الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء في الليل مع فاوست، محمد عبد الكريم يوسف

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2024 / 1 / 3
كتابات ساخرة


لقاء في الليل مع فاوست


كان لقائي ليلا مع فاوست لقاء استثنائيا ترك بصمة لا تمحى في ذاكرتي. كانت ليلة مقمرة، ونسيم خفيف يهمس عبر الأشجار، كما لو كان يشير إلى الأحداث الغامضة التي ستتكشف. مفتونا بالشائعات المحيطة بفاوست، وهو عالم منعزل معروف بطبيعته الغامضة، قررت المغامرة في أعماق الغابة التي كان يقيم فيها.

عندما اقتربت من منزل فاوست، اجتاحني إحساس بالبرد، ويرجع ذلك جزئيا إلى الصمت المخيف الذي كان يلف المناطق المحيطة. كان المنزل القديم المتهدم شامخا، ويلقي بظلاله المهيبة التي امتدت عبر المسار المضاء بنور القمر. بخطوات مترددة، اقتربت من الباب الأمامي، وقلبي ينبض بالترقب والقلق.

في اللحظة التي دخلت فيها المنزل، لفت انتباهي عدد كبير من القطع الأثرية الغريبة و الكتب المكدسة عاليا على كل سطح، والقوارير المتربة المليئة بمواد غير معروفة، والرموز الغريبة المحفورة على الجدران، كلها ساهمت في خلق الهالة الغامضة التي سادت الجو في المنزل. كان الأمر كما لو أنني دخلت عالما معلقا بين الواقع وما هو خارق للطبيعة.

وأخيرا، كسر الصمت الكثيف صوت بدا وكأنه يأتي من العدم، ولكن تردد صداه في جميع أنحاء الغرفة. "مرحبا يا محمد، أيها الباحث عن المعرفة،" جاء صوت فاوست، وتردد صدى صوته العميق في كياني. أرسل صوته قشعريرة في عمودي الفقري، مزيج من الرهبة والخوف لم أشعر به من قبل.

عندما خرج فاوست من الظل، كان مظهره غامضا كما أشارت الشائعات. يبدو أن عينيه الثاقبتين تحملان في محجريها قرونا من الحكمة والمعرفة الغامضة، بينما يحمل وجهه المتضرر ثقل حياة مكرسة للبحث عن الحقيقة وراء أسرار الكون. كان من الواضح أنه لم يكن مجرد بشر، بل رجل متأثر بقوى تتجاوز الفهم البشري.

وبينما كنا نجلس متقابلين، بدأ فاوست في كشف الأسرار التي اكتشفها خلال رحلته الطويلة في الاستكشاف والتنوير. وتحدث عن النصوص المحرمة، والحضارات المفقودة، والطقوس القديمة التي وعدت بقوة وحكمة لا يمكن تصورها. لقد رسمت كلماته صورة لعالم مختبئ تحت سطح عالمنا، حيث تتلاشى حدود الواقع والأسطورة.

تمسكت بكل كلمة، منبهرا و حذرا من المعرفة التي نقلها فاوست. لقد كان الأمر مسكرا نتيجةجاذبية المعرفة المحرمة، لكنني لم أستطع منع نفسي من التساؤل عن الثمن الذي يجب على المرء أن يدفعه مقابل هذا التنوير. كان هناك ظلام بدا وكأنه يحيط بكلمات فاوست على رؤوس أصابعه، ظلام اعتنقه عن طيب خاطر في سعيه للفهم.

مع اقتراب الليل من نهايته، ترددت كلمات فاوست الأخيرة في ذهني. "اختر طريقك بحكمة يا محمد، أيها الباحث الشاب،" و احترس، وكان صوته مزيجا قويا من الحذر والإغراء. "إن طريق المعرفة محفوف بالمخاطر، والقرارات التي تتخذها ستحدد مصيرك إلى الأبد."

بعد مغادرة مسكن فاوست، امتلأ ذهني بزوبعة من الأفكار والعواطف. لقد فتح اللقاء عيني على الإمكانيات والمخاطر اللامحدودة للسعي وراء المعرفة. لقد علمتني أن هناك توازنا دقيقا بين الفضول والحذر، بين البحث عن إجابات والحفاظ على إنسانيتنا.

في النهاية، كان لقائي مع فاوست قد غير نظرتي للعالم إلى الأبد. لقد أشعلت شرارة بداخلي، عطشا لا هوادة فيه للمعرفة، ولكن أيضا فهما للمسؤولية التي تأتي معها. لقد كشف فاوست عن أعماق الفضول البشري، وعندما غامرت بالعودة إلى الليل المقمر، شرعت في رحلتي الاستكشافية التي استمرت مدى الحياة، وحملت إلى الأبد بصمة ذلك اللقاء الاستثنائي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي


.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????




.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ