الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراعات اليوم تدمير حضاري واستكبار محلي

غالب المسعودي
(Galb Masudi)

2024 / 1 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يمكن أن تكون للحضارة معانٍ متعددة، تعتمد على السياق الذي يتم فيه استخدام المصطلح. على العموم، يمكن أن تشير الحضارة إلى مجموعة من القيم والمعتقدات والممارسات التي تميز مجتمعًا معينًا عن آخر. وعادةً ما تتضمن الحضارة تطورًا في الفن والعلوم والأدب، والأخلاق والتنظيم الاجتماعي والتكنولوجيا. من الناحية الأخرى، يمكن أن يتمحور تطور الحضارة على الصراع حول الموارد المادية والاقتصادية. فالموارد مثل النفط والغاز والمياه والأراضي قد تكون مصدرًا للصراعات بين الدول والمجموعات المختلفة. يمكن أن يكون الصراع على الموارد مرتبطًا بالاستغلال الاقتصادي والسيطرة على الثروات الطبيعية والتجارة والنفوذ الجيوسياسي.
ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن الصراعات العالمية لا يمكن تفسيرها بشكل كامل من خلال مفهوم واحد. فالصراعات العالمية تعكس تفاعلًا معقدًا للعديد من العوامل المترابطة، بما في ذلك الثقافة والدين والاقتصاد والسياسة والتاريخ والقوة العسكرية والعديد من العوامل الأخرى. قد يكون هناك تداخل بين الصراعات المرتبطة بالموارد، والصراعات المرتبطة بالحضارات في بعض الحالات، حيث يتداخل الاختلاف الثقافي والديني مع المصالح الاقتصادية والسياسية. صراع اليوم هو ليس صراع حضارات، بل صراع مصالح وسياسات وهما مفهومان مختلفان يستخدمان لوصف طبيعة الصراعات والتوترات في العالم اليوم. صراع الحضارات، هذا المصطلح يشير إلى الفكرة التي طرحها العالم السياسي والمؤرخ الأمريكي صمويل هنتنغتون في كتابه "صراع الحضارات" عام 1996. ووفقًا لهنتنغتون، يكمن الصراع الرئيسي في العالم الحديث بين الحضارات المختلفة، وليس بين الدول أو الأنظمة السياسية. يعتقد هنتنغتون أن الصراعات العالمية في المستقبل ستكون بين الحضارات الغربية والإسلامية والصينية، والهندوسية، والروسية، وغيرها. ويبرز هذا المفهوم الاختلافات الثقافية والدينية والتاريخية بين الحضارات كأساس للتوترات والصراعات.
صراع المصالح، يشير هذا المصطلح إلى الصراعات والتوترات التي تنشأ بين الدول والمجموعات المختلفة بسبب المصالح الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية. يعتبر البعض أن الصراعات العالمية تتمحور حول المنافع والموارد، مثل النفط والغاز والمياه والأراضي والتجارة والنفوذ الجيوسياسي. وفي هذا السياق، تتنافس الدول والمجموعات المختلفة لتحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية، وقد يؤدي ذلك إلى التوترات والصراعات المسلحة
بشكل عام، يمكن أن يكون هناك تداخل بين صراع الحضارات وصراع المصالح في أكثر الحالات. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يستخدم الاختلاف الثقافي والديني بين الحضارات كغطاء في تصاعد التوترات والصراعات التي مصدرها المصالح الاقتصادية والسياسية. ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن الصراعات العالمية لا يمكن تفسيرها فقط من خلال أي من هذين المفهومين، بل تعتمد على عوامل متعددة مثل الاقتصاد والسياسة وتاريخ العبودية والاغتصاب والقوة العسكرية والعديد من العوامل الأخرى.
الواقعية في النظام الدولي الجديد، تسعى الدول للحفاظ على قوتها الوطنية ومصالحها الاستراتيجية. وتعتبر المصالح الأمنية والسياسية والاقتصادية الوطنية هي العوامل الرئيسية التي تحكم سلوك الدول. وبالتالي، تركز الصراع على السلطة والمصالح الذاتية بين الدول.
هناك العديد من الفلسفات التي تتناول أسباب الصراعات، الفلسفة الماركسية تركز على الصراع الاقتصادي والاجتماعي بين الطبقات الاجتماعية وتحليل النظام الرأسمالي والاستغلال الاقتصادي. وتعتبر الفلسفة الماركسية أن الصراع الطبقي هو القوة الدافعة وراء التاريخ والتطور الاجتماعي، وبالتالي انها تفسر ولا تثبت لان التطور الاجتماعي مازال مفقودا.
من جهة أخرى، النظريات الاقتصادية الأخرى مثل الاقتصاد الكلاسيكي والاقتصاد النيو كلاسيكي والاقتصاد السلوكي يمكن أن تقدم تفسيرات مختلفة للصراعات الاقتصادية وتوزيع الموارد والثروة.
بالطبع، هناك العديد من النظريات والمدارس الفلسفية والاقتصادية الأخرى التي يمكن استخدامها لتفسير الصراعات الدولية. يعتمد الاختيار على السياق والمشكلة المحددة التي يتم دراستها وتحليلها. وغالبًا ما يتم استخدام مجموعة متنوعة من النظريات والمدارس لفهم الصراعات الدولية بشكل أكثر شمولًا ودقة تركز الليبرالية على القيم والمبادئ الليبرالية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد والتعاون الدولي. وتعتبر الليبرالية أن الدول يمكنها التعاون والتفاعل بشكل سلمي والعمل معًا لتحقيق المصالح المشتركة. وترى الليبرالية أن الصراعات الدولية يمكن تجاوزها من خلال الحوار والتفاوض وتعزيز التكامل الاقتصادي والتعاون الدولي.
البنائية، وتعتبر البنائية أن الهوية والثقافة والمفاهيم المشتركة تلعب دورًا مهمًا في تشكيل العلاقات الدولية. وتركز البنائية على قوة الأفكار والتفاعلات الاجتماعية والثقافية في تشكيل الصراعات والتعاون بين الدول، بالطبع، هناك العديد من النظريات والمدارس الفلسفية والاقتصادية الأخرى التي يمكن استخدامها لتفسير الصراعات الدولية. يعتمد الاختيار على السياق والمشكلة المحددة التي يتم دراستها وتحليلها. وغالبًا ما يتم استخدام مجموعة متنوعة من النظريات والمدارس لفهم الصراعات الدولية بشكل أكثر شمولًا ودقة
والتطبيق الفعلي للأفكار والمفاهيم. تعتبر البراغماتية أن القيمة والصحة للأفكار والنظريات تقاس بقدرتها على تحقيق النتائج الملموسة وتحسين الواقع العملي
بالنسبة لتفسير صراعات اليوم، يمكن أن تكون البراغماتية ذات أهمية كبيرة. فهي تركز على العمل العملي والتطبيق الفعلي للنظريات والمفاهيم لفهم الصراعات وإيجاد حلول لها. بدلاً من التأكيد على النظريات الفلسفية العامة، يمكن أن تركز البراغماتية على الواقعية العملية والتحليل الملموس للمشكلات والتحديات التي تواجهها الدول والمجتمعات، تتيح البراغماتية التركيز على النتائج والعمل العملي، وبالتالي يمكن استخدامها لتحليل الصراعات اليوم وتقديم حلول عملية وملموسة. يمكن أن تساعد في تحديد الأهداف والاستراتيجيات العملية للتعامل مع الصراعات وتحقيق النتائج المرجوة ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن البراغماتية ليست النظرية الوحيدة المستخدمة في تفسير الصراعات اليوم. هناك العديد من النظريات والمدارس الفلسفية والنهج التحليلية الأخرى التي يمكن استخدامها لفهم الصراعات الدولية بشكل شامل ومتعدد الأبعاد
الصراعات اليوم تتسبب في الدمار والتردي والمجاعة والتهجير الداخلي والخارجي، وهذه التداعيات السلبية تعكس حالة الصراع والعنف والانعدام الأمني الذي يشهده العالم في بعض الأحيان. ومن الممكن أن يؤدي هذا الوضع إلى نشوء حالة من الهيمنة الفكرية أو الثقافية لتوجهات مثل التي سادت قبيل الحرب العالمية الأولى والثانية والتي قسمت العالم الى كونين متناحرين،
عندما يكون هناك صراعات مستمرة ومتواصلة وتؤدي إلى تدمير وخراب، فإنها يمكن أن تؤثر على النظرة العامة للناس وتشكل تصورًا سلبيًا عن العالم والحياة. قد ينشأ شعور باليأس والعجز والاحتقان، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى ترسيخ أفكار وقيم سلبية أو حتى تمجيد العنف والتطرف.
ومع ذلك، يجب أن نفهم أن هذه الهيمنة الفكرية أو الثقافية ليست ثابتة أو غير قابلة للتغيير. الأفكار والقيم يمكن أن تتغير وتتطور مع مرور الزمن وتغير الظروف والتحولات الاجتماعية والثقافية. قد ينشأ تحرك واستجابة من قبل الأفراد والمجتمعات المتضررة لمواجهة هذه الحالة السلبية والسعي للتغيير وإحداث تحول إيجابي. تشكل الصراعات الدينية في بلداننا، غالبًا ما تكون نتيجة لتفسيرات مختلفة للتعاليم الدينية أو للصراعات السياسية والاجتماعية التي يتم استغلالها باسم الدين. وعلاوة على ذلك، يجب أن نلاحظ أن الدين يمكن أيضًا أن يكون مصدرًا للسلام والتعايش السلمي بين الأديان المختلفة. للتغلب على الصراعات التي تلبسها عناصر دينية، يتطلب العمل على تعزيز الحوار والتفاهم المتبادل بين الأديان المختلفة، وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة والعدالة والمساواة. يجب أن يكون هناك جهود مشتركة للتعايش السلمي والتفاهم الديني والثقافي للحد من الصراعات والعنف. وتحقيق السلام والاستقرار في المجتمعات المتأثرة نتيجة طبيعية للاستغلال. بشكل عام، يجب أن ننظر إلى العنف في الصراعات كنتيجة لتفاعلات متعددة لعدة عوامل، ولا يمكن تقليصها إلى عامل واحد فقط. يتطلب فهم جذور العنف في الصراعات تحليلًا شاملاً للعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية المتداخلة والبحث عن الجذور الأساسية للصراع المتمثلة بالاستغلال والاستعلاء الامبريالي والاستكبار المحلي لحكومات ينخرها الفساد والذي يلجا الى اختصار الأسباب ورميها في ساحة الشعب المستلب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك