الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاضرات في البلاغة ح10 (من أبواب علم المعاني الإيجاز والإطناب والمساواة).

مديح الصادق

2024 / 1 / 2
الادب والفن


طرق التعبير عن المعاني ثلاثة أساليب: (أولاً- الإيجاز، ثانياً- الإطناب، ثالثاُ- المساواة).
الكاتب يختار من هذه الأساليب ما يعبّر عن المعنى المقصود، استناداً إلى أن البلاغة هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
....................................
أولاً- الإيجاز: هو وضع المعاني الكثيرة في ألفاظ أقل منها، وافية بالغرض المقصود، مع الإبانة والإفصاح، نحو:
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}؛ ففي هذه الآية القصيرة اختزال جمع كل الأخلاق الكريمة.
قال ابن المعتز: "حَلاوَةُ الدُّنْيَا لِجَاهِلها ... ومَرَارة الدُّنْيَا لمن عقلا".
أما في حال قصَّرت العبارة في التعبير عن الغرض المقصود؛ فهذا يسميه البلاغيون (إخلالاً وحذفاً رديئاً)، ومنه قول الحارث بن حلزة اليشكري:
"والعيشُ خيرٌ في ظلالِ...ِ النَّوْكِ مِمَّن عاشَ كدَّا".
لقد عيب على كلامه بأنه أراد منه أنَّ العيش الناعم الرَّغد في حال الحمق والجهل خير من العيش الشاقّ في حال العقل.
وما أبلغ ما قال شاعر غيره!:
"إنّ الْجَهَالَة للغنِي جَذَّابَةٌ... جَذْبَ الحديدِ حِجارَةَ المغنطيسِ".
.....................
أقسام الإيجاز: أ- إيجاز القصر. ب- إيجاز الحذف.
أ- إيجاز القصر: (ويُسمى إيجاز البلاغة) ويكون بتضمين المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة من غير حذف، نحو: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}.
إنَّ معناه كثير، ولفظه يسير؛ إذ المراد أن القصاص، هو سبب ابتعاد الناس عن القتل، فهو الحافظ للحياة.
إن هذا القسم من الإيجاز هو ما يسعى إليه البلغاء، ويستحسنونه، حتى إن بعضهم سُئل عن (البلاغة) فأجاب:
هي (إيجاز القصر)، وقال أكثم بن صيفي خطيب العرب: (البلاغة الإيجاز).
....................
ب- إيجار الحذف: يكون بحذف شيء من العبارة لا يخِلُّ بالفهم، عند وجود ما يدلّ على المحذوف من قرينة لفظية أو معنوية، وذلك المحذوف إما أن يكون:
1- حرفاً، نحو: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}؛ أصله: ولم أكن.
2- أو اسماً مضافاً، نحو: {وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ}؛ أي: في سبيل الله.
3- أو اسماً مضافاً إليه، نحو: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ}؛ أي: بعشر ليالٍ.
4- أو اسماً موصوفاً، نحو: {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا}؛ أي: عمل عملاً صالحاً.
5- أو اسماً صفة، نحو: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ}؛ أي: مضافاً إلى رجسهم.
6- أو شرطاً، نحو: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ}؛ أي: فإنْ تتبعوني.
7- أو جواب شرط، نحو: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ}؛ أي: لرأيت أمراً فظيعاً.
8- أو مسنداً، نحو: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ}؛ أي: خلقها الله.
9- أو مسنداً إليه، كما في قول الشاعر:
"أماويُّ، ما يُغني الثراءُ عن الفتَى... إذا حشرجتْ يوماً وضاقَ بها الصدرُ".
أي: إذا حشرجت النفس يوماً.
10- أو متعلقاً، نحو: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}؛ أي: عمّا يفعلون.
11- أو جملة، نحو: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ}؛ أي: فاختلفوا فبعث...
12- أو جملاً، نحو: {فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ}؛ أي: فأرسلوني إلى يوسف لأستعبره الرؤيا، فأرسلوه فأتاه، وقال له: يوسف أيها الصديق.
...................
دواعي الإيجاز: دواعي الإيجاز كثيرة منها: الاختصار، تسهيل الحفظ، تقريب الفهم، ضيق المقام، إخفاء الأمر على غير السامع، الضجر والسآمة، وتحصيل المعنى الكثير باللفظ اليسير…
يستحسن (الإيجاز) في: الاستعطاف، شكوى الحال، الاعتذارات، التعزية، العتاب، الوعد، الوعيد، التوبيخ، جباية الأموال، رسائل القادة في أوقات الحرب إلى تابعيهم، الأوامر والنواهي القيادية، والشكر على النعم...
.........................
نلتقي وإياكم في الحلقة 11 القادمة (من أبواب علم المعاني، الإطناب).
عسى أن أكون قد وفقت في عرض المادة بما يسهِّل تقبّلها، مع الاعتزاز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا