الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرارالحكم بإعدام صدام وردود الأفعال

جاسم هداد

2006 / 11 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


شغلت محاكمة الطاغية صدام الرأي العام العربي والعالمي، حيث كان اول حاكم عربي دكتاتور يقف في قفص الأتهام، وكما هو معروف فأن المحاكمة كانت علنية وتم نقلها عبر الفضائيات، وبعد اسدال الستارة على محاكمة الطاغية صدام في اول قضية والتي سميت ( قضية الدجيل) والتي راح ضحيتها ( 148) شهيدا، اضافة لتهجير وحجز العوائل اطفالا ونساءا وشيوخا في صحراء السماوة، في بيوت تم تشييدها في عام 1974م كقرى للبدو الرحل، وتم اعطاؤها مقاولة الى المقاول "خميس شعبان "والذي كان شريكا مع وطبان شقيق صدام وبأسعار خيالية ( يمكن مراجعة اسعار المقاولة في سجلات الأدارة المحلية لمحافظة المثنى ومقارنتها بالأسعار السائدة وقتذاك )، واود سرد حادثة تتعلق بهذه المقاولة حيث تم الطلب من شعبة الهندسة في الأدارة المحلية اعادة تسعير تندر المقاولة وفق ما يريده وطبان والذي كان موجودا في مدينة السماوة في ضيافة عيادة الصديد محافظ المثنى في تلك الفترة " ان لم تخني الذاكرة " وعندما انتهى الدوام الرسمي وتندر المقاولة لم ينجز بعد، قام المحافظ بتوقيف رئيس مهندسي الأدارة المحلية المهندس احمد فزاع ورئيس الملاحظين وكاتب الطابعة " لم اتذكر اسميهما" ، وكان المشروع بالأساس فاشلا بسبب عدم توفر ما يساعد البدو الرحل على الأقامة فيها من آبار للمياه ومناطق للرعي، ولقد تم نشر تقرير عن ذلك في جريدة طريق الشعب العلنية الصادرة آنذاك اثار ضجة وغضب السلطات الأدارية والأمنية في محافظة المثنى حينها، وبعد انجازها لم يسكنها البدو الرحل وظلت خالية وتحولت الى خرائب، ويبدو ان نظام البعث الفاشي حولها الى معتقلات لضحاياه كما تبين من محاكمة الدجيل .

بعد صدور قرار الحكم بإعدام الطاغية تنوعت واختلفت الآراء بخصوصها، فالغالبية الساحقة من ابناء الشعب العراقي استقبلوا انزال العقاب بالطاغية بإرتياح عميق واعتبروه انصاف للشهداء والضحايا، ومناصري الحق والعدل رحبوا به واعتبروه " الحكم العادل الذي يستحقه الجلاد جزاء ما اقترفه من مذابح وجرائم ابادة بحق مئات آلاف العراقيين "، اما المستفيدون من نظام العفالقة والذين تضررت مصالحهم بزواله استنكروا حكم القضاء العادل وخرجوا بمظاهرات يتيمة .

الدول المتضررة من حروب صدام " الكويت وإيران" رحبت بقرار الحكم " لنوازع ذاتية وليس حبا بالعراق والعراقيين "، لكن اغلب الحكام العرب لم يرتاحوا لأنهم ايضا معنيين بذلك فهم يخشون المصير نفسه، ولاذ بالصمت اغلبهم واعتبر البعض قرار الحكم " شأن عراقي داخلي "، وعبر عن لسان حالهم رئيس جمهورية مصر بأن اعدام صدام قد يؤدي الى " تفجير العنف في العراق "، وكان لمنظمة حماس الفلسطينية موقفا اكثر وضوحا، فكما اعتبرت المجرم الأرهابي الزرقاوي شهيدا، فأعتبر المتحدث الرسمي بأسمها ان ذلك لكون " الرئيس السابق صدام حسين له دور داعم لشعبنا الفلسطيني ويبدو ان كل من يدعم شعبنا يحارب " ، والدعم المقصود هنا هو ملايين الدولارات التي يدفعها الطاغية صدام من اموال الشعب العراقي لأنتحاري حماس ولقادتها .

اما فريق الدفاع عن الطاغية وزمرته وكما هو متوقع طعن بشرعية المحكمة ، فالمحامي بديع عارف عزت ظل يدير نفس الأسطوانة من ان المحكمة غير شرعية لأن رئيس الجمهورية جلال الطالباني لم يوقع على قانون تأسيسها، بل وقع نيابة عنه نائب رئيس الجمهورية عادل عبدالمهدي دون وجود تفويض منه، وهو يدير اسطوانته هذه في كل محفل سواء كان فضائية او صحيفة او قاعة محكمة، والمحامي القطري يدعي ان المحكمة لم تثبت بالأدلة قيام صدام حسين بأرتكاب جرائم ضد الأنسانية، وكأنه يريد القول ان سبب وفاة هذه الآلاف من العراقيين بسبب انتحارهم الجماعي، وبناء لرغبتهم تم دفنهم في هذه المقابر الجماعية، والمحامي خليل الدليمي وصف الحكم بأنه جائر ومستعجل ولا سند قانوني له، متغابيا عن ان قانون اصول المحاكمات الجزائية المرقم 23 لسنة 1971، وقانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969، وقانون العقوبات المرقم 111 لسنة 1969، جميع هذه القوانين صادرة في عهد الطاغية وبموجبها تمت محاكمته، والمحامية اللبنانية بشرى الخليل تعتبر ان جلسة النطق بالحكم غير قانونية، وتبريرها اقبح من نطقها، لأن جلسة النطق بالحكم كانت في يوم الأحد والمحكمة لم تعتد عقد جلساتها في هذا اليوم، وهب لنجدتهم نقيب محامي الموصل فوصف محاكمة الدجيل بأنها غير عادلة، حيث ان الدفاع لم يكن حرا والقضاء ليس مستقلا كما يزعم، ناسيا ان الملايين شاهدوا المحاكمة ورأوا وسمعوا كيف ان محامي الدفاع كان يصر على مناداة الطاغية بـ " السيد الرئيس " رغم انه متهم وقابع في قفص الأتهام، وهل كان القضاء مستقلا في عهد الطاغية؟ أم الدفاع كان حرا؟ .

واتفق مع رأيهم بعض القانونيين العرب فالمستشار الدكتور حسن عمر الخبير في القانون الدولي يرى ان احكام محكمة الثورة حازت على قوة الشئ المقضي به ولا يجوز اعادة النظر في هذا الحكم ولا يجوز محاكمة المحكمة التي حكمت به، وهل كانت محكمة الثورة التي اصدرت حكمها بإعدام " 148" شهيدا خلال اسبوع واحد، شرعية وقانونية يا سيادة المستشار ؟
اما الدكتورة عائشة راتب استاذ القانون الدولي في جامعة القاهرة فتدعو الى التحفظ على صدام الى رحيل قوات الأحتلال ثم يقدم امام محكمة عادلة .

ونود التذكير لأساتذة القانون الدولي انه بعد هزيمة النازية في الحرب العالمية الثانية ، تم محاكمة زعمائها امام محكمة " نوربرغ" عام 1945 ، وهي محكمة عسكرية من ضباط دول التحالف المنتصر على النازية ، ولم تضم أي حاكم الماني ، وكذلك تم محاكمة اقطاب الحكم العسكري الياباني من قبل محكمة عسكرية امريكية .

والمحكمة الجنائية العراقية العليا محكمة عراقية مدنية، تحكم وفق القوانين العراقية وراعت في قضية الدجيل تطبيق الأصول القانونية والقضائية، كما شهد بذلك الخبير القانوني ورئيس جمعية الثقافة القانونية طارق حرب.

وزيرة الخارجية الأمريكية رحبت بالحكم وافادت انه يعني ان " سلطة القانون يمكن ان تسود على سلطة الخوف "، ورحبت كذلك وزيرة الخارجية البريطانية بتطبيق " العدالة على صدام حسين وغيره من المتهمين "، اما دول الأتحاد الأوربي رغم انها مع معاقبة صدام ولكنها ضد حكم الأعدام، وطالبت رئاسة الأتحاد الأوربي " فنلندا" بعدم تنفيذ حكم الأعدام، وكذلك استنكرت حكم الأعدام وطالبت بعدم تنفيذه، وكذلك منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الأنسان ومنظمة العفو الدولية، ومع التقدير لوجهة النظر هذه، فأن عراق الحضارات بعد أنجلاء الظلام الذي يلفه الآن وزوال تركة ومخلفات نظام العفالقة سيكون من المطالبين برفع عقوبة الأعدام .

اما الطاغية صدام فقد استقبل قرار الحكم وكعادته بهتافات وشعاراته الديماغوغية ولكن بصوت مرتبك ومرتجف ، ونقلا عن محاميه خليل الدليمي ان صدام افاد بأن " تنفيذ حكم الأعدام بحقه سيجعل من إيران الرابح الأكبر وسيضع المصالح الأمريكية في مهب الريح " ، وهي رسالة واضحة لأسياده السابقين بأنه على اتم ألأستعداد لخدمة مصالحهم وتنفيذ مخططاتهم في المنطقة في حال العفو عنه واعادته للسلطة، غير عارف بأنه اصبح ورقة محروقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة أمريكية-سعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل؟| الأخبار


.. هل علقت واشنطن إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل وماذا يحدث -خلف




.. محمد عبد الواحد: نتنياهو يصر على المقاربات العسكرية.. ولكن ل


.. ما هي رمزية وصول الشعلة الأولمبية للأراضي الفرنسية عبر بوابة




.. إدارة بايدن تعلق إرسال شحنة أسلحة لتل أبيب والجيش الإسرائيلي