الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم البراءة أو الوحش فيلم -شجاع - في تناول قضايا التنمر المدرسي

سمير حنا خمورو
(Samir Khamarou)

2023 / 12 / 29
الادب والفن


فيلم البراءة أو الوحش فيلم "شجاع " في تناول قضايا التنمر المدرسي

الفيلم الروائي الجديد للمخرج الياباني الكبير هيروكازو كور - إيدا، Hirokazu Kore-eda الحائز على جائزة السيناريو في مهرجان كان السينمائي الأخير، بدأ عرضه في صالات السينما يوم 27 ديسمبر في فرنسا. سيناريو: يوجي ساكاموتو Yuji Sakamoto.
يقوم "هيروكازو كور إيدا" بتفكيك حالة واضحة من التنمر المدرسي للعودة بشكل أفضل إلى مشاعر الطفولة الخام. ويعيد الجميع إلى دورهم الوحشي، بما في ذلك المتفرج، ويحلل موقف الصحافة اليابانية.

هيروكازو كور إيدا، الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 2018 عن فيلم مسألة عائلية A Family Affair، في فيلمه الاخير يتناول المشاعر المحبطة لصبيين في اليابان المعاصرة ويواصل ببراعة استكشافه للقصص ذات الحقائق المتعددة لمجتمعه المعاصر.

لا يفقد (هيروكازو كور إيدا) إيقاعه الذي عرف عنه : وأسلوبه الخاص في رسم الشخصيات وروايته للحكاية بعد حصوله على السعفة الذهبية عن فيلم مسألة عائلية ، والذي لم يكن بمثابة تكريس فحسب، بل أيضًا تثبيت لذروة النظام الجمالي والسرد المبهر الذي تم وضعه وتوليفه بصبر لمدة عشرين عامًا من العمل في مجال السينما ، ويستمر في طريقة في اخراج الافلام لكي لا يرتكز على أمجاده وهو يبحث دائما عن إدامة وجوده على القمة. قبل فيلم الوحش قام المخرج الياباني بإخراج فيلم في فرنسا (الحقيقة La Vérité، مع كاثرين دونوف)، وآخر في كوريا ( النجوم الطيبة Les Bonnes Etoiles، مع الممثل سونج كونج - هو Song Kang-ho) والمسلسل التلفزيوني (مكاناي: في مطبخ مايكو Makanai: dans la Cuisine des maiko، على موقع نتيفليكس).

ينقل "كور إيدا" كاميرته من المنزل إلى المدرسة هذه المرة ليروي قصة الصداقة الرومانسية بين مراهقين في اليابان المنغلقة على المشاعر.
في ملصق الفيلم، نرى وجها طفلين مغطى بالطين. ماذا حدث لهم؟ ما هو الرابط مع المشهد الأول الذي نشاهد فيه رجال الإطفاء يندفعون، مع إطلاق صفارات الإنذار، لإخماد الحريق في حانة ؟ انتشرت شائعة: كان المعلم وميناتو ويوري يترددوا على المكان.

فيلم الوحش هو علامة عودته إلى بلده اليابان، ولكن ليس بالضرورة إلى عاداته المعتادة، وهو أمر نادر، وهذه المرة لم يكتب سيناريو فيلمه بنفسه - وهذا لم يحدث له منذ فيلمه الطويل الأول "مابوروسي" عام 1995 - مفضلاً العمل من نص يوجي ساكاموتو. ومع ذلك، فهو من وجد عنوان الفيلم الوحش ، كما قال في لقاء معه ، وليس البراءة (الذي يُطلق عليه هذا الاسم فقط في فرنسا) ولكن في النسخة الأصلية، كايبوتسو Kaibutsu، والذي يمكن ترجمته إلى "الوحش".

تشير مفارقة الترجمة هذه بوضوح إلى معركة الأضداد التي تدور وقائعها في أحدث أفلام كوريدا المبهرة: العلاقة الجماعية والتاريخ الحميم، والصلابة المؤسساتية، والتواصل الروحي، والحب والموت. يكشف المخرج، من مادة الأخبار، عن الحب الناشئ لصبيين صغيرين، ميناتو ويوري، ويصور فشل النظام المدرسي الياباني في مواجهة تعاسة طلابه.

إنها اليابان التي تخفي عنفًا صامتًا تحت هدوء ظاهري، وهي التي يريد المخرج أن يرينا إياها. لذلك هناك جانب تقريبي في الجزء الأول من الفيلم وهو أمر متنافر. تبدو الشخصيات غارقة في الأسرار، والأكاذيب تتطاير والشائعات تسمم العلاقات.

في إحدى المدارس في إحدى الضواحي، من احدى المقاطعات اليابانية تحيط بها المساحات الخضراء وقمم الجبال. البطل ميناتو (سويا كوروكاوا) البالغ من العمر 11 عامًا، يتيم. يبدو أن أفكاره سوداوية بشكل متزايد وسلوكه يقلق والدته ساوري (ساكورا أندو). إنها تشكك في علاقاته مع طالب آخر، يوري (هيناتا هيراجي)، لكن يوري، في نفس الفصل، هو كبش فداء للأطفال الآخرين. وكذلك تأثير مدرسه الغريب الاطوار، السيد هوري (إيتا ناجاياما). يحاول الفيلم وصف إيقاظ الشعور بالحب لدى المراهقين. ميناتو، اليتيم، ويوري الذي تخلى عنه أب عنيف، سيكتشفان أنهما معًا يمكنهما ترك الأمر على سجيته . ستكون العربة المهجورة على خط السكة الحديد التي غزتها الغابة بمثابة ملجأ لهم للعب. كما لم يكن من الممكن فهم مديرة المدرسة منذ وفاة حفيدتها عن طريق الخطأ، لكن زملائها يتهامسون فيما بينهم إنها هي التي كانت تقود السيارة التي تسببت في ذلك.

ولكن من هو "الوحش" في القصة ؟ سيظهر المصطلح عدة مرات خلال سرد الفيلم، ومثلما فعل المخرج أكيرا كوروساوا في فيلم "راشومون" (1950)، الذي تناول الحقيقة من جهات مختلفة (وكنت قد أخرجت المسرحية عند دراستي في الأكاديمية)، يروي هيروكازو كوريدا في هذه الدراما التي تتكشف من ثلاث وجهات نظر مختلفة: وجهات نظر ساوري والسيد هوري وأخيرًا ميناتو ويوري. وتضاعف وجهات النظر لتحكي بضعة أيام من حياة صبيين في مدرسة ووالديهما ومعلميهما. هناك شيء مكثف يحدث في حياتهم، ولكنه لا يوصف، وغير محسوس، لدرجة أن الأمر سيستغرق الكثير من الوقت والطرق الالتفافية والأدلة الزائفة لفهمه. في البداية، يترك المخرج جمهوره في الضباب...

أم تربي طفلها بمفردها تشعر بالقلق لرؤيته يتبنى سلوكًا غريبًا بشكل متزايد: يبدأ الصبي ميناتو، بإخبارها أن المعلم أخبره إنه تم زرع دماغ خنزير فيه،. تأتي الأم الغاضبة إلى المدرسة وتسأل الفريق التعليمي ينحنون لها ويعتذرون . إنها ترغب فقط في الحصول على تفسير. لن تحصل عليهم أبدًا. سيتم توزيع استبيان على الأطفال للحكم على المعلم الذي سيخضع لجلسة نقد ذاتي أمام أولياء الأمور قبل ايقافه عن التعليم .

ويعود ميناتو في احد الأيام إلى المنزل مصابًا من المدرسة، ويلقي بنفسه من السيارة المتحركة... يبدو أن مجتمع المدينة نفسه يهتز بالطاقة السلبية و السيئة. ذات مساء، اشتعلت النيران في أحد المباني. وسرعان ما يهدد الإعصار المدينة . هناك البحيرة المحاطة بالظلام والنيران والذي يعود المخرج الى هذا المشهد ثلاثة مراتً، هل ميناتو ضحية سوء المعاملة من قبل معلم مسيء ؟ أم أنه يضايق يوري أحد زملائه في الفصل ؟ يقوم كور -إيدا بتجميع القرائن، وتعقيد القضية عن طريق إنشاء قوافي سردية وشعرية (قصص القطط الميتة، والآباء الغائبين، والتناسخ، وما إلى ذلك)، في حبكة تشبه تقريبًا فيلمًا بوليسيًا، حيث المتفرج نفسه مدعو لإجراء التحقيق وإيجاد طريقه عبر متاهة السرد. نحن مثل الأم والمعلمة، في إطار رئيسي من الفيلم، نزيل بشكل محموم الطين الكثيف الذي يحجب النافذة، على أمل أن نرى بوضوح أكبر.

تبدو المسارات التي سلكها المخرج للكشف عن مفتاح "اللغز" في البداية شديدة التعقيد، وحيل السيناريو معقدة بعض الشيء، إلى حد إعطاء الانطباع بأنه يمنع الأمر برمته من التنفس. ولكن بمجرد أن تجتمع القطع معًا، في الفصل الثالث، ينتهي الأمر بالبراءة التي تكون ملفتة للنظر. يندلع قتال بين الأطفال. يتصاعد هذا الحدث الذي يبدو غير ضار إلى قضية كبيرة تشمل المجتمع بأكمله والى وسائل الإعلام. المخرج صادم من خلال تصوير هروب الصبيين إلى الغابة المجاورة للمدينة، حيث قضي اياما في حافلة مدرسية مهجورة تبدو وكأنها مقصورة سحرية. بعيدًا عن العالم، عن الآخرين، عن هذا "الوحش" الذي هو المجتمع والذي يدين ويطلقالأحكام المتسرعة وأنصاف الحقائق. وكما هو الحال دائماً مع المخرج، فإن رقة الخطوط لا تمنع، بعيداً عن القسوة والمرارة في الملاحظة المجتمعية. في النهاية، بعد قصيدة مفجعة لقوة الموسيقى في الفصل الدراسي، ولصوت بيانو ريويتشي ساكاموتو (آخر عمل سينمائي للموسيقي العبقري، الذي توفي في أذار / مارس الماضي)، توقف المطر، وتوقف الإحساس. وتم الكشف عن الحكاية، فيلم بوليسي مثير، ذو بنية ملتوية، لكنه ينتهي بالصدمة.

فاز الفيلم بجائزة السيناريو في مهرجان كان. السينمائي ،
الممثلون الرئيسيون
ساكورا أندو، إيتا ناجاياما
وسويي كوروكاوا
هيناتا هيراجي
يوكو تاناكا. مدة الفيلم ساعتين و6 دقائق.
معضم الصفحات الفنية منحته درجة 4 من 5.









.














فيلم البراءة أو الوحش فيلم "شجاع " في تناول قضايا التنمر المدرسي
سمير حنا خمورو

الفيلم الروائي الجديد للمخرج الياباني الكبير هيروكازو كور - إيدا، Hirokazu Kore-eda الحائز على جائزة السيناريو في مهرجان كان السينمائي الأخير، بدأ عرضه في صالات السينما يوم 27 ديسمبر في فرنسا. سيناريو: يوجي ساكاموتو Yuji Sakamoto.
يقوم "هيروكازو كور إيدا" بتفكيك حالة واضحة من التنمر المدرسي للعودة بشكل أفضل إلى مشاعر الطفولة الخام. ويعيد الجميع إلى دورهم الوحشي، بما في ذلك المتفرج، ويحلل موقف الصحافة اليابانية.

هيروكازو كور إيدا، الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 2018 عن فيلم مسألة عائلية A Family Affair، في فيلمه الاخير يتناول المشاعر المحبطة لصبيين في اليابان المعاصرة ويواصل ببراعة استكشافه للقصص ذات الحقائق المتعددة لمجتمعه المعاصر.

لا يفقد (هيروكازو كور إيدا) إيقاعه الذي عرف عنه : وأسلوبه الخاص في رسم الشخصيات وروايته للحكاية بعد حصوله على السعفة الذهبية عن فيلم مسألة عائلية ، والذي لم يكن بمثابة تكريس فحسب، بل أيضًا تثبيت لذروة النظام الجمالي والسرد المبهر الذي تم وضعه وتوليفه بصبر لمدة عشرين عامًا من العمل في مجال السينما ، ويستمر في طريقة في اخراج الافلام لكي لا يرتكز على أمجاده وهو يبحث دائما عن إدامة وجوده على القمة. قبل فيلم الوحش قام المخرج الياباني بإخراج فيلم في فرنسا (الحقيقة La Vérité، مع كاثرين دونوف)، وآخر في كوريا ( النجوم الطيبة Les Bonnes Etoiles، مع الممثل سونج كونج - هو Song Kang-ho) والمسلسل التلفزيوني (مكاناي: في مطبخ مايكو Makanai: dans la Cuisine des maiko، على موقع نتيفليكس).

ينقل "كور إيدا" كاميرته من المنزل إلى المدرسة هذه المرة ليروي قصة الصداقة الرومانسية بين مراهقين في اليابان المنغلقة على المشاعر.
في ملصق الفيلم، نرى وجها طفلين مغطى بالطين. ماذا حدث لهم؟ ما هو الرابط مع المشهد الأول الذي نشاهد فيه رجال الإطفاء يندفعون، مع إطلاق صفارات الإنذار، لإخماد الحريق في حانة ؟ انتشرت شائعة: كان المعلم وميناتو ويوري يترددوا على المكان.

فيلم الوحش هو علامة عودته إلى بلده اليابان، ولكن ليس بالضرورة إلى عاداته المعتادة، وهو أمر نادر، وهذه المرة لم يكتب سيناريو فيلمه بنفسه - وهذا لم يحدث له منذ فيلمه الطويل الأول "مابوروسي" عام 1995 - مفضلاً العمل من نص يوجي ساكاموتو. ومع ذلك، فهو من وجد عنوان الفيلم الوحش ، كما قال في لقاء معه ، وليس البراءة (الذي يُطلق عليه هذا الاسم فقط في فرنسا) ولكن في النسخة الأصلية، كايبوتسو Kaibutsu، والذي يمكن ترجمته إلى "الوحش".

تشير مفارقة الترجمة هذه بوضوح إلى معركة الأضداد التي تدور وقائعها في أحدث أفلام كوريدا المبهرة: العلاقة الجماعية والتاريخ الحميم، والصلابة المؤسساتية، والتواصل الروحي، والحب والموت. يكشف المخرج، من مادة الأخبار، عن الحب الناشئ لصبيين صغيرين، ميناتو ويوري، ويصور فشل النظام المدرسي الياباني في مواجهة تعاسة طلابه.

إنها اليابان التي تخفي عنفًا صامتًا تحت هدوء ظاهري، وهي التي يريد المخرج أن يرينا إياها. لذلك هناك جانب تقريبي في الجزء الأول من الفيلم وهو أمر متنافر. تبدو الشخصيات غارقة في الأسرار، والأكاذيب تتطاير والشائعات تسمم العلاقات.

في إحدى المدارس في إحدى الضواحي، من احدى المقاطعات اليابانية تحيط بها المساحات الخضراء وقمم الجبال. البطل ميناتو (سويا كوروكاوا) البالغ من العمر 11 عامًا، يتيم. يبدو أن أفكاره سوداوية بشكل متزايد وسلوكه يقلق والدته ساوري (ساكورا أندو). إنها تشكك في علاقاته مع طالب آخر، يوري (هيناتا هيراجي)، لكن يوري، في نفس الفصل، هو كبش فداء للأطفال الآخرين. وكذلك تأثير مدرسه الغريب الاطوار، السيد هوري (إيتا ناجاياما). يحاول الفيلم وصف إيقاظ الشعور بالحب لدى المراهقين. ميناتو، اليتيم، ويوري الذي تخلى عنه أب عنيف، سيكتشفان أنهما معًا يمكنهما ترك الأمر على سجيته . ستكون العربة المهجورة على خط السكة الحديد التي غزتها الغابة بمثابة ملجأ لهم للعب. كما لم يكن من الممكن فهم مديرة المدرسة منذ وفاة حفيدتها عن طريق الخطأ، لكن زملائها يتهامسون فيما بينهم إنها هي التي كانت تقود السيارة التي تسببت في ذلك.

ولكن من هو "الوحش" في القصة ؟ سيظهر المصطلح عدة مرات خلال سرد الفيلم، ومثلما فعل المخرج أكيرا كوروساوا في فيلم "راشومون" (1950)، الذي تناول الحقيقة من جهات مختلفة (وكنت قد أخرجت المسرحية عند دراستي في الأكاديمية)، يروي هيروكازو كوريدا في هذه الدراما التي تتكشف من ثلاث وجهات نظر مختلفة: وجهات نظر ساوري والسيد هوري وأخيرًا ميناتو ويوري. وتضاعف وجهات النظر لتحكي بضعة أيام من حياة صبيين في مدرسة ووالديهما ومعلميهما. هناك شيء مكثف يحدث في حياتهم، ولكنه لا يوصف، وغير محسوس، لدرجة أن الأمر سيستغرق الكثير من الوقت والطرق الالتفافية والأدلة الزائفة لفهمه. في البداية، يترك المخرج جمهوره في الضباب...

أم تربي طفلها بمفردها تشعر بالقلق لرؤيته يتبنى سلوكًا غريبًا بشكل متزايد: يبدأ الصبي ميناتو، بإخبارها أن المعلم أخبره إنه تم زرع دماغ خنزير فيه،. تأتي الأم الغاضبة إلى المدرسة وتسأل الفريق التعليمي ينحنون لها ويعتذرون . إنها ترغب فقط في الحصول على تفسير. لن تحصل عليهم أبدًا. سيتم توزيع استبيان على الأطفال للحكم على المعلم الذي سيخضع لجلسة نقد ذاتي أمام أولياء الأمور قبل ايقافه عن التعليم .

ويعود ميناتو في احد الأيام إلى المنزل مصابًا من المدرسة، ويلقي بنفسه من السيارة المتحركة... يبدو أن مجتمع المدينة نفسه يهتز بالطاقة السلبية و السيئة. ذات مساء، اشتعلت النيران في أحد المباني. وسرعان ما يهدد الإعصار المدينة . هناك البحيرة المحاطة بالظلام والنيران والذي يعود المخرج الى هذا المشهد ثلاثة مراتً، هل ميناتو ضحية سوء المعاملة من قبل معلم مسيء ؟ أم أنه يضايق يوري أحد زملائه في الفصل ؟ يقوم كور -إيدا بتجميع القرائن، وتعقيد القضية عن طريق إنشاء قوافي سردية وشعرية (قصص القطط الميتة، والآباء الغائبين، والتناسخ، وما إلى ذلك)، في حبكة تشبه تقريبًا فيلمًا بوليسيًا، حيث المتفرج نفسه مدعو لإجراء التحقيق وإيجاد طريقه عبر متاهة السرد. نحن مثل الأم والمعلمة، في إطار رئيسي من الفيلم، نزيل بشكل محموم الطين الكثيف الذي يحجب النافذة، على أمل أن نرى بوضوح أكبر.

تبدو المسارات التي سلكها المخرج للكشف عن مفتاح "اللغز" في البداية شديدة التعقيد، وحيل السيناريو معقدة بعض الشيء، إلى حد إعطاء الانطباع بأنه يمنع الأمر برمته من التنفس. ولكن بمجرد أن تجتمع القطع معًا، في الفصل الثالث، ينتهي الأمر بالبراءة التي تكون ملفتة للنظر. يندلع قتال بين الأطفال. يتصاعد هذا الحدث الذي يبدو غير ضار إلى قضية كبيرة تشمل المجتمع بأكمله والى وسائل الإعلام. المخرج صادم من خلال تصوير هروب الصبيين إلى الغابة المجاورة للمدينة، حيث قضي اياما في حافلة مدرسية مهجورة تبدو وكأنها مقصورة سحرية. بعيدًا عن العالم، عن الآخرين، عن هذا "الوحش" الذي هو المجتمع والذي يدين ويطلقالأحكام المتسرعة وأنصاف الحقائق. وكما هو الحال دائماً مع المخرج، فإن رقة الخطوط لا تمنع، بعيداً عن القسوة والمرارة في الملاحظة المجتمعية. في النهاية، بعد قصيدة مفجعة لقوة الموسيقى في الفصل الدراسي، ولصوت بيانو ريويتشي ساكاموتو (آخر عمل سينمائي للموسيقي العبقري، الذي توفي في أذار / مارس الماضي)، توقف المطر، وتوقف الإحساس. وتم الكشف عن الحكاية، فيلم بوليسي مثير، ذو بنية ملتوية، لكنه ينتهي بالصدمة.

فاز الفيلم بجائزة السيناريو في مهرجان كان. السينمائي ،
الممثلون الرئيسيون
ساكورا أندو، إيتا ناجاياما
وسويي كوروكاوا
هيناتا هيراجي
يوكو تاناكا. مدة الفيلم ساعتين و6 دقائق.
معضم الصفحات الفنية منحته درجة 4 من 5.









.



فيلم البراءة أو الوحش فيلم "شجاع " في تناول قضايا التنمر المدرسي
سمير حنا خمورو

الفيلم الروائي الجديد للمخرج الياباني الكبير هيروكازو كور - إيدا، Hirokazu Kore-eda الحائز على جائزة السيناريو في مهرجان كان السينمائي الأخير، بدأ عرضه في صالات السينما يوم 27 ديسمبر في فرنسا. سيناريو: يوجي ساكاموتو Yuji Sakamoto.
يقوم "هيروكازو كور إيدا" بتفكيك حالة واضحة من التنمر المدرسي للعودة بشكل أفضل إلى مشاعر الطفولة الخام. ويعيد الجميع إلى دورهم الوحشي، بما في ذلك المتفرج، ويحلل موقف الصحافة اليابانية.

هيروكازو كور إيدا، الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 2018 عن فيلم مسألة عائلية A Family Affair، في فيلمه الاخير يتناول المشاعر المحبطة لصبيين في اليابان المعاصرة ويواصل ببراعة استكشافه للقصص ذات الحقائق المتعددة لمجتمعه المعاصر.

لا يفقد (هيروكازو كور إيدا) إيقاعه الذي عرف عنه : وأسلوبه الخاص في رسم الشخصيات وروايته للحكاية بعد حصوله على السعفة الذهبية عن فيلم مسألة عائلية ، والذي لم يكن بمثابة تكريس فحسب، بل أيضًا تثبيت لذروة النظام الجمالي والسرد المبهر الذي تم وضعه وتوليفه بصبر لمدة عشرين عامًا من العمل في مجال السينما ، ويستمر في طريقة في اخراج الافلام لكي لا يرتكز على أمجاده وهو يبحث دائما عن إدامة وجوده على القمة. قبل فيلم الوحش قام المخرج الياباني بإخراج فيلم في فرنسا (الحقيقة La Vérité، مع كاثرين دونوف)، وآخر في كوريا ( النجوم الطيبة Les Bonnes Etoiles، مع الممثل سونج كونج - هو Song Kang-ho) والمسلسل التلفزيوني (مكاناي: في مطبخ مايكو Makanai: dans la Cuisine des maiko، على موقع نتيفليكس).

ينقل "كور إيدا" كاميرته من المنزل إلى المدرسة هذه المرة ليروي قصة الصداقة الرومانسية بين مراهقين في اليابان المنغلقة على المشاعر.
في ملصق الفيلم، نرى وجها طفلين مغطى بالطين. ماذا حدث لهم؟ ما هو الرابط مع المشهد الأول الذي نشاهد فيه رجال الإطفاء يندفعون، مع إطلاق صفارات الإنذار، لإخماد الحريق في حانة ؟ انتشرت شائعة: كان المعلم وميناتو ويوري يترددوا على المكان.

فيلم الوحش هو علامة عودته إلى بلده اليابان، ولكن ليس بالضرورة إلى عاداته المعتادة، وهو أمر نادر، وهذه المرة لم يكتب سيناريو فيلمه بنفسه - وهذا لم يحدث له منذ فيلمه الطويل الأول "مابوروسي" عام 1995 - مفضلاً العمل من نص يوجي ساكاموتو. ومع ذلك، فهو من وجد عنوان الفيلم الوحش ، كما قال في لقاء معه ، وليس البراءة (الذي يُطلق عليه هذا الاسم فقط في فرنسا) ولكن في النسخة الأصلية، كايبوتسو Kaibutsu، والذي يمكن ترجمته إلى "الوحش".

تشير مفارقة الترجمة هذه بوضوح إلى معركة الأضداد التي تدور وقائعها في أحدث أفلام كوريدا المبهرة: العلاقة الجماعية والتاريخ الحميم، والصلابة المؤسساتية، والتواصل الروحي، والحب والموت. يكشف المخرج، من مادة الأخبار، عن الحب الناشئ لصبيين صغيرين، ميناتو ويوري، ويصور فشل النظام المدرسي الياباني في مواجهة تعاسة طلابه.

إنها اليابان التي تخفي عنفًا صامتًا تحت هدوء ظاهري، وهي التي يريد المخرج أن يرينا إياها. لذلك هناك جانب تقريبي في الجزء الأول من الفيلم وهو أمر متنافر. تبدو الشخصيات غارقة في الأسرار، والأكاذيب تتطاير والشائعات تسمم العلاقات.

في إحدى المدارس في إحدى الضواحي، من احدى المقاطعات اليابانية تحيط بها المساحات الخضراء وقمم الجبال. البطل ميناتو (سويا كوروكاوا) البالغ من العمر 11 عامًا، يتيم. يبدو أن أفكاره سوداوية بشكل متزايد وسلوكه يقلق والدته ساوري (ساكورا أندو). إنها تشكك في علاقاته مع طالب آخر، يوري (هيناتا هيراجي)، لكن يوري، في نفس الفصل، هو كبش فداء للأطفال الآخرين. وكذلك تأثير مدرسه الغريب الاطوار، السيد هوري (إيتا ناجاياما). يحاول الفيلم وصف إيقاظ الشعور بالحب لدى المراهقين. ميناتو، اليتيم، ويوري الذي تخلى عنه أب عنيف، سيكتشفان أنهما معًا يمكنهما ترك الأمر على سجيته . ستكون العربة المهجورة على خط السكة الحديد التي غزتها الغابة بمثابة ملجأ لهم للعب. كما لم يكن من الممكن فهم مديرة المدرسة منذ وفاة حفيدتها عن طريق الخطأ، لكن زملائها يتهامسون فيما بينهم إنها هي التي كانت تقود السيارة التي تسببت في ذلك.

ولكن من هو "الوحش" في القصة ؟ سيظهر المصطلح عدة مرات خلال سرد الفيلم، ومثلما فعل المخرج أكيرا كوروساوا في فيلم "راشومون" (1950)، الذي تناول الحقيقة من جهات مختلفة (وكنت قد أخرجت المسرحية عند دراستي في الأكاديمية)، يروي هيروكازو كوريدا في هذه الدراما التي تتكشف من ثلاث وجهات نظر مختلفة: وجهات نظر ساوري والسيد هوري وأخيرًا ميناتو ويوري. وتضاعف وجهات النظر لتحكي بضعة أيام من حياة صبيين في مدرسة ووالديهما ومعلميهما. هناك شيء مكثف يحدث في حياتهم، ولكنه لا يوصف، وغير محسوس، لدرجة أن الأمر سيستغرق الكثير من الوقت والطرق الالتفافية والأدلة الزائفة لفهمه. في البداية، يترك المخرج جمهوره في الضباب...

أم تربي طفلها بمفردها تشعر بالقلق لرؤيته يتبنى سلوكًا غريبًا بشكل متزايد: يبدأ الصبي ميناتو، بإخبارها أن المعلم أخبره إنه تم زرع دماغ خنزير فيه،. تأتي الأم الغاضبة إلى المدرسة وتسأل الفريق التعليمي ينحنون لها ويعتذرون . إنها ترغب فقط في الحصول على تفسير. لن تحصل عليهم أبدًا. سيتم توزيع استبيان على الأطفال للحكم على المعلم الذي سيخضع لجلسة نقد ذاتي أمام أولياء الأمور قبل ايقافه عن التعليم .

ويعود ميناتو في احد الأيام إلى المنزل مصابًا من المدرسة، ويلقي بنفسه من السيارة المتحركة... يبدو أن مجتمع المدينة نفسه يهتز بالطاقة السلبية و السيئة. ذات مساء، اشتعلت النيران في أحد المباني. وسرعان ما يهدد الإعصار المدينة . هناك البحيرة المحاطة بالظلام والنيران والذي يعود المخرج الى هذا المشهد ثلاثة مراتً، هل ميناتو ضحية سوء المعاملة من قبل معلم مسيء ؟ أم أنه يضايق يوري أحد زملائه في الفصل ؟ يقوم كور -إيدا بتجميع القرائن، وتعقيد القضية عن طريق إنشاء قوافي سردية وشعرية (قصص القطط الميتة، والآباء الغائبين، والتناسخ، وما إلى ذلك)، في حبكة تشبه تقريبًا فيلمًا بوليسيًا، حيث المتفرج نفسه مدعو لإجراء التحقيق وإيجاد طريقه عبر متاهة السرد. نحن مثل الأم والمعلمة، في إطار رئيسي من الفيلم، نزيل بشكل محموم الطين الكثيف الذي يحجب النافذة، على أمل أن نرى بوضوح أكبر.

تبدو المسارات التي سلكها المخرج للكشف عن مفتاح "اللغز" في البداية شديدة التعقيد، وحيل السيناريو معقدة بعض الشيء، إلى حد إعطاء الانطباع بأنه يمنع الأمر برمته من التنفس. ولكن بمجرد أن تجتمع القطع معًا، في الفصل الثالث، ينتهي الأمر بالبراءة التي تكون ملفتة للنظر. يندلع قتال بين الأطفال. يتصاعد هذا الحدث الذي يبدو غير ضار إلى قضية كبيرة تشمل المجتمع بأكمله والى وسائل الإعلام. المخرج صادم من خلال تصوير هروب الصبيين إلى الغابة المجاورة للمدينة، حيث قضي اياما في حافلة مدرسية مهجورة تبدو وكأنها مقصورة سحرية. بعيدًا عن العالم، عن الآخرين، عن هذا "الوحش" الذي هو المجتمع والذي يدين ويطلقالأحكام المتسرعة وأنصاف الحقائق. وكما هو الحال دائماً مع المخرج، فإن رقة الخطوط لا تمنع، بعيداً عن القسوة والمرارة في الملاحظة المجتمعية. في النهاية، بعد قصيدة مفجعة لقوة الموسيقى في الفصل الدراسي، ولصوت بيانو ريويتشي ساكاموتو (آخر عمل سينمائي للموسيقي العبقري، الذي توفي في أذار / مارس الماضي)، توقف المطر، وتوقف الإحساس. وتم الكشف عن الحكاية، فيلم بوليسي مثير، ذو بنية ملتوية، لكنه ينتهي بالصدمة.

فاز الفيلم بجائزة السيناريو في مهرجان كان. السينمائي ،
الممثلون الرئيسيون
ساكورا أندو، إيتا ناجاياما
وسويي كوروكاوا
هيناتا هيراجي
يوكو تاناكا. مدة الفيلم ساعتين و6 دقائق.
معضم الصفحات الفنية منحته درجة 4 من 5.









.










فيلم البراءة أو الوحش فيلم "شجاع " في تناول قضايا التنمر المدرسي
سمير حنا خمورو

الفيلم الروائي الجديد للمخرج الياباني الكبير هيروكازو كور - إيدا، Hirokazu Kore-eda الحائز على جائزة السيناريو في مهرجان كان السينمائي الأخير، بدأ عرضه في صالات السينما يوم 27 ديسمبر في فرنسا. سيناريو: يوجي ساكاموتو Yuji Sakamoto.
يقوم "هيروكازو كور إيدا" بتفكيك حالة واضحة من التنمر المدرسي للعودة بشكل أفضل إلى مشاعر الطفولة الخام. ويعيد الجميع إلى دورهم الوحشي، بما في ذلك المتفرج، ويحلل موقف الصحافة اليابانية.

هيروكازو كور إيدا، الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 2018 عن فيلم مسألة عائلية A Family Affair، في فيلمه الاخير يتناول المشاعر المحبطة لصبيين في اليابان المعاصرة ويواصل ببراعة استكشافه للقصص ذات الحقائق المتعددة لمجتمعه المعاصر.

لا يفقد (هيروكازو كور إيدا) إيقاعه الذي عرف عنه : وأسلوبه الخاص في رسم الشخصيات وروايته للحكاية بعد حصوله على السعفة الذهبية عن فيلم مسألة عائلية ، والذي لم يكن بمثابة تكريس فحسب، بل أيضًا تثبيت لذروة النظام الجمالي والسرد المبهر الذي تم وضعه وتوليفه بصبر لمدة عشرين عامًا من العمل في مجال السينما ، ويستمر في طريقة في اخراج الافلام لكي لا يرتكز على أمجاده وهو يبحث دائما عن إدامة وجوده على القمة. قبل فيلم الوحش قام المخرج الياباني بإخراج فيلم في فرنسا (الحقيقة La Vérité، مع كاثرين دونوف)، وآخر في كوريا ( النجوم الطيبة Les Bonnes Etoiles، مع الممثل سونج كونج - هو Song Kang-ho) والمسلسل التلفزيوني (مكاناي: في مطبخ مايكو Makanai: dans la Cuisine des maiko، على موقع نتيفليكس).

ينقل "كور إيدا" كاميرته من المنزل إلى المدرسة هذه المرة ليروي قصة الصداقة الرومانسية بين مراهقين في اليابان المنغلقة على المشاعر.
في ملصق الفيلم، نرى وجها طفلين مغطى بالطين. ماذا حدث لهم؟ ما هو الرابط مع المشهد الأول الذي نشاهد فيه رجال الإطفاء يندفعون، مع إطلاق صفارات الإنذار، لإخماد الحريق في حانة ؟ انتشرت شائعة: كان المعلم وميناتو ويوري يترددوا على المكان.

فيلم الوحش هو علامة عودته إلى بلده اليابان، ولكن ليس بالضرورة إلى عاداته المعتادة، وهو أمر نادر، وهذه المرة لم يكتب سيناريو فيلمه بنفسه - وهذا لم يحدث له منذ فيلمه الطويل الأول "مابوروسي" عام 1995 - مفضلاً العمل من نص يوجي ساكاموتو. ومع ذلك، فهو من وجد عنوان الفيلم الوحش ، كما قال في لقاء معه ، وليس البراءة (الذي يُطلق عليه هذا الاسم فقط في فرنسا) ولكن في النسخة الأصلية، كايبوتسو Kaibutsu، والذي يمكن ترجمته إلى "الوحش".

تشير مفارقة الترجمة هذه بوضوح إلى معركة الأضداد التي تدور وقائعها في أحدث أفلام كوريدا المبهرة: العلاقة الجماعية والتاريخ الحميم، والصلابة المؤسساتية، والتواصل الروحي، والحب والموت. يكشف المخرج، من مادة الأخبار، عن الحب الناشئ لصبيين صغيرين، ميناتو ويوري، ويصور فشل النظام المدرسي الياباني في مواجهة تعاسة طلابه.

إنها اليابان التي تخفي عنفًا صامتًا تحت هدوء ظاهري، وهي التي يريد المخرج أن يرينا إياها. لذلك هناك جانب تقريبي في الجزء الأول من الفيلم وهو أمر متنافر. تبدو الشخصيات غارقة في الأسرار، والأكاذيب تتطاير والشائعات تسمم العلاقات.

في إحدى المدارس في إحدى الضواحي، من احدى المقاطعات اليابانية تحيط بها المساحات الخضراء وقمم الجبال. البطل ميناتو (سويا كوروكاوا) البالغ من العمر 11 عامًا، يتيم. يبدو أن أفكاره سوداوية بشكل متزايد وسلوكه يقلق والدته ساوري (ساكورا أندو). إنها تشكك في علاقاته مع طالب آخر، يوري (هيناتا هيراجي)، لكن يوري، في نفس الفصل، هو كبش فداء للأطفال الآخرين. وكذلك تأثير مدرسه الغريب الاطوار، السيد هوري (إيتا ناجاياما). يحاول الفيلم وصف إيقاظ الشعور بالحب لدى المراهقين. ميناتو، اليتيم، ويوري الذي تخلى عنه أب عنيف، سيكتشفان أنهما معًا يمكنهما ترك الأمر على سجيته . ستكون العربة المهجورة على خط السكة الحديد التي غزتها الغابة بمثابة ملجأ لهم للعب. كما لم يكن من الممكن فهم مديرة المدرسة منذ وفاة حفيدتها عن طريق الخطأ، لكن زملائها يتهامسون فيما بينهم إنها هي التي كانت تقود السيارة التي تسببت في ذلك.

ولكن من هو "الوحش" في القصة ؟ سيظهر المصطلح عدة مرات خلال سرد الفيلم، ومثلما فعل المخرج أكيرا كوروساوا في فيلم "راشومون" (1950)، الذي تناول الحقيقة من جهات مختلفة (وكنت قد أخرجت المسرحية عند دراستي في الأكاديمية)، يروي هيروكازو كوريدا في هذه الدراما التي تتكشف من ثلاث وجهات نظر مختلفة: وجهات نظر ساوري والسيد هوري وأخيرًا ميناتو ويوري. وتضاعف وجهات النظر لتحكي بضعة أيام من حياة صبيين في مدرسة ووالديهما ومعلميهما. هناك شيء مكثف يحدث في حياتهم، ولكنه لا يوصف، وغير محسوس، لدرجة أن الأمر سيستغرق الكثير من الوقت والطرق الالتفافية والأدلة الزائفة لفهمه. في البداية، يترك المخرج جمهوره في الضباب...

أم تربي طفلها بمفردها تشعر بالقلق لرؤيته يتبنى سلوكًا غريبًا بشكل متزايد: يبدأ الصبي ميناتو، بإخبارها أن المعلم أخبره إنه تم زرع دماغ خنزير فيه،. تأتي الأم الغاضبة إلى المدرسة وتسأل الفريق التعليمي ينحنون لها ويعتذرون . إنها ترغب فقط في الحصول على تفسير. لن تحصل عليهم أبدًا. سيتم توزيع استبيان على الأطفال للحكم على المعلم الذي سيخضع لجلسة نقد ذاتي أمام أولياء الأمور قبل ايقافه عن التعليم .

ويعود ميناتو في احد الأيام إلى المنزل مصابًا من المدرسة، ويلقي بنفسه من السيارة المتحركة... يبدو أن مجتمع المدينة نفسه يهتز بالطاقة السلبية و السيئة. ذات مساء، اشتعلت النيران في أحد المباني. وسرعان ما يهدد الإعصار المدينة . هناك البحيرة المحاطة بالظلام والنيران والذي يعود المخرج الى هذا المشهد ثلاثة مراتً، هل ميناتو ضحية سوء المعاملة من قبل معلم مسيء ؟ أم أنه يضايق يوري أحد زملائه في الفصل ؟ يقوم كور -إيدا بتجميع القرائن، وتعقيد القضية عن طريق إنشاء قوافي سردية وشعرية (قصص القطط الميتة، والآباء الغائبين، والتناسخ، وما إلى ذلك)، في حبكة تشبه تقريبًا فيلمًا بوليسيًا، حيث المتفرج نفسه مدعو لإجراء التحقيق وإيجاد طريقه عبر متاهة السرد. نحن مثل الأم والمعلمة، في إطار رئيسي من الفيلم، نزيل بشكل محموم الطين الكثيف الذي يحجب النافذة، على أمل أن نرى بوضوح أكبر.

تبدو المسارات التي سلكها المخرج للكشف عن مفتاح "اللغز" في البداية شديدة التعقيد، وحيل السيناريو معقدة بعض الشيء، إلى حد إعطاء الانطباع بأنه يمنع الأمر برمته من التنفس. ولكن بمجرد أن تجتمع القطع معًا، في الفصل الثالث، ينتهي الأمر بالبراءة التي تكون ملفتة للنظر. يندلع قتال بين الأطفال. يتصاعد هذا الحدث الذي يبدو غير ضار إلى قضية كبيرة تشمل المجتمع بأكمله والى وسائل الإعلام. المخرج صادم من خلال تصوير هروب الصبيين إلى الغابة المجاورة للمدينة، حيث قضي اياما في حافلة مدرسية مهجورة تبدو وكأنها مقصورة سحرية. بعيدًا عن العالم، عن الآخرين، عن هذا "الوحش" الذي هو المجتمع والذي يدين ويطلقالأحكام المتسرعة وأنصاف الحقائق. وكما هو الحال دائماً مع المخرج، فإن رقة الخطوط لا تمنع، بعيداً عن القسوة والمرارة في الملاحظة المجتمعية. في النهاية، بعد قصيدة مفجعة لقوة الموسيقى في الفصل الدراسي، ولصوت بيانو ريويتشي ساكاموتو (آخر عمل سينمائي للموسيقي العبقري، الذي توفي في أذار / مارس الماضي)، توقف المطر، وتوقف الإحساس. وتم الكشف عن الحكاية، فيلم بوليسي مثير، ذو بنية ملتوية، لكنه ينتهي بالصدمة.

فاز الفيلم بجائزة السيناريو في مهرجان كان. السينمائي ،
الممثلون الرئيسيون
ساكورا أندو، إيتا ناجاياما
وسويي كوروكاوا
هيناتا هيراجي
يوكو تاناكا. مدة الفيلم ساعتين و6 دقائق.
معضم الصفحات الفنية منحته درجة 4 من 5.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عرض جميل
علي المسعود ( 2024 / 1 / 1 - 13:21 )
شكرا للفنان الجميل سمير حنا على تعريفنا بالتحف السينمائية وإغناء الذائقة الفنية ، كل عام وانت بخير

اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل