الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة السكانية في سورية

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

2024 / 1 / 2
الادارة و الاقتصاد


حدد أفلاطون العدد الأمثل من السكان في كل مدينة بحيث يتوافر الخير لكل مواطن. ولذلك ينادي بسياسة سكانية ضيقة تهدف إلى الحد من تزايد عدد السكان للوصول إلى العدد الأمثل. كما وينادي أرسطو بضرورة تحديد عدد السكان تجنباً للفقر. إذ يرى أن زيادة عدد السكان بمعدل أكبر من معدل زيادة الأرض المستغلة تؤدي إلى خلافات اجتماعية وتعوق الحكومة عن القيام بأعمالها ولكن النقد الذي يوجه إلى نظرية كل من أرسطو وأفلاطون هو تركيزهم على الجانب الكمي في نمو السكان. حيث أعطوا العوامل التي ترفع أو تحد من النمو السكاني أهمية كبيرة. وأهملوا العوامل التي تؤدي إلى تنمية الموارد البشرية. (1)
تتبع كل دولة سياسة محددة لتنظيم سلوك سكانها من الناحية الديمغرافية حاضراً ومستقبلاً، وتشمل هذه السياسة مجموعة الإجراءات والمخططات والبرامج التي تستهدف التأثير في المتغيرات السكانية والتركيب الهيكلي للسكان من الناحية الكمية والنوعية، بما يلائم حاجات المجتمع ومتطلبات نموه ورفاهية مواطنيه. فالسياسة السكانية لا تقتصر على معالجة مشكلة الزيادة السريعة في عدد السكان ولكنها تشمل أيضا برامج لتنشيط نمو السكان في بعض البلدان، وتنظيم هجرة السكان وحركتهم والتوزيع المكاني المتوازن للسكان وتنظيم حركة وتوزع القوى العاملة ومساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي وتمكينها اجتماعيا. كما تهدف هذه السياسة إلى تحسين مستوى معيشة السكان ورفاهيتهم، وتضييق الفجوة الحضارية بين الريف والمدينة وكل ما يتعلق بالسلوك الديمغرافي بشكل عام.
أولاً – مفهوم السياسة السكانية:
يمكننا تعريف السياسة السكانية على أنها سياسة الدولة لتنظيم سلوك سكانها من الناحية الديمغرافية في الحاضر والمستقبل. وتشمل السياسة السكانية لدولة ما مجموعة الإجراءات والمخططات والبرامج التي تستهدف التأثير في المتغيرات السكانية والتركيب الهيكلي للسكان كماً وكيفاً، بما يلائم حاجات المجتمع ومتطلبات نموه ورفاهية مواطنيه. وتتمثل المتغيرات السكانية بكل ما يتعلق بحجم السكان، ونموهم، وتوزيعهم، وتركيبهم، وخصائصهم. وبهذا المعنى فإن السياسة السكانية لا تقتصر على مشكلة ارتفاع معدل النمو السكاني فحسب، ولكنها تشمل كذلك برامج لتنشيط نمو السكان في بعض البلدان وهجرة السكان وحركتهم، والتوزيع المكاني المتوازن للسكان وتنظيم حركة وتوزع القوى العاملة ومساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي وتمكينها اجتماعياً، وتحسين مستوى معيشة السكان ورفاهيتهم وتضييق الفجوة الحضارية بين الريف والمدينة وما يتعلق بالسلوك الديمغرافي بشكل عام.
لا بد من أن تكون لكل دولة سياسة سكانية واضحة ومحددة ومتماسكة. ومن الضروري دمج السياسة السكانية في خطة التنمية الشاملة، بحيث يتم الاهتمام في كل قطاع، من خلال آثار المغيرات السكانية لا من حيث ما إذا كانت تشكل عقبة أمام التنمية الشاملة أم لا، وإنما بوصفها مؤشر لتخطيط القوى البشرية. والترابط بين السياسات السكانية والتنمية الشاملة يتطلب تعزيز سياسات التنمية وتطويرها لتتعزز قدرة المجتمع على استيعاب الولادات الحالية والمتوقعة في المجتمع، وبخاصة في مجتمعات الدول النامية التي تتصف بارتفاع معدل النمو السكاني السنوي. وهذا يؤدي بدورة إلى خلق ظروف اقتصادية واجتماعية تشجع التحول إلى أسرة أصغر حجماً.
بدأ الاهتمام بالمسألة السكانية في سورية مع نهاية السبعينات وبداية الثمانينات. حيث "عملت حكومة الجمهورية العربية السورية على معالجة المشكلة السكانية عن طريق ربط المتغيرات الديمغرافية بالتطورات الاقتصادية والاجتماعية، وجعل العامل السكاني جزءاً لا يتجزأ من عملية التنمية المخططة على المستويين الإجمالي والتفصيلي".
ومن المتوقع أن تؤدي السياسة الاقتصادية والاجتماعية إلى إحداث العديد من التغيرات في المؤشرات الديمغرافية المرتقبة في المدى المنظور، وبخاصة في موضوع التوزيع الجغرافي للسكان، وتوزيع قوة العمل بين القطاعات الاقتصادية المختلفة وكما أن التطور المرتقب في مجال التعليم وبخاصة تعليم الإناث سيؤدي حتماً إلى تخفيض معدلات الخصوبة الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى انخفاض المعدل السنوي للنمو السكاني. وهذا يوضح لنا أن السياسة السكانية يجب أن تتناغم مع السياسة الاقتصادية والاجتماعية في أي مجتمع.
جامعة دمشق – كلية الاقتصاد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 2-5-2024 بالصاغة


.. الرئيس السيسي يوجه تحية لليد المصرية وعمال مصر لجهودهم في تأ




.. كل يوم - - كل يوم - يفتح ملف الدعم أيهما أفضل للمواطن العيني


.. النائب أيمن محسب: الدعم النقدي هو الأفضل للفقير والدولة والط




.. كل يوم -د. أحمد غنيم : الدعم النقدي لن يؤدي لمزيد من التضخم