الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصوات في قصيدة -أختهم- مأمون حسن السعد

رائد الحواري

2023 / 12 / 30
الادب والفن


الأصوات في قصيدة "أختهم"
مأمون حسن السعد
(( أختهم ))"
صاحتْ بأعلى الصوتِ: يا وجعي!!!!
هل من أحد؟!
فأجاب صمتُ السيفِ في الصحراءْ
وأجاب عجزُ الخنجر العربيّ في ليل الأناشيد الرديئةِ والبكاءْ:
وأجاب لسعُ سياطِهم وسعارُها:
ما من أحد
وأجاب خمّارٌ، ونخّاسٌ، وكلبٌ نائمٌ في الظلّ عند حذاء صاحبهِ:
لا توقظي أحدًا،
دعينا نستريح، فعيشنا شغلٌ وكَد
لا ترفعي صوتَ العويلِ وأمسكي،
ما مِن أحد"
كلنا يعلم حجم الرثاء الذي جاء على لسان الخنساء على أخويها "معاوية وصخر" فهي تمثل ظاهرة فريدة في الأدب العربي والعالمي، من هنا أراد الشاعر "مأمون حسن السعد" من خلال العنوان "أختهم" الإشارة إلى ما كان عليه حال المجتمع العربي وما آل إليه في العصر الحديث.
كما يأخذنا العنوان إلى موقف المعتصم من المرأة التي صرخت "واه معتصماه" مستنجدة به مما لحق بها وأهلها من الرومان، فكان لها المنجد والمنقذ والمخلص والمنتقم، إذن هناك العديد من الشواهد والأمثلة في التراث العربي الإسلامي على الاستجابة لنداء/لصرخة الأخت المستنجدة بأهلها، بأهل المكانة والنفوذ.
لكن في واقعنا المعاصر لا نجد أي تلبه لندائها، ولا حتى من يسمع صوتها، هذا ما وجدناه كفلسطينيين منذ عام 1948 وحتى الآن، هذا على صعيد فكرة القصيدة ومضمونها المتعلق بأهلنا في غزة وما يلاقونه من قتل وتدمير وتهجير على يد دولة الاحتلال الصهيوني.
ففكرة القصيدة واقعية، ويمكن الوصول إليها من خلال ما جاء في القصيدة، وهذا يحسب لها وللشاعر الذي يؤكد انتمائه الوطني/القومي/الديني/الإنساني تجاه قضايا شعبه وأمته، وهذا يقودنا إلى الوقوف عند الألفاظ واللغة الشكل الأدبي الذي استخدمه الشاعر في القصيدة، فقد استطاع أن يجمع وطنية/إنسانية الفكرة مع جمالية اللغة الأسلوب، بحيث يحصل القارئ على فائدتين، الفكرة النبيلة والإنسانية، والشكل الأدبي الممتع.
بداية نتوقف عند الألفاظ المتعلقة بالصوت: "صاحت، الصوت (مكرر)، فأجاب/وأجاب (مكرر أربع مرات)، صمت، الأناشيد، البكاء، لسع، سعارها، العويل" إذا ما توقفنا عند هذا الألفاظ سنجد غالبيتها جاء بمضمون قاس، وهذا يجعل القصيدة منسجمة في ألفاظها وفي مضمونها، فالمتلقي يصل إلى فكرة الخذلان من خلال السواد الكامن في الأصوات المستخدمة في القصيدة، وأيضا من خلال الحوار الذي جاء على لسان المتحاورين: "يا وجعي/وأجاب ليل الأناشيد الرديئة والبكاء، لسع سياطهم وسعارها، لا توقظي أحدا، لا ترفعي صوت العويل" فعندما كرر الشاعر "وأجاب، فأجاب" أربع مرات أراد بها أن يصل صرخة التي صاحت بأعلى صوتها إلى الجهات الأربعة، الشمال، الجنوب، الشرق، الغرب، وبما أن القصيدة بدأت ب: "صاحت بأعلى صوتها: يا وجعي" وختمها: "لا ترفعي صوت العويل ما من أحد" فقد أعطنا صورة عن حجم المأساة وحجم الخذلان الذي وجدته الصائحة.
إذن بنية القصيدة تخدم مضمونها، وهذا يقودنا إلى التوقف "صاحت" والألفاظ المتعلقة بها: "الصوت، صمت، الصحراء" فهذه الألفاظ جاء فيها حرف الصاد (المضخم) مكون أساسي، وهو يشير إلى المأساة التي تمر بها الصائحة، لكن، في المقابل نجد الكتمان/"هس" في ألفاظ: "لسع، سياطهم، سعارها، نحاس، نستريح، امسكي" فالفرق بين حرف الصاد (الصاخب) والسين (الساكت) يوصل فكرة التخاذل للمتلقي، وبهذا تكون ألفاظ القصيدة وبنيتها وفكرتها منسجمة فيما بينها.
وهذا يأخذنا إلى طريقة/ظرف كتابة القصيدة، فالشاعر عندما يتوحد مع فكرته، (يتحكم) به العقل الباطن مما يجعله يستخدم ألفاظ بيعنها، تجعله (أسيرا) للفكرة التي يتناولها مما يحدث هذا الانسجام والتلاقي في الفكرة/المضمون وبين بينية القصيدة وهيكلها وبين الألفاظ المستخدمة فيها. القصيدة منشورة على صفحة الشاعر مأمون حسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال