الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التسامح

فائز تركي القريشي
(Faiz Turky)

2023 / 12 / 31
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


إن التسامح ليس بلفظة غريبة وليس بشئ جديد ولكن ألا تشاركوني الرأي بان التسامح قد غاب عن الكثير من تعاملاتنا اليومية ، أبدا كلامي اليوم من مقولة للدكتور الراحل خبير التنمية البشرية الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله حيث يقول (( من الخطأ أن يأخذ الإنسان تجربة من الماضي بنفس شعورها وأحاسيسها للمستقبل لأنه سينتج عن ذلك قانون التراكم وهذا يعطي لتلك التجربة قوة أكثر فتقوى المشاعر والأحاسيس أكثر وأكثر )).
لماذا نجد الناس في شهر رمضان متسامحين ودودين متآخين لا يعدو احدهم على الآخر ويعيشون في سلام ثم نراهم بعد رمضان يتقاتلون من اجل أتفه الأمور ويتشاجرون بسبب أتفه الكلام دون وجود للتسامح وكان التسامح هو فقط من واجباتهم في شهر رمضان ، إن السبب في ذلك يعود في اغلب الأحيان إلى تذكرهم للتجارب النفسية السابقة التي ينتج عنها ما يسمى بقانون التراكم وهو من قوانين العقل الباطن والذي يعني ( إن الإنسان يأخذ تجربة من الماضي ويفكر فيها من جديد بنفس شعوره وأحاسيسه وقت حدوث تلك التجربة مما يدعم ملف تلك التجربة في العقل اللاواعي مسببا نتيجة قوة المشاعر والأحاسيس التي أضافها تراكما بسبب التكرار ) .
من هنا عزيزي القارئ علينا أولا أن نتعلم من تجارب الماضي فقط وان لا نجلب لحاضرنا تلك المشاعر والأحاسيس السلبية المرافقة لتلك التجارب السابقة . ولغرض أن نتعلم ذلك علينا أن ندرك إن أول مفتاح للتسامح هو التسامح مع الذات أن نسامح أنفسنا عن ما قمنا به من أفعال في الماضي وان لا نطارد أنفسنا بذنوبنا يوميا لأنها ستؤدي بنا بالنتيجة إلى الشعور بالذنب والذي لاتحمد عقباه ، ثم ننتقل من التسامح مع الذات إلى مسامحة الوالدين والإخوة والأولاد ثم الأصدقاء والمجتمع ولابد لكل منا إذا أراد أن يكون التسامح طريقه للوصول إلى الكفاءة والانجاز أن يدرك إن هنالك علاقة طرديه تفاعلية بين التسامح و الاتزان الروحاني أي كلما ازداد التسامح ازداد الاتزان الروحاني وبالعكس وكذلك توجد علاقة بين التسامح والعطاء وهي أيضا طرديه فبزيادة مساحة التسامح يزداد العطاء .
إن من أسباب عدم التسامح هو نظرة البعض إلى إن التسامح هو ضعف أو سذاجة ونرى إن مثل هؤلاء الأشخاص عادة ما يكونوا عدوانيين متحفزين ضد الآخرين وكأنهم في ساحة قتال على مدار الوقت وهذه النظرة خطرة جدا ومنها تنشا الصراعات في كثير من الأحيان وهي تتناقض مع الجانب الروحاني الذي يؤكده الإسلام حيث إن من مبادئ الإسلام ( العفو عند المقدرة ) وأود التذكير بقصة تنطبق على التسامح في الإسلام حيث يروى إن جارية كانت لدى الأمام زين العابدين علي ابن الحسين عليهما السلام ولدى قيامها بسكب الماء للإمام ليتوضأ أصابت الإمام في رأسه إصابة جرحته فنظر إليها الإمام فقالت سيدي والكاظمين الغيظ فقال لها قد كظمت غيظي عنك فقالت والعافين عن الناس فقال قد عفوت عنك فقالت والله يحب المحسنين فقال اذهبي فأنت حرة لوجه الله .
إن مثل هذا التسامح ينتج عنه ثقافة جديدة لها القوة لتوحيد المجتمع ونبذ الصراعات والمشاكل خصوصا ونحن نعيش الآن في فترة عصيبة على مجتمعنا تكاثرت فيها الفتن والصراعات السياسية والأيديولوجية وان الحل السحري لجميع هذه الخلافات هو التسامح ومحاولة تقبل الآخرين بشئ من التروي والحكمة إذ لابد لنا أن نستفيد من التسامح واعتبار تجارب الماضي مهارات نظيفها لمهاراتنا بدلا من جلب أحاسيسها وتنغيص عيشنا بها في كل حين ، والواجب الأكبر هنا يقع على سياسيينا وقادتنا بان يبدءوا بالتسامح فيما بينهم لان القادة قدوة للمجتمع والمجتمع يتبع رموزه السياسية بطريقة لا شعورية في كثير من السلوكيات ، ليس القصد أن نسامح من قتل أبناء شعبنا وسفك الدماء ولكن التسامح مع الذين يختلفون معنا في وجهات النظر لان وراء بعض الآراء والسلوكيات تكمن نية حسنة هكذا يكون البناء الصحيح لا التشكيك في النوايا والبحث عن زلات وتذكر ملفات من الماضي لا تسبب الا الإرهاق والتعكير لصفو العلاقة ولننظر إلى إن بناء المجتمعات والأنظمة السياسية في بعض الدول الغربية بنيت على الأساس الذي ذكرناه وبإمكاننا أن نصل إلى ما وصلوا إلية أو حتى ابعد حينما ننشر ثقافة التسامح والأخوة والتعاون لأننا أصحاب تاريخ عظيم وعقيدة راسخة لابد لنا من احترامها والعمل على ضوءها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم