الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للحُلم امتداد آخر ...

عبد الحكيم نديم

2003 / 6 / 23
الادب والفن


 

                                        

على امتداد شعرها الطويل،
سبحتُ في حُلم الطفولة بعيداً
على جنح الطير وعلى مراكب الخيال!
قذفتني الأمواج العنيفة نحو شواطئ الرغبة
فحلمت أخيراً بروح العودة،
وإذ أنا على بوابة المدن
رأيت الزقاق المهملة تعجُّ بالوجوه الطاعنة
 بالتجاعيد المبكرة من اثر التنكيل
والخدود الطافحة من الغضب،
والشفاه اليابسة من الصمت!
رأيتُ مرا بع نخلة الجيران يابسة
وتحت موسى الحلاق
قوم أصابه مرض عدم الكلام
ومحابر شعراء المدينة جفتّها العوز بنوائب الأيام
دنوت من ربّي بالدّعاء في آخر اللحظات الباهتة
لشمسنا الخجولة من الآثام
اقتربتُ خيفة من أنين بساتين المبدعين
في البلد المدجج بسلاح الاحتلال
بساتين من الفكر تشكو الهجر،
ومن ظمأ النسْيان
شكوى على مداخل
المدينة المسلوبة غدراً من تاريخها،
وعلى رماد أشجار الجوز وبقايا رُفات الإنسان!
ماذا فعل طيش الغرور الأجوف بقداسة التُراب
منذ عقود فنزوة طائشة تقودنا باسم زين الفرسان
يا ليتها كَبَت خيول الأشباه في الوحل
وعُمّيت عيون الزمان!
دنوت في آخر امتداد للحلم،
وبعد قراءة خرائب المدن،
رأيت صورة أبي كيفَ مزقتها الانتظار
 حزناً تحت تراب بيتنا القديم
تحكي قهر الرجال قُبالة جرا فات العساكر
جرا فات دفنت طفولة الأمس
بلا خجل من تكبيرات المساجد
بحثاُ عن قصيدة متمردة
 لعاشق أرّقه أفول القمر
بحثاُ عن أسطورة مدينة مؤودة
مخافة بركان الفجر
وعن عناق
خلفَ قُبْلة أرهبتها حرائق الشفاه
أفتحُ في حُلم العودة نافذة مضيئة
بحجم روح الأمل،
فأمنّي نفسي بالفرح،
انهم مازالوا هنا مثل البارحة
أمي لا تمدّ يدها الميمونة إلى الأكل
 تنسج طريق عودتي من المدرسة ألقاً
أماه! ما اتعس ساعات الوحشة!
ومرارة القرى المهجورة،
احلم فأقول انهم مازالوا هنا،
فاسمع صوتهم المنسي،
صدى استغاثتهم في عنان السماء
هناك في الغابة المسمومة
لحظة انتحار أسراب الحمام
هنا في حيّنا الممسوح حقداً من الخارطة!
أراهم في الحُلم،
وفي نافذة الذكرى
جلستهم الممتعة عند المساء
وأطفال القرية في طريق المدرسة
كيفَ استهوتهم أنشودة الصّباح
صوتهم الآتي ابتلعه زمن المقابر الجماعية
عسى أن يعود طيْفٌ منهم
 لحقيبته المدرسية من تحت تلال الأنقاض
أترى! أجد من بعدهم
 يوماً ما وصية موتهم المجاني!
أو أجدَ سطوراً
لذكراهم بطرف
الأنامل المنزوعة من الظفر،
على الملابس المهترئة،
أمرّ أمام الطيّف،
فيقودني فرح قلبي المذبوح
في الحُلم منادياً
تلاشت دياجير الظلام
وابتسم الشفق الأحمر
بعد نداء الصبح الهادر
للفجر الجميل المكلل،
بزهو حُلم الأيام...


 
   شاعر وفنان تشكيلي من العراق
[email protected] m        

     








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟