الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقلية الندرة وعقلية الوفرة

فائز تركي القريشي
(Faiz Turky)

2024 / 1 / 4
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


هل صادفت في حياتك شخصا حريص كل الحرص على ممتلكاته المادية إلى ابعد الحدود وهل صادفت شخصا يعتقد إن الأشياء جميعها سائرة إلى النضوب ولديه لهفة لكل شئ حتى لأتفه الأمور وبالمقابل هل صادفت شخصا مهما كان ما مر به من معاناة وخسائر فانه راض ومبتسم وكأنه متيقنا إن الله تعالى قد اعد له الكثير ، لابد أن تكون قد صادفت مثل هؤلاء الأشخاص .
يعيش معظم الناس بعقلية الندرة والتي هي تصور ذهني للحياة بأنها ليس فيها ما يكفي للجميع ، والذين يعيشون بهذه العقلية يبدو إنهم ينظرون إلى الحياة كأنها فطيرة واحدة وإذا اخذ احد ما منها قطعة كبيرة فهذا يعني إن الجميع سيحصلون على نصيب اقل ، ومثل هؤلاء الناس يجدون صعوبة كبيرة في التقدير والمنح حتى مع الذين يساعدوهم ويمرون بأوقات صعبة جدا حينما يضطرهم الظرف إلى مشاركة الآخرين سعادة النجاح مهما كان هؤلاء الناس مقربون إليهم كأن يكونوا أصدقاء مقربين أو أفراد الأسرة فهؤلاء الناس يشعرون إن شيئا اخذ أو انتزع منهم حينما يتلقى الآخرين تقديرا خاصا أو منحة مالية أو يحققون انجازا أو عملا متميزا ، ودائما ما يشعرون بقيمتهم الذاتية من خلال المقارنة مع الآخرين إذ إن نجاح الآخرين يمثل فشلا لهم .وهم يتمنون أن يبقى الآخرين في معاناة دائمة من سوء الحظ وكذلك فإنهم يرغبون بان يحيطوا أنفسهم بأناس دائما ما يقولون لهم كلمة نعم ويرغبون بان يتصرف الناس وفقا لإرادتهم وهم يرغبون بأناس لا يتحدوهم أبدا .
في المقابل هنالك فئة هم الأقل في المجتمع وهم أصحاب عقلية الوفرة وعقلية الوفرة تعني التصور الذهني بان العالم فيه ما يكفي للجميع هؤلاء يفكرون على العكس تماما من ذوي عقلية الندرة فهم يعتقدون إن الحياة فيها الكثير ليتشاركوا فيه مع الآخرين وان نجاح المحيطين بهم يعني نجاحهم وهم لايقارنون أنفسهم بغيرهم مهما كان بل يسيرون بخطى واثقة مجردة عن النظر لما لدى الآخرين ، وهؤلاء الناس مؤمنين بان الله سبحانه وتعالى قد هيأ لهم الخير في الدنيا والآخرة ولا يشكون لحظة بقدراتهم وعزمهم ويتمتعون بالكرم والتفاعل الإنساني مع الآخرين .
إن إدراك المرء لما يمر به هو نصف الحل لمشكلته فان كنا من أصحاب عقلية الندرة ونعيش بها بشكل لا شعوري منذ طفولتنا فعلينا تغييرها بمجرد إننا أدركنا خطورتها طالما إنها مكتسبة من الأبوين وهذا لدى اغلب هذه العقليات أو من محيط العائلة ا خ أو أخت أو جد أو عم أو لربما اكتسبت من صديق أو زميل في العمل وبمعرفتنا بان هذه العقلية البائسة تسبب مشاكل صحية لما يرافقها من قلق وخوف وغير ذلك وتسبب صراعا نفسيا داخليا وخارجيا وتتسبب في خسارتنا للمحيطين بنا كونها نابعة من (الأنا ) وان الكثير من الصراعات في المجتمعات نابعة من هذه العقلية خصوصا عندما تكون هذه العقلية لدى البعض من النخب أو السياسيين الذين يتعاملون مع الأسف على أساسها غير عابئين لتأثيرها عليهم أولا وعلى المحيطين بهم ثانيا وعلى المجتمع ثالثا وهذا التأثير هو الأخطر وخاصة الذين هم في موقع المسؤولية واتخاذ القرار ، فلنتخذ قرارا صارما بحق أنفسنا إننا لابد أن نختار عقلية الوفرة والتفكير على أساسها إذا أردنا حياة مستقرة لنا وللمحيطين بنا مهما كانت مواقعنا أو مستوى تأثيرنا في المجتمع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24