الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نرجسية أنا (الأوحد) لدى المثقف العراقي !

ثامر عباس

2024 / 1 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إذا ما تحدثنا عن مثالب وعيوب الشخصية العراقية التقليدية (الاعتيادية) فهي عديدة ومتنوعة ، للحد الذي حدا ببعض المؤرخين العراقيين ممن يتحلون بواقعية الطرح وعمق التحليل ، تخصيص دراسة لافتة استعرض من خلالها تلك الأنماط العجيبة والغريبة من المثالب والعيوب التي يصعب إيجاد ما يناظرها كما"ونوعا"لدى شعوب المعمورة الأخرى . ومع ذلك فان المفارقة بهذا الشأن لا تكمن في هذا الجانب الذي ربما يكون مفهوما"ومتوقعا"لدى البعض من الكتاب والباحثين ، بقدر ما يكمن في تفوق شخصية (المثقف) العراقي المعقدة في مضمار إضافة رذيلة (النرجسية) الى بقية العيوب والمثالب التي يتشاطرها مع بقية أقرانه من عامة العراقيين .
ولعل ما يعطي للمثقف العراقي مسوغ (نرجسية) الأنا الأوحد والشعور بتضخيم الذات وتفوقها ، كونه يعيش في بيئة اجتماعية متخلفة بنيويا"وفاسدة سوسيولوجيا"، قلما كانت (طبيعية) في مسارات تطورها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والحضاري ، للحد الذي وسمت الغالبية العظمى من مكونات الشعب العراقي بميسم الركود والعطالة واللاأبالية . وهو ما يغذي لدى (مثقفنا) المعاصر دوافع (الترفع) و(التعالي) الرابضة في الأعماق السيكولوجية لشخصية (الأفندي) التي ينحدر من سلالتها ، حيث يتباهى بعدته المعرفية الصدئة وحصيلته اللغوية المهجنة أمام غالبية جماهيرية جاهلة ، طالما كانت ضحية سهلة الانقياد لنوازع (نخبها) المتعالمة التي لا تجيد سوى ترويج الأيديولوجيات السياسية المتطرفة وتسويق الطوباويات الدينية المتعصبة .
وهكذا ، فبمقدار ما يزداد التخلف الاجتماعي ويتعمق أفقيا"وعموديا"، بقدر ما يمعن (المثقف) العراقي في إظهار عقده النفسية المقموعة واستعراض (نرجسيته) المكبوتة على نحو سافر ، الأمر الذي يفسّر لنا أسباب استشراء هذه الظاهرة الشاذة داخل أوساط (النخبة) الثقافية بشكل خاص ، بعدما ساهمت ظروف الحرب القاسية والمدمرة على العراق عام 2003 وما تمخض عنها وترتب عليها من انهيارات وانحرافات ، في مضاعفة معدلات التقهقر الحضاري والتصحر الثقافي والتبربر الإنساني من جهة ، وساعدت ، من جهة أخرى ، على انفلات تلك النوازع المقموعة والدوافع المكبوتة من عقالها دون خشية من رادع اجتماعي أو تأنيب من وازع أخلاقي .
ولعل من جملة مظاهر (نرجسية) الأنا الأوحد لدى المثقف العراقي ، ليس فقط كونه يحب ان يحاط بمظاهر الهيبة وبهارج الأبهة من لدن الشرائح الاجتماعية قليلة التعليم شحيحة الثقافة فحسب ، بل ويتطلع أن ينظر إليه - من قبل أقرانه من (المثقفين) كذلك - نظرة ملئها الإعجاب بشخصيته ، والإطناب بثقافته ، والانجذاب لكارزميته . ولهذا فهو وان يبدي الامتعاض من عامة الناس الذين يجهلون اسمه (المشهور) ويعزفون عن أعماله (الفريدة) ، إلاّ أنه لا يلبث أن يتحول (وحش) كاسر سريع الغضب وشديد الانفعال ، إزاء الناشطين في مجالات الإنتاج الفكري والثقافي ممن يعتقد أنهم (يتخطونه) في مضمار ثراء معارفهم الإنسانية ، وعمق تحليلاتهم الاجتماعية ، ورصانة منهجياتهم النقدية .
وإذا ما وقع المحظور وبرز من ينافسه على (عرشه) الكارتوني ويتحداه في (عرينه) المتهالك ، حينذاك لا تشفع عنده قيمة للثقافة التي يرطن بها ، أو يثنيه اعتبار للفكر الذي يتبجح بامتلاكه ، حيث يشرع هذا (النرجسي) المتغطرس بخلع أقنعته المزركشة ، والتخلي عن وقاره المصطنع ؛ موجها"سهام نقده ومصوب حراب هجومه نحو كل من يستشعر أنه تجاسر على تخطي (مناطق الحرام) التي تمترس خلف حواجزها وتخندق وراء سواترها . للحد الذي يبلغ به الأمر الى الانحدار لأسفل مدارك الإسفاف في النقد والإجحاف في التقييم ، ومعريا"بذات الوقت خواء عدته المعرفية وتهافت فكرياته الدونكيشوتية ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا