد أدلّة علىهذا في وثائق حكوميّة في ال45 سنة تستحقّ أن تكون شهادات ، و في النظريّات الإجتماعيّة للقادة و المسؤولين السامين في الجمهوريّة الإسلاميّة ، و في عقائد أمن البلاد ، و في دستورها و في المجلّة الجزائيّة الإسلاميّة و قوانين العقوبات – التي تفرض مكانة أدنى للنساء فارضة إجباريّة الحجاب – و في كتابات المحاكم " الثوريّة " بقمعها و سجنها و تعذيبها و تنفيذها المنهجيّ لأحكام الإعدام خلال تمرّدات 2018-2019 ، و تمرّد جينا .
و مجازر ثمانينات القرن العشرين ليست رواية ما . إنّها واقع ، و نتيجة اكيفيّة سير النظام الحاكم . و تحويل ذلك إلى " رواية " لها " روايات فرعيّة " – ما تسمّى ب " رواية – حقيقة " الجمهوريّة الإسلاميّة و "رواية – حقيقة " الشهداء ، و " رواية – حقيقة " الأسر – يحوّر من طبيعة الحدث و يفسح المجال لتبرير مثل هذه الفظائع و مواصلتها . إنّهيخلق جوّا عاما من الشكّ و إنكار الحدث ، أو يرجعه إلى تصرّفات و ميزاج هذا الشخص أو ذاك . في مثل هذا الجوّ ، تتجرّأ الجمهوريّة الإسلاميّة على قول إنّ مثل هذه المجزرة لم تحدث أو إنّهم قاموا بما هو صواب !
بعض المثقّفين المتأثّرين بالعقيدة ما بعد الحداثيّة للرواية يقولون إنّه يتعيّن علينا أن نأخذ بعين الإعتبار وجهات نظر جميع المعنيّين بالأمر : الجمهوريّة الإسلاميّة ، الأسر ، نحن أنفسنا ، الموتى ! لنستمع إلى جميع الروايات حتّى نتمكّن من " التعرّف على شياطيننا الخاصة الداخليّة و ننقدها " (2).
" أن نأخذ وجهة نظر بعين الإعتبار " يعنى أنّ الجميع مدانون في هذه الجريمة . و هذا يطمس أو كأدنى شيء يخفّف من ذنب الدولة ، و من العمليّات القمعيّة التي قامت بها الدولة للحفاظ على قبضتها على السلطة السياسيّة . و في الواقع ، سيؤدّى هذا إلى مساءلة تجرّأ الأموت على المطالبة بالثورة ! و الحجج التي تحرّكها الروايات حول تمرّد جينا ستقلّص إلى مساءلة ما إذا كانت جينا على " حقّ " في إرتداء الثياب كما فعلت . لماذا لم تتّبع القوانين الخاصة بإجباريّة الحجاب ؟ لماذا إحتجّ الناس متسبّبين في المزيد من القتلى ؟ بكلمة ، هذا " تطبيع مع الشيطان " [ مع النظام ] .
في فترة تأثيرها و نفوذها ، غرست القوى الإصلاحيّة في الجمهورية الإسلاميّة و " حركة نسائها " هذا الصنف من التفكير في أذهان الناس ( مثلا ، من خلال " حملة المليون إمضاء " ) و تبعاتها لا تزال ملموسة .
هذا هو المشكل مع " الرواية " مقابل الحقيقة . وقاع الأمر أنّ سلطة الدولة موجودة . و الواقع قائم هناك ، سواء رأيتموه أم لم ترونه . " الروياة " لا " ترى " و لا تسمح للآخرين برؤية سير النظام الذى يؤدّى إلى القتل و القمع و السجن و الإعدام.
عند نقطة معيّنة ، بعض إصلاحيّي الحكم ، تحت ضغط فضح مجازر ثمانينات القرن العشرين ، قالوا : " أخطأنا ! " . و نشروا للعموم تسجيلا لآية الله منتظرى حينها يقول فيه إنّ هذه المجزرة كانت جريمة سيسجّلها التاريخ . لكن هذا غير كاف ! ماذا عن هذا الحكم و هذه السلطة السياسيّة التي تتطلّب القمع ؟
أيّ شرح يعرض جزءا لا غير من الحقيقة يشوّهها . و الرواية التي تصوّر شهداء ثمانينات القرن العشرين كضحايا غير تامة و بالتالي هي تتعارض مع الواقع . كانت لشهداء ثمانينات القرن العشرين مُثُلٌ عليا و قد قدّموا حياتهم من أجل هذه المثل العليا . و مجزرة 1988 ن على أهمّيتها ، ليست سوى جزء من جرائم اجمهوريّة الإسلاميّة و قمعها . لقد كان هدف النظام من إستخدام الخنجر و اليد الحديديّة تحويل جيل ثوري إلى مرآة – فظائع تحذيرا للأجيال القادمة .
العدالة الإنتقاليّة :
إستعمال مفاهيم مثل " العدالة الإنتقاليّة " بدلا من " الإطاحة بالجمهوريّة الإسلاميّة بخوض الثورة " يخلق إيديولوجيا " التعايش السلمي " مع هذا النظام الذى يجعل هؤلاء المجرمين مشاركين في " الإنتقال السلمي " .
تحتاج الطبقة الحاكمة إلى الدولة و نظامها الرأسمالي إلى إنتاج و إعادة إنتاج الإضطهاد و الإستغلال مستخدمين طرقا متنوّعة ، بينما في الوقت نفسه ، يتّقون التمرّد ضد و مقاومة هذه الظروف ، أو يحوّلون التمرّد و المقاومة إلى قنوات لا يمكن أن تبلغ مستوى الإطاحة الثوريّة بالوضع القائم .
إنّ العدالة الإنتقاليّة حلّ أوجدته مؤسّسات النظام الإمبريالي العالمي و مفكّريه وهو يهدف إلى " تغيير النظام " في إيران بينما يمنع إنهيار هياكل القانون و النظام ( قوّات الأمن و الجيش ) ، كماحصل عندما وقع تغيير نظام الشاه بالجمهوريّة الإسلاميّة . و من متطلّبات تحقيق هذا الحلّ التعويل على القوى الحاكمة ، أو قسم كبير منها . إستراتيجيا أو خارطة طريق العدالة الإنتقاليّة تعتمد على الإعتقاد بأنّ الهياكل الرئيسيّة للسلطة السياسيّة ( كالحرس الثوري [ IRGC ] و جهاز الأمن القمعي ) تظلّ كما هي ، و يتشكّل نظام بمساهمة نفس الأشخاص و قسم من " المعارضة " .
في الأساس ، تعبّر العدالة الإنتقاليّة عن أفكار مهندسى ومسيّري النظام الرأسمالي-الإمبريالي العالمي حول كيفيّة " إدارة " الأزمات التي تظهر حتما نتيجة سير أنظمة القمع الوحشيّ و الإستغلال الوحشيّ في أنحاء مختلفة من العالم . ليس بوسع حركة البحث عن الحقيقة أو البحث عن العدالة و لا يتعيّن عليهما أن يمنعانا من رؤية أنّ جذور هذه الجرائم ضد الإنسانيّة تكمن في نظام الإستغلال و الإضطهاد الإمبريالي .
و للعدالة الإنتقاليّة مفهومين من المفاهيم المفاتيح : أوّلا ، تعتقد أنّه لأجل بناء مجتمع " ما بعد الجمهوريّة الإسلاميّة " ، من الضروري إنجاز تمارين على بناء الثقة . الإعتراف ببعض جرائم النظام السابق و معاقبة أسوأ المنتهكين مثل لذلك النوع من إجراءات بناء الثقة . و يُفترض أن تُساعد هذه السيروة على " مواساة " الضحايا و " طمأنتهم " لإعدادهم للمفهوم المفتاح الثاني .
و المفهوم المفتاح الثاني للعدالة الإنتقالية هو توجيه نداء لكافة الأطراف ( الضحايا و المجرمين ) ليقوموا بتنازلات عميقة لبعضهما البعض . و تعبير مكثّف عن هذا هو قول ط نحن لا ننسى بل نسامح " . و الذين يدافعون عن هذه النظرة يعتقدون أنّ نقصا في التوفيق بينالأطراف سيغذّى العنف الذى سيكون على حساب " إعادة البناء الوطني " و أنّ " إعادة البناء الوطني " تصبح ممكنة من خلال " التصالح الوطني " . و في ألثناء ، لتبرير تسوية مع مجرمى النظام ، ينشرون شعبيّاحملة " لا نرغب في الإنتقام " . هذا تشويه متعمّد لأنّ ما نحتاج إتّخاذ قرار بشأنه هو ماذا نفعل بهذا النظام و مؤسّساته و ممارساته و ليس الإنتقام من أفراد . لكن من أفق العدالة الإنتقالية ، يجب على الجانبين رواية قصتهما و في الختام ، يتعيّن أن يعتذر المجرمون من النظام كأفراد ، سواء وقع عقابهم أم لا ، لأجل إيجاد تصالح وطني و يمكن للمجرم و الضحيّة أن يعيشا جنبا إلى جنب بسعادة بعد ذلك ، بفرح و سعادة إلى نهاية حياتهم ! كما في الصور المتحرّكة لديزناي ! عقيدة العدالة الإنتقاليّة هي وعظ كهنة للمضطهَدين ليستسلموا لحكم المضطهِدِين .
ما يجعل طريق العدالة الإنتقاليّة في منتهى الرجعيّة هو الميزة التي يمنحها للنظام الحاكم بما في ذلك ضمان بقائه على قيد الحياة . و بغضّ النظر عن أمانينا و مشاعرنا الخاصين ، أو أماني و مشاعر المدافعين عنه ، الطبيعة الموضوعيّة لهذه النظرة رجعيّة و متقادمة و يجب فضحها بوضوح و نبذها كما هي . و التواطؤ بالصمت حولها أو التعاون البراغماتي مع هذا النوع من التفكير يعنى إدارة ظهرنا إلى الشعب و إلى الثورة التي يحتاجها مجتمعنا بصفة إستعجاليّة جدّا ، و أوذل خطوة فيها هي الإطاحة بالجمهورية الإسلاميّة بأكملها .
قال لينين : " تحتاج كلّ الطبقات المضطهِدة إلى وظيفتين إجتماعيّتين للحفاظ على حكمها : وظيفة الجلاّد و وظيفة الكاهن . تحتاج الجلاّد ليقمع الإحتجاجات و غضب الضطهَدين ، و تحتاج الكاهن ليواسى المضطهَدين و يمنحهم الأمل بأنّ عذاباتهم و مشاقهم يمكن التخفيف منها بالتصالح مع و البقاء ضمن إطار الطبقة الحاكمة " .
لا يجب أن نستهين بالدور الذى يلعبه هذا المفهوم . و لا يجب أن يوجد أيّ خلط بشأن الطبقة التي يخدمها .
عقيدة " الإعتدال " و " اللاعنف " صارت حاجزا أمام ضرورة التغيير الثوري الذى ينبع من كلّ تصدّع في المجتمع الإيراني . و في الواقع ، العدالة الإنتقاليّة تُدين محاولات الناس القيام بالثورة لكنّها تترك الباب مفتوحا لتواصل عنف الدولة و قمعها .
و مثلما يشرح كهنة العدالة الإنتقاليّة ، هدفهم هو " مواساة و طمأنة " " الضحيّة " . و حركة البحث عن العدالة لا يمكن و لا يجب أن تتحرّك ضمن إطار العدالة الإنتقاليّة ، فهو خطّ التسوية و التنازل للجمهوريّة الإسلاميّة و الإنخراط في النظام القضائي العالمي . بالأحرى ، يجب أن تتحرّك خارج إطار هذا النظام و طريقة التفكير التي يشجّع عليها .
العدالة الإنتقاليّة " تغيير من فوق " لمعالجة أزمة شرعيّة النظام ، شرعيّة نظام إضطهاد و إستغلال رهيبين . الأسماء و الوجود قد تتغيّر لكن فقط ضمن ذات الأطر و الأسس . و الجرئم المنهجيّة للنظام السياسي و دولته يقع تقليصها إلى قرارات و أوامر لمجموعات من الأشخاص ، و في نهاية المطاف إلى مجرّد أفراد . و يقع إخفاء دور النظام بالتركيز على هذه السلوكات و المؤسّسات و القوانين التي تدعمها .
و تدافع أنواع من التيّارات السياسيّة و النزعات الإيديولوجيّة عن العدالة الإنتقاليّة لكن نقطة وحدتها بشأن مستقبل مجتمعنا هي التالية : التصالح بين الجانبين من المعركة الدمويّة ذات ال45 سنة . و تعبير مكثّف لهذا هو مجزرة 1988 . المثقّفون و المحامون الذين يساندون بنزاهة حلّ العدالة الإنتقاليّة يجب أن يعرفوا أنّه من غير الممكن التسوية بين الجانبين من هذا الإنقسام الاجتماعي الهائل الذى هو في نهاية المطاف بين الضحيّة و الجلاّد . و محاولة فرض مثل هذه التسوية ستنتهى إلى تفضيل مواصلة الوضع القائم بشكل جديد .
و تدعو العدالة الإنتقاليّة الضحايا إلى رؤية الوضع داخل إطار الأمم المتّحدة / حقوق الإنسان و تحاول " معالجة " المشكل على هذا النحو . و إنّه لواقع هام أنّ جميع نشاطات حقوق الإنسان لم تكن قادرة على منع أو إيقاف قمع جمهوريّة إيران الإسلاميّة لتمرّد جينا . و أنظروا فقط إلى السنوات الحديثة ، في 2017 ، و 2019 و 2021 ، و قمع الإحتجاجات الشعبيّة في السنة الماضية (2022 ) .
ما أقصده ليس قول إنّه لا يجب القيام بنشاطات حقوق الإنسان . أبدا ! إلاّ انّه إن أصبحت مبدأ و إطار البحث عن العدالة ، ستضع عمليّا نهاية للبحث عن العدالة . فالبحث عن العدالة في مجزرة 1988 من قبل الناجين و مساندي الأسر و الباحثين المؤرّخين في هذا الحقل ، إستطاع أن يبقى جاريا و متواصلا لأنّه لم ينطلق من هذا الإطار . ما المسألة الكبرى مع الأمم المتّحدة ؟ إنّها مكان تجمّع الحكومات في ظلّها إقتُرفت في إيران مجازر 1988 ، و مجازر أخرى عبر العالم إقتُرفت و ستُقترف . وثيقة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتّحدة تقدّس مبدأ الملكيّة الخصة . و كلّ القمع و القتل و ضرورة وجود الحكومات القمعيّة في نهاية المطاف منبعهم الحفاظ على هذا المبدأ .
إا كان الناس في حركة البحث عن العدالة ( و غيرها من الحركات ) يرغبون في فسح المجال لتغيير حقيقيّ ، يجب أن يتحرّكوا خارج إطار النظام الحاكم للعالمو مؤسّساته ( أين للحكومات بما فيها الجمهوريّة الإسلاميّة مقعد في أجهزة إصدار قراراتها ) ، و خارج الإيديولوجيّات و الإستراتيجيّات التي ينتجها هذا النظام . و التعبأة ضمنها ، إراديّا أم عن غير إرادة لذلك ، يدفع الحركة إلى التواطؤ مع هذا النظام . و يمكن أن يكون تواطؤا غير سعيد غير أنّه يظلّ مع ذلك تواطؤا !
للحكومات مصالحها الخاصة كما شاهدنا في تمرّد النساء من أجل الحياة و الحرّية و أبعد من ذلك .ففى حين كان شعبنا يتعرّض للقتل و الإيقاف و تنفيذ حكم الإعدام في أبنائهو بناته ، كانت القوى العالميّة التي من المفترض أنّها عبّرت عن تضامنها مع الشعب الإيراني تتفاوض سرّيا ، فى أخذ و ردّ مع جمهوريّة إيران الإسلاميّة لتقرير مستقبل إيران ، كما تتمنّى . للحكومات مصالحها الخاصة و نحن شعوب العالم لدينا مصالحنا الخاصة . نحن المضطهَدون و المستغَلّون فى العالم . مصلحتنا المشتركة هي إستئصال هذه الظروف . و علينا أن نساند بعضنا البعض و نمثّل الأمميّة . ينبغي تقديم مفهوم مختلف لحقوق الإنسان في كلّ مكان من العالم ، و ينبغي دفع المضطهِدين إلى الخلف بالتعويل على شعوب العالم . و هذا الشكل من نشاطات حقوق الإنسان يخلق معنى جديدا للحرّية : حرّية جميع شعوب العالم في إستئصال الإضطهاد و الإستغلال.
عند فضح حقيقة مجازر 1988 ، قبل كلّ شيء ، لا يتعيّن تأطير ذلك ضمن طرق أداتيّة تخدم الحلول الرجعيّة و الإصلاحيّة. ثانيا ، ذكر حقيقة هذه المجازر أو الإعتراف التام بها لا يزال يمثّل نصف الطريق لا غير . وحده إستئصال النظام السياسي و الإيديولوجي و الاقتصادي – الاجتماعي الذى عنه صدرت هذه الجريمة و غيرها من جرائم الجمهوريّة الإسلاميّة يمكن أن يأتي بالعدالة . و بالتالى ، نحن " لا نسامح و لا ننسى " لأنّنا نريد القيام بالثورة . نريد إنشاء نظام سياسي و إقتصادي و إجتماعي لا يحتاج إلى إضطهاد الناس . و هذا الهدف لا يمكن أن يتحقّق إلاّ من خلال ثورة شيوعيّة غايتها و خارطة طريقها مكثّفين في الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينينيّ – الماوي ) و " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في إيران " .
الهوامش :
1- Osyan/ عصيان تعنى التمرّد في اللغة الفارسيّة . و عصيان مجموعة من النساء الإيرانيّات و الأفغانيّات تمثّل صوت تمرّد النساء للتعبير عن تصميمهنّ و لخدمة النضال ضد جمهوريّة غيران الإسلاميّة و طالبان .
2- قتلت جمهوريّة إيران الإسلاميّة أكثر من 5000 سجين سياسي في سلسلة من الإعدامات الجماعيّة خلال صيف و خريف 1988 . و أصدر آية الله الخميني فتوى سرّية ( حكم تيوقراطي ) ، ركّزت محكمة تنفيذيّة لتطهير معارضة الحكم . فوقع سجن عشرات الآلاف من الرجال و النساء كسجناء سياسيّين و قُدّموا إلى المحاكمة . و صدر الحكم في حقّ الآلاف بالموت و أرسلوا فورا إلى الجلاّدين و دُفنوا في مقابر جماعيّة غير معلومة المكان . و ظلّ كلّ هذا سرّ دولة محفوظ جيّدا لعقود . أنظروا مقال " ناصر مُهاجر يتحدّث في مكتبة كتب ثوريّة ببركلي " حول البرنامج مع مؤلّف كتاب " أصوات مجزرة " وهو الكتاب الوحيد عن هذه المجزرة الكبرى المنشور باللغة الأنجليزيّة . و فيه ، يوثّق ناصر مهاجر سير هذه المجزرة و شجاعة السجناء و كذلك النضال القائم و الضروري للمطالبة بالعدالة .
3- جزء من خطاب فرج سركوحي " المعنى المعاصر لمجزرة صيف 1988 " ، 3 سبتمبر 2023 ، المركز الثقافي ماينز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام


.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف




.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام


.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا




.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال