الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهرجان المسرح المحترف في دورته الـ 16: الدروس والعبر

ياسين سليماني

2024 / 1 / 2
الادب والفن


أنهى المسرحيون الجزائريون آخر ليلة في العام 2023 باختتام المهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته ال16، وكانت ليلة سعيدة على عدد من المتوجين بينما خاب ظن مجموعة أخرى من الذين كانوا ينتظرون أن تتكرم اللجنة بذكر أسمائهم في واحد من الجوائز المعلنة.
في ظنّي أنّ هذه الدورة من أضعف الدورات التي عاشها المسرح الجزائري إن لم تكن الأضعف على الإطلاق، بداية بنوعية العروض التي قُدّم أغلبها تحت الطلب وبأمر من وزارة الثقافة تحت مسمى الستينية، فوجدنا تيمة الصورة والحرب والمعارك تتكرر فيما يقارب نصف العروض، مرورا بالأعمال التي قال أصحابها أنها تقدم في هذه الدورة عرضها الشرفي لأول مرة (ولا ندري كيف يقول منظمو المهرجان أنّ هناك تصفيات تمت لاختيار العروض المشاركة إذا كانت مجموعة مسارح جهوية تعرض عملها لأول مرة) ومجموعة الهنات الكبيرة التي تعاني منها الكثير من المسرحيات من ضعف النص واشتغال أغلبها على الإبهار البصري تعويضا على الثقوب الكبيرة التي تعاني منها الكتابة وضعف تكوين الممثلين أنفسهم وصولا إلى الجلسات النقدية التي شهد بعضها تلاسنا بين صنّاع العروض والنقاد، لم تسلم إحدى الناقدات من لسان ممثلة ومخرجة عندما اقتحمت ندوة صباحية وطلبت منها بصوت عالٍ ألا تتكلم عليها نهائيا كما لم يسلم أستاذ آخر من لسان مخرج فأبدى تعاليا واضحا على الخطاب النقدي الذي قدمه لعرضه، وهما إهانتان واضحتان في حق النقد والنقاد أثارت الكثير من الامتعاض والاستهجان، وربما كان المخرجان كريم بودشيش وعبد الحليم زدام في الجلسة النقاشية التي أعقبت عرضيهما الوحيدين الذين جمعا بين فضيلتين غائبتين عن غيرهما ممن جلسوا الجلسة نفسها، فقد ظلا طوال المناقشة يسجلان في دفتر صغير أسئلة الجمهور من نقاد وأساتذة وطلبة معهد كما نوّها بكلام مطوّل بقيمة الكتابة النقدية والرأي الذي يقدمه المتخصصون في المسرح والنقد المسرحي، وهذا وإن كان هو العادي من أي صانع من صناع المسرح فقد تحوّل إلى نوع من خرق العوائد والمعجزات في هذا الواقع الآسن الذي يعيشه المسرح في الجزائر حيث يعتقد الممثل أنه غير محتاج للناقد ويظن المخرج أنه يمتلك مفاتيح ومغاليق المعرفة المسرحية وحده لا شريك له وأنّ النقاد ليسوا سواء أشخاص لا عمل لهم إلا الثرثرة الفارغة، وبالطبع فإنّ هؤلاء المسرحيين أول المشيدين بقيمة النقد والنقاد عندما تُكتب عنهم المقالات المادحة إذا سُبق اسم أصحابها بدال الدكتوراه.
لن تكون الأسماء الفائزة في هذه الدورة محلّ إجماع عند أهل المسرح بالتأكيد ولا يشهد أي مهرجان إجماعا حول أحقية فلان بالجائزة من علان، والحقيقة التي يجب الاتفاق حولها أنّ ما تعلن عنه لجان التحكيم هي مقاربات ورؤى واختيارات مبنية على تفضيلات شخصية يتم التوصل إليها، يمكن الاطمئنان إلى مصداقية الاختيار بالنظر إلى مصداقية الأسماء نفسها وهي في أغلبها أسماء وازنة في المشهد المسرحي الجزائري، لكن لا يعني هذا ببعض التفصيل النقدي أنّ الاختيارات صائبة فعليا خاصة في الجوائز التي تشهد تشابها كبيرا بينها، لم يبيّن قرار اللجنة مثلا كيف تم اختيار عرض "ثورة" لينال جائزة أفضل عرض متكامل بينما تم إسناد جائزة لجنة التحكيم لعرض "حلاق إشبيلية" رغم أنّ الأخير اجتمعت فيه كل المفردات الإخراجية الجيدة نقديا وجماهيريا بينما الأول (ثورة) شهد عدم رضا كبير من قبل النقاد والجمهور في الندوة النقاشية، وحتى حوائز مثل أفضل إخراج كيف لها أن تنفصل عن أفضل سينوغرافيا مثلا؟ من الصعب أن يكون أفضل مخرج (وهو هارون الكيلاني في هذه الدورة في عرض صفار) بعيدا عن نيل جائزة أفضل سينوغرافيا والحديث يطول.
أفضل ما في هذه الدورة بلا شك مجموعة الممثلين الشباب الذين يقف بعضهم لأول مرة على الخشبة، ويقدمون أفضل ما لديهم بقلوب وجلة من رد فعل الجمهور والنقاد، صحيح أنّ الكثير منهم لم ينل الجوائز التي كان يطمح إليها لكن الجائزة الأكبر هي وقوفهم على الخشبة والمشاركة في صناعة الجمال.
هذه الدورة بكل العيوب التي فيها من العروض المشاركة ونقائصها يمكن لتحليل مجرياتها من بداية ما سمي بالتصفيات مرورا بكل الفعاليات إلى لحظة إعلان النتائج تحليلا واقعيا وبراغماتيا أن تصحح الكثير من مسارات صناعة المسرح في الجزائر إذا صدقت النية واتضحت الرؤية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي