الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السَّعادةُ الأَبدِيَّة(10 و 11)

عبد الله خطوري

2024 / 1 / 2
الادب والفن


المشهد العاشر ...

كانت القوارير تأتينا من مدينة قريبة .. نعب منها ليلة كل سبت حتى تحمر أجوافنا .. ننام لَمَّا يقبل الصباح ولا نستيقظ إلا في الليلة الموالية. تأخذ شالا تحيط به خصرها، وعلى نغمات (آوِيدْ آمَانْ آوِيدْ آمَانْ آدَسْوْغْ) (١) تبدأ تلف تدور تهز وسطها العاري في رقصات لولبية حلزونية .. تنوس يسارا يمينا وفي كل آتجاه كعقربان ساعة يفقد صوابه .. يلف الرأس تتشنج الحركات .. أسيخ في عوالم من الأرجوان بلا قرار .. يغدو بدني فوقها كحدوة حصان كحدبة خادم الأعتاب غير الشريفة .. أتقوس .. تتوجع بين إليتي ...

_لماذا تصرخين ؟

تستمر تنتفض لا ترد ..

_تتألمين ؟

لا ترد ..

_ما بك ؟

لا ترد .. جعلنا نغرق في عتمتنا .. لا نرى إلا ما نسمع ولا نسمع إلا لهاثنا المتواثر الملتهب .. يتعب أنكيدو .. يتوقف .. تتذمر .. تسخط عشتارُ ...

_مجرد ثور شاذ أنتَ حيوان بلا كرامة

قالت .

_بل أنا قمامة روث بالية ملقاة على قارعة طريق لا يسلكها العابرون

قلتُ، فهقبَتَ ..

_لمَ تُهِينُ نفسكَ ؟

_لأن نفسي تهينني

_عْلاشْ نتَا معقد ؟ (٢)

_تلك تركيبتنا مثلي مثلكِ صَدّقيني إنها الحقيقة لا شيء آخر غيرها يوجد في الوجود ..

تذرع الغرفة عارية .. تعب من القارورة مراااات متكررااات .. تعد لفافة محشوة .. تدخن .. نتناوب ما حشي في بطن لفافتها .. تهم بي كَرة أخرى .. لا أهم بها .. كامد البدن متصلب لا خوار لي متيبس جاف ثقيل الحركات متخشب ..

_أنتَ بلا فائدة

تقول متبرمة .. ثم تردف ...

_إنك تقرفني

_أحبكِ

_إنكَ تخونني

_ليس ثمة أغلى عندي منكِ في هذه اللحظات

_هذه اللحظات فقط ؟!

_هذه اللحظاااات كلها

_اغمضْ عينيْكَ

_مغمضتان هما مذ أتيتُ الى هذي الحياة

_اشششت كفى ثرثرة دعني أتصرف

_أنا عبدكِ مْشَرَّطْ لَحْنَاكْ (٣)

تنتصب فوق صدري .. يضرب كشحُها فخذيَّ ضربات تُسَيرها إيقاعات تنبعث من داخلها _ هكذا خمنت _ كنت لا أرى حركاتها المصوبة من أعلا إلى أسفل بشكل مائل مستقيم متموج .. أحسها أسمعُها ويداي تعبثان برمانتيها الطليقتين في العراء أمامي .. تتقلص كقطة على صفيح غير ساخن تتكمش تتمدد تتشنج أوووه تتأوه تعلو تنحني تتلوى كأفعى أحراش تنساب خفيفة تتصدع كذرات رذاذ عرقها المالح لينة شفيفة كدوائر دخان سيجارة ملفوفة تطير في الهواء كسحاب كبرق خلب تبرق آآه ه ترعد تذرف دمعا تئن تطلق سُما في مسامي تعضني في كتفي في رقبتي تمتص شهقتي شهوتُها تصعد الجبل تتعب تصل ذروة ما تتعلق بقمتها تتنفس ما يشبه الصعداء أهنئها تحدجني لاهثة تأخذ وجهيَ المقطبَ بين راحتيْها تتفرس عينيَّ للحظات خلتُها دهرا كمَن تبحث عن .. لست أدري .. ثم تطلق قذيفتَها الأخيرة ..

_ حبيبي أنتَ سافل ...


المشهد الحادي عشر ...

في صباح ذلك اليوم، توجستُ الشر لما رأيتهم قادمين يَغْشَوْنَ الفصل على غير العادة .. وقف الصغار .. وبدون مقدمات أو كلمات، تقدم أحد الرماديين سلم لي ورقة ثم آنصرفوا ...

( عااااجل ... بناء على المسطرة المتبعة، بناء على ... من ... هذا أمر من ... الى المدعو ... رقم ... بالمثول أمام ... فور توصله بهذا الاستدعاء ... والسلام ... )

ثم في ورقة أخرى ...

( المرجو الاتصال بالإدارة المشرفة في أقرب وقت قصد إنهاء الإجراءات ... )

وضعتُ اللفافتَيْن في مؤخرة جيب بنطالي .. تنفستُ بعمق .. ابتسمتُ ثم أومأت الى الصغيرة ذات الضفيرتين المعقوصتين الجالسة على المكتب قبالة التلاميذ بإتمام عرضها الذي وَسَمَته بعنوان ... (السعادة الأبدية) ...


تمت

☆إشارات :
١_ آمَانْ آوِيدْ آمَانْ آدَسْوْغْ : لازمة أغنية أمازيغية تعني (هاتِ ماء هاتني كي أشرب) ..
٢_عْلاشْ نتَا معقد : لمَ أنت معقد
٣_أنا عبدكِ مْشَرَّطْ لَحْنَاكْ : عبدك المطيع .. كان العبيد المملوكون يوسمون في أحناكهم بميسم يحيل على ملكيتهم لأسيادهم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض