الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين ( الحلقة الخامسة)

عبد الحسين شعبان

2023 / 12 / 30
الادب والفن


نشاطات العام 1992
شهد العام 1992 نشاطات غير مسبوقة، فقد انعقد المؤتمر الوطني العراقي المظلّة الأوسع للمعارضة في فيينا (حزيران / يوليو)، والذي توسّع لاحقًا بانضمام بعض القوميين العرب والحزب الشيوعي في أواخر تشرين الثاني / نوفمبر من العام ذاته، باجتماع صلاح الدين، وأضيف إليه كلمة "الموحّد"، مثلما ضمّ القوى الكردية بجناحيها، والمجلس الإسلامي الأعلى وحزب الدعوة، وأوساط واسعة من المستقلين وأحزاب ناشئة جديدة ليبرالية التوجّه. واستمرّ على مقاطعة المؤتمر ثلاث جهات هي: حزب البعث – الجناح السوري المؤسس للجنة العمل المشترك، والوفاق – صلاح عمر العلي، وسعد صالح جبر – المجلس العراقي الحر.
وعقد المجلس العراقي الحر والوفاق (صلاح عمر العلي) وشخصيات أخرى اجتماعًا تشاوريًا في لندن في العام 1992، ضمّ عددًا من القوى والشخصيات المختلفة، حتى أن الفريق الطيار عارف عبد الرزاق، الذي حضر مؤتمر صلاح الدين، وانتخب رئيسًا للجمعية الوطنية، انفصل عن المؤتمر، وشارك في الاجتماع التشاوري.

محاولة كاك مسعود البارزاني
وبالمناسبة فقد دعا مسعود البارزاني إلى عقد اجتماع تمهيدي لمؤتمر صلاح الدين (أيلول / سبتمبر 1992)، أي بعد ثلاثة أشهر من مؤتمر فيينا، حضرته جميع القوى تقريبًا، بمن فيهم ممثل عن صلاح عمر العلي، وهو راشد الحديثي، وعن حزب البعث السوري، مهدي العبيدي، كما حضر اللواء حسن النقيب، وعن المجلس العراقي الحر، شفيق القزاز، ومن الحزب الشيوعي – رحيم عجينة، وعن الحزب الاشتراكي حضر مبدر الويس.
وقد اتّفق المجتمعون على عقد مؤتمر صلاح الدين وتوسيع دائرة المشاركة، وتشكّلت لجنة لكتابة البيان الختامي، ضمّت كلّ من: ابراهيم الجعفري، وفلك الدين كاكائي، ورحيم عجينة، وكمال فؤاد، وكانت برئاستي، ووافق الجميع دون أية تحفظات على البيان الختامي، الذي هو استمرار للبيان الختامي الذي صدر عن مؤتمر فيينا، وكنت قد كتبته أيضًا، إضافة إلى التقرير السياسي. ولكن بعد انتهاء الاجتماع، والتحضير للمؤتمر التكميلي، اعتذر صلاح وسعد صالح جبر وحزب البعث – الجناح السوري، عن حضور المؤتمر، كما سبق أن اعتذر كلّ من أديب الجادر ومهدي الحافظ، بعد أن حضرا في فيينا لقاءً تمهيديًا مع مسعود البارزاني وأحمد الجلبي ومحمد بحر العلوم وهاني الفكيكي، لاختلافات حصلت قبيل عقد مؤتمر صلاح الدين.
لم تستمر التوافقات والاصطفافات في صفوف المعارضة الرسمية، بسبب اتّساع دائرة التداخلات الدولية، وخصوصًا الأمريكية، فضلًا عن دائرة التداخلات الإقليمية، لاسيّما الإيرانية والسورية والسعودية والتركية وغيرها. وشعر كلّ منا، صلاح وأنا، أن لا المؤتمر الوطني ولا الاجتماع التشاوري مكاننا، لذلك انسحبنا منهما، مثلما انسحب عارف عبد الرزاق وآخرين من الاجتماع التشاوري، وتدريجيًا انسحب ستار الدوري من المؤتمر، وبعد عام من انضمامه إلى المؤتمر الوطني، انسحب الحزب الشيوعي، وبعد ذلك انسحب طالب شبيب، ثم انسحب هاني الفكيكي، وجمّد حزب الدعوة عضويته، وظلّ المؤتمر قائمًا على ركن أساسي هو الحركة الكردية، وموقع خارجي استفاد منه المجلس الإسلامي الأعلى، كما استمرّ الوفاق – إياد علاوي في المؤتمر، وظلّت رئاسة أحمد الجلبي موضع نقد وأخذ ورد، فضلًا عن السياسات العامة، وخصوصًا الموقف من الحصار ونظام العقوبات المفروض على العراق، والتعويل على العامل الخارجي، بل الرهان عليه.

الحصار: الشغل الشاغل
كنا نلتقي صلاح وأنا بشكل مستمر مع عدد من الذين بدأوا يتخذون موقفًا ضدّ الحصار وضدّ الحرب على العراق، مثل أديب الجادر ومهدي الحافظ، اللذان كانا قد أسسا الهيئة الاستشارية، كما كنا نلتقي في لندن: حامد الجبوري وماجد السامرائي وآخرين، ونصدر بيانات تندّد بالحصار، ونحاول التوجّه إلى الشعب العراقي لمخاطبته، وكان يوقّع البيانات ذات الطابع الحقوقي فوزي الراوي وصفاء الفلكي وجواد الخالصي، وبعد ذلك السيد أحمد الحسني البغدادي، وأحيانًا مشعان الجبوري وموسى الحسيني وأسامة التكريتي وغيرهم، وكنت على اتصال بعدد من اليساريين والشيوعيين السابقين، الذين يقتربون من هذه المواقف، مثل باقر ابراهيم الموسوي وآرا خاجادور وآخرين، وكنّا نتبادل الآراء وننسّق بعض المواقف.
وقد نظّمتُ مذّكرة، وقعها 120 شخصية عراقية، موجهة إلى الأمم المتحدة، تدعو لرفع الحصار عن العراق، والتخفيف من معاناة العراقيين، الذين يتعرضون لحرب إبادة بسبب نظام العقوبات اللّاإنساني، وقد نشرتها جريدة الوفاق، وكان لها صدىً إيجابيًا على المستوى العربي، وكلّ تلك التحرّكات كان لها طابعًا حقوقيًا وليس حزبيًا أو سياسيًا، خصوصًا وكنت قد تفرّغت للعمل الحقوقي والبحثي والكتابي.

عشية احتلال العراق: ما العمل؟
أشرت إلى انصرافي للعمل الحقوقي بشكل عام وغالب، حتى أن التقارير التي كانت تصدر عن المنظمة العربية لحقوق الإنسان، والتي تشمل الانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان في العراق، إضافة إلى انتهاكات الولايات المتحدة بسبب إصرارها على فرض الحصار على العراق في عملية إبادة استمرّت إثني عشر عامًا، كانت بقلمي أو تحت إشرافي أو أن بصمتي واضحة فيها، ويمكن مراجعة تلك التقارير خلال فترة التسعينيات كلها، وصولًا إلى فترة ما بعد الاحتلال، فإنها خرجت من بين أصابعي، وهو ما يعرفه صلاح عمر العلي، وأحيانًا كان يزودني ببعض المعلومات أو أدقق معه بعض الحوادث والأسماء للتأكد من صحّتها، ويقوم بإعادة نشر هذه التقارير في جريدة الوفاق بعد صدورها، مثلما استمر بنشر ما ألقيه من محاضرات تخصّ العراق في الجريدة أيضًا. علمًا بأن التقرير العربي كان يصدر من القاهرة عادةً، ويقوم بإعداده الصديق محسن عوض.


رسالة صلاح إلى لجنة التكريم في القاهرة
يوم تمّ تكريمي في القاهرة، عشية الحرب على العراق في 20 آذار / مارس 2003، كأبرز مناضل لحقوق الإنسان في العالم العربي، كتب صلاح رسالة موجهة إلى المحتفلين يقول فيها: "حين تجتمع في شخصية واحدة الدينامية الفكرية والنزاهة الأخلاقية نكون إزاء موهبة إبداعية نادرة"، وبعد أن أشاد بالمناقب الشخصية والنشأة الأولى والنضال الوطني، كتب يقول: "ومنذ مطلع التسعينيات وما زال الدكتور شعبان يمارس هذا الدور الإنساني المتميّز بصفته رئيسًا للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة بكل همّة ونشاط، حيث عقد العشرات من المؤتمرات والاجتماعات، وألّف الكتب والدراسات ونشر العديد من المقالات، وشارك في الندوات التلفزيونية والإذاعية، ولا زال صديقنا العزيز الدكتور عبد الحسين شعبان يتوقّد شعلة ونشاطًا وعطاءً في هذا الميدان الهام، وساهم مساهمة فعّالة في إغناء هذه التجربة الغنية، وتعميق توجّهاتها ومفاهيمها الإنسانية، وهو يحث الخطى من أجل المساهمة المباشرة في تعميق ثقافة حقوق الإنسان لدى المواطن العربي في عموم الساحة العربية، من خلال مؤهلاته وكفاءته وتجاربه، التي تمتد قرابة أربعة عقود من الزمن، فتراه دائم الأسفار متنقلًا بين هذا البلد العربي وذاك، محاضرًا أو مشاركًا في مؤتمر".
واختتم صلاح عمر العلي كلمته بالقول أن شعبان "رجل يتمتع بموهبة نادرة، وطاقة إبداعية متدفقة، لا غنى لأبناء أمتنا العربية عن الاستفادة القصوى منها".
مثلما كتب العديد من الشخصيات العراقية، مثل مسعود البارزاني وجلال الطالباني ومحمود عثمان وناهدة الرماح وطارق الدليمي وأحمد الحبوبي وعصام الحافظ الزند، وسلام خياط وماجد مكي الجميل وقاسم حول وأحمد الحبوبي وهاشم شفيق وحامد الجبوري ومحمود البياتي وياسين النصيّر وكاظم الموسوي وجاسم المطير وأحمد الموسوي وعبد جاسم الموسوي، فضلًا عن شخصيات عربية شاركت في الاحتفال مثل محمد فائق وحلمي شعراوي وبهي الدين حسن وصالح بكر الطيار ونظام عساف وجورج جبور وأمين مكي مدني وسلام خياط ووائل خير وصلاح بدر الدين وعلي خليفة الكواري وهدى الخطيب شلق وعز الدين سعيد الأصبحي، وصدرت المساهمات في كتاب بعنوان "عبد الحسين شعبان – صورة قلمية: الحق والحرف والإنسان"، المركز العربي لنشطاء حقوق الإنسان، مركز المحروسة للنشر، القاهرة، 2004.

يتبع في الحلقة السادسة بعنوان ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق (في دمشق مع عبد الحليم خدام وفي القاهرة مع عمرو موسى).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال