الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجار بغداد يعانون الركود .. ما العمل ؟

محمد رضا عباس

2024 / 1 / 1
الادارة و الاقتصاد


ظهر تقرير من على " القناة السومرية" العراقية قبل أيام مفاده بان أسواق بغداد , وخاصة قطاع الجملة يعاني الركود . الصور الملحقة بالتقرير كانت تؤكد ان الأسواق فارغة من المتبضعين . الوكالة الإخبارية عزت الركود الى التحضيرات للانتخابات المحلية و الخوف من اندلاع اضطرابات امنية , والتذبذب في سعر صرف الدينار العراقي.
لم تقع خروقات امنية كما توقع الحاسدون , حيث سارت الانتخابات بكل يسر وسلاسة بفضل التحضيرات الأمنية .
و قد نفهم ان الاضطرابات السياسية والأمنية قد تؤثر سلبا على السوق , الا انه لا توجد علاقة بين تذبذب قيمة الدينار العراقي بوجه الدولار الأمريكي والركود الاقتصادي في العراق.
نعم هناك علاقة بين قيمة الدولار في الأسواق العالمية والركود الاقتصادي في الولايات المتحدة الامريكية لان حجم الصادرات والاستيرادات لهذا البلد تعادل 7 ترليون دولار او ما يقارب 27% من اجمالي الإنتاج المحلي عام 2022 . وعليه فان ارتفاع سعر الدولار في الأسواق العالمية يؤثر سلبا على الصادرات الامريكية , وسلبا على قطاع التصدير , وسلبا على الايدي العاملة التي تعمل في هذا القطاع , وفي الأخير يؤثر على النمو الاقتصادي للبلاد, وربما يقود الى الركود الاقتصادي .
في العراق , القصة مختلفة تماما. 95% من التجار يتعاملون مع البنك المركزي العراقي عندما يحتاجون الى الدولار . أي ان التاجر العراقي يشتري الدولار من البنك المركزي و بالسعر الرسمي . البعض من التجار ربما يضطر الى شراء الدولار من السوق (الصيرفة) بسعر اعلى ( اعلى بحوالي 12 الف دينار) من البنك المركزي , ولكن هذا السعر يجب ان لا يشكل مشكلة . بكلام اخر الفرق بين السعر الرسمي للدولار و السوق يجب ان لا يشكل مشكلة كبيرة الى التجار , حيث نعلم ان هذا الفرق يضاف الى سعر السلعة وهي زيادة طفيفة , وفي الأخير يجب ان لا تكون سبب من ركود السوق , خاصة وان جميع التقارير الإحصائية تؤكد تراجع نسبة التضخم في العراق الى 6.6% . مرتفعا ولكنه ليس قاتلا .
اين اذن المشكلة او ما هو السبب الحقيقي لركود السوق العراقية هذه الأيام ؟
الجواب هو تذبذب سوق النفط . النفط يعد الرئة التي يتنفس بها الاقتصاد العراقي , انخفاض صادراته او سعره في السوق العالمية يؤدي الى انكماش موارد الدولة وقدرتها على الصرف , فيما ان ارتفاع حجم صادراته او اسعاره يؤدي الى ازدهار الميزانية العراقية و كذلك حجم الإنتاج الوطني.
على سبيل المثال ارتفاع صادرات النفط وارتفاع أسعاره في الأسواق العالمية جعل من النمو الاقتصادي في العراق (9.3%) الأعلى بين الدوال العربية والثاني في العالم عام 2022, ولكن انخفاض صادرات النفط وانخفاض اسعاره في عام 2023 أدى الى تراجع النمو الاقتصادي للعراق الى 3.7% .
اذن , من السهولة القول ان قطاع النفط دولة مستقلة او قطاع مستقل عن الاقتصاد العراقي , يرتفع انتاج النفط ويرتفع معه دخل العراق , ومع انخفاض انتاجه ينكمش الاقتصاد الوطني . قطاع النفط لحد كتابة هذه السطور لم يتكامل مع بقية القطاعات الاقتصادية الاخرى . أي ان قطاع الصناعة لا علاقة له بقطاع النفط , وكذلك الزراعة والخدمات.
وعليه فان صحة الاقتصاد الوطني تعود الى قرارات السلطتين النقدية والمالية في البلاد . قرار سلطة البنك المركزي بالتوسع في سياسة التيسير الائتماني ( اقراض المواطنين من اجل الاستثمار) بكل تأكيد يؤدي الى زيادة الطلب على السلع والخدمات و على العمل , والعكس هو الصحيح.
قرار الدولة بزيادة عدد مشاريعها ( السلطة المالية) بكل تأكيد تزيد على الطلب العام و تقلص عدد العاطلين عن العمل .
باختصار , بالوقت الذي يقوم القطاع النفطي برفد الميزانية العراقية بالموارد المالية , فان الاعتماد كل الاعتماد يجب ان ينصب على القطاعات الغير نفطية , لأنها هي المشاريع التي تحافظ على الاقتصاد الوطني من الانكماش حتى وان انكمشت أسعار النفط في السوق العالمية . تذكر , ان اعتماد دولة الامارات العربية على النفط هو 5% فقط , فيما يشكل قطاع السياحة 20% وعليه فان تراجع اسعار النفط في الأسواق العالمية سوف لن يشكل مشكلة على الاقتصاد الاماراتي لأنه بالأساس لا يعتمد على النفط.
ما الحل في العراق؟
على العراق ان يتصرف مثل ما تتصرف النظم الرأسمالية في أوقات التراجع الاقتصادي وهو اطلاق الدولة يدها على انشاء المشاريع الصغيرة والكبيرة , وهي كثيرة جدا . هذا هو الحل المناسب لخروج العراق من التراجع الاقتصادي او التباطء الاقتصادي. العراق ليس له نظام ضرائبي رصين ولا نظام مصرفي رصين بالإمكان استخدام الضرائب والفائدة كأدوات لإدارة الاقتصاد , وعليه لم يبقى له الا تدخل الدولة .
طبعا , انا ليس من مناصري نظام اقتصاد الدول الذي جربه العراق وفشل فشل ضريعا , وانما ادعوا الى اقامت مشاريع حكومية كبيرة ليس من اختصاص القطاع العام ( جسور وسدود وشوارع عامه ) مع ترك إدارة قطاع الصناعة والزراعة والخدمات الى القطاع الخاص . لان التجارب العالمية اكدت انها من وظيفة القطاع الخاص وليس القطاع العام , وخير دليل على ذلك ان اغلب المشاريع الصناعية في العراق كانت تعتمد في بقائها على الحياة عن طريق التخصيصات الحكومية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردوغان ونتنياهو .. صدام سياسي واقتصادي | #التاسعة


.. تركيا وإسرائيل.. مقاطعة اقتصادية أم أهداف سياسية؟




.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام


.. الجزائر في المرتبة الثالثة اقتصاديا بأفريقيا.. هل التصنيف يع




.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا