الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين مصطلح التطبيع والشرعنة

محمد سخاوت حسين البشري

2023 / 12 / 31
الادب والفن


بين مصطلح التطبيع والشرعنة

أخيراً ظهر على السطح الكتابي العالمي مصطلح "التطبيع"( Normalization)، وتم تداله بكثرة خلال الاشهر الفائتة، و هو مشتق من الكلمة الإنجليزية) (Normal ومعناه: العادي ، المعتاد أو المتعارف عليه، وفي مختار الصحاح "الطبع هو السجية جبل عليها الانسان"، ولا توجد مادة تطبيع في المعاجم العربية لانّها محدثة كلياً، وتلّقت رواجاً كبيراً بعد إتفاقيات كامب ديفيد خاصةً ؛ فالمعنى الحالي والشائع لهذه الكلمة العربية اُخذت من لفظة إنجليزية ( (Normal،"عودة الأشياء إلى سابق عهدها.
إن لفظ "التطبيع " تفعيل من "الطبع " أو تقول: "الطبيعة"؛ و"الطبيعة " هي "الجبلة"، اي الفطرة التي فطر الله عليها وهو الُخلق الذي يتصف به الانسان من حين أول الخلقة، بينما الارتباط بالكبان الاسرائيلى الصهيوني العنصري يتعلق بالاساس، هو إضفاء المشروعية على كيان محتل وغير مشروع، فأحسن اسم للاطلاق عليه هو "الشرعنة" ( أو تقول التشريع)؛ وهو اسم ملائم للكيان الصهيوني، فقد تمنح الشرعية لما ليس بطبيعي، على غرار أن الطبيعية توجد فيما ليس بشرعي، لأن الشرع عبارة عن" وضع "منشوه الأمر التكليفي، في حين أن الطبيعة عبارة عن "خلقه" منشووها الأمر التكويني.
وهناك سبب آخر يدل على بطلان استخدام لفظ" التطبيع" حيث هو يقوم على افتراض مسبق،ومعناه هو أن الارتباط بالكيان الصهيوني كان طبيعياً قبل الآن؛لكنه لم يبق كذلك ، فيجب رده إلى سابق عهده الطبيعي؛والحال ان الافتراض المسبق هناك باطل ؛ وإذا بطل هذا الافتراض ، صار التطبيع في حكم مالا معنى له من الاساس.
وكل واحد منا يعرف أن الدول العربية التي ترى اليوم مستقبلاً زاهراً في إقامة علاقات دبلوماسية تجارية أمنية مع إسرائيل لم تكن لها أية علاقة طبيعية مسبقة معها.
والتطبيع لا يجوز اطلاقه على الارتباط بالكيان الصهيوني إلا في معنى يضاد المراد منه؛ وصيغة "التفعيل"في اللسان العربي تعطينا مساحةً له، إذ أنها من صيغ الأضداد؛ فمثلاً، لفظ "التمريض" فإذا قيل:" مرّض فلاناً"،فقد يراد أنه "صّيره مريضاً"،وقد يراد ضد هذا المعنى أيضاً ، أي "أزال عنه مرضه"؛وهنا يجوز لنا أن نستخدم " التطبيع" بعد إزالة الوصف الطبيعي عن الارتباط بالكيان الإسرائيلي، حتى ولو اقيمت العلاقات في السر أو العلن؛ فيصير قولنا:" الدول العربية المطّبعة مرادفاً لقولنا: "الدول العربية التي ارتبطت بالكيان الاسرائيلي بعلاقات غير طبيعية".
ان استعمال مصطلح "الشرعنة" في ضوء سياق تفاقم العلاقات العربية-الإسرائيلية المعاصرة ؛ أحسن وأندب بكثير من التدخل الصارخ في استخدام مصطلح " التطبيع" الذي يمثل القيم والفطرة التي فطر الله عليها الانسان والجبلة، يا ليتنا نفهم!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب