الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شئ ما عن ألأخلاق

علي عبد الواحد محمد

2023 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


شئ ما عن ألأخلاق

المعنى اللغوي لكلمة ( الأخلاق )
ورد في قاموس المعجم الوسيط مايليى
علم الأخلاق علم موضوعه أحكاما قيمية تتعلق بالأعمال التي توصف بالحسن أو القبح
تعريف ألأخلاق
هي قيم أو منظومة قيم تعرف عليها الأنسان بإعتبارها جالبة للخير وطاردة للشر وينطبق هذا التعريف على ما جاء به الشاعر الكبير أحمد شوقي
إنما ألأمم ألأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
أو هي
شكل من أشكال الو.عي ألإنساني
أو هي
هي مجموعة القيم والمبادئ التي تحرك ألأشخاص والشعوب كقيم العدل والحرية والمساواة
فألأخلاق هي وليدة الظروف ألإجتماعية والسياسية التي تحيطها ومالم تتغير هذه الظروف لانأمل أن تتغير ألأخلاق كما نهو ى
ولما كانت ألأخلاق مرتبطة بالظروف المحيطة بها وإن هذه الظروف متغيرة وغير ثابتة ، فألأخلاق إذن تتطور مع التطور عبر التاريخ ومظاهره وعوامله ومراحله ، وهكذا أشارات الدراسات التي تناولت موضوعتنا هذه وما نتج عنها من نظريات أخضعت الموضوع للتأمل والإستنتاج ، وتأثيراتها المتبادلة فيما بينها ولعل النظريات التي بين أيدينا ألآن تحمل هذه الصفات وفي البدء
تأريخ ألأخلاق
الأخلاق ظهرت مع نشوء التجمعات البشرية ، فهذه التجمعات كانت تحتاج الى ألأسس والقواعد التي تساعد على إستمراريتها وتطورها فكانت تلك الجماعات تعمل وفق ضوابط صارمة حتمتها قسوة الحياة وصعوبتها أنذاك حيث كان الأفراد يعيشون على حافة الجوع ، وكانوا في بداياتهم يجمعون قوتهم ويدافعون عن أنفسهم ضد الحيوانات المحيطة بهم فكان من أخلاق الناس المعروفة المشاركة في جمع القوت والمشاركة في الدفاع عن الوجود والذي يأكل أكثر من غيره لا أخلاق له لأنه يحرم غيره من الحياة والذي لا يدافع عن المجموعة لا أخلاق له، أنه يعرض المجموعة الى الخطر، من هذه الخطوات ألأولى للأخلاق والتي ظهرت ؤبشكلها الموضوعي، وكانت أيضا فطرية وغير مدونة كقواعد للحياة ولكن كان كل عضو في المجموعة يعرفها ويطبقها كما لو كانت قانونا مكتوبا، ثم تتطور الظروف ومنها تطور علاقات ألإنتاج فتتطور معها ألأخلاق فنجد العالم الكبير والفيلسوف الميدع ابن خلدون تعتبر عنده ألأخلاق ضرورية للمجتمعات والسياسة وتتأثر بالظروف الإجتماعية والطبيعية المحيطة، وتؤثر فيها، وتحمي حقوق الناس وتعمل على الترابط والتماسك بين أفراد المجتمع وتدفع الى المزيد من التعاون بينهم و لكي تتعزز وتتطور السلوكيات ألأخلاقية من الضروري خلق نظام إقتصادي إجتماعي قائم على العدل وهنا نجد إن هذا العالم الجليل قد تحدث عن العدالة وربطها بتطور ألأخلاق في المجتمع كما وتحدث عن الحكمة والشجاعة وسيادة القانون
إذن مما تقدم يتضح لنا إن ألأخلاق ولدت كضرورة موضوعية لإدامة الحياة في بواكير التجمعات البشرية ، ولكن مع التطور الحاصل وخاصة في ظهور الملكية الفردية لوسائل ألإنتاج حدثت الطفرة الكبرى وألإنقلاب الكبير في تحول منظومة ألأخلاق الى التعبير عن المصالح بشكل يكاد أن
يكون طاغيا
ترى ما تأثير هذا التحول الذي أشير اليه وأعني به تحول ألأخلاق من قيم كانت تعبر عن الضرورة الموضوعية أي كقيم ملازمة لضرورات الحياة الخالصة الى قيم تعبر عن المصالح الخاصة في أغلبها؟
هذه المسألة الهامة والحيوية قد تطرق لها علم الإجتماع الماركسي موضحا إن المصالح مرتبطة بالإرادوية، فمثلا إذا كان تناول الطعام يمثل الضرورة للحياة فإن التفنن في الطهي وفي طريقة تقديم الطعام يعبر عن إبداع الطاهي وإرادته في ان يكون طعامه شهيا، وهنا تتدخل مهارته وخبرته ودراسته في العملية وكلها أمورا ذاتية
أصبحت ألأخلاق تبعا لذلك تفسر وفق مايراه الفرد مفيدا ونافعا له بعد أن كانت ألأخلاق تحتمها ضرورات حياة المجموعات البشرية فتدخحلت ألأهواء والمصالح في تحديد ما هو حسن منها وما هو غير حسن، ولعبت الملكية الفردية لوسائل ألإنتاج الدور الأكبر في تحديد ذلك وفي عالمنا المعاصر يكون النظام الرأسمالي العالمي هو من يحدد ألأعمال ألأخلاقية جيدها وسيئها وألأمثلة ساطعة على ذلك
بعض من القيم ألأخلاقية في الحضارات القديمة
فعند الحضارة السومرية قد ورد عنها بشكل راق وفقا لزمنهم فهم يتحدثون عن الصدق بكونه التزام بقول الحقيقة وعدم التلاعب بالحقائق وكذلك حديثهم عن العدالة بقولهم " حتم كل شخص حقوقه ومساواته أمام القانون والمجتمع
وتحدثوا كذلك عن ألأغراض ألأخرى في العدالة ولمن أراد الإطلاع على المزيد من الحكم السومرية قراءة
كتاب الواح سومرية لصوموئيل نوح كريمر
كتاب السومريون
كتاب الحكمة السومرية في العر اق القديم لسهيل قاشا
وفي مصر الفرعونية برزت ألأمثال والحكم التي جاءت أكثرها على لسان بتاح حتب وهو وزير في البلاط الفرعوني
يجب أن يكون السلوك سويا لدرجة قياسه على الشاقول
الظلم موجود بوفرة، ولكن الشر لايمكن أن ينجح على المدى الطويل
وهناك الكثير من الجكم تجدها في كتاب الحكمة المعيشية في مصر القديمة ترجمة كرستيان جاك
والصينيون لم تفتهم المساهمة في موضوعة ألأخلاق فقالوا فيها منذ القدم " إزرع فكرة تحصد حركة" وقالوا أيضا " قلما يجتمع التملق مع كرم ألأخلاق " كما قالوا " من لايرجع عن خطئه فقد أخطأ مرتين" وهكذا تحدث اليابانيون القدماء عنها " اد الواجب ولا تنتظر الشكر" كما قالوا " إذا أخطأت فلا تتردد في إصلاح الخطأ "
وفي الهند نجد القول السائد الحب هو الحياة
بعض المشاهدات الشخصية لمظاهر أخلاقية
في حياتي عشت وشاهدت أمثلة عن الترابط والتعاون بين الناس لتسهيل أمورهم ومعيشتهم بعيدا عن الأنانية الفائقة التي خلقتها الأنظمة الطبقية بفعل سيادة الملكية ألفردية لوسائل ألإنتاج
عندنا في العراق سواء في المدينة أو في ألأرياف كان لدينا عرف اسمه ( العونة) فيه يجتمع الناس لمد يد العون لعائلة تحتاج المساعدة في قطف ألأثمار أو في بناء ما تهدم من أجزاء المنزل أو غيرها من الأمور الملحة مقابل أن تقوم العائلة المعنية بتوفير وجبة غداء لمن قام بتقديم العون، وحتى هذه الوجبة المقدمة يقوم الجيران بتوفير بعض تكاليفها إذا كانت العائلة المدعومة تشكو من ضيق ذات اليد
وحدثتنا ألأجيال التي سبقتنا إنة كانت هناك أعراف في مجتمعنا فيها كانت الكلمة كافية لتنجز من خلالها عمليات بيع وشراء العقارات وألأطيان ونقل ملكايتها من خلال وعد أو كلمة تصبح هي السند القانوني لهذه الملكية
وشاهدت أيام مكوثي في جمهورية اليمن الديمقراطية ما يطلق عليه ( المقيل ) بضم الميم وتسكين القاف وفتح الياء وتسكين اللام
يتم في المقيل إقامة مكان كبير للتجمع يجتمع فيه الناس لمضغ القات وتبادل أطراف الحديبث حيث يعلن قبل الشروع به عن الهدف منه الذي غايته جمع مبلغ كبير من المال لمساعدة مقيمه لتزويج إبنه مثلا أو غيرها من ألحاجات ويبقى الشخص المعني مواضبا على المشاركة في كل مقيل قادم يقيمه من كان مساهما في مقيله وذلك شبه دين غير محسوس
وربما ذلك يشبه ما يجري عندنا في العراق في حالات الزواج وألأفراح ما
درج عليه [إسم الشوباش أو في حالات التعزية والفواتح من تقديم ما سمي عندنا قراءة الفاتحة
وفي الدنمارك شاهدت ظواهر مبهرة جديرة بالتأمل فقد لاحظت وجود خارج بعض البيوت مناضد كبيرة لكل بيت منضدة أو إثنتين ، موضوع عليها ما يود أصحاب هذه البيوت بيعه من منتجات سواء فاكهة أو حليب ومنتجاته أوبيض في أكياس نايلون مع كتابة سعر كل معروض ووضع طاسة أو أي شئ آخر لوضع المبلغ فيه وكل شئ متروك هكذا بدون بائع أو رقيب ويأخذ الناس إحتياجاتهم ووضع أثمانها في المكان المحدد
وهناك الكثير من ألأمثلة الجميلة عن الجانب الإيجابي وعن الإيثار لدى الشعوب
هذه المقدمة السريعة عن ظواهر إيجابية في المجتمعات حتمتها بطبيعة الحال ظروف المجتمعات وتاريخ نشؤها وسيرورتها وذكرياتها المرتبطة بتاريخ
تطور العلاقات الإنتاجية، وطبيعة النظام الإجتماعي القائم ، كما يلاحظ إن تأثير ألأديان على الناس واضحا في التزامها بالتعاليم الخاصة بالمعاملة بين الناس

كدأبهم في إغناء مناحي الحياة ساهم الفلاسفة اليونانيون القدماء إيضا في تأسيس علم ألأخلاق شار كهم بذلك فلاسفة آخرون فترابطت مجموعة من المدارس التي بحثت في النظريات ألأخلاقية التي أثرت بعضها البعض
أول هذه المدارس ما سمي الفلسفات الستة ألأخلاقية الكبرى 1) القاعدة الذهبية
من الفلاسفة اليونانيون الذين بحثوا في هذه القاعدة الذهبية
الفيلسوف بيتاكوس الذي قال " لاتفعل لجارك ما كنت ستمرض منه " وكذلك الفيلسوف أرسطو طاليس الذي قال "تجنب عمل ما ستلوم ألآخرين على فعله "والفيلسوف الرواقي أبيكتاتوس الذي قال " ماتتجنبه لنفسك حاول أن لا تفرضه على ألآخرين "عموما إن هذه القاعدة الذهبية جهدت على أن تسود ألأخلاق الراقية في المجتمع ومنها القول حب جارك كما تحب نفسك
( 2
Hodonism مذهب المتعة
الفيلسوف اليوناني القديم أريستيبوس صاحب هذا المذهب حيث يرى إن على الناس تنظيم المتعة الآن وأن لا يقلقوا على المستقبل
وقال أيضا أنا أمتلك ألأشياء لا ألأشياء تمتلكني
(3
ألإعتدال أو الوسط
طبقا لما قاله أرسطو إن الفلسفة تشير الى إيجاد أرض وسطية أو تسوية بين حدين
( 4
ألأخلاق المطلقة
صاحبها الفيلسوف عمانوئيل كانت
( 5
النفعية
تنسب للمفكرين البريطانيين جرمي بنثام وجون ستيوارت
والى قوليهما
من غير المقبول أن يتسبب أذ ى كبير لقلة من ألأفراد كي تتحقق متعة قليلة لعدد من الناس
غير إنه لو عمل كل شخص بعدالة عندئذ من المقبول إن تقوم بشئ ما يوفر فائدة كبيرة للمجتمع
لو دققنا النظر بهذين القولين نجدهما مصاغان للدفاع عن الملكية الفردية لوسائل ألإنتاج وعن النظام الرأسمالي
( 6
قناع الجهل
يضع جون رولز وهو فيلسوف أمريكي شاب في كتابه نظرية العدالة
ستة أفكار عن تصوره ألإجتماعي وألأخلاقي عن العدالة، والفكرة رقم 4 من هذه ألأفكار الستة هي فكرة قناع الجهل حيث كانت
هذه ألأفكار هي
فكرة المجتمع جيد التنظيم
فكرة البنية القاعدية
فكرة الوضعية ألأصلية
فكرة قناع الجهل
فكرة ألإجماع عن طريق التوفيق
فكرة العقل العمومي
والحديث عن قناع الجهل حسب جون رولز
هذه النظرية ترى إن كل الناس متساوون كما لو أن كل واحد منهم يرتدي نفس القناع
وإن الصفات مثل العمر أو الجنس أو القومية أو الطبقة …. الخ لا دور لها في القرار ولا تمييز بين الآخرين
وتعني يجب أن تفهم الآخر قبل الحكم عليه
إن هذه الفلسفات الستة وما جاء متزامنا معها أو بعدها رافقت البشرية في مسيرتها وهي تنتقل من طور التخلف الى أطوار الرقي والتحضر ، ونلاحظ إن في الحضارات التي تمت ألإشارة اليها تم التأكيد على ألأمور الإيجابية التي تدعم سيرورة الحياة وإيقاعها الجميل على أساس إن من يمارس عكس ما ذهبت اليه ألإيجابيات المذكورة يكون شاذا ومعرقلا ومانعا للخيرات وصاحب ألأخلاق السيئة ، وإن تمعنا بشكل دقيق نلاحظ إن مسألة مراعاة الضمير الحي هي مسألة في غاية ألأهمية
ولعل ما جاء به عالم ألإجتماع ألألماني المعاصر يورغن هابرماس من فلسفة أخلاقيات الحوار التي تعني بتحكيم العقل في المشكلات التي تنشأ بين المجموعات ألإنسانية، هذه النظرة تأتي أهميتها أولا لتأكيد وإثبات أهمية ألأعراف ألأخلاقية المتداولة عبر تاريخ البشرية وثانيا تؤسس لإعتراف الناس ببعضهم البعض رغم حصول التباين في وجهات النظر كما تأتي تحليلات العالم ألأمريكي المعاصر لورانس كولبرغ،
حيث إعتمد مبدأ العدالة كقاعدة لفهم ألأحكام ألأخلاقية عالميا وهو صاحب نظرية النمو ألأخلاقي التي أوضحها كما يلي
مراحل لورانس كولبرغ في التطور ألأخلاقي
في دراسته لمراحل تطور ألأخلاق ونموها ، رافق هو أيضا البشرية في سيرورتها منذ طفولتها وتخلفها الى تحضرها ورقيها وقسمها أيضا الى ستة مراحل حاذيا حذو العالم السويسري جان بياجيه…..3
هذه المراحل الستة قسمها الى ثلاث مستويات هي
المستوى ألأول
ما قبل التقليدية
يرجع فيها لورنس كولبرغ الى العصور الغابرة حيث كانت فيها شروط حياة المجتمعات البشرية تستلزم العمل مع الجماعة وطاعتها وإخضاع المصلحة الفردية لمصلحة المجموع ولذلك تميز هذا المستوى بما يلي
ماقبل التقليدية
توجه الطاعة والحساب ( كيف بإمكاني تجنب العقاب)
توجه المصلحة الشخصية ( ماذا فيه لأجلي) دفع مقابل فائدة
المستوى الثاني
التقليدية
سنن التطور في التجمعات حتمت وجود أناس متخصصون بالفلسفة وألإجتماع كما رأينا مساهمات الفلاسفة اليونانيون القدماء لوضع بعض القواعد للأخلاق مثل القاعدة الذهبية ، والمتعة ، والوسطية وغيرهاو الى جانبها أعراف إجتماعية وتقييم لمسيرة الرجل أو المرأة والتزامهما بالأخلاق المذكورة وظهر الى جانب ذلك الشكل الجنيني للسلطة التي تحاسب على خرق قواعد ألأخلاق
المستوى الثاني (التقليدية)
1. التوافق والتطابق بين الأشخاص (الأعراف الاجتماعية) (سلوك الفتى/الفتاة الجيد)
2. توجه السلطة والحفاظ على النظام الاجتماعي (أخلاق النظام والقانون)
المستوى الثالث
مابعد التقليدية
نحن هنا خرجنا جغرافيا من أسار التعاليم ألأخلاقية وإنتقلنا الى المفاهيم العالمية، بنفس الوقت الذي تطورت فيه نظريات الحكم والدولة وأصبحت مألوفة للمجتمعات وصار الناس مشاركين للدوللة في صياغة أسس حياتهم وأسس الحكم
المستوى الثالث (ما بعد التقليدية)
1. توجه العقد الاجتماعي
2. المبادئ الأخلاقية العالمية (الضمير المبدئي)
يتم الاحتفاظ بالإدراك المكتسب بكل مرحلة في المراحل اللاحقة، ولكن يمكن اعتباره في المراحل التالية بسيطاً ويفتقر إلى الاهتمام الكافي بالتفاصيل.
كانت الطريقة تتلخص عند مناقشته لمعضلة أخلاقية يأخذ المعضلة ويدرس كيفية حلها والخروج بأحكامها وفق كل مستوى، أي كأنما يقول في ذلك الزمان كان الحل يقتضي امورا ما بينما الحل في زمان آخر يقتضي أمورا أخرى
من أبرز الأمور التي جربها معضلة هانز
وهكذا لاحظنا وبوضوح إن القيم والأخلاق تتطور وتتوسع طبقا لتطور الظروف وأتساع العلاقات ألإنسانية، وبالتالي تنوع هذه القيم وإتساعها على المفاهيم والقيم الجديدة محليا وعالميا وإضافة كل ما هو جديد من قيم تخص البشرية عموما وتتوافق مع التطور ات وهذا يقودنا الى إن ألأخلاق المستقبلية تتوافق مع التطورات المتوقعة
للعلاقات ألإنتاجية المستقبليةالعالمية والمحلية وسوف نلاحظ التطورات في القيم ألأخلاقية من خلال إستعراض سريع لبعض النظريات الأخلاقية
moral foudation theory نظرية ألأسس ألأخلاقية
هي نظرية في علم النفس ألإجتماعي معنية بشرح أصول التفكير العقلي ألأخلاقي لدى البشر وتنوعاته على اساس الفطرة المعيارية يقف ورائها العلماء والفلاسفة: جونثان هايدن عالم النفس الإجتماعي ألأمريكي مؤلف كتاب " العقل الصالح
كريغ جوزيف
جيسي جراهام
ريتشارد ألان شويدر عالم الإنثروبولوجيا الثقافية وهو عالم أمريكي بارز في علم النفس الثقافي وهو حاليا إستاذ في قسم التنمية البشرية المقارنة في جامعة شيكاغو
تتوقف النظرية عند خمسة أسس هي
ألإهتمام/ ألأذى
حيث الإهتمام بالآخرين عكس أذيتهم
العدل أو المساواة/ الغش
تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وفقا لقوانين مشتركة عكس الغش
ألإخلاص وألإنتماء للمجموع/ الخيانة
النفوذ أو الإحترام/التخريب
الإلتزام التقاليد والسلطة التشريعية عكس التخريب
( يجب ملاحظة هنا إن السلطة التشريعية هي سلطة صالحة)
النقاوة/ التدهور
الإبتعاد عن ألأفعال المقرفة والتسامي على عكس التدهور
وتشمل النظرية معيارا سادسا
الحرية/ القمع
ويتقبل مؤلفوا النظرية
اسسا جديدة تضاف لمعاييرهم
هذه النظرية إتسعت فيها دائرة القيم التي إتخذتها كفضاء متنوع للأخلاق التي كانت ذات طور تتعلق بالتشبث في حافة الحياة الى تنوع الحياة والثبات والرسوخ والتنوع ، وصار عند البشرية نتيجة لذلك الوعي الكامل بأهمية ألأخلاق ودورها في الحفاظ على التماسك ألإجتماعي ومنع ألأفراد من الزلل والخطأ الجسيم والنظريتان القادمتان توضحان التطور الحاصل في موضوعة القيم وتمهدان لإنبعاث نظريات جديدة تتوافق مع المستقبل
morals motivation نظرية الدوافع ألأخلاقية
يواجه الفرد منا في كل يوم العديد من ألأمور ألأخلاقية التي تدفعه الى تشكيل أحكاما في صواب أو خطأ هذه ألأمور ، ولكن التصرف العملي ربما لايكون وفق ما أعتقدنا به وهذا يذكرنا بقول الشاعر
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تأتي الرياح بما لا يشتهي السفن
السؤال المهم الذي وجهه إفلاطون في نظرية " المثل
س : ما طبيعة العلاقة بين ألحكم ألأخلاقي والدافع؟
يعني هل ألأحكام ألأخلاقية تدفع بالضرورة أم إنها تدفع بشكل عرضي؟
أجاب العالم المشهور دافيد هيوم بالتفصيل عن السؤال
موضحا بما معناه إن حدوث الدافع يأتي في حالة إذا كان هناك سببا لحدوثه أو رغبة فيه
لكون أحكامنا ألأخلاقية ( قيمنا) عندما تكون متوافقة مع خصائصنا وعندما تكون تلك ألأحكام صحيحة تقريبا وتمثل الصواب والصلاح وعندما نفهمها تكون حافزا ودافعا لنا حين تكون لدينا الرغبة في الحافز
نظرية ألأخلاق التطبيقية
Appliedethycs تشير الى التطبيقات العملية للإعتبارات ألأخلاقية في مجالات الحياة الخاصة والعامة والمهن والصحة والتكنولوجيا والقانون والقيادة
على سبيل المثال يهتم مجتمع علم ألأحياء بتحديد النهج الصحيح للقضايا ألأخلاقية في علوم الحياة مثل القتل الرحيم وإستنساخ البشر والحيوانات والنباتات وهندسة الجينات ومراعاة التوازن البيئي في كل ضرورات الحياة، وتخصيص الموارد الصحية النادرة
إستنتاج هام
إن كل القيم وألأخلاق التي عبرت عنها النظريات المذكورة فيما سبق من الصفحات ، وما توارثته المجتمعات البشرية من قيم ومعايير أخلاقية ، رغم جمالية أغلبيتها ، إلا إنها بالضرورة تعبر عن مصالح مجتماعاتها بالشكل العام وهذه المصالح ترتبط برباط محكم مع مصدر الحصول على مقومات الحياة وإنها نابعة أصلا من من ضرورات هذه الحياة ، وتعبر من ضمن ما تعبر عنه الإخلاص لملكية وسائل ألإنتاج والتي عر فت البشرية شكلين منه مع محاولات لم تتم للشكل الثالث ( الملكية العامة) ، والشكلان المعروفان هما شكل الملكية المشاعية لوسائل ألإنتاج
شكل الملكية الفردية لوسائل ألإنتاج
وعليه فإن ألأخلاق عموما ترتبط بهذين الشكلين لملكية وسائل ألإنتاج وتقدسهما ، مع ملاحظة إن السائد ألآن هو شكل الملكية الفردية لوسائل ألإنتاج والذي يجد تعبيره في النظام الرأسمالي العالمي وتوابعه. وهذا يذكرنا بقول ماركس عن ألأخلاق
أن ألأخلاق يصنعها ألأقوياء إقتصاديا والمترفين لإستعباد الضعفاء والمعدمين
إذن فألأخلاق السائدة هي ألأخلاق التي تمجد الملكية الفردية لوسائل ألإنتاج وتروج لها وتمنحها القدسية، وتصبح ألأفكار التي تعارض ألرأسمالية، وتمس الملكية الفردية لوسائل ألإنتاج وتمس حرية ألرأسمالي في الإستحواذ على نتاج العمل غير مدفوع ألأجر
تصبح في عدادألأفكار الباطلة والهدامة والسيئة بنظر سدنة الملكية الفردية لوسائل ألإنتاج وتحاط هذه الملكية بهالة من القدسية والتابو وتجريم من يتجرأ على رفضها
فألأخلاق إذن نسبية وذلك نابع من نسبية المصالح وتعارضها، وحين العودة حول هذه النقطة الى ديالكتيك هيجل والى الفلسفة الماركسية اللذان يؤكدان " أن الشئ يحمل دائماضده" فالشئ إذن هو حسن وغير حسن في آن واحد وذلك حسب وجهات النظر الى الطبقية المختلفة ، فلا بد أن تجد النظريات ألأخلاقية طريقهاالمستقبلي المعبر عن الواقع الجديدالخالي من ألإضطهاد الطبقي والذي عبرت عنه كتابات ماركس وانجلز وسائر رواد الفكر الماركسي في صياغة النظريات الجديدة في العلوم ألإجتماعية ومنها صياغة النظريات ألأخلاقية التي تستوعب قيمها الحديثة التي تطوف أرجاءالحياة المقبلة للبشرية التي ستكون دوافعها ألأخلاقية لصالح ألتقدم وألإزدهار والحياة الرغيدة وبذلك تصبح النظريات الأخلاقية ذات المحتوى الهادف لسعادة البشر وبناء المجتمعات اللاطبقية ولاتختلف ألأمور في بلدنا الذي يمر بالظروف المعروفة نرى التغيرات الملحوظة على منظومة ألأخلاق التي تأثرت سلبا بهذه الظروف، مما جعل الأنانية والبحث عن كسب المال وتكديسه وسرقة المال
العام والفساد هي صفة أرتفعت أعداد ممارسيها قياسا الى السنوات العشرين السابقة، ودخلت الى لغتنا مفردات جديدة تعبر عن هذا التوجه ، ويبدو لي إن الدراسات ألإجتماعية ال عديدة التي قدمها علماء ألإجتماع العراقيين وفي المقدمة منهم الدكتور الفذ علي الوردي قد شاخت في بعض جوانبها وتحتاج الى تعمق جديد ودراسة التأثيرات البيئية وألإقتصادية وألإجتماعية والسياسية على بلدنا وشعبنا وأن تأخذ هذه الدراسات بنظر الإعتبار تأثيرات دول الجوار على واقعنا
علاقة ألأخلاق مع بعض الظواهر السياسية وألإجتماعية
الأخلاق والعدالة
ومن السياق العام لكل ما تقدم نستطيع أن نجد الصلة الوثيقة بين ألأخلاق العامة وسعي البشرية الى تحقيق شكل للعدالة في المجتمع وهي كسابقتها ألأخلاق نمت وتطورت منذ التجمعات البشرية الأولى الى مراحلها المتقدمة المتخطية لحدود مجتمع واحد
فتعريفاتها كما وردت في المعاجم اللغوية نجدها لا تبتعد عن تعريفات ألأخلاق ففي قاموس جمع الجوامع ورد إن العدالة هي ملكة راسخة في النفس تمنع عن إقتراف كل فرد من الكبائر الخس كسرقة لقمة وتطفيف ثمرة وفي المعجم الوسيط ورد إن العدالة في الفلسفة هي إحدى الفضائل ألأربعة التي سلم بها الفلاسفة من قديم وهي الحكمة والشجاعة والعغة والعدالة ويورد معجم مقاليد العموم تعريفين للعدالة هما
العدالة اسم يجمع سائر الفضائل
العدالة ملكة في النفس تمنع عن إقتراف الكبائر والرذائل المباحة
يعرف قاموس أكسفورد ألأنكليزي الشخص العادل بأنه الشخص الذي يفعل كل ما هو أخلاقي
العدالة والفلسفة
تعرف العدالة في الفلسفة بأنها النسبة والتناسب بين ما يستحق الإنسان وبين ألأمور السيئة أو الجيدة المخصصة له
ويرى أرسطو إن أهم ما في ألعدالة هي معاملة الحالات الشبيهه بالطريقة نفسها ، طبعا لم تخلوا آراءه من النقد من قبل غيره من المفكرين في وقت لاحق إذ تسائلوا وهم محقين عن ماهية التشابه في المواهب والحاجات والمستحقات وهنا نجد إن العبقري ماركس قد طور ذلك في حالة التوزيع في الشيوعية
من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته
هناك نظريات عديدة للعدالة وهي ليست مجال البحث الحالي، ولكن خلاصتها تؤكد نسبية العدالة وطبقيتها كما هي ألأخلاق ولذلك ما يراه مالك وسائل ألإنتاج إن إستحواذه على القيمة الزائدة التي ينتجها المنتجون الحقيقيون هي قضية عادلة يرى الكادحون إنها مسألة غير عادلة وتؤجج الصراع بين المستثمرين والمستثمرين، وهناك الكثير من ألأمثلة التي تقودنا الى ألإستنتاج الهام بالنسبة لنا وهي عدالة المجتمع اللاطبقي وضرورته
العدالة الإجتماعية
ما دمنا نتحدث عن العدالة كشكل للأخلاق إذن تعبر العدالة الإجتماعية كشكل للأخلاق ألإجتماعية، وهي أي ألعدالة ألإجتماعية هي ما نعمل من أجله كحزب شيوعي عراقي
وبالعودة الى ماكتبه الفيلسوف ألأمريكي جون رولز في كتابه نظرية في العدالة " إن الحالة ألأساية ألأولى هي تطبيق مبادئ العدالة على البنى ألأساسية في المجتمع من خلال ممارسة المواطنين لحس العدالة لديهم ، والحالة ألأساسية الثانيةهي تطبيق قدرة المواطنين في التعليل العلمي والتفكير في التشكيل والتعديل والسعي العقلاني وراء تصورهم للخير" وهذا يعني الوصول الى الطريقة التي توزع من خلالها المؤسسات الإجتماعية الرئيسية الحقوق والواجبات الأساسية وتحدد تقسيم المنافع الناتجة عن الشراكة ألإجتماعية والمقصود بالمؤسسات الرئيسية هي الدستور السياسي والترتيبات الإقتصادية وألإجتماعية
ألأخلاق والسياسة
عندما يدور الحديث عن السياسة سأفترض إنه يدور عن العلاقة بين الحاكم والمحكوم وكذلك عن العلاقة بين المحكومين مع بعضهم البعض والتي سأفترض إنها علاقة سليمة مشبعة بروح الديمقراطية والحقوق والحرية، وبعكسها سيكون ألإستبداد
في حالتنا هذه ستقفز الى ألأذهان مسائل الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة ألإجتماعية، وروح التعاون وحق تقرير المصير وسيادة القانون وإدراك الناس لواجباتهم وحقوقهم ودورهم في بناء مجتمعهم
وفي الضد من ذلك تكون علاقة الإستبداد والدكتاتورية
ألأخلاق في حالة الحر ب
جسدت معاهدة جنيف عن حقوق المدنيين والمؤسسات الصحية والتعليمية ودور العبادةوحقوق أسرى الحرب وجرحاها وحقهم في العلاج وحق السكان في الغذاء والدواء والماء والوقود والطاقة الأخلاق في زمن الحرب
وبالأمس تحث جمع من ألأطباء في العالم عن حق المصابين والجرحى في تلقي العلاج والمدواة كما تنص ألأعراف والقوانين على عدم التعرض للأطفال والنساء وقتلهم ودفنهم تحت ركام البيوت وكذلك عدم التعرض للمدنيين العزل تحت أي ذريعة كانت
الحروب ليست من الحالات ألأزلية ولذلك فإن الأخلاق المصاحبة لوقتها ينبغي أن تؤسس لحالات السلم القادمة
ولا يملك المحتل البلد الواقع تحت إحتلاله وليس له أن يفرض عليه قوانينه
ألأخلاق إذا مرتبطة إرتباطا وثيقا بكل القيم وبكل ما يرتبط بها وما ينعكس عنها وما يمكن أن يكون هاجسا لرسم المجتمع الفاضل الذي يهدف الى خير ألإنسان وسعادته الحقيقية المرتبطة بما تصبوا الية الجموع من المساواة في كل شئ وخاصة في التوزيع حسب الحاجة لمن يقدم للمجتمع حسب قدرته والمجتمع الذي يتحقق فيه شعار الواحد للكل والكل للواحد، حيث يسعى الكل لسعادة الكل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأخلاق
عامر سليم ( 2023 / 12 / 30 - 06:56 )
بأختصار :
بدون الحرية لاتوجد الأخلاق كما يقول عالم النفس كارل يونغ .
ليس هناك ما هو إلهي او سماوي أو غيبي في مسألة الأخلاق , الأخلاق مسألة انسانية بحتة , ومن البؤس ان تكون الأخلاق مرتبطة بالخوف من العقاب والأمل في المكافأة لأن هذا الربط التعسفي هو غير أخلاقي اصلاً كما يقول آينشتاين.
ويختصر الأختصار همنغواي حين يقول :
About morals, I know only that what is moral is what you feel good after and what is immoral is what you feel bad after.
Ernest Hemingway

اخر الافلام

.. عمليات بحث تحت الأنقاض وسط دمار بمربع سكني بمخيم النصيرات في


.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وإعادة المحتجز




.. رغم المضايقات والترهيب.. حراك طلابي متصاعد في الجامعات الأمر


.. 10 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي النصر شمال مدينة




.. حزب الله يعلن قصف مستوطنات إسرائيلية بعشرات صواريخ الكاتيوشا