الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاضرات في البلاغة مح11 (من أبواب علم المعاني الإطناب).

مديح الصادق

2024 / 1 / 2
الادب والفن


الإطناب- من وجهة نظر البلاغيين- هو أداء المعنى بأكثر من عبارة، نحو: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا}، وهذه الزيادة إما أن تكون كلمة واحدة أو جملة، أو أكثر،
على أن تكون لتلك الزيادة فائدة، وإن لم يؤدّ فائدة فإنه ليس بإطناب؛ بل حشو أو تطويل.
دواعي الإطناب كثيرة، منها: تثبيت المعنى، وتوضيح المراد، والتوكيد، ودفع الإيهام، وإثارة الحمية.
.............................
أقسام الإطناب هي:
1- ذكر الخاص بعد العام، نحو:
تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}.}
فقد خصّ (الروح) أي جبريل مع أنه داخل في عموم الملائكة تكريماً وتشريفاً له.
{حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ}.
خصّ الصلاة الوسطى لأهميتها.
........................
2- ذكر العام بعد الخاص؛ لإفادة العموم مع العناية بشأن الخاص، نحو:
{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ}.
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}.
........................
3- الاعتراض، نحو:
(تخرَّجتْ ابنتي- والحمدُ للهِ- من الجامعةِ).
{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}.
قال النابغة الجعْدي يهجو: "لَو أنّ الباخلينَ- وأنتِ منهمْ- رَأوكِ تعلَّموا منكِ المِطالاَ".
قال عوف بن محلم الشيباني: "إنَّ الثمانينَ- وبُلغتُها- قد أحوجتْ سمعي إلى ترجمانِ".
........................
4- الرغبة في إطالة الحديث مع المحبوب، نحو:
{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى؟ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}.
بسط سيدنا موسى الكلام تلذُّذاً بالحديث مع ربّه؛ مع أنه كان يكفيه أن يقول: {هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عليها}.
......................
5- التعليل، نحو: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.
(طالَ صبري عليكِ، وغفرتُ لكِ هفواتِكِ؛ لأنِّي صادقاً أُحبُّكِ).
.......................
6- التوشيع، وهو أن يؤتى في آخر الكلام بمثنّى مفسَّر بمفردَين؛ لزيادة التوضيح، نحو: من وصية الإمام علي ع لمالك الأشتر: "... فإنّهُم صنفانِ: إمّا أخٌ لكَ في الدينِ، أو نظيرٌ لكَ في الخلق".
.......................
الترادف: (كنْ صريحاً ومَن تُحبُّ، ولا تكنْ مُبهماً غامضاً).
الإبهام والغموض كلاهما بمعنى واحد؛ لكن الغرض البلاغي التوكيد.
.......................
8- التكرار، نحو: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}.
{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}.
قال مروان بن أبي حفصة:
"سَقى اللهُ نَجْداً والسَّلامُ على نَجْدٍ... ويا حبَّذا نَجْدٌ على القُربِ والبُعدِ".
.......................
9- التذييل: يأتي بعد تمام المعنى في كلام غالباً أشبه بالحكمة، نحو:
{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُون}.َ
في الآية إطناب بالتذييل في: {أفإن متَّ فهُم الخالدونَ} وهذا تذييل لم يجرِ مجرى المثل،
والثاني في: {كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموتِ} وهو جارٍ مَجْرَى المثل.
في قول أبي الطيب المتنبي ما جرى مجرى المثل من إطناب التذييل:
"إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَرَمٌ... وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ
أو تَحْفظُون عهُودًا لا أُضَيِّعُها... إنَّ الكـرامَ بِحفـظِ العَهْدِ تُمْتَحنُ".
........................
10- الإيضاح بعد الإيهام؛ لتقرير المعنى في ذهن السامع بذكره مرتين، مرة على سبيل الإيهام والإجمال، ومرة على سبيل التفصيل والإيضاح، نحو:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}.
الإيضاح في: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}.
................
11- التفصيل بعد الإجمال، نحو: (درَّستُ علومَ البلاغةِ؛ علمَ المعاني، وعلمَ والبيانِ، وعلمَ البديعِ).
.................
12- الاحتراس، ويقال له: التكميل، فالاحتراس يوجد حيثما يأتي المتكلم بمعنى يمكن أن يدخل عليه فيه لوم، فيفطن لذلك، ويأتي بما يخلصه، سواء أوقع الاحتراس في وسط الكلام، كقول طرفة بن العبد: "فَسَقى دِيارَكَ غَيرَ مُفْسِدِها... صوبُ الرَّبيعِ وديمَةٌ تَهْمي".
فقوله (غير مفسدها) للاحتراس.
أو وقع الاحتراس في آخره، نحو: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ}؛ أي: مع حبّ الطعام، واشتهائهم له، وذلك أبلغ في الكرم، فلفظ (علَى حُبِّه) فضلة للاحتراس ولزيادة التحسين في المعنى.
...................
يُستحسن الإطناب في الصلح، والمدح، والثناء، والذم، والهجاء، والوعظ، والإرشاد، والخطابة في أمر من الأمور العامة، والتهنئة، ومنشورات الحكومة إلى الأمة، وكتب التابعين لقادتهم.
..................
عسى أن نكون قد وفقنا في عرض المادة بأيسر الطرق.
نلتقي وإياكم في المحاضرة 12 القادمة (من أبواب علم المعاني، المساواة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا