الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البدايات المُبكرة لتاريخ التآمر الغربي المُمنهج على المنطقة العربية ....!!!!

زياد عبد الفتاح الاسدي

2023 / 12 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الحرب الاجرامية والهمجية التي مازالت تُشن على قطاع غزة والضفة الغربية هي ليست في نهاية الامر سوى نتيجة لتاريخ التآمر المُمنهج الذي مارسته المنظومة الراسمالية الغربية على المنطقة العربية والشرق أوسطية منذ ما يزيد عن مئة وعشرين عاماً .
و لفهم السياق التاريخي والخلفية التاريخية لما يجري حالياً في فلسطين ومجمل المنطقة العربية وارتباطه الوثيق بتاريخ التآمر الاستعماري , علينا العودة الى البدايات المُبكرة لهذا التآمر منذ أواخر القرن التاسع عشر وتحديدا مع انشاء الحركة الصهيونية عام 1897 برعاية بريطانية وبداية ظهور الضعف على الامبراطورية العثمانية وقرب انهيارها لاحقاً مع انتهاء الحرب العالمية الاولى عام 1917 وانتصار الحلفاء في هذه الحرب بقيادة بريطانيا وفرنسا ومشاركة روسيا القيصرية (الى ما قبل انتصار الثورة البلشفية عام 1917) على دول المحور بقيادة المانيا والنمسا والدولة العثمانية ... في تلك الفترة بدأت تظهر بوضوح أطماع الامبراطورية البريطانية في الشرق الاوسط لا سيما بعد تثبيت نفوذها في شبه الجزيرة العربية ( باستثناء منطقة الحجاز ) منذ أواخر القرن التاسع عشر , لتتمكن بعد ذلك من خلال ما يُسمى بالثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين عام 1916 من طرد العثمانيين من الحجاز ومن ثم تثبيت سيطرتها على مجمل منطقة الجزيرة العربية , ثم لتفرض سيطرتها لاحقاً على العراق وبلاد الشام بالاشتراك مع الاستعمار الفرنسي ... وما يفسر أطماع الاستعمار البريطاني في بسط سيطرته ونفوذه المُبكر على منطقة الخليج هي توقعاته باكتشاف كميات هائلة من النفط في شبه الجزيرة العربية . حيث تحققت هذه الاطماع بعد سنوات من التنقيب عن النفط عند اكتشاف اولى آبار النفط عام 1938 في كلٍ من الكويت والسعودية ... وكان لهذه الاكتشافات النفطية الكبرى والبالغة الاهمية للصناعة الرأسمالية في الغرب بالاضافة الى الموقع الاستراتيجي الهام للمنطقة العربية وإطلالتها عل أهم المضايق والممرات المائية وطرق الملاحة العالمية دافعاً أساسياً للاطماع البريطانية والفرنسية (ولاحقاً الامريكية) في منطقة الخليج والمشرق العربي .
واذا عدنا (وهذا في غاية الاهمية ) الى ما يُسمى باتفاقية سايكس بيكو عام 1916 بين الاستعمارين البريطاني والفرنسي والتي عُقدت ويا للمصادفة العجيبة قبل مدة قصيرة من بداية الثورة العربية الكبرى , وإذا عدنا كذلك الى وعد بلفور الذي أصدرته الحكومة البريطانية أواخر عام 1917 مع قرب انتهاء الحرب العالمية الاولى وانتصار الحلفاء في هذه الحرب وبدء الانهيار الواضح للامبراطورية العثمانية , يُمكننا عندها أن نتفهم اسباب وتتابع التسلسل الزمني لبدايات التآمر المُمنهج والبالغ الخطورة للغرب الاستعماري بقيادة بريطانيا على المنطقة العربية والشرق أوسطية .. والتي بدأت منذ إنشاء بريطانيا للحركة الصهيونية عام 1897 ثم عقدها لاتفاقية سايكس بيكو مع فرنسا عام 1916 ليتبعها مُباشرة بنفس العام ما يُعرف بالثورة العربية الكبرى (التي تقف ورائها بريطانيا) , ليتوج كل ذلك بابصدار بريطانيا لوعد بلفور عام 1917 .
وتكمن الخطورة البالغة لهذا التآمر الاستعماري في تسلسله الزمني الخطير ليس فقط في كونه يُقسم منطقة الخليج والعراق وبلاد الشام الى مشيخات ودول عديدة , بل يُمهد أيضاً في تاسيس وطن قومي لليهود في فلسطين لحماية المصالح الغربية في المنطقة , وذلك في خداع وتأمر واضح ليس فقط على عرب فلسطين وشعوب المنطقة, بل حتى على اليهود أنفسهم الذين تم تهجيرهم من أوطانهم العديدة ولا سيما في ظل الاضطهاد الطويل الي تعرضوا اليه في أوروبا . وهنا قامت بريطانيا بالتنسيق مع الحركة الصهيونية والتي رعتها منذ نشأتها بتسهيل هجرة اليهود من أوروبا الى سواحل فلسطين منذ ما قبل عام 1918 وتزايدت هذه الهجرة بكثافة متواصلة في العقود اللاحقة ليتم بعدها في عام 1948 انشاء دولة استيطان لليهود على معظم أراضي فلسطين في ظل المجازر والعنف والارهاب الذي مارسته العصابات الصهيونية في العديد من القرى والبلدات الفلسطينية وذلك في تواطؤ مكشوف من المُستعمر البريطاني .
ونستخلص من هذا التاريخ التآمري المُبكر والمُمنهج بقيادة المُستعمر البريطاني أن أهداف واستراتيجية الغرب الاستعماري في المنطقة العربية والشرق أوسطية مع انتهاء الحرب العالمية الاولى هي ترسيخ عدم الاستقرار في المنطقة بجميع أشكاله الدينية والامنية والاقتصادية والتنموية ... وكان على رأس أهم أهدافها لتحقيق ذلك هو زرع الكيان الصهيوني الاستيطاني في قلب العالم العربي والشرق أوسطي ... وبعد عقود من هذا التآمر المُتواصل وفي ظل ما تُعانيه شعوب المنطقة في السنوات الاخيرة من إضطهاد وتشرد وموت ودمار وفقر وجوع وغلاء وتدهور خطير في الخدمات المعيشية والانسانية ...الخ , يُمكننا استخلاص الملاحظات التالية :
أولاً : نجح التآمر الغربي بإخضاع معظم شعوب المنطقة بلا استثناء إما لانظمة ملكية ومشيخات خليجية مُتخلفة أنتجتها بشكلٍ رئيسي السياسات البريطانية والاستعمارية , أو لانظمة دكتاتورية دينية أو عسكرية أو برجوازية رجعية ترتدي في معظمها قناع ديمقراطي مُزيف .
ثانياً : مع نشوء الاحزاب الماركسية في سنوات ما بعد الحرب العالمية الاولى ولا سيما في فلسطين وسوريا ولبنان ومصر والعراق والسودان .الخ .. ثم ظهور بعض ألاحزاب اليسارية القومية ما قبل وبعد الحرب العالمية الثانية كحركة القوميين العرب وحركة البعث العربي الاشتراكي والحزب السوري القومي الاجتماعي وغيرها من الاحزاب , وما تلا ذلك من نشوء بعض الانظمة القومية والاشتراكية في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية ولا سيما في مصر 1952 والعراق 1958 وسوريا 1963 وجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية 1970 ... هنا قام الغرب في ظل الهلع الذي أصابه نتيجة لذلك وبالتنسيق مع الدول الخليجية والرجعية العربية لإضعاف هذه الاحزاب والانظمة الاشتراكية القومية من خلال خلق البديل الاسلامي لها مُمثلا بحركة الاخوان المسلمين وغيرها من أحزاب وفصائل التيار الاسلامي ودعمها من أجل مواجهة وإضعاف التيار القومي والاشتراكي والماركسي " المُلحد " ... وهنا بدء الغرب منذ الخمسينات بمبادرة من المستعمر البريطاني وعلى نحوٍ مُبكر في تقديم الدعم المالي والتنظيمي لحركة الاخوان المسلمين بمشاركة الانظمة الاخليجية ودول حلف بغداد ( العراق وتركيا وإيران والباكستان ) وذلك من أجل مواجهة وإضعاف التيار القومي واليساري في المنطقة والموالي للاتحاد السوفييتي .
ثالثاً : من أجل تعميق الصراعات المذهبية والطائفية في المنطقة لم يُمانع الغرب في أحد سلوكياته في سيطرة الثورة الاسلامية على الحكم في ايران عام 1979 وإسقاط نظام الشاه وهو الحليف القوي للغرب .. وقد تم ذلك من خلال السماح بانتقال الخميني زعيم الثورة الاسلامية الشيعية بالطائرة من منفاه في فرنسا الى إيران دون أي اعتراض من فرنسا ودول الغرب .. هذا في الوقت الذي هب فيه الغرب بكل قوته ونفوذه وإمكانياته لنجدة الشهاه والاطاحة بالحكم الوطني والثوري الذي قاده محمد مصدق في بداية الخمسينات , بعد أن تم اسقاطه انقلاب عسكري نظمته كل من المخابرات الامريكية والبريطانية عام 1953 .
رابعاً : قام الغرب بأسلوب مُغاير للاسلوب الذي إتبعه في دعم التنظيمات الاخوانية في المنطقة بالسماح لبعض الانظمة الخليجية كقطر والسعودية وتركيا التي يحكمها حزب اسلامي في تمويل ودعم بعض التنظيمات والميليشيات الاسلاموية والتكفيرية المُسلحة كداعش وجبهة النصرة وجيش الاسلام وغيرها من الجماعات الاسلامية المُتطرفة وذلك لنشر القتل والدمار والفوضى الامنية وكافة اشكال الصراع وعدم الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي والتي تخدم اهدافه واهداف الانظمة الرجعية في المنطقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تفرق محتجين اعتصموا في جامعة السوربون بباريس


.. صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية على الطاولة من جديد




.. غزة: أي فرص لنجاح الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. دعوة لحماس من أجل قبول العرض الإسرائيلي -السخي جدا- وإطلاق س




.. المسؤولون الإسرائيليون في مرمى الجنائية الدولية