الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرض -ثورة-لمسرح بلعباس: المخرج يعبث مرتين

ياسين سليماني

2023 / 12 / 31
الادب والفن


يقول العرض المسرحي ما ينبغي قوله من رسائل وشفرات وخبرات إنسانية وجمالية يودّ صنّاع المسرح تقديمها، ولا يحتاج المسرح في تقاليده إلى محاضرة شارحة يقدم فيها المخرج أو سواه توضيحات وتفسيرات لما رآه الجمهور بطريقة مدرسية، لكن عكس هذا ما وجدناه في عرض "ثورة" من إنتاج المسرح الجهوي لبلعباس والذي أخرجه عبد القادر جريو، فهو في الندوة المخصصة لمناقشة العرض أخذ ما يزيد عن ربع ساعة يشرح العرض ويفسره ويدخل في تفاصيل عمله قبل مناقشة الجمهور في تكرار لما تمت مشاهدته في الصالة، ولا يمكن تفسير هذا إلا على اعتبارين: إمّا المخرج كان يعتبر الجمهور أقل فهما واستيعابا للعرض وبالتالي يحتاج إلى من يأخذ بيده كما يؤخذ بيد الأعمى لقطع الطريق وهذه نظرة قاصرة للمتلقي، وإما اعتراف منه بأنّ عرضه فاقد للبوصلة تمت صناعته على عجل بلا اشتغال حقيقي على المفردات الفنية والإخراجية المطلوبة فأخذ بشرحه يرقّع الثقوب الكثيرة التي تركها عرضه وهذه مشكلة أيضا.
عرض "ثورة" تم كتابته انطلاقا من نصوص لكاتب ياسين كما قال صنّاع العرض لكن دون تحديد للعناوين في ذاتها، ويظهر نوع من الاشتغال على بعض شخصيات رواية نجمة كمثال، وفيه نجد شخصيات كبلوت، نجمة، إنه عرض يتحدث عن "ثورة" بلا تعريف، عن فعل التثوير كاحتجاج مادي ومعنوي ضد أشكال الاغتصاب والمنع، اغتصاب الأرض ومنع أصحابها عنها، وهو عرض سليم النية، إن كانت كتابة وإخراج شباب لعرض عن الثورة في إطار ستينية الاستقلال وبطلب مباشر من وزارة الثقافة لمسارحها الجهورية يمكن وصفه بالنية السليمة حيث يتحول الفنان إلى مجرد حرفي أجير عند صاحب رأس المال، وهو إن كان يتخذ هذه التسمية عنوانا له لكنه لم يقل لنا الثورة كفعل بل قالها ككلام، إذ وقع العرض في نبرة خطابية عالية ولغة مباشرة وحديّة، كثيرة الجعجعة، صحيح أنّ السينوغرافيا وأداء بعض الممثلين حاولت التخفيف من الثغرات الكبيرة في النص لكنها لم تستطع المشاركة في صناعة عرض قابل للمشاهدة وصناعة الفرجة، قدّم المخرج عرضا هزيلا تملأه الفجوات الفنية يحتاج الكثير من الاشتغال وإعادة النظر حتى يستطيع عرضه على الجمهور والمنافسة به في مهرجان المسرح المحترف.
انعكس هزال العرض على ردود المخرج في الندوة النقاشية فقد انتفض ضد أحد النقاد من أساتذة الجامعة من شرق البلاد الذين وجدوا في العرض مجموعة النقائص والهفوات التي وجدها الكثير من الجمهور، وبدل الرد الهادئ عليه راح يردد أنه تعب في إنجاز هذا العرض وأنه مثّل كثيرا وكتب وأخرج وقدم أعمالا في المسرح والتلفيزيون والسينما. ذهب المخرج إلى الحيلة التي يلجأ إليه كل ضعيف: الهجوم بدل الاعتراف بكل تواضع أنّ رأي الجمهور مقدّس وسيأخذه بعين النظر في تحسين عرضه هذا أو عروضه القادمة. واستمرّت الجعجعة التي كانت في العرض إلى جعجعة في الندوة النقاشية عندما ردّ على سؤال يرفض فيه صاحبه مشاركة العرض في مهرجان الهيئة العربية للمسرح على اعتبار أنّ بلد الشهداء يجب ألا تشارك بلدا مطبعا مع الإسرائيليين مثل الإمارات بعرض يحمل معاني الثورة كقيمة مقدسة عند شعبها، فقد ردّ بشوفينية تنضح بالكذب أنه لو دعي إلى أبو ظبي لما شارك ولكنه سيشارك بعرضه في بغداد وأنه لا تهمه الجوائز الإماراتية ولا المال الإماراتي ولا يدري أحد كيف للعرض نفسه الذي تمّ إنجازه تحت الطلب وشارك في المهرجان تبعا لذلك وسيشارك في مهرجان الهيئة العربية للمسرح تبعا لذلك أيضا أن يقول مخرجه أنه غير مهتم بالمال والجوائز؟
في عرض "ثورة" شاهدنا عبثا على الخشبة ثم عبثا آخر في الندوة النقاشية، وكلاهما من بطولة شخص واحد هو عبد القادر جريو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي