الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقعية في العلاقات الدولية. الكسندر دوغين 2/5

نورالدين علاك الاسفي

2024 / 1 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الكسندر دوغين
Alexander Dugin

ترجمة : نورالدين علاك الأسفي
[email protected]


بالمعنى التقني؛ الليبرالية التي تعارض الواقعية في العلاقات الدولية، غالبا ما تدعى " مثالية ". أي أن الواقعيين في العلاقات الدولية يعتقدون أن البشرية محكوم عليها بالبقاء كما كانت دائما في الأساس، بينما الليبراليون في العلاقات الدولية يؤمنون "بشكل مثالي" في التقدم، و في إمكانية تغيير طبيعة الإنسان ذاتها. نظرية النوع الاجتماعي/ Gender theory وما بعد الإنسانية/ posthumanism تنتميان إلى هذا النوع من الأيديولوجية ، فهي عن الليبرالية تصدر.

الماركسية في العلاقات الدولية

في العلاقات الدولية اتجاه آخر بالذكر حقيق هو الماركسية. الماركسية هنا، ليست تماما كما تشكل جوهر السياسة الخارجية في الاتحاد السوفياتي. فالواقعي الكلاسيكي في العلاقات الدولية؛ إدوارد كار/ Edward Carr؛ أظهر بشكل جلي أن السياسة الخارجية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية - عهد ستالين بالأخص - بنيت على مبادئ الواقعية الخالصة. فخطوات ستالين العملية استندت إلى مبدأ السيادة الكاملة، الذي لم يربطه بالدولة القومية؛ بقدر ما ربطه بإمبراطوريته الحمراء ومصالحها.

ما يسمى "الماركسية في العلاقات الدولية" هو أكثر تمثيلا في التروتسكية/ Trotskyism، أو نظريات النظام العالمي لإيمانويل والرشتاين/ Immanuel Wallerstein. وهذا أيضا شكل من أشكال المثالية، ولكنه شكل "بروليتاري".

هنا، ينظر إلى العالم على أنه منطقة واحدة للتقدم الاجتماعي، و نتيجة لذلك؛ من المقرر أن يصبح النظام الرأسمالي عالميا. أي أن كل شيء يتجه نحو إنشاء حكومة عالمية في ظل الهيمنة الكاملة لرأس المال العالمي، وهو بطبيعته شأن دولي. هنا، كما هو الحال مع الليبراليين، جوهر الإنسان يعتمد على المجتمع، أو بدقة أكثر، على العلاقة بملكية وسائل الإنتاج. لذا، الطبيعة البشرية قائمة على الطبقة. و المجتمع يقضي على الوحش فيه ولكنه يحوله إلى آلية اجتماعية تعتمد كليا على البنية الطبقية. الشخص لا يعيش ويفكر؛ إنها الطبقة التي تعيش وتفكر من خلاله.

ومع ذلك، وعلى نقيض الليبرالية في العلاقات الدولية، الماركسيون في العلاقات الدولية يعتقدون أن إنشاء حكومة عالمية والاندماج الكامل للبشرية بدون دول وثقافات لن يكونا نهاية التاريخ. بعد هذا (ولكن ليس من قبل، وهذا هو الاختلاف الرئيس للنظام السوفيتي عن "الستالينية")، ستصل التناقضات الطبقية إلى ذروتها، وستحدث ثورة عالمية. خطأ الستالينية يعتبر هنا محاولة لبناء الاشتراكية في بلد واحد، مما يؤدي إلى نسخة يسارية من الاشتراكية القومية. و فقط بعد أن تكمل الرأسمالية مهمتها؛ المتمثلة في تدمير الدول وإلغاء السيادة، يمكن أن تحدث ثورة بروليتارية دولية حقيقية. إلى ذلك الحين، من الضروري دعم الرأسمالية ، وقبل كل شيء، الهجرة الجماعية، وأيديولوجية حقوق الإنسان، وجميع أنواع الأقليات، وخاصة الأقليات الجنسية.

الماركسية المعاصرة هي في الغالب لليبرالية مؤيدة، و معولمة و مستعجلة.

الواقعية في نظرية عالم متعدد الأقطاب

هنا، السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو أقرب إلى نظرية عالم متعدد الأقطاب? الواقعية أم المثالية؟

للتذكير، في هذه النظرية، الموضوع ليس الدولة القومية البرجوازية الكلاسيكية في العصر الحديث (بروح نظام ويستفاليا/ the Westphalian system ونظرية السيادة لمكيافيلي- بودين) (sovereignty theory of Machiavelli-Bodin)، ولكن دولة الحضارة (تشانغ ويوي) (Zhang Weiwei)/ أو الفضاء الكبير (كارل شميت)/ Carl Schmitt. في بداية 1990؛ رسم صموئيل هنتنغتون Samuel Huntington بنفاذ بصيرة مثل هذا النظام العالمي المتعدد الأقطاب. فالعديد من دول الحضارات، و بعد أن نفذت عمليات التكامل الإقليمي، غدت مراكزا مستقلة للسياسة العالمية. أنا طورت هذا الموضوع في نظرية عالم متعدد الأقطاب. [1]
---------
[1]

إشارة من الكاتب ألكسندر دوغين إلى مؤلفه "نظرية عالم متعدد الأقطاب". نشرت له طبعة عربية، من ترجمة ثائر زين الدين و فريد حاتم الشحف. صدرت عن "دار سؤال" و"دار استفهام للنشر والتوزيع" ، بيروت. 2023.
يؤكد دوغين في هذا الكتاب أن هناك تأسيساً لمفهوم التعددية القطبيّة بالاستناد إلى اللغة والمصطلحات ونظرية العلاقات الدوليّة.
حيث يسجل: "هذا حدث مهم جداً. ذلكَ أن عالمنا ينتقل بثبات من القطبيّة الأحاديّة إلى التعدديّة القطبيّة. وهذا ليس مجرد اتجاه لا رجعة عنه، بل هو تغيير جذري في البناء الدولي برمّته".
كما يضيف: "التعدديّة القطبيّة ليست شعاراً، بل نظرية ذات طابعٍ ديالكتيكي منذ النظام الويستفالي إلى نظام العالم ثنائي القطب، ومن ثمَّ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، إلى نظام العالم أحادي القطب. لا تتغير في كل مرحلة العلاقةُ بين الدول فحسب، بل مفهوما السيادة والاستقلال نفساهما، وتَظهرُ وتختفي المعايير الأيديولوجية، ويُنسى ثمَّ يُذكِّرُ بنفسهِ من جديد عامل الحضارة والثقافة. لذلك، لا بدّ اليوم لأي بلد وأي ثقافة أن تعرف ما هي التعدديّة القطبيّة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم