الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار عن إمكانيّة التضامن و التنسيق بين حركات التحرّر و قوى و مجموعات تقدّميّة أخرى في منطقة الشرق الأوسط

شادي الشماوي

2023 / 12 / 27
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


أفكار عن إمكانيّة التضامن و التنسيق بين حركات التحرّر و قوى و مجموعات تقدّميّة أخرى في منطقة الشرق الأوسط
سميّة كرغر ، سجينة سياسيّة سابقة في إيران
جريدة " الثورة " عدد 819 ، 11 سبتمبر 2023
https://revcom.us/en/thoughts-possibility-solidarity-and-coordination-among-liberation-movements-other-progressive

ملاحظة الناشر : ننشر هنا نصّ خطاب ألقته سميّة كرغر في بدايات أوت 2023 بأكاديميّة الدراسات النسائيّة الأفغانيّة. و سمّيّة كرغار سجينة سياسيّة سابقة في إيران تمّ إعتقالها في أكتوبر 2020 ( بالضبط قبل الذكرى الأولى لتمرّد نوفمبر 2019 و إتّهمت بتأسيس و تسيير جمعيّة نساء عصيان (1) (Osyan Women Collective )
و العمل لمصلحة الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – الينيني – الماوي ). و الشركاء الآخرون في التهمة معها كانوا ناهد تغافى و مهران رؤوف و بهارة سليماني . و قد أمضت شهورا في السجن الإنفرادي بأفين ثمّ وقع نقلها إلى سجن كرشاك . دفاع محاميها الحيويّ عنها و الأدلّة على أنّها لا تستطيع التحمّل الجسديّ للسجن نظرا لمرض حاد أصابها ، أدّيا إلى إطلاق سراحها و إغلاق ملفّ تتبّعها . خطابها ترجمه و أعدّه للنشر متطوّعون من موقع أنترنت.revcom.us
-------------------------------
واقع هام أحضرنا إلى هنا اليوم - قسم من النساء الناشطات – هو واقع عودة طالبان إلى السلطة . كيف سيساهم هذا في التأثير على حياة شعب أفغانستان ، و على نساء أفغانستان بوجه خاص ؟ و تبعات عودة طالبان ليست تقتصر على أفغانستان فنموّ الأصوليّة الدينيّة و إنتشارها يحدث عبر العالم قاطبة . إضافةُ دولة أصولية إسلاميّة ، فضلا عن جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، لها إنعكاسات هامة على المنطقة و على العالم . المسألة تتقوّم في كيف نفهم هذا المشكل و كيف نتعاطى معه ؟
في مداخلتى هذه سأتناول نقطتين من موضوع هذه الندوة و التي تمثّل المقاربة السائدة لهذا المشكل في عالم اليوم : أوّلا ، " ما هي تبعات مفردة " المهمّشين " " و ثانيا ، ما هي الفرضيّات الكامنة لقيام " تحالف " .
1- تبعات مفردة " المهمّشين " :
دعونى أستهلّ الحديث بقول إنّ تعويض كلمات سياسيّة دقيقّة مثل " المضطهَدين " بكلمات مثل " المهمّشين " يحمل مضمونا سياسيّا خاصا . فمفردة " مهمّشين " ليست مجرّد كلمة : إنّها تعنى أفكارا مفترضة تمحى المصالح الطبقيّة . و هذا مناهض للماركسيّة و يشبه كثيرا التجديدات الملتوية لما بعد الحداثة و ما بعد البنيويّة . و كذلك ، هو وسيلة هامة بيد الحكومات و المفكّرين الكبار الليبراليّيين لهذا النظام الرأسمالي .
و على سبيل المثال ، يتحدّثون عن " تهميش النساء " بدلا من إضطهاد النساء ، أو عن " تهميش السود " بدلا عن إضطهاد السود و هذه الصيغة وليدة نظريّة " الغالبيّة توجد بالهامش " و " الأقلّية في المركز " . و بالتالى ، المشكل يكمن في إستبعاد بعض المجموعات الإجتماعيّة – النساء و ذوى التوجّهات المختلفة الجنسيّة و الجندريّة و الأقلّيات القوميّة المضطهَدَة – إلى هوامش النظام الاجتماعي – السياسي القائم . و من هنا يُستخلص أنّ حلّ هذا المشكل بالنسبة لهذه المجموعات الإجتماعيّة هو التحرّك من " الهامش " نحو " المركز " [ ضمن النظام القائم ] . و مثل هذا التحليل مناقض للواقع و الحلول المستقاة منه إصلاحيّة و رجعيّة !
واقع الأمر هو أن النظام الرأسمالي بأشكاله المتنوّعة ، مهيمن عبر العالم بأسره . إنّه يُنتج و يُعيد إنتاج هذا الإضطهاد الاجتماعي و هذه التراتبيّة الطبقيّة لأنّهما أساسيّان [ لسيره ]. و لا يمكن أبدا وضع نهاية لهذه العلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة في إطار هذا النظام لأن مصدر إنتاج و إعادة إنتاج هذه العلاقات الإضطهاديّة هو النظام الرأسمالي نفسه ! إنّه ما يربط الإضطهادات – جنسيّا و جندريّا و قوميّا و طبقيّا – بعضها ببعض و بالإنسانيّة ككلّ و حتّى بتدمير [ البيئة ] . إنّه النظام الرأسمالي – الإمبريالي بأشكاله المتعدّدة – نظام عالميّ تهيمن عليه بلدان كالولايات المتّحدة و البلدان الأوروبيّة و الصين و روسيا – يشدّ معا العالم قاطبة بما في ذلك إيران و أفغانستان .
الحكومات و النظام الرأسمالي عامة يستعملون آليّات متنوّعة لإنتاج و إعادة إنتاج هذه العلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة ، و كذلك للحيلولة دون تمرّد الجماهير المضطهَدَة ضد إستغلالها و إضطهادها . و ما تعتمد عليه هذه الحكومات كحجر زاوية هو القوّات القمعيّة الأمنيّة و العسكريّة . وهي تحتاج أيضا إلى إيديولوجيا تعقلن و تبرّر الإضطهاد كي تستخدم تماما هذه القوّات القمعيّة . إلغاء مصطلح " الثورة " و تعويضه بمفهوم " العدالة الإنتقاليّة " جزء من هذا ! و العدالة الإنتقاليّة حيلة إمبرياليّة لإحداث تغيير في النظام دون الإطاحة به ( بالنظام ) . و قد كرّست الولايات المتّحدة هذا في محادثات الدوحة مع طالبان وهي تختبرها الآن في الجمهوريّة الإسلاميّة .
في مثل هذا الإطار ، رضا بهلوي [ ملكيّ ، موالي للولايات المتّحدة ] و جزء من المعارضة الإيرانيّة يدفعان إلى العدالة الإنتقالية و يستخدمانها لطمأنة الإمبرياليّين الغربيّين و للحصول على دعمهم . و قد خبرنا " العدالة الإجتماعيّة " في إيران لمّا عوّضت الجمهوريّة الإسلاميذة الشاه ، و نواصل العيش مع ما دفع حركتها . و أشدّد على أنّ " تغيير النظام دون الإطاحة به " تعنى أنّهم سيستمرّون في إستخدام القوّات الرجعيةالقائمة . محادثات الدوحة مع طالبان كانت تطبيقا لمثل هذا " الحلّ " . و المنظّمات غير الحكوميّة – مستأجرة و عميلة للإمبرياليّة – إلى جانب طالبان و نظام أشرف غاني كانوا يدفعون نحو هذا " الحلّ ". في الواقع ، مشاريع المنظّمات غير الحكوميّة كانت أكثر بقليل من مساعدة في تواصل الحرب و الاحتلال في أفغانستان .
و كما قلت ، تستخدم الرأسماليّة بإستمرار الآليّات المتنوّعة لتنتج و تعيد إنتاج الإضطهاد . و يشمل هذا تحويل البعض من المضطهَدين إلى خدم و عملاء لها لأجل إقناع الناس بأنّه يمكن إصلاح النظام . هكذا إستطاع هذا النظام أن ينتدب إصلاحيّين إجتماعيّين و سماسرة سياسيّين من صفوف كافة شرائح المجتمع .
ولنلقى نظرة على بضعة أمثلة . يذكر الجميع محادثات الدوحة مع طالبان . و قد سمع الجميع أنّ أحد أهمّ مكاسب اللقاءات مع طالبان كانت مشاركة بعض النسوة الخادمات للنظام في المحادثات . هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، من أبرز النقد الموجّه لهذه المحادثات هو أنّ عدد النساء الحاضرات لم يكن كافيا ، و أنّ حضورهنّ لم يكن سوى شكليّا – كما لو أنّ المضمون يمكن أن يتحدّد بالجندر وحده !
مثال آخر : لعقدين عقب المجرزة و قمع الثوريّين في إيران ، تحالف عدد من الرجال و النساء العلمانيّين مع جناح إصلاحي من النظام و أطلقوا " حملة المليون إمضاء " للإستفادة ممّا يسمّى " سلط " في فصول من دستور الجمهوريّة الإسلاميّة . لكن هؤلاء العلمانيّين أنفسهم الذين دافعوا بحماس عن هذا المشروع كانوا يروّجون للبراغماتيّة / النفعيّة الرجعيّة " للنسويّة الوضعيّة " لأجل كسب النساء اللواتي كنّ مستعدّات للتمرّد ضد الجمهوريّة الإسلاميّة و إجباريّة إرتداء الحجاب . و" النسويّة الوضعيّة " ببساطة تعنى أنّه عندما يتمّ إغتصاب المرأة ، إذا لم تكن المغتصبة أقوى من مغتصبها ، عليها التوقّف عن المقاومة و الخضوع للإغتصاب . لقد حالوا دون نساء شابات و التمرّد ضد إجباريّة الحجاب و بدلا من ذلك دعوا إلى " التنظيم من الأسفل " الذى شجّع على" تنظيم العادات الدينيّة بنكهة نسويّة " - " تجميع النساء حول" وجبة الطعام النذريّة" لتتبادلن الحديث و تتقاسمن مشاعرهنّ .
و تعمل الجمهوريّة الإسلاميّة ، من أعلاها إلى أسفلها ، على تعبئة الناس حول التخلّف والتطيّر . غير أنّه في بعض الأحيان، تحتاج إلى الوحدة مع أولئك الذين يطلق عليهم إسم العلمانيّين لماّ تكون في حاجة إلى مساعاتهم لبلوغ أهدافها . في الواقع ، إلى جانب الإستعمال الجاري للقمع المسلّح ، تحتاج أحيانا إلى " القفّاز المخملي " و اللسان " اللطيف " البرجوازيّ الصغير و المثقّفين المعبّرين عن مصالحها . و بعض النساء و الرجال المنحدرين من الإيرانيّين في الجامعات الغربيّة يدرّسون كذلك هذا النوع من البراغماتيّة الرجعيّة على أنّه " تجديد للنساء " !
و طبعا ، الإمكانيّات المتفجّرة الحاليّة للنساء تجلّت تمام التجلّى أثناء تمرّد جينا الباهر الذى داس عديد الضوابط السياسيّة و الثقافيّة في إيران . و جميعنا على علم بهذا ، لذا لن أتبسّط أكثر في الموضوع . هذا من ناحية و من ناحية أخرى ، كان هذا التمرّد يزخر بالأوهام الديمقراطيّة – البرجوازيّة . و على ألرجح أنّ الكثير منكم قد شاهد أشرطة فيديو قصيرة عن سارينا أليزاده . كانت سارينا ضحيّة مبكّرة لتمرّد جينا . قتلها مأجورو الجمهوريّة الإسلاميّة وهي في سنّ ال16 عاما . في شريط فيديو عنها ، تحدّثت عن أحلامها قائلة : " أعلم أنّ في العالم ، هناك أثيوبيا و هاناك لوس أنجلاس ، و لأنّنى أنشد الكمال ، أحبّذ لوس أنجلاس " .
يمكن للمرء أن يتحدّث و يكتب لساعات عن تعليقها المقتضب هذا . يجب على جيلنا الشاب المنتفض أن يتوصّل إلى أنّه لا الشعب في أثيوبيا و لا في لأوس أنجلاس بالولايات المتّحدة هو الذى حدّد أسلوب حياته . إنّه هذا النظام الرأسمالي العالمي هو الذى يتسبّب في هذه الإنقسامات الرهيبة ضمن و في صفوف مختلف المجتمعات حول العالم . في لوس أنجلاس ، تعيش فئة عريضة من الناس حياة طفيليّة وفى أثيوبيا يعيش معظم الناس حياة عسيرة إن لم يتعرّضوا إلى الموت تاما . و هم غالبا متأثّرون بحروب مدمرة ناجمة عن النزاع بين القوى العالميّة . تختاج نساؤنا مثل سارينا إلى معرفة أنّ الرفاه النسبيّ لمعظم الناس في لوس أنجلاس و نتيجة شغل الأطفال في مناجم الكوبلت بالكنغو و مصانع النسيج ببنغلاداش إلخ .
هذه وقائع عالمنا التي لا يمكن أن نمحوها ببساطة . حلم عديد الشبذان في إيران الذى وجد تعبيرا عنه في هذا التمرّد هو بلوغ " الديمقراطيّة و الإزدهار " الموجودين في البلدان الغربيّة . لكن ماذا عن هذه البلدان ؟ يتطلّب تواصل النظام الرأسمالي الإمبرياليّة . و ما تنشره هذه البلدان – الولايات المتحدة بوجه خاص – حول العالم ليس الديمقراطيّة بل بالأحرى الإطار السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و العسكري اللازم للحفاظ على النظام الرأسمالي الإمبريالي . لم يحصل أبدا في التاريخ و لا في أيّ مكان من العالم أن إستطاعت أبدا الديمقراطية البرجوازيّة أن تُلغي إضطهاد النساء و الإضطهادات الإجتماعيّة الأخرى . و اليوم نشاهد إشتداد إضطهاد النساء في كلّ ركن من أركان العالم ، حتّى في قلب الديمقراطيّات البرجوازيّة . نحتاج إلى نبذ الأوهام . أفضل سيناريو رأسمالي هو الوعد بالمساواة الشكليّة جنبا إلى جنب مع ممارسة اللامساواة الفعليّة الإقتصاديّة و الإجتماعيّة . هذه ميزة من أهمّ ميزات الرأسماليّة وهي عادة ما يهلّل لها المثقّفون الديمقراطيّون .
و دعونى أقدّم لكم مثالا ثالثا : كردستان العراق . في آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينيّة و الشرق الأوسط ، مثّلت المنظّمات غير الحكوميّة على الدوام رافعة للإمبرياليّة الأمريكيّة لتحييد القوّة الكامنة الثوريّة لحركات النساء و الطلبة و العمّال و القوميّات المضطهَدَة ، إلخ . و عندما يتحدّث إمبرياليّوالولايات المتّحدة عن " المجتمع المدني " ، ما يعنونه هو القوى المتشابكة حول المنظّمات غير الحكوميّة . و هدفهم هو تقويض الحركات الإجتماعيّة التي ليست ضد الحكومات السائدة في كلّ بلد فحسب بل كذلك تتّخذ موقفا ضد القوى الإمبرياليّة . و هدفهم الآخر هو تركيز قاعدة إجتماعيّة للإمبرياليّة في هذه المجتمعات .
إثر سقوط نظام صدّام حسين في العراق ، غستدعت حكومة الولايات المتّحدة بصفة متكرّرة النساء العراقيّات – الأكراد و غير الأكراد – للتوجّه إلى الولايات المتّحدة للحصول على " تدريب على الديمقراطيّة " . و واحدة من مثل هذه المنظّمات غير الحكوميّة كانت " معهد المؤسّسة الأمريكيّة " وهو معهد يكره النساء منتهى الكره وهو يميني التوجّه و يعدّ منظّمة عنصريّة ولّدت أمثالها في العراق و في كردستان . و تساعد هذه المشاريع على خلق فئة جديدة من المثقّفات تكون قاعدة إجتماعيّة للإمبرياليّين الأمريكان . و للإمبرياليّة الأمريكيّة قسم من اجل " الديمقراطيّة و الحقوق المدنيّة و الشغل " يستخدم بعض القوى المعادية للنساء منتعى العداء و المحافظة في بلدان تحت هيمنة الولايات المتّحدة . وهو ينشئ منظّمات غير حكوميّة يمكن أن تدفع بالناس على تعويض نضالاتهم الإجتماعيّة ب" العمل كمجموعة ضغط " من أجل جلب " المهمّشين " إلى " المركز " .
لقد تمّ التشجيع تشجيعا كبيرا لدور المنظّمات غير الحكوميّة خلال العشرين سنة من حكم الإمبرياليّة الأمريكيّة لأفغانستان . بيد أنّه في نهاية المط-اف لم يكن لها تأثير على فهم النساء في أفغانستان للتحرّر و كيفيّة بلوغه . بدلا من ذلك ، ما قامت به هذه المنظّمات هو خفض النظر و تحديد النساء في العمل في إطار النظام . و يتواصل هذا الصنف من الإستقطاب السلبيّ، كما يمكن رؤية ذلك في أنواع الصراعات المخاضة ضد طالبان ، و خاصة النضال ضد إضطهاد النساء .
و يتّخذ هذا شكلين بارزين في النضال من أجل حقوق النساء في التعليم : البحث عن حلّ في إطار النظام القائم و إستجداء تنازلات من طالبان . ثمّ عندما تنحلّ و تتبدّل الظروف ، يجرى تعديل بتخفيض النظرة ، و هذه طريقة لا يمكن أبدا أن تؤدّى إلى تحقيق المطالب . و المقاربة الثانية هي قول إنّ لا شيء يمكن أن يتغيّر أبدا دون ثورة لا تترجم في الممارسة العمليّة بالإنتظار السلبي لمجيء يوم الثورة هذا – وهو لن يأتي مصادفة إذا لم تكن نضالات اليوم مرتبطة بقضيّة الثورة ، و تخاض على أساس بناء حركة من أجل الثورة .
الفرضيّات الكامنة لقيام تحالف :
نقطتى الثانية تتعلّق ب " الوحدة / التحالف " . أوّلا ، علينا أن نتساءل من أجل من و من أجل ماذا ؟ توضيح الهدف أو " لأيّة غاية " أمر هام جدّا . و كما قلت في مثال حملة المليون إمضاء ، ذلك التحالف لم يكن أبدا قائما على المضيّ ضد نظام يعتمد إجباريّة إرتداء الحجاب حجر زاوية له . بدلا من ذلك ، حاولوا منع النساء من إستهداف حكم الجمهوريّة الإسلاميّة في نضالهنّ من أجل تحرير النساء . و من هذا المثال و غيره يمكن أن نلاحظ أنّه من الممكن أيضا عقد تحالفات نسويّة رجعيّة .
لذا قبل عقد أيّ تحالف و / أو الدعوة إلى الوحدة ، نحتاج إلى تحديد المضمون . و إلاّ لن يستحقّ الأمر الجهد المبذول و سيكون عقيما . ليس ممكنا نقاش أيّ تحالف دون توضيح مضمون هذا التحالف و إطاره و أهدافه . هذه أبجديّات إتّخاذ أيّة خطوات نحو الوحدة .
في الواقع ، كلذ النقاش السابق عن " المهمّشين " و " المنظّمات غير الحكوميّة " و " المجتمع المدنيّ " إلخ يبيّن أنّ مضمون التحالف هو مسألة حيويّة للغاية . فحتّى تحالف أقلّ من الثورة ، تحالف يركّز على مجرّد مقاومة الإضطهاد ، يجب أن يبقى تماما خارج إطار النظام القائم و ما يتناسب معه من طريقة تفكير . إنّ الوضوح بشأن هذه المقاربة للوحدة يمكن أن تجعل كلّ شيء نفعله اليوم يخدم بناء حركة من أجل الثورة .
و لنأخذ مثال " عصيان " ( Osyan/ تمرّد -1- ) - جمعيّة نساء من إيران و أفغانستان . ما هو مضمون وحدتنا ؟ يهدف تحالفنا لتنظيم تمرّد ضد إضطهاد التفوّق الذكوري / البطرياركي المكثّف ضد إجباريّة الحجاب في إيران . لكنّ نظرتنا في هذا النضال ليست قائمة على الهويّة فهذا النضال مرتبط بعلاقات إجتماعيّة إضطهاديّة أخرى و حتّى بتدمير البيئة . كلّ هذا جزء من مصنع النظام الرأسمالي و سيره . نخوض هذا النضال في إطار مقاومة النظام التيوقراطي القفاشيّ للجمهوريّة الإسلاميّة . نُدين كلّ أشكال الظلم الاجتماعي و الحروب المدمّرة و تدمير البيئة . و نقف إلى جانب المضطهَدين في العالم . منهجنا في النضال هو التعويل على أنفسنا و على شعب إيران و سشعوب العالم لأنّ الإنسانيّة متشابكة معا ، و نعتبر الشعوب عبر العالم قاطبة شعبنا الخاص .
و كلذ ما يمكن أن يظهر من سير النظام الإمبريالي العالمي هو الظروف المعادية لمصالح الأغلبيّة الغالبة لشعوب العالم . و أن تكون لدينا أوهام عن الصداقات أو التعويل على دعم أيّ من حكومات العالم الرأسمالي – حكومات هي نفسها مسؤولة عن وجود هذا الوضع في المقام الأوّل – يساوى إدارة ظهرنا لشعوب العالم .
في " عصيان " ، تحالفنا ليس قائما على الوحدة من أجل الثورة . و هذا يعنى أنّه ليست لدينا إستراتيجيا و خارطة طريق للثورة للإطاحة بالجمهوريّة الإسلاميّة و تركيز جمهوريّة إشتراكيّة . إنّه مجرّد تحالف لتنظيم المقاومة و النضال ضد الجمهوريّة الإسلاميّة حول ما يتعلّق بإضطهاد النساء وفق الخطوط الموصوفة أعلاه .
و في الوقت نفسه ، نعلم أنّ جذور هذا الإضطهاد لا يمكن أن يتمّ إجتثاثها في إطار هذا النظام . و الإطار الذى نقترحه – تحديدا معارضة الإمبرياليّة و الأصوليّة التيوقراطيّة – يقع خارج إطار النظام – و نشاطى مع نساء أخريات في " عصيان " يعتمد على هذا الإطار . لكن بالنسبة إليّأنا كشيوعيّة ثوريّة ، هذا ليس كافِ، ذلك أنّنى أعمل و أؤمن بأنّ إجتثاث إضطهاد التفوّق الذكوري / البطرياركيّة و العلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة الأخرى يقتضى ثورة . و النشاط في إطار " عصيان " كمقاتلة من أجل تحرير الإنسانيّة لا يكفى [ حتّى ] و أنا أعتبر نشاطات " عصيان " هامة للغاية [ في المساهمة ] في الثورة.
و مع ذلك ، للقيام بالثورة نحتاج إلى حزب يكون هدفه الثورة ، و تكون لديه إستراتيجيا للثورة و يعمل من أجلها بطريقة مخطّط لها و منظّمة . و بالحزب لا أقصد مجرّد منظّمة بل التعبأة الضروريّة حول أهدافه و خارطة طريقه .
خلاصة القول : لا التغطية على فظائعه و لا التحسين الذاتي يمكن أن يغيّرا هذا الواقع الرهيب الذى نواجهه . فهو يتطلّب إجابة ، و الإجابة ليست مرتبطة بالجغرافيا التي نتحرّك ضمنها ( داخل حدود إيران و أفغانستان أو خارجها ) .
كقوى قياديّة على المسرح ، مهمّتنا إتّخاذ قرار هام : هل نبقى في إطار النظام أم أخيرا نخرج من هذا الإطار ؟ و قرار الخروج على النظام تجسيد لفهمنا للوضع ، لفهمنا العلمي للوضع . فهم جذور المشكل و الوضع الثوري اليوم ، و فهم واقع أنّ الثورة ضروريّة و ممكنة ، و هذا يجب تبليغه إلى الجماهير و إلى المثقّفين و للشعب في كافة مجالات الحياة .
و اليوم ، في خضمّ الأمواج المتلاطمة التي فكّكت النظام العالمي ، هذه لحظة نادرة تفتح فيها إمكانيّة ثورة لتحرير الإنسانيّة. هذه مهمّتنا المباشرة – و ليست مهمّتنا على المدى البعيد – ذلك أنّنا لا نملك الكثير من الوقت و يجب أن نتقدّم في تنظيم حركة من أجل الثورة .
الهوامش :
1. Osyan means Rebellion in the Farsi language. It is a group of Iranian and Afghan women who are the voice of women’s rebellion to express the determination, and to serve the struggle against the Islamic Republic of Iran and the Taliban.
- Osyan /عصيان تعنى تمرّد في اللغة الفارسيّة . إنّها مجموعة من النساء الإيرانيّات و الأفغانيّات اللواتي تمثّلن صوت تمرّد النساء للتعبير عن التصميم على النضال و لخدمة النضال ضد جمهوريّة إيران الإسلاميّة و ضد طالبان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا


.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR




.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي


.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه




.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر